الصفحات

2017/02/17

بيت الشعر بالأقصر يحتفي بأحمد عبدالمعطي حجازي وتجربته الشعرية الثرية

بيت الشعر بالأقر يحتفي بأحمد عبدالمعطي حجازي وتجربته الشعرية الثرية





احتفاءً بواحدة من أهم تجارب الشعر العربي هي تجربة الشاعر / أحمد عبد المعطي حجازي هذا الشاعر الذي يعد من رواد قصيدة الشعر الحديث أو التفعيلي في مصر و الوطن العربي و قد امتدت تجربته في الكتابة و الإبداع و التفاعل مع محيطه الثقافي شعراً و نقداً و تنظيراً و تفاعلاً مع القضايا الثقافية و الإبداعية لأكثر من ستين عاماً , كان لقاء الجمهور الكثيف الذي احتشد لمتابعة هذه الحلقة من البرنامج الشهري لبيت الشعر بالأقصر " شاعر و تجربة " التي قدمها و أدارها الشاعر حسين القباحي / مدير بيت الشعر بالأقصر و بدأها معرفاً بالشاعر بأنه شاعر وناقد مصري، ولد عام 1935م بمدينة تلا في محافظة المنوفية، حصل على دبلوم دار المعلمين عام 1955م، كما حصل على ليسانس علم الاجتماع من جامعة السوربون الجديدة عام 1978م وعلي شهادة الدراسات المعمقة في الأدب العربي عام 1979م و يُعد الشاعر “أحمد حجازي” من رواد حركة التجديد في الشعر العربي المعاصر، وترجمت مختارات من قصائده إلى الفرنسية والإنجليزية والروسية والإسبانية والإيطالية والألمانية، كما أسهم في العديد من المؤتمرات والمهرجانات الأدبية في كثير من العواصم العربية.من أبرز دواوينه الشعرية: مدينة بلا قلب 1959 - أوراس 1959 - لم يبق إلا الاعتراف 1965 - مرثية العمر الجميل 1972 - كائنات مملكة الليل 1978 – دار العودة 1983- أشجار الإسمنت 1989م، بينما من أبرز مؤلفاته : محمد وهؤلاء - إبراهيم ناجي - خليل مطران - حديث الثلاثاء - الشعر رفيقي - مدن الآخرين - عروبة مصر - أحفاد شوقي. إلى جانب الشعر تميز “حجازي” بالعديد من الكتابات الصحفية حيث عمل مديراً لتحرير مجلة “صباح الخير”، ثم سافر إلى فرنسا وعمل أستاذاً للشعر العربي بالجامعات الفرنسية، وعقب عودته إلى القاهرة عمل بتحرير جريدة الأهرام، كما ترأس تحرير “مجلة إبداع” التي تصدر عن الهيئة المصرية للكتاب.هو عضو نقابة الصحفيين المصرية ولجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة, بالإضافة إلى المنظمة العربية لحقوق الإنسان.
نال “حجازي” خلال مشواره الشعري والأدبي العديد من الجوائز حيث حصل على جائزة “كفافيس” اليونانية المصرية عام 1989م وجائزة “الشعر الأفريقي” عام 1996م، كما حصل علي جائزة الدولة التقديرية في الآداب من المجلس الأعلى للثقافة عام 1997م.

ثم بدأ الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي حديثه مبدياً سعادته بوجوده في بيت الشعر بالأقصر وسط هذا الحشد الكبير من الشعراء و المبدعين و محبي الشعر و عشاقه
معبراً عن شكره العميق لسمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي الذي أتاح من خلال مبادرته الكريمة أن تجتمع العقول و القلوب حول الشعر أسمى و أرقى الفنون و الشعر بمعناه الواسع فهو المعرفة الجوهرية للذات و للجماعة و للعالم و الحياة لأننا لا نعرف العالم و لا نعرف أنفسنا إلا من خلال اللغة لا نكون بشراً إلا لأننا ننطق و نتكلم و نتفاهم و معنى هذا أننا نفكر و الحياة بلا تفكير و بلا تواصل لا يمكن أن تقوم و هنا في الأقصر في المدينة التي علمت العالم من حيث هي مصر القراءة و الكتابة و التفكير و أعطت العالم تراثاً من أعظم النصوص الشعرية أن لها أن تصل حاضراً بماضٍ و تاريخاً بتاريخ و أن تعود إلى صدارة المشهد الشعري و الإبداعي و بيت الشعر هنا إحدى دعامات هذه العودة المرتقبة و قد آن الأوان أن نرد للشعر اعتباره و نعرف له قدره و أن نتعامل معه كما يتعامل معنا لأن الشعر ثقافة تعرف للإنسان قدره .
حين يفتتح هذا البيت في الأقصر يعبر عن هذه المعاني يعبر عن مكان الشعر في مصر و يعبر عن مكان الأقصر في مصر و عن مكان الشعر في الثقافة العربية و الإنسانية و لكي نحب الشعر لابد أن نعيد للغة اعتبارها باعتبارها الآن تعاني حتى على ألسنة المسئولين عن رعايتها و الاهتمام بها .
بعد أن انتقلت غلى القاهرة نشرت ثلاث قصائد من شعري فقط و منها قصيدة بعنوان " بكاء الأبد " نشرتها سنة 1953 عندما كنت في الثامنة عشرة من عمري تقول هذه القصيدة :
عندما أبدعني الغور السحيق
من فنون الليل و الصمت العميق
طوحتني كفه فوق طريق
ضائع النجمة مجهول الرفيق
لست أدري و أنا صمت و ليل
كيف أشدو
كيف أعطي للشروق
ثم بدأ في قراءة نماذج من أشعاره تعبر عن مسيرته الإبداعية الطويلة و هذه القصيدة الشهيرة له التي تعبر عن صدمة لقائه بالمدينة لأول مرة حين انتقل إليها من قريته بعنوان : " الطريق إلى السيدة "

يا عمّ ..
من أين الطريق ؟
أين طريق " السيّدة "؟
- أيمن قليلا ، ثمّ أيسر يا بنيّ
قال ,, و لم ينظر إليّ !
***
و سرت يا ليل المدينة
أرقرق الآه الحزينة
أجرّ ساقي المجهدة ،
للسيّدة
بلا نقود ، جائع حتّى العياء ،
بلا رفيق
كأنّني طفل رمته خاطئة
فلم يعره العابرون في الطريق ،
حتّى الرثاء !
***
إلى رفاق السيدة
أجرّ ساقي المجهدة

و النور حولي في فرح
قوس قزح
و أحرف مكتوبة من الضياء
" حاتي الجلاء "
و بعض ريح هيّن ، بدء خريف
تزيح عقصة مغيّمة ،
مهمومة
على كتف
من العقيق و الصدف
تهفهف الثوب الشفيف
و فارس شدّ قواما فارغا ، كالمنتصر
ذراعه ، يرتاح في ذراع أنثى ، كالقمر
و في ذراعي سلّة ، فيها ثياب !
***
و الناس يمضون سراعا ،
لا يحلفون ،
أشباحهم تمضي تباعا ،
لا ينظرون
حتّى إذا مرّ الترام ،
بين الزحام ،
لا يفزعون

لكنّني أخشى الترام
كلّ غريب هاهنا يخشى الترام !
و أقبلت سيّارة مجنّحة
كأنّها صدر القدر
تقلّ ناسا يضحكون في صفاء
أسنانهم بيضاء في لون الضياء
رؤوسهم مرنّحة
وجوههم مجلوّة مثل الزهر
كانت بعيدا ، ثمّ مرّت ، واختفت
لعلّها الآن أمام السيدة
و لم أزل أجرّ ساقي المجهدة !
==========================
و انتقل الشاعر بعد ذلك إلى قراءة قصيدة أخرى من قصائده الأولى بعنوان
" سلة ليمون "
سلّة ليمون !
تحت شعاع الشمس المسنون
و الولد ينادي بالصوت المحزون
" عشرون بقرش
" بالقرش الواحد عشرون ! "
***
سلّة ليمون ، غادرت القرية في الفجر
كانت حتّى هذا الوقت الملعون ،

خضراء ، مُندَّاة بالطلّ
سابحة في أمواج الظلّ
كانت في غفوتها الخضراء عروس الطير
أوّاه !
من روّعها ؟
أيّ يد جاعت ، قطفتها هذا الفجر !
حملتها في غبش الإصباح
لشوارع مختنقات ، مزدحمات ،
أقدام لا تتوقّف ، سيّارات ؟
تمشي بحريق البنزين !
مسكين !
لا أحد يشمّك يا ليمون !
و الشمس تجفف طلّك يا ليمون !
و الولد الأسمر يجري ، لا يلحق بالسيّارات
عشرون بقرش
" بالقرش الواحد عشرون ! "
***
سلّة ليمون !
تحت شعاع الشمس المسنون
و قعت فيها عيني ،
فتذكّرت القرية !
بعد أن قرأ الشاعر حجازي عددا كبيراً من قصائده الحديثة تم فتح باب الحوار بين الشاعر و جمهور الحاضرين الذين قدموا مداخلات هامة عن موقف العقاد من قصائده التفعيلية في أوائل الستينات من القرن الماضي و هل هو يمارس الآن نفس الدور تجاه شعراء قصيدة النثر و عن موقفه من جمال عبد الناصر و دوره في المجلس الأعلى للثقافة و مجلة إبداع و عن مستقبل الشعر كما يراه و العديد من القضايا الثقافية و الفكرية و أجاب الشاعر عنها جميعا ً و نوه أنه يكتب الآن عدة مقالات عن رؤيته لمكانة الشعر و مستقبله في مصر تحت عنوان " مصر الشاعرة " ينشر منه حلقة كل أسبوع في جريدة الأهرام كما أوضح أن الشعر بخير و المدهش أنه اكتشف من خلال متابعاته المستمرة لنشاطات بيت الشعر بالأقصر أن هناك جيلاً جديداً مدهشاً يتشكل و ينمو و المفاجأة أن هناك عودة واضحة و مؤثرة لكتابة القصيدة العمودية في ثوب جديد و كذلك أن عدداً من السيدات الشواعر يكتبن تلك القصيدة الآن في مصر بمستوى جيد جداً .
هذا وقد استمر اللقاء لأكثر من ساعتين و نصف و طالب جمهور بيت الشعر بتكرار هذا اللقاء و وعد الشاعر بتكراره متى أتيحت له القرصة المناسبة ,
ثم قام الشاعر حسين القباحي بالتنويه عن اللقاء المفتوح الذي ينظمه بيت الشعر صباح غد الخميس 16 فبراير في قرية " عرابيا " مع الشاعر و من يرغب من الشعراء و المبدعين و الجمهور يتم فيه تبادل الآراء و الأفكار و الاستماع إلى نماذج من شباب الشعراء و الدعوة مفتوحة للجميع كما نوه عن النشاط القادم لبيت الشعر يوم الأربعاء الموافق 22 فيراير باستضافة شباب شعراء نادي أدب جامعة جنوب الوادي في أمسية تحتفي بهم و بإبداعاتهم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق