الصفحات

2015/12/24

بالتبني بقلم: رولا حسينات

بالتبني
 بقلم: رولا حسينات
هاهو ينفث دخان سيجارته يتلوى في وعثاء سفره، منتصبا أمام تلك الأبواب الموصدة.. عبثا جال بنظره باحثا عن سلة ليلقي فيها أعقاب سيجارته..
 فقد دس عالمه بين الأرقام والحكايات المليئة بالمغامرات..
فلا فتيل يأس تخطى روابي حياته..
 لولاها تلك الثواني التي أدرك فيها أنه نقطة الصفر في كل البسيطة..مجرد رقم بلا هوية بلا عنوان بلا مرد يرد إليه ..
  الواقع المجهول، وقد عرفته جدران أخرى.. غيرها الظلمات الثلاث..وأن سعيه قد ضل! وحسبه مشيته على الصراط..
أيقام له وزن أمام نفسه وإن تأبى على نسيان؟ أنه ابن بالتبني.. ليس ببساطة جزء من ذلك المكان..
 ابن بالتبني لا غير، حكاية بعنوان دون تفاصيل في مكان ما، في عوالم مبنية على النسيان وتناسي القوائم الأزلية للأنساب، في عوالم التخفي والإيماءات الملتهبة، بجوامع الكذب والافتراء..
 لكنه غيض من فيض، في معترك بحثه المضني عن تفاصيل عنوانه، أبجديات كلماته الأولى، لكنه لا يُسمع الموتى في واديهم..
 شعاب حياته المُضللة كعقاب سيجارته...
 أهو محض افتراء؟؟ قديسا في حياته التي علم منها التفاصيل وأدرك العنوان، على أرض الحكايات...
 ملتحفا بسماوية الأناجيل، شمس لا تنطفئ بذبالتها، باردة مشرقة بحمرتها الوردية، زفيف الريح يعاكس اغماضتها، تكحل عيناها بالغمام وتسرح ذوائبها المتلوية وجبال الألب البيضاء فوق المرج الهائم يعرف بأسماء عديدة مذ تعلم ترديد الكلمات، تابع فيها لغة الشفاه ..من هو؟  دودو الصغير.؟
أم قطعة الدونت الحلوة..؟
أم القبلة الساخنة؟
 أم حبيبي؟
 أم هل هو كما رسمهُ وتلك الكلمات الملتصقة عبثا، قرينة اسمه..ادوارد..
لكنه لم يكن ادوارد وإن كان طيلة الخمسة والثلاثين خريفا، دراساته شهاداته براءات اختراعاته، أرصدته المالية بل زوج زوجته المتخفي باسم مستعار، يشرع المحرمات، ابنه الصغير الذي غرق أباه في تيه ما له من قرار...هل تزدان صوامع ذكرياته المتناثرة رمادا على كل الشطآن ..؟
هاهو خجلا يضبط نفسه متلبسا تحت أستار ياقة معطفه السكني، متسترا بقبعته السوداء ما تبين تفاصيله، غير فتر من لحيته الشقراء وإن غاص في زرقة عينيه.. هو من أرض الألب بالصورة ولكنه ينطق الدم العربي..في أرض عاث القتل فيها بخنجره مقتلا كل شاهد على رقم ما من نص..! ما من توقيع..!
كائن بشري ما في بيروت هو دون غيره.
أينثر رحيق أي منها في الاتجاهات؟؟
 أيشم ريحا عبقة في الأجواء؟
 ينثر الرحيق يشحذ النظرات ..
 "يا أناسي المكان إني احتضر..
 إني أُسقط آخر طقوس الانتماء إلى المكان..
 أي كان... أنا ابن هذي الأرض..
 هذي التواقيع تشهد أني ابن فلان وفلانة.. اسمها واسم أمها.. وهو أبي من نفخ في رحمها لست ممثلا مبتذلا..
 لست أضع قبعتي أتسول بعض الشلنات..
 لست استجدي جرجرة الآثام.."
لكنهم فرادى وزرافات، أسقطوني من أبصارهم، هكذا بلا صكوك للغفران..
 أتراني في أرض العهن المنفوش.. اشتعل من الأتون متقدا؟؟ وإن جف زيت مشاعلي، وإن صدت أرواح تلك البيوت قوافلي..
فأنا عائد لانتشل الضعيف منهم من مطيته الوعرة لأسابق به أجواز السماء..
لكنني اليوم تعب لاغب.. أشيع أنظاري للطيور السائحة.. تصلي محفوفة بحاشية من سحب الركام وغيومه..
أتعين المسترمد عاديات الدهر..؟؟وقد أناطت في عنقي قلائد الاسم.
أشكو غوائل أيامي، وقد كان وطئي لينا في أرض معاشي، وما غشيت في ظلمات ثلاث..أتراني ابن الحرب بل أنا ثمن انسلاخ ابن عن بني جلدته.. بحفنة مال  في سوق للنخاسة. مبرره مسوغ الحرب..لكني اتركها وما سبرت طرائقها، اندس في معطفي السكني إلى جبلة  قوم آخرين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق