الصفحات

2015/10/21

(حكاية الشعر وصورة الماء/تحليل لقصيدة /هدير الموج للشاعر سالت عبدالرحيم) د. عواد الغزي

(حكاية الشعر وصورة الماء/تحليل لقصيدة /هدير الموج للشاعر سالت عبدالرحيم)
د. عواد الغزي
لاشك ان النص الشعري يوحي ببعض ثيمه بوساطة ثريا العنوان وقد اشار كثير من الدارسين إلى أن كثيرا من النصوص الشعرية تتناسل بنائيا وفكريا من العنوان.
أو ان يكون العنوان ثريا وبؤرة تتجتمع فيها اساق النص الفكرية .
ولم يكن التراث العربي بعيدا عن هذه الماهية الحديثة اذ اطلقوا مقولة تاليفية (الكتاب يقرأ من عنوانه).
حتى غدت تلك المقولة شفرة سيميائية توظف بحسب السياق الدال عليها.
وعودة على بدء يبدو لنا ان عنونة النص (هدير الموج) تكتتف دلالات كثيرة فمنها ماكان دلالة صوتية ومنها ماكان دلالة صورية ومنا ماكان دلالة انفعالية وجدانية .
ومن هنا يتكلف النص الشعري وفي عتبته الاولى بالوظيفية البنائية الإحالية فيغدو للماء حضورا نصيا فاعلا وبعدا دلاليا قارا.
ولايغفل الشاعر سالت عبد الرحمان إضفاء ابعاد انسانية على صورة الماء للايغال في انسنته وشحذه بطاقة تعبيرية دلالية:
ملح البحر ...امرأة....
نصفها الشاطئ...
والاخر ....هدير موج
لقد امسك النص في أوله باطراف الصورة الشعرية بغية تمكين الدلالة من العبور الى افق المتلقي واتكا النص دلاليا على الطبقية البنائية في رسم ابعاد الصورة الشعرية فملح البحر عصارة مائة وهو امراة فكان الماء رحم المرأة التى ولدت منه.
ولكن هذه المرأة غدت هي الماء ومايتصل به فهي شاطى الماء.
ومابين التشكلين الشعرين (الملح /الشاطئ)تستوعب صورة الماء احتمالات وجود المرأة.
وكما يستوعب النسق البنائي الاخر(الشاطئ/الهدير)ماخفي من احتمالات مسكوت عنه
وبذلك يغدو الماء صوريا حماملا لكينونة الانثى في وجودها(الملح)وانوثتها(الشاطئ)وانفعالها الوجداني(الهدير).
ويعود النص للتاكيد على التطابقية التشبيهية بين البحر بوصفة وعاء الماء والمرأة بوصفها وعاء الوجود:
ايها الازرق...
خباياك...
حكاية امراة..
من
ماء وطين
ان الكينونة الانثوية الوجودية للمرأة وانفعالها الوجداني ووظيفتها الحياتية تجعل منها نقاء للزرقة اللونية وخبايا واسرارا وجودية وحكاية ذات سيرورة زمانية.
وكن هاتيك الحكاية رحمها البحر بغموض سره وطبيعة تكوينه المائية والطينية.
ولاينفك النص ان يعمم صورة الماء وماهيته على المرأة وجوديا فهذه المراة صنوة البحر بمائه المتبلورة ماء وطينا في خفاياها:
انثى...حبلى...با
لوجع..
ان الماء الحامل لاسرار البحر هو السر الدفين الذي تجسد في الانثى الحاملة لسر الوجود من جهة وهموم الانسان من جهة اخرى فهي كالماء للبحر وصيرورته مستودع اسرارة الأبدية.
ولاريب ان الالفة الوجودية للماء/البحر/المرأة تغري الموجودات انفعاليا وتستدعي المتضايفات واللوازم الايقونية.
ومن لوازم الماء وايقونات وجوده البحرية النورس الوديع الذي يشكل متاضيفا مع الماء ولازمة حياتية معيشة تتماسك صورتها كلما تضايفا.
طائر النورس.
يحلق
قليلا
تداعبه...الشمس
تغريه ...بالمغيب
ومثلما كان للبحر لوازم وللماء متضايفات فللمراة لوازم ومتضايفات اذ يشكل نسق الذكوره بعدا وجوديا للانوثة يستجلى بوساطته ويكون النورس مائيا معادلا صوريا للذكورة في تقابلها الوجودي مع الانوثة .
ولاغرو ان هاتيك المعادلة الوجودية تتوفر لها اقانيم فكرية تتحقق ظهورها فيكون (الإغراء)سلوكا جاذبا للنسقين وواصلا بينها ذلك ان زرقة الماء تشكل إغراء للنورس وميكازيمات الانوثة تشكل دعوة لوجود الذكورة التى يحتمها الانفعال العاطفي فيتثخى لها زمنا خاصا تتوافق فيها العلائم النصية(النورس/الرجل)ويكون زمن الغروب ومغازلة اشعة الشمس الواهية زمن الاعتمال العاطفي والانفعال الوجداني.
وما ان يعتم الظلام ظهوره وتتلاشى زرقة الماء يافل النورس وتغيب الحقيقة ويبرد الانفعال:
يحتوني الكلام
كي اقراك
تأخذ
بيدي
الى غد ات
لعلك اذا جئت...تحتويني
عيناك
اذ تخلد الذات بعد سكونها الى ظنها الوجودي ويكثن البوح سلم ترتقي به على ارهاصاتها الوجودية وتظل المراة رسما تتبدى له في صورة الماء وحاضنه البحر وشواطئه.
سلمت اخي الشاعر سالت عبد الرحمان

هناك تعليقان (2):