الصفحات

2014/12/30

الستار..قصة بقلم : محمد الكامل بن زيـد

الستار
بقلم : محمد الكامل بن زيـد

إلى أمهاتنا في البرزخ ..إلى أم بلقاسم مسروق

أخيرا سأخلد إلى النوم واعتزل مواقع النجوم..بعد أن رفعت الصحف وجفت الأقلام ..أخيرا سأعلنها إني مهزوم فانتصر نكاية في هذا المسمى " الأرق "..فهاته ليلتان مضتا كان السهاد فيها سيدي الجلاد العظيم ..وكنت فيها العبد الضعيف الذي لا حول ولاقوة له .. لم لم يرأف بي لم يمنحني حق الفيتو .. حق في أني إنسان ومن حقي النسيان.. لم يرحمني ولم تشفع معه توسلاتي ..سيّرني عبدا لكثير من كتب تفاسير الأحلام والرؤيا وسيّر معها حياتي إلى جحيم .. لم أستسغ كيف سولت له نفسه فعل هذا بي ..وكيف أصبحت ضربات قبضته أكثر وحشية جاعلا عظامي كالعصف المأكول .. تساءلت مرارا : هل حقا علم أن جدي العزيز قد جاءني دون سابق إنذار.. طارقا أبواب أحلامي طرقا عنيفا بعكازه العتيد ..معلنا بصوته الجهوري ؟
- قضي الأمر ..وأسدل الستار ..يا بلقاسم ..فلا مناص..
أدركت كمثل عاداتي وعادات عشريتي أن جدي لا يأتي هكذا عبثا ..سألت نفسي بمرارة شديدة :على من يأتي الدور هذه المرة يا ترى ؟..فجدي ما عمل استثناء خلال رحلته الطويلة والطويلة جدا واختار أن يتوقف برهة عند أبواب أحلامنا ..إلا وجعل جميع أثوابنا بلون أسود.. ابتساماتنا أيضا بلون أسود ..فتشت في ذاكرتي وتبّصرت في الأجواء القريبة والبعيدة ..فتملكني الرعب المارد حتى شلت حركتي وتحجرت الدموع في مقلتي ..
- أمعقول؟! لا ..لا يا جدي ..هذه المرة لا ..أرجوك..
هذا الصباح و قبل أن يطرق أخي الصغير باب بيتي أيقظت زوجتي المفزوعة وأطفالي الأربعة ..وأمرتهـا أن تذهب معه دون أن تنبس ببنت شفة إلى البيت الكبير ..
فيما أنا أصررت أن أختار الرحيل عبر أبواب أحلامي ..لأبحث عن جدي العزيز في رحلته الطويلة والطويلة جدا جدا ..وأبحث عن الذي جعل جدي من أجله جميع أثوابنا بلون أسود ..وابتساماتنا أيضا بلون أسود ..أبحث وقلبي مفجوع ..أبحث عن العزيز أيضا ..أبحث عن أمي ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق