الصفحات

2015/05/08

"الفراشة والنار" قصة قصيرة بقلم: محمد عاشور



الفراشة والنار
محمد عاشور
 عندما اصبح لديه صفحة على( الفيس بوك) اعتلته السعادة واحتواه الفرح ،لكن من عمل له الصفحة قال له وهو حزين :احترس حتى لاتقع فى الحب. رد عليه ضاحكا :لا تخشى على ،فأنا أعى تماما هذه النقطة ،ونصحنى أصدقائى مثلما تنصحنى الان،فلن أقع فى هذا الخطأ،ثم كيف سأحب امرأة لم ارها. قال له وهو مطرق: كالأعمى الذى يحب من لا يراه من روحه، ويتعلق به و يملأ به حياته ، انه لعنة ستجد نفسك تدخل فيه وتساق اليه سوقا،وتحوم حوله كالفراشة التى تحوم حول النار وتعلم انها محترقه ،لكنها تحوم وتحوم وهى مقتنعة انها فى الامان ،لكن النار تنتظرها. تركه وانصرف وهو يتذكر كلامه ويبتسم ، ويقسم بينه وبين نفسه انه لن يقع فى الحب مرة ثانيه . أخذ يجول فى صفحات (الفيس بوك) يقبل صداقات ويرفض صداقات ،يدخل (جروبات) وينسحب من أخرى،لا يطيل الكلام مع أى فتاة اكثر من دقائق ،فأول ما يشعر بعلو ضربات قلبه ،يهرب سريعا ،ويبتعد عن صفحته عدة أيام حتى يهدأ. يعود الى صفحته يصول ويجول ،حتى وجدها تكلمه ،ووجد عزوبة تقطر من الفاظها وحنانا يكاد يخرج من صفحته وينتشر حوله ليضفى على جلسته امام الصفحة شذى وعطر . كان يقنع نفسه ان هذا نوعا من الارتياح ليس أكثر، وأنه لن يسقط فى هذا الشرك . لكنه أخذ يساق سوقا اليها ،وكان يعود متلهفا الى صفحته يفتحها ويفتح رسائلها ينتظر الضوء الاخضر ليبدأ المحادثه ويلقى السلام . كان يتكلم معها ولا يعرف ماذا يحدث ،وكان دائما ما يتذكر الفراشه والنار ،فكان يرتعد خوفا ،وينهى المحادثه ،او يغلق دون ان يستأذن ،ويعود بعدها بعدة ساعات ليقول ان الكهرباء قطعت. لكن قلبه كان معلقا بصورتها على الصفحة، وبابتسامتها التى تشرق الشمس معها. أرق الفكر مضجعه ،وأقسم اللا يفتح الصفحة عدة اسابيع ،كان يعود لينظر الى الكومبيوتر وأصابعه ترتعش فقد كان يحن الى لوحة المفاتيح كما تحن الفراشة الى النار ،وكان يتذكر كلام صديقه،فكان يهرب سريعا من امام الكمبيوتر، وأصابعه تتحرك كأنها تنقر على لوحة المفاتيح. ولم يفتح الصفحة حتى بر بقسمه ومضت الاسابيع، وعاد كالمجنون يبحث عنها وفتح الرسائل ليجدها كتبت(أين أنت ؟طمنى عليك).وجد قلبه يدق وصهد يخرج من وجهه ورأسه ، وظل جالسا وتعلقت عيناه بالرسالة،ولم يعد يفعل شيئا الا ان ينظر الى الرسالة ،حتى أطلت عليه وهى تسلم ،واذدادت النار اشتعالا ،وأخذت الفراشة تحوم وتبتعد وتقترب وتبتعد ،واقتربت المسافات بينهما ،واقتربت الفراشة ،وجاءت اللحظة وعبر عن حبه الذى دفنه فى قلبه ،وأحس بها أو كما أوهمه قلبه المريض أنها تبادله ، وتذكر كلام صديقه ولكنه أشاح بيده فهى مختلفة كل الاختلاف.وغاص فى حبها لكن النار كانت تزيد اشتعالا ،وكان سيفا مستلا ناصع البياض ينتظره ويتوجه الى قلبه،كان يرى نصل السيف كضوء القمر أو أكثر ،كالأمل المنشود . لكن سرعان ما تغير الكلام وتحولت اللهجة و كأنه يراها امام صفحتها وهى تخرج له لسانها وتضحك و وجد الحظر ينتظره دون أن يعرف السبب وكانت النار قد التهمت الفراشة، ورشق نصل السيف فى القلب ثم أصبحت حياته امام الكمبيوتر ينظر الى صورتها البيضاء فى الرسائل بعدما اختفت الصورة التى كانت تضعها، وغيرت اسم الصفحة ايضا لكنه ظل يجلس امام رسائلها ودمعة متحجرة لا تريد ان تنزل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق