الصفحات

2015/10/15

"كليوبترا"قصة بقلم: فاطمة مندي

كليوبترا
 فاطمة مندي 
 تتراقص رموشها كقطعه من قماش الحرير نشرت على حبل الغسيل, تتمتع الريح بشعرها الاسود, تطل من عينيها العسليتين انوثة تطلق سهاماً عفوية, اتسأل عن شفتيها النديتين, ان كانت تنطق من خلالهما كلمات تسحرني كلما سمعت صوتها عبر كاميرة الحاسوب. أحلم بها, ربما عاشت لخمسة الاف عام, او ربما ولدت كليو باترا من جديد. يحكى أن إبنة انطونيو الثالث قد وضعت الالهة في وجهها الخمري سحراً, جمعوه من حسناوات فينيقيا ورفح القديمة ومن اديم طيبة قبيل بناء الهول العظيم, فعندما تقدم بطليموس الخامس لخطبتها ذهلت النسوة لصفاء وجهها الخمري. العادة ان تقدم الزوجة مهرها إلى الزوج, لكنها خرقت ما وضعته القوانين, فثمة شاب بابلي, كان يحلم بلقائها كلما فتح الفيس بوك, لم يكن ذلك المهر سوى قلادة فرعونية رسم على مينائها نهر طويل, لم يكن هو النيل, كان يتكلمان قليلاً عن بطليموس زوجها, وكثيرا ما كانا يتكلمان عن ابداعات اناملها, كان يشعر أن ثمة اسرار لم تبح بعد. تلك الراقصة برموشها, او لأسميها كليو باترا, ذات مساء لم يكن في البيت سوى نحن الأثنين, أنا وانا, فقد كنا نقرأ كلماتها عبر مربع صغير, ننتظر اسئلة منها, او كلمات يحلم بها كلانا, لا لا .. لم يكن أنا من يحلم بل, بل كنت أنا أحلم بأن أقرأ كلمات الحب التي اتوسل كل ليلة بأبجديتها, كانت تكنيني بالمجنون, كم جميلة تلك الكلمة, فقد غيرت مربع الرسائل. أنجبت من بطليموس زوجها الفينيقي, أهرامات من ذهب, لكنها لم تكن كنساء طيبة, فكلما دارت عجلة الزمن كلما ازداد حسنها وبلورة شعرها الذي كانت تغطي فيه تلك الاهرامات القديمة. في صباح عبق قديم , قتل بطليموس الخامس في إحدى فتوحاته, قيل أنه لم يمت, او أن قتله كان معنويا في قلبها, تضاربت الروايات, لكنها ما زالت تكتب حكايات أتمتع كل مساء بقراءتها. الشاب البابلي لم ينسى حلمه بعد, قتل هو الأخر, لكنه ما يزال يتنفس حروف اسمها , ذات مساء ربط جناحيه الطويلين وطار نحو بلاد الشام واخذ يسبح في سماء الابيض المتوسط, ثم انعطف نحو الشرق, أبان جناحيه في مرأت البحر الاحمر, شرب من زرقة النيل, قال لجناحيه لم اقتل, ولكن شبه لهم. كانت نائمة عندما رأى وجهها الخمري عبر النافذة الزجاجية, لم يكن حينها ان بطليموس ميت كما لو نحن نشاء, فتح شباك النافذة بأحد جناحيه الفضيين. بهدوء دخل الى غرفتها, ملئت الغرفة من عطره البابلي فغط بطليموس بنوم عميق كما لو أنه واحد من اصحاب المنزل. انشدها شعرا بابليا, اذ كانت القصائد الملقاة إليها وهي نائمة, تتمحور في ايقونة احلامه الجنونية, انشدها الف قصيدة, بل والف شهرزاد وشهريار, لكنها كانت تغط بنوم عميق, قلب وجهها بنظراته الحزينة. لكنها ترفض الكلام, من خلال قنوات الموت المحتومة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق