الصفحات

2016/04/25

الامير .. بقلم: مارينا سوريال

الامير

مارينا سوريال 

ها انا هنا اجلس بمفردى مثلما وعدتك يا صديقى العزيز باسيس وامامى مياه البحر الشاسع هائجة وكانها تعرف من يجلس قبالتها وفيما تسبب لنفسه ولاهله واحبائه ولمن عرفه من الناس ..اعرف يا صديقى انه مر وقت طويل منذ ان ارسلت اليك باخر خطابا لى فقد حسبت اننى قد هلكت مع الهالكين او اقبع تحت التراب لكن لاهذا حدث لى ولا ذاك..

كنت اتلقى عقابى ..نعم ذلك العقاب الذى اقول لك الان انى استحق ..ربما ما كان عليه قول ما قلت ولا ادرى ما دعانى لقول كل هذا من البداية ليتنى اكتفيت مثلما طلبت منى بالسفر والتجوال ..ليتنى اكتفيت بالطعام والحب تعيينى على اخبار الحرب والموت فى كل البقاع وكلما وطئت قدمى ارض ...ليتك تعرف يا صديقى كيف اعانى فى تلك المدينة الضيقة التى احسبها انا مدينة !فقد خلت من سكانها واصبحت انا ساكنها الوحيد حتى رسالتى الاخيرة تلك لا ادرى ان كانت ستصل اليك ام لا ..كل ما اعرفه اننى اردت ان اخبرك ..هل تتذكرنى يا باسيس صديقك الشاب البائس الذى انتابه الجنون مثلما قلت ...لا تدرى كيف اتمنى ان احيا حياتك الان ..ما بال الحياة فى ان اكون بها حداد يصنع عمله فى صمت ويعود لبيته الصغير وسط البيوت الضيقة وينعم بزوجة حسنة واولاد ..هل ترى احفادك الان ؟...انا لن يذكرنى احدا ومن سيذكرنى سيذكر اسما لاحدا كان هنا يوما ....اتعرف ان البحر هائجا عليه اليوم ربما هو ايضا غاضبا منى لاننى قررت ان اكتب بحبر صنعته انا وعلى جلد حيوان انقشه لاجلك ان كانت مارسليا لا تزال على قيد الحياة فاخبرها انه كان هناك اسكليبوس احبك فتى ورجلا وشيخ ولكنه تناول من عشبه الجنون ولم يستطع ان يتراجع عنها قط فان كنتى حيه فامنحية بركتك وسلامك وقولى كان هناك غلاما واشفقى عليه ربما يرتاح حين يغمض عينياه فى اللحظات الاخيرة ويبتسم ببعض الراحة ولايدرى ان كان بعدها سيحظى براحة ام ألما ابديا !...
منذ زمن عندما حلت تلك العاصفة على مدينتى التى تطل على البحر على امى التى قدمت من بلدا تطل على الجانب الاخر من البحر تتقاذفها الامواج يومها ولدت انا ...لامس جسدى اول ما لامس خشب السفينة واهتزازها من الامواج كنت اتارجح واميل بين الجانبين حتى تركت نفسى حره وتعلمت ان اتوازن بقدمى على الارض المتحركة من تحتها فلم اعرف الثبات زمنا...
تعلمت كيف اصطاد وكيف افرد اشرعتى ..يقولون ماتت امى بعد ولادتى اصابها داء مجهول لفظت انفاسها منه سريعا ولم اعرف لى ابا ..لم اعرف سوى سنتيباس سيد البحر كما يقولون وكما اقسمت يوما ان انتزع منه هذا اللقب لى فقد ولدت انا من هذا البحر وان كنت استحق شيئا فهو ذلك الاسم ..دعتنى المراة التى انجبتنى اسكليبوس...ودعوت نفسى سرا سيدا لذلك البحر الشاسع ..عرفت عنه كل شىء حتى اصناف كل من يعيشون فى قلبه ..لكن احدا لم يعرف اسمى !..كنت فى نظر السفينة ذلك الغلام ولم ينعتنى باسمى سوى صديقى الحداد!...عرفته فى يوم قررت ان اصنع لى سيفا مثل البقية ..السيف عرفنى على المدينة التى عشت على جانبها لسنوات ..كنت قزما وسط اناسا يلتفون من حولى فى كل مكان ..شعرت بحاجتى لذلك الخنجر الصغير سيفى الذى سيحمينى ..لم احمل واحدا لى قط ولم يقبل ريس السفينة منى ان اكون كبقية رجاله ...كنت خادم الجميع هناك ...كنت اعلم فقط ان ابى من الجانب الاخر من البحر الجانب الذى يكرهه الريس ..لم يجلب لى سوى الكره واللعنة ..فى مدينة كنت فيها مجهولا لم اعتقد يوما اننى ساحبها بمجرد النظر اليها حتى بعد كل تلك المدن التى رايتها فى حياتى لم احب قط مدينة تعيش على المياه مثل اسكندريتى ...كانت لكل واحد وكانت لى فقط ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق