الصفحات

2016/04/30

تُقدّم باردة .. قصة قصيرة بقلم: هشام الشامي




تُقدّم باردة

هشام الشامي

بين صراخه وتأوهه اتجهت الى الثلاجة.التقطت مشروب الشعير. عادت إليه بالزجاجة .. ليصيح ويصرخ بصوت متألم "ايتها الحمقاء يا ابنة الأغبياء. احضري المسكن."  كان راقدا فوق فراش يتوسط دولاب بدلفتين  ومرآه اسفلها كومدينو وضعت عليه فرشاة شعر، وعلبة سجائر ، الى جواره ملقى على الأرض احمر شفاه.. بعد دقائق عادت بيدين خاويتيين وقالت "لم اجده..أين تضعه؟"  لم يرد..لم يسبها . فالسيطرة لألمه  وصراخه و ندمه علي الزواج من تلك المرأة..

 تزوجها منذ عامين؛ عندما اختار لنفسه فتاة مسكينة مطيعة ؛ تصلح لتكون(ست بيت) . أراداها كذلك بعد مصاحبة هذه ومرافقة تلك. انتقى قطعة خام ليشكلها بنفسه ..

ليلة الزفاف جرب ان يستخدمها (كمعشوقة)سينمائية . فشلت تجربته وقال ربما هي رجفة الليلة الأولى . توالت الليالي . وعاد لمشاهدة الأفلام الاباحية محاولاً تقليد كل مايراه ؛ ضاجعها بعنف . بالصياح والضرب . أتبع جميع التقاليد المشروعة والمتوارثة وغيرها . وكما هي جسد ملقى ليعتاد هذا المظهر بعد ذلك .
 لم يصادقها ليتحدث معها ؛ لم يستعن بها كرفيقة ويجربا الطرق البدائية للعشق ، كما لم يسألها عن ماضيها..

إن سألها عن الماضي لتذكرت وقالت عندما كانت الطفلة السادسة بعد اخر انتظار قبيل انقطاع حيض الأم ؛ فلا أمل في طفل يرث اسم الأب الذي اتخذ تلك الصغيرة مصبا لمزاجه المتعكر  تاركاً بصماته الشبه يومية على وجهها وجسدها . أمها لاتدافع عنها ، لاتتحسر على شئ سوى حسرتها على فقدان الولد ..

 إن سألها ربما أفصحت له بسرها . عندما كانت في الثانية عشر من العمر . وجارهم الشيخ الوقور الذي يكبرها بثلاثين عاماً . بعدما أهداها زجاجة كولا ، وذهابها إلى بيته  ليحفظها سورة ( الناس ) . بعد اول رشفة اخذ منها الزجاجة. افترسها لكنه لم يفقدها عذريتها فهو متدين . فقط كان يريد ان يعرف كيف يتلذذ قوم لوط بما يفعلون.
عندما صرخت صفعها بيده المتوضأة في شتى معالم جسدها المكشوف منه والمحفوظ .. بعد سكونها وهي تأن . اخرج لها ساطورا وقال "ان اخبرتِ احدا بما حدث سوف اقطع رأسك بهذا"  .
كانت لديه كالأفيونة ؛ يطرق باب بيتها ويأخذها لتحفظ القرآن في بيته ثم  ..... ودام هذا الحال  لستة اشهر . بعدها اختفى الشيخ من القرية...
  بعد حصول الشاب على شهادة الدبلوم انتقل مع عائلته إلى إحدى المناطق النائية عند اطراف المدينة . ليبدأ  في التأقلم مع المكان بعد التحاقه بالعمل بمصنع في مدينة برج العرب.
ليكسر سكون النجع أطلق الأغاني الشعبية بصخب داخل غرفته . لكي لا يشعر بالفراغ ملأ هاتفة بالمشاهد الجنسيه..

 سمع عن تلك العروسة الخام ،  فتاة من اقارب جارتهم بالنجع . تسكن بالريف ومن عائلة فقيرة . لايطلب أهلها شيئا سوى ستر ابنتهم مقابل مهر يسير قابل للتفاوض . لايشغلهم امر السكن حتى وان سكنت داخل بيت لا يحمل سوى (حصيرة وقلة) . ففي كل الاحوال  ستحضر اليه بحقيبة تحمل بضعة قطع من الملابس الجديدة.
رآها يوم قراءة الفاتحة . بتواضع متدن و جمال مهمل . قد تفيده بعض المساحيق وبعض الابتسامات ايضا .
رآها بعدها مرة واحدة ثم تزوجا سريعا بعد خمسة اشهر واصبحت داخل شقته النصف مجهزة. لتمر الأيام بملل عاما يتلو الآخر ولم يستطع تشكيلها كما كان يتخيل.  لم يجد فيها شيئا يشبه فتيات المدن حتي عندما يكونا  على الفراش , لا يتناقشا في رأي ولا يختلفا على ذوق ولا يوجد داعي للتنزه او التسوق وان خرجا لزيارةٍ ما يسبقها هو ببضعة امتار وتسير خلفه .. لم يدرك طبيعتها ولم تفهم صفاته . لم يتمكن من حصر الأيام الحلوة معها او حتى المرة .. كانت من الممكن ان تتغير بعد اللمسة الأولى ؛ بعد لمسة البداية التي امتلأت ليلة الدخلة بنهم الجائع وهي تتذكر تلك الشهوة رغم اختلاف الأوضاع  تشم ذات الأنفاس. ترى نفس الانقضاض ، وعين الرعشة . عندما يريدها متى يشاء يناديها فتأتِ وتستلقِ على الفراش وبعد انهاء مهمته ينشطر عنها بعيدا ليستمتع بأنفاس سيجارته .

آلام الكلى تأتيه من آن لآخر. وعندما تشتد عليه وقتها يستعن بمسكن ، وأوقات الراحة يمسك بزجاجة ماء الشعير فينتزع غطائها . يتجرعها في شربة واحدة ويلقيها على الأرض دون تفحصها  أو يقرأ ما كتب اسفل الزجاجة.. (تقدم باردة).

بعد الليلة الأخيرة من الآلام وبعد نومه دون مسكن استيقظ في الصباح وناداها .القت بجسدها على الفراش بذات الطريقة الآلية وبعد ترك بعض العلامات على جسدها بدأ في المضاجعة وبعد تراخي المنتصب وقبل ان يعود الى سيجارته اشارت بإصبعها وقالت  " دعني أقبله " .
بقسوة أعوام - قضمته -  كما فعلت بالشيخ من قبل ...
  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق