الصفحات

2016/07/13

رحلة إلى النبي .. قصة بقلم: رولا حسينات



رحلة إلى النبي
رولا حسينات
أخذ خيط الدخان المتصاعد من قدميه المنطفئة تارة والمتوهجة من القيظ تارات، وهو ينبش بعيني الصقر آثارها مذ ضرب موسى بعصاه الحجر فانفلقت في هذي البعثة المقدسة سبع.  تعرجت به الطرقات ليصل أهداب وادي موسى، وقد غابات القرية في النسيان على مصطبة الشقاء.
 وفي طلعة الجبل كان هناك رابضا فاتحا ذراعيه كليم الله وكأنما يفضي إليه بحديث شجي، عندما زلفت روحه قبل الجسد وهام متسوحا في أرض الله، أمسك بيديه الماء المنهمر من العيون ما استطاع أن يحضنها وقد شقت عن صدره بشفاء عجيب، صرخ في أعماق نفسه السحيقة..
" لقد عقرت أوهامي وسحر الأيام الخوالي، حين نقشت نسخ الأرض جميعها على جبيني المخترم بأسطر غابت وغشاوة من ذكريات هزت ضلوعي، وذكراك أبي حين جامعت الجان لتكتهل وقد هجعت روحك إلى جنب النبي، ولكني حينها أصغيت لنمنماتهم مثبطة مسعاي، وأنا ازرع طريقي بالأشواك لأسير حافيا حين تلاقي من تحب، وأنت تنز الدماء من جميع أطرافك فتستجدي العطف والشهوة في أن تتطهر من الذنوب لكني ما ارتويت وأنا سراج ملتهب، أتعلل بنص الروح، ظامئ وقد خلعت ترفي وعصبتي وتحلة أيامي لأبهج أبي بين الظلمات، لعلني أراك بين النجوم، وقد انتفضت من كفنك لتسرق من الكون حفنة من تلمظ فيها وشاح التؤدة.."
 إني اعتلي صهوة الجبل وهو يناطح بمنكبيه عنان السماء، وأنا افحص موقع نعلي لعلني لا أهوي إلى قيعان سحيقة عاشقا للصحراء  صرت، حين ارتحل القوم وتأبط  النبي الجبل وزهد بروحه بمقام، يتصدر من شرفاته ماء البحر..
"أبي هن عيناي تذرفان الدمع من حرقة الشمس، وأنا  أعتلي بغشاوة الأفق المتوهج، لكنه يروقني والشمس تطفل إلى ساعة نشوتها في كبد السماء وكأنها تنصت لفتوري وهوان عزيمتي وكل ما في يتقاسم بالرب أني راهب في دير الرهبان، وصخوره تماثيل متعبدة لله فلا تدنسها أعين بشر، ولا تستهويها كأس الخمر ولا الحياة صاخبة..
 أبي دعني أصرخ فلا يسمعني أحد إلا رب الكون، وتلك البواشق قد غرها وهني وأسمال من دمائي تتراشقها أمواج من عرق متصبب، يكفي أن تسمع لنداء البقاء داخلك، وتنيط اللثام عن السفه والخداع، لتكون وإياه في غسلة من مبترد كضوء حكمة لا يذوي.....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق