الصفحات

2016/04/20

جملة.. بقلم: عبد القادر صيد

جملة
عبد القادر صيد
قد صار اغترابي بين بنات صدري يلهب لوعتي ، لمن تتبرجين أيتها الحروف المهاجرة و موسم التحنان لم تهب نسائمه بعد ؟ تنقبي  و احتشمي حتى مني ، لأن مزاجي هذا المساء مفعم برائحة شياط لا أعلم مصدرها ، ربما أكون قد مررت بمكان ميعاد لم يتحقق لعاشقين محرومين إلى حد اللامبالاة.. هيا يمكنك الانصراف أيتها الحروف لشأنك ، فقط اتركي لي النقاط ألهو بها إلى حين ، و سأتركها لك على ضفاف بركة الاختناق ، كم يحلو لتلك الملكة المنتسبة إليّ بقرابة السراب الماطر إلى أعلى أن تتخذ منها أزرارا مزركشة تتباهى بها أمام الجمرات التي أمسكها في يدي !كأنها ـ الماكرة ـ  ليست من صلبي .
   رعشة الوقوف للنشيد الرسمي لتلك النقاط لم تحن بعد ، لابد من التمييز بينها     و بين تلك الضالة التي لم تجد حروفها بعد، و تعجّلا ستتخذ لها مكانا بين جمل هجينة لا يجمع بينها إلا الانتماء لغجرية البحة المتشردة..بعضها رعاف الحرف المحتقن عقدا ..لملم  جرعات حبرك ، و لاتتركها تنسكب على بياض مئزر جراح مرتعد الأنامل و هو مقبل على عملية نسبة النجاح فيها تحت الصفر.
    الموت تزحلقا على الحروف المتجمدة صعب ، و الحياة  حلزنة على الفواصل المتبخرة صعبة أيضا ، فمن أين لي بثمن كفنك أيتها القطرات المحتضرة ؟ حتى استخراج شهادة الوفاة أضحى لا يعتمد إلا بورقة هي أشبه بصكوك الغفران ، غير أني لا أمل من التردد على المكتب الممتد على صهيل عرق الأمنيات الكاذبة ، هي تأشيرتي التي لا تنتهي صلاحيتها أبدا .
  يا بنات صدري كفي عن التصعلك في صدر يدّعي رهبانية غير مقنعة حتى لضلوعه المنحنية و المنغلقة على أصداء صيحات كتاّب رفض الموت استقبال مواكبهم الجنائزية ،  و استقبلهم في أرجائها أبو نواس بكأسه الدهاق المترع بهمسات المتعة المتخالدة ،كم رشفة تساقطت قطراتها على هذه الضلوع العطشى؟.. كفي بحق النكهات التي تمخضت فيها ، و خرجت من رحمها إلى عالم الابتذال ، كفي عن هكذا ضغط على أعصاب تعبت حد الطرب ، واحترفت التصنع حد العفوية ..لك المعنى دون غيرك ، و لغيرك القشور المجموعة من تشققات القبور المهجورة المتلهفة لدموع الزوار الموسميين . 
   مكتوب على ألواح رموشك أن تتصدع أمام تنهدات بركان السآمة الأزلي ،       و تظل عيناك دوما لا لون لهما ، تحملان إلى الأبد لون الصخور الفاصلة بين الجنوب و الشمال ،فيهما صراخ غريزي و شيء من عواء ذئاب مستعجلة ، لا أدري لم أتذكر الخيمة الداكنة  المثقلة برياح الجنوب  حين تمر علي ذكراك؟أتذكرها  بعد ذلك محمولة على ظهور الجمال ، من بلد إلى آخر ..ذكراك أيتها الجملة المتبعثرة أنثى حبلى بحيرة متكررة مع هبوب نسائم الشوق غير الرسمي ، سيأتي اليوم الذي يعترفون به ، و لكن في انتظار ذلك تزلف إليهم ليتركوك و شأنك تتيه في تجاعيد صورة معكوسة ، لعل الحظ أن يصحح وضعها بقصيدة شاعر مغمور إلا في قلبها ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق