الصفحات

2016/10/03

ردّ بقلم: عبدالقادر صيد

ردّ
بقلم: عبدالقادر صيد
سأترك رقمك يرن ، فما عاد يثير فيّ تلك اللهفة المفجعة حدّ المسكنة ،رحم الله زمانا كانت رناته دقات مطرقة على فقرات لم تنل منها صواعق البرق الملقّحة بتعويذات محكمة، أنا الآن في زمني العاطفي هذا تشابهت الرنات عليّ ، و لقد رأيتهم ، نعم بالأمس فقط رأيتهم يبيعون الأفكار بالميزان ، هم أولاء يزنون الجرائد القديمة ، و يقدّمونها بثمن بخس ، تعجبت كثيرا لصنيعهم هذا ، فقصائدي و قصائدك ، و قصصي و قصصك خاضعة لهذا المعيار، مثلها مثل خبر انتحار مراهقة يائسة ،أو جريمة سكير تافه ،تعرض جنبا لجنب مع تعيين وزير ، و إقالة مدير عام ، عالم من الأفكار يتجمّد و يذوب ثم يتبخر دخانا مخدرا،  كذلك أضحت عواطفي اتجاهك ، بالكاد أنفخ عليها لتبقى متقدة ،هي مخجلة للغاية مثل شخص قمّة في الأناقة يقود سيارة متهالكة و غير نظيفة ، تصيح به :
ـ رحماك ، توقّف عن قيادتي ،لقد زدت في بشاعتي ، و لم تنقص من بهائك ..
  كيف تشيخ العواطف في الآهات السابحة في الخلايا التي تجدد نفسها كل ثانية ؟ كان عليّ  أن أدق ناقوس الخطر في اليوم الذي ابتدأت ابتسامتك تبهت ، حينها عزوت الأمر إلى الاعتياد ، و لكن عناقيد نظراتك المثملة شرعت الواحد تلو الآخر تسبّب لي الأرق ، لا نشوة تتزحلق على رموشك ، لم تعد عيناك قادرة على سحر نفسها ، هل تقاعد الحاوي الذي كان يسكن داخلهما ؟ أم ترى فرّت منه حيّاته التي كان يلاعبها ، فأصابته الكآبة ؟ ربما كان  مجرد سوق لبهرج و انجلى .. حقيقة ،مؤسف أن يودي بهرج بنصف العمر ، و يترك حسرة تأتي على المتبقي منه ! فبعدما كنت أخرج يدي من ناطحات السحاب لأقطف قطع السحاب ثمرة ثلج نقية ، أفتح نافذتي الآن فيخنقني غبار القبو متبجحا يحاكي جوانب قبر تفنن بناؤوه في تعديله .. هكذا هو الحب  يرفض أن يوشّح بالكفن ، و يكتفي بلبس الشوك ، أو ارتداء بدلة العدو ، لتبرير النيران الصديقة . أجزم أنه ما التفت عينان في هذا الكوكب إلا لتخلدا غرقا أو بركانا أو زلزالا ، أما أن تتبخرا ، فانس ..ما الذي يجعل هذه الرنة الآن مقززة ،بل و عدوانية ؟ فكّري جيدا قبل أن تجيبي ،  فإحداكن ـ يا نواعم ـ أكلت كبد أحد المقربين ،فشهّر بها حتى ظهرت في لقطة الذروة في فلم ناجح ، و لكن غيرها فتتن أكبادا لم يسائلهن الضمير البشري عنها، لذلك سأترك هذه الرنة عزباء ، و سأترك أزراره عوانس ، إلى أن يرمى لإعادة التصنيع إلا أن يسرق مني ، ربما ينصلح هذا القلب تلقائيا كما تلقّف سمفونيتك تلقائيا و لهج بها..
  ما الذي يحرك يدي نحو الهاتف ؟ المؤكد أنه لست أنا .. من الذي يردّ بنعومة و نفاق ؟ لست أنا ، و لكنه جسدي و أعضائي ،إنها دائما تخون قلبي الذي احترف التبرّؤ منها ،و لكنه يفعل ذلك في قلبه هو أيضا ..
ـ ألو ..كيف حالك ؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق