الصفحات

2015/06/21

حلم داعشي قصة بقلم: محمد الكامل بن زيد

حلم داعشي 
بقلم: محمد الكامل بن زيد .
بسكرة – الجزائر 
رأيت فيما لا يراه نائم غيري ..أني في وسط شارع طويل جدا ..أقود سيارتي قادما من شارع طويل آخر.. حيث المصابيح المعلقة في الأعمدة الكهربائية بالكاد تنطفى لتعاود الاشتعال مرة أخرى ..الجوّ هذا المساء حار وحار جدا ..ما جعل أليافي البصرية تتحايل بكل لغات الرموش السوداء على حبيبات العرق، المتصبب بانفعال من الجبين.. ولم أستوعب كيف خطر لي أني رأيت وجوها ما لها وجوه.. وأجسادا ما لها أجساد ..لا ليس هذا فحسب، فقد خطر لي أيضا أني لمحت جسدا طويلا في منتهى السُكـْرِ يخرج من بينها بسرعة فائقة، بعد أن مزق قميصه بشكل هستيري ..حاملا بيده اليمنى شيئا يلمع لمعانا غير اعتيادي ..تساءلت: هل هذا الشيء هو ما يقال له السيف.. ازدادت أحداقي اتساعا وازدادت معها سرعة نبضات قلبي.. نعم إنه يشهر سيفا عظيما وها هو يلوّح به في الهواء باستهتار ..دون خوف.. يسب الجميع بالسباب الفاحش ويلعن الدنيا والآخرة ..صائحا بأعلى صوته: أنا ربكم الأعلى ..أنا الذي أحيي وأميت.. استغربت مما يحدث أمامي ..لا أحد يتحرك غيره ..كل الأجساد تسمرت في مكانها وأصبحت كالصخر العتيد ..البلاهة والاستكانة فعلت فعلتها فيهم ..تساءلت مرة أخرى: إن كان يحق لها الهرب فلماذا لم تهرب ..أكيد أنّ في الأمر شيء ما.. ساورني شك مريب ..هل هذا الشارع هو طريقي إلى العودة ؟..لا أعرف ..و هل يحق لي الهرب ؟..نعم أكيد !!..نظرت إلى المقاعد بجانبي فرأيت أطفالي قد أخذ الفزع منهم مأخذا حتى عُقدت ألسنتهم وأعجزها الكلام ومع إيماءات من رؤوسهم أدركت أنهم يوافقونني فكرة الهرب ..إلّا أنّنا صُدمنا جميعا بأنّ العودة إلى الخلف تكاد تكون مستحيلة.. فالرؤية منعدمة جراء الظلام الحالك.. ولم يعد لي بدّ غير المضي قدما نحو هذا الجسد الطويل.. الخبيث ها هو كالكلب المسعور يجري نحوي..ربما أدرك أني الشيء الوحيد المتحرك في هذا الشارع الطويل .. استنفرت جميع الطاقات الكامنة والمتحركة في جسدي ..من قمّة الرأس إلى أخمص القدمين ..ضاغطا على دواسة السرعة بأقصى قوّة ..هنا ..هناك ..يمينا ..يسارا ..إمّا أنت أيها الملعون أم أنا أم أطفالي ؟ ..هو الموت الحر ..نافذة أخرى لحياة أفضل ..العجلات تحترق ..الزجاج يتطاير ..الأجساد خيّل إلي أنها أخيرا بدت أجسادا تتحرك ..وخيّل إلي أنها تحمله فوق الأعناق ببكاء هيستري نحو سيارة الإسعاف ..فيما أراني أنا وأطفالي متناثرين قطعا ..قطعا.. هنا وهناك ..وأسمع أحاديثهم في ما لا يسمعه نائم غيري ..في شماتة: صاحب السيارة.. داعشي ..وقد استحق جزاءه.. اللهم لا ترحمه في الدنيا والآخرة ....
 بسكرة في 14/05/2015

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق