الصفحات

2015/07/05

المصير المجهول.. قصة بقلم: حنان صولي



المصير المجهول
حنان صولي- الجزائر
ولدت دنيا في 01 جوان 1979 عندما كان كل واحد يريد أن ينعم بطفلة يختارها الله له، ولدت وهي معززة ومكرمة بين أخواتها الأربعة في قرية منعزلة في أعالي الجبال ، بغرب الجزائر العاصمة كانت تلك القرية زراعية مملوءة بكل أنواع الشجار المثمرة الجميلة ،وكان أناسها طيبون جدا ( من جود وكرم وحسن الضيافة).
وعندما بلغت السن السادسة من عمرها ، قرر والدها إدخالها إلى المدرسة رغم حالتها المادية وبعد المدرسة عنهم ،فدخلت "دنيا" إلى المدرسة وهي كلها فرح ولهفة لدنيا المعرفة والتفوق وكانت مرحلتها الابتدائية جد ممتازة. وتابعت المرحلة الابتدائية بجوار قريتهم، وهناك لاحظت "دنيا" أشخاصا غرباء عن الناحية، إنهم جماعات لهم هيئة غريبة، وهذا ما أثار أسئلة كثيرة في نفسها وكان هؤلاء في كل مرة يسرقون أموال الأشخاص الأبرياء، ويقتلونهم..وهذا ما زاد خوف "دنيا" وقلقها..
وقالت "دنيا" » من هؤلاء؟.. لماذا يقتلون ويتصرفون هكذا؟ «   وكانت حيرتها تكبر كل يوم...
وذات يوم وهي راجعة من المدرسة إذ رأت هؤلاء الأشخاص يقتلون أناس أبرياء، بما فيهم بنات وأطفال، بقيت مندهشة لذلك المنظر المهول فلما رأوها تنظر إليهم لحقوا بها إلى أن دخلت بيتها وهي خائفة جدا، فلم تستطع أن تحكي لآمها شيء من شدة الخوف وذلك المنظر المحزن جدا، وبينما كانت الأم تهدأ ابنتها إذ دخل هؤلاء الأوغاد في غياب والد "دنيا" انهالوا عليها بالضرب في كل أنحاء جسمها الذي لم يتحمل وهذا بحجة أنها لا ترتدي الحجاب، وبينما الأم تحاول مساعدة ابنتها إذ بأحدهم يخرج بمسدسه ويطلق عليها رصاصة أدت إلى وفاة "أم دنيا"، ثم ذهبوا إلى أخيها الصغير الذي كان يبكي بشدة فقتلوه بالسلاح الأبيض كالدجاج...وهذا كله أمام عين "دنيا" وبعد ذلك عادوا إليها وهي تصرخ وتتخبط في الأرض وقالوا لها: » أين والدك؟ ...أين أخويك؟ ...أين الآخرون؟..«  فلم تجبهم على أي سؤال فضربوها وتركوها تنزف دما، وعندما خرجوا لم يكتفوا بما نزفوه من دماء، بل ذهبوا إلى جيرانهم وقتلوهم... ولم تنهض "دنيا" إلا وهي في المستشفى تعاني من صدمة نفسية سيئة جدا،خاصة أنه علمت أن صديقتها الوحيدة أمروها أن تذهب معهم وهي تتخبط كالأضحية.
فبكيت كثيرا ،ولكن والدها الصبور أعانها وكان دائما بجانبها..
ومرت الأيام التي كانت بالنسبة إلى "دنيا" كالجحيم، وزالت عنها بعض معاناتها يعد عودة أخيها الكبير بعد سماعه الخبر ، وقرر أن يحمي قريته وأسرته المتبقية ،وبما أنه كان يعمل في سلك الشرطة….. وبعد شهور قتل هذا الأخير في كمين نصبه له هؤلاء الأشرار فأصبح الخطر والعنف يحومان عليها من كل جهة وهي في ريعان شبابها فكانت قريتها المعزولة يسيل دمها كل يوم وكل لحظة. وحطموا كل شيء المدارس، المساجد، المساكن......وهددوها بالقتل وقالوا لها: إن أردت أن تبقي على قيد الحياة فلابد أن ترتدي الحجاب وتمكثي في البيت ، لا دراسة بعد الآن...ورغم سنها حتى أحلامها الذي كان لا يتعدى 16 سنة إلا أن تألمها ومعاناتها كانت كبيرة جدا..... فقد حطموا لها كل شيء حتى أحلامها وآمالها  التي كانت تبنيها يوم بعد يوم...لقد تمكنوا من قتل أمها وأخويها وأخذوا صديقتها الوحيدة حيث لا تدري إن كانت على قيد الحياة أم لا ، كان الخوف والرعب قد سكنها كلما رأت هؤلاء الوحوش يقتلون.....فعندما زاد الخوف أكثر قرر والدها الرحيل إلى المدينة حيث الأمن والاستقرار فحملوا أمتعتهم ورحلوا من القرية، وفي طريقهم للعاصمة صادفهم مجموعة من الأشخاص تهيأ لهم أنهم الجمارك لأنهم كانوا يرتدون لباسهم ، إلا أنهم مجموعة إرهابية قاتلة ..فأخرجوهم من السيارة وقتلوا أباها البريء، وفي الجبال العالية هناك رأت أسوء منظر وأبشعه على الإطلاق، حيث وجدت بنات كثيرات يتعذبن كل ليلة وهن في سن الزهور... رأت دنيا الكثير والكثير ولم تكن فقط تشاهد هذه المناظر بل عذبوها أيضا وشوهوا جسدها، وعاشت عدة أشهر في دوامة لا تستطيع الخروج منها، وفي ذلك الكوخ المشؤوم ، تعرفت إلى فتاة تقاربها في السن، فأصبحتا صديقتين حميمتين، كان اسمها "صبرين" وقد أتت قبل"دنيا" بأيام فقط..
أصبحت صبرين ترى أن بطنها ينتفخ يوم بعد يوم إلا أنها لم تخبرهم بشيء، فإذا علموا بالأمر سيقتلونها كما تقتل أي واحدة تكون حاملا.. بدأتا تفكران في الهروب إذا أتيحت لهما الفرصة، فعلا تمكنتا من ذلك. وفي المستشفى أنجبت صبرين طفلتها وفارقت الحياة وبقيت الرضيعة وحيدة مع "دنيا" دون أب ولا أم ولا أصل لجذورها التي سفكها المجرمون الخونة  فتاهت "دنيا" في الأسئلة لم يبقى لها أي إجابة فقالت : »إن الطفلة ماضيها سرق، وحاضرها مظلم ومستقبلها مجهول «  فكيف ستعيش؟..إذا كبرت كيف سأحكي  لها؟.. هل أمها كانت ضحية إرهاب؟..هل أبوها سفاك الدماء؟..من المسؤول عن إخفاء ضحكتها، ومن الذي سيجعلها تبتسم؟..وهل تثق وتفكر في المستقبل؟.. أسئلة تبحث عن إجابات مقنعة حتى تكبر"الباتول" في جو اسمه العطف والحنان والأمن.
هل أنا والباتول سنعيش كالأخريات في مجتمع لا يرحم؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق