الصفحات

2016/06/08

قيس خديجة..... بقلم: رولا حسينات

قيس خديجة.....
رولا حسينات
راوغه الخوف عن نفسه وقد تقاطرت فلولها إلى حيث إلتوت سفن هاربة إلى شطآن غيرها الحقيقة، عيناه الغائرتين لوجنتين كصدفتين بارزتين، تصارع شحوب البصيص المنسلِّ من شعلة تنوس ذبالتها، لكنه بحر الأبدية أمامه.
طوح رأسه في الهواء يغالب تصاعد الروح فيه على غيوم ضحلة، وحبات الرمل الوردية وقد امتزج بخوفها، هاهم ينسلون في الوادي الأملس، والدحنون يرتزق من خديها لتزيده حمرة، أخذت أنفاسه تنظم نهايته كقنبلة موقوتة أمام (الخزعلي)، خرَّ مشكوكا كحجر صلد في الرمال المتحركة، بيد أنه يهواها خديجة وأنّى له أن يتبرأ من حبها، ومن في قريته يترقب الفاجعة، كقلوب الصخر بدت أجسادهم قابعة عند الأفق البعيد، ومالهم وإياه وهو ناسك المحراب، يعرفون دواخله والشامة السوداء، زمَّ شفتيه وأهرقت نفسه دموعها فياضة وهي تقلبه على شذرات نار محتدمة.
 أيصحو من هذيانه ليقبلها، لينهال عليها بأزاهير الربيع عندما تتعامد أشعة الشمس فوق قلبيهما ويتوب بحبها إلى الله؟؟!
 وخديجة هناك تزرع الكحل على بوابات العينين السود، والدحنون يستقي من وجنتيها لتزيده حمرة، وذوائبها وقد اغتسلت من ماء الشمس تهفو به الريح ليحلق كجناحين ما ارتشفا من نقيع الهموم شيء.
 أيكفيه أن يستحضر وجهها وأهازيج عرسها تشخص كتابوت الموت لتمخر به الرمال وقد تمثلت روحه ملاكا يرتقي درجاته إلى السماء ..
أخذت الظلال المنكسرة في ماء قمري خجل، تذيب الجبال المصقولة من أكف الريح تنحتها صفوفا والرمال تكسوها حشمة من خضرة، ترامت من بين شقوق الصخر ومواء قطط الرمال تنتظر دلوك الشمس لتغيب في رمال بلا أفق.
 أخذت الناسكة تسدل الخمار فلا يبين منها حتى العينين وقد طعَّمت جدار موته بريقٍ من حلاوتها، حاذى جسده عند وادي القمر حين أرخى سدله من شرفات أنارت صفحة الوادي، إلى بساط مبترد من فضيلة في ثوب من جمال قشيب، غارت نفسه في بطون أحزانه تترى تفتش عن ميثاء تسوقه وخديجة إلى المعبد النبطي، حين يتراشقان من ماء الرضا حيث لم يطأها نجم الغروب.
 أنصت قيس:" أتراه عواء الذئب يوقظ مضجع الحنين..؟؟"
" و كأنك تنصتين لعوائها على رؤوس هذي الباسقات، تنظم تعاويذ العشق والفراق..،أنصتي خديجة لذبحك ينتشي أن يقشر الرؤى ويحيل السراج ذي العين الضريرة في كوخه لقبس منير فتبصر خفافيش الليل، وتطوق حجر القلب صريعا كما هو قيس..
 يا خديجة..
والناس نيام أقبلي من بعيد
وتريثي على حبيب ولهان
 غمرة العشق تنجيك من سكرته
 ..آه يا دمع العين..
 أيكفيك أن أقتل نفسي كما فعل الخزعلي؟؟
 ها أنذا أمثل بين يديك فما تثنيني أنيابك أن أعتليك..
ولترثيني العذارى من بعيد..
 ولتسقني دحنون من ريق خمرتك..
 ولتموء الحبالى من قطط الرمال على قبري.
 فأنا من بعد حبك شهيد رفرف كعصفور ذبيح..
 اكتهلت أحلامه ..
وريحانته خديجة يقطف عبيرها آخر..
 وهو تحت رحمة القمر في واديه..
 بدت حدقتاه الغائرتان أكثر شهوة للحم التراب، لتهفو إلى رحم الأرض، هاهو يحتطب أشجار سنينه  ليوقد بها برد كانون، بدا عرق جبينه المتصفد يتكور ببلورات زجاجية وقد تخثرت دماؤه في شراينه، هنا رنَّ صوت الخزعلي وهو يهوي مكبلا حبه بلجام الفراق، وهو يصيخ السمع للعاشقين ليطفق القمر ليواري سوءاتهما، لكنها ستتبرعم كقناديل تؤنسهم إلا هو ستؤويه الدحنون وشعرات ثلاث من جديلتها..
 هاهي آخر أدراج السماء ليناطح منكبي القمر ويهز عرشه، لينثر من رذاذه الفضي نعسة للتائبين، ليسقي وردة حب سماوية، ليمشط بريق الذكريات وينسج  من سفرته آيات للسائلين....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق