الصفحات

2016/08/24

سارق بقلم: عبدالقادر صيد

سارق 
بقلم: عبدالقادر صيد
لاحظه كل مرة يسرق إنتاجه حرفيا ،بحث عنه و ذهب إليه :
ــ لماذا تسرق إبداعاتي ؟ 
ــ بل أنت من يسرق إنتاجي ..
ــ أي وقاحة هذه ؟!
ــ احترم نفسك ، سأعلمك أن الأمر عادي ، لا سرقة ، و لا ما يشبهها ،ألم تكن تنوي أن تكتب عني اليوم ؟
ــ هذا أمر بديهي و متوقع ..كفاك سخرية ..
ــ قبل أن تخطئ في حقي ، سأعطيك ما ستكتب غدا ..
ــ هذا هذيان ..
ــ لن تخسر شيئا ، خذها ، و اكتب قصتك ، ثم اطلع عليها ، و نبئني بالأمر..
أخذ الأوراق و هو مندهش من شدة الوقاحة و القدرة على الكذب الفاضح . كتب قصة متعمدا أن يغير أسلوبه ،مراوغا و متكلفا نهاية غير التي ألفها قراؤه ، نشرها ،ثم اطلع على الأوراق ، فإذا هي نفسها ، مطابقة تماما ، بالحرف و الفاصلة ،بالكاد تمالك نفسه دهشة و ذهولا ،قرر أن يرجع إلى صاحبه ،استقبله الغريب في منزله بهدوء و جدية مبادرا إياه: 
ــ كنت أعرف أنك سترجع إليّ ،الأمر بأكمله بدأ يزعجني ، خذ أوراقك كاملة ،هي كل ما ستكتبه في حياتك ، أرجوك لا تطلع عليها إلا بعد أن تكتب إبداعك ، ستجدها مرتبة باليوم و الساعة ..
أخذها، و شرع يكتب قصصا ، ثم يطابقها بأوراق صاحبه الذي ينشر نفسها أيضا ، ثم جاء اليوم الذي سولت له نفسه أن يطّلع على كل الأوراق بذريعة الفضول أولا ،ثم ربح الوقت ، و اقتصاد الجهد ، و بنيّة أن ينشرها مباشرة و يتفرغ لأمر آخر. استغرق منه الأمر أياما، ما كاد ينتهي من قراءتها حتى راح يهيم على وجهه من ندوة أدبية إلى أخرى ،و قد طالت لحيته ،و تدهورت حاله إلى أن صار مثل الدرويش ، يواظب على حضور أمسيات الغريب الذي مازال ينشر قصصه بانتظام و الذي يستمتع برؤية الدرويش من أوائل المصفقين له ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق