الصفحات

2016/03/14

جدى الاصفر بقلم: مارينا سوريال

جدى الاصفر
مارينا سوريال
ولدت لاب اصفر وام بيضاء ...
حمل بيتنا ازهارا ذات الوان مختلفة مثل تلك التى حملناها..اتذكر جدى الذى حمل اللون الاسمر وسخريتة من ابى الذى حمل لون جده
من الام ذلك الغريب الذى قدم وعاش وسط العائلات السمراء ولم ينجح احدا فى ان يجعله يفتح فاه ويخبر احدا عما سبق..حمل لقب
الغريب حتى وفاته ذلك اللقب الذى حملته انا يوم ولدت هنا فى نفس موطأ قدم الغريب لاول مره..كنت الثالث ولا ادرى لما حملت انا
هذا اللقب من بين الاخريين هل لانى حملت لونه الاصفر؟هل لانهم لم يفهموا كلماتى يوما؟كنت استخدم لغة غريبة عنهمكنت اطلق
كلماتى على الاشياء ..وما الغريب فى ذلك أليس ادم من وضع تلك الاسماء واليس انا ادم مثله ..لما لا اختار كلماتى وحروفى ؟عندما
اتحدث لا ينظرون ولا يتوقفون عن الثرثرة ولكنى ابدا لم اتوقف عن الحديث!صرخت واخبرتهم اننى احببت بهية السمراء قلت لهم
اننى اريد ولكنهم قرروا اعطاءها لاخى الاكبر لانه حمل نفس لونها ..قررت الا اتحدث معهم بلغتى ثانيا ..فى المساء هبطت الى تلك
الغرفة المغلقة ..غرفة جدى الاصفر التى قيل انها تحمل روحه وانه يعيش بداخها ..سرقت مفتاحها ..لا يعلمون اننى افكر..قاومت ألام
اصابعى وانا افتح مزلاجها كانت يدى مثلى غريبة لم تشبه يوما فى استدارتها او عدد اصابعها يد اخى ولكنى لم ابالى لانهم قالوا جده
الاصفر حملها ايضا ..
كانت الغرفة مظلمة واخاف الظلام..ولكنى تذكرت كلمات امى يا غريب ليس هناك ما يخيف الاصفر...كنت اصفر لا يخشى الظلام
هكذا اشعلت بقايا شمعة ملقاه وابتسمت لانى احتفظ باعودا الثقاب فى جيبى خفيه عن الاخريين ..كان هناك يجلس ضوء الشمعة
اناره!!هناك بالضبط حيث وجدت مكانى الخالى جلست...جوار جدى الاصفر ولم اعد ابالى بالخروج ولم اعد اراهم او اهتم باناره تلك
الشمعة بل تركت الغرفة غارقة فى ظلامها مثلما اراد جدى..كنت هنا معه ليس غريب او اصفر لم ينظر لاصابع قدمى او يدى
بسخرية او شفقة علمت ان هنا تمام هو مكانى ....
انت عمرى
حمل حقيبتة الخفيفة على ظهره فجرا ذلك اليوم وسار فى طريقة اليومى المعتاد ،كان منتفخ العينين فلم يلتف لسلام عابر على غير
عادته كانت الرؤوس المستيقظة فجرا تحاول ايقافه والسؤال لما لم ياتى معهم فجرا مثلما عادته لكنه مضى سريعا يهرب،ينفر جسده
من اى لمسه خاطئة تحاول ايقاف جسده،عندما خرج من وسط الناس الذى عاش وسطهم عمرا سقط على اول الطريق على ذلك
الرصيف المنخفض الذى يوحى انه صنع لا لشىء سوى جماليات على الطريق لا تاتى بنفع من عملها ..حاول ان يلتقط انفاسه
..الحاره كانت تخرج حامله لهب..كان صدره يجيش بالنيران..تجرع شربه ماء..لم تكفى فعاد ليبتلع بقية الزجاجة..زاد لهيب
جسده..اكمل سيره حتى وصل ورشتة لمحه هناك الصبى الذى قام بتربيته اقترب منه ،كان يغزل الارابيسيك ويدندن ..ابتسم حينما
رأى العجوز وافسح له مجالا لكنه جلس يراقب ..همهم العاملين ..كان يراقب صوت المنشار وبقايا الخشب تتساقط ارضا،كان يشم
رائحة طلاء الخشب..سمع صوت الفارحين وهم قادمين لحمل اثاثهم لم يبادلهم الابتسام ...رحلوا..اخرج صورته من بنطاله صورة
قديمة من بيت قديم كان يضمهم فى الصيف وسط الزرع اشتهوا البحر فلم ينالوا ولكن بقى ذلك البيت القديم منزل الجد الذى حصل فى
زمن مضى على عده افدنة وبيت من طابق واحدا يتسع لولاده الذى شبوا وتركوا الارض عدا واحدا واكتفوا بان يروها فى الزيارات
..فلم يعرفوا لهم ارضا ولا هم رأوا البحر ولا النيل...كان يقول لزوجتة منذ زمن سيشاهدا النيل يوما ولكن الاعباء ازدادت ..كان الولد
الوحيد هو المعين ليوم امس لم يكن يهتم بشىء سوى الحلم ..نعم فقد حلم واخفى عن الجميع ما عدا الولد همس له به فى اذنه منذ زمنا
طويلا مضى ووفى الولد بالوعد..وانتظر..كانت الزوجة ذلك الصباح زائغة العينين تحكى عن الارض والدوار..عن موعد النيل الذى
حان ولكن انتظر ألست من هنا وتعلم هم لسوا منها ولا نحن منهم ..هم اصحاب السعادة فى الصف الاول ونحن منكتب لهم شقاء الدنيا
ونعيم الاخرة يا زوجى لايحزن قلبك ماذا نفعل بلقب ومكتب؟..ما نفعنا به ؟..نريده تاجر ابن تاجر..صنعته الخشب وكاره النجاره
..المهنه فنان ايها الجهلاء هكذا قال لها منذ زمن فى امسية صافية...بعد ان حقق حلمه وباع من فنه لما يعيشون وراء البحر وتطير
الطائرة من فوق رأسه مزمجرة باناس قادمين وراحلين اليها...لن يراها ليس الان بعد ان يرى ذلك الولد خلف تلك اليفطة
والمكتب..قبل ان ينتقل الى قرب اصحاب السعادة لكنهم بالامس فقط اكتشفوا قالوا له لا تليق...نهض من على كرسيه من خلف
الفارحين باثاثهم..يناديه الصبيه حمل فى تلك الحقيبة ما يلزم وكان يعلم طريقة الى النيل الذى احب ولم يرى من قبل....ربما للولد
صبر لكنه علم انه لم يعد يليق...تذكر العجوز الذى طاف البلاد والصق اذنيه لسماعه فى صغره...قالوا الحوريه خطفت الصبى ..ربما
الحوريه تعيد للعجوز شبابه من جديد...ايها الولد..اه منك ..لن ترانى من بعد اليوم..من قال اننى لن اشتاق اليك من قال اننى لا احبك

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق