الصفحات

2017/05/05

" تطور صورة الشخصية فى أدب الأطفال المصرى والعربى " وعلى وجه خاص " تطور صورة المرأة والطفل " بقلم: يعقوب الشارونى

" تطور صورة الشخصية فى أدب الأطفال المصرى والعربى " وعلى وجه خاص " تطور صورة المرأة والطفل " 
دراسة من إعداد : يعقوب الشارونى


** أهمية الشخصية فى أدب الأطفال :
أصبحت الشخصية هى المادة الأساسية التى يدور حولها أى عمل قصصى أو روائى يوجه للأطفال ، فعندما توجد الشخصيات أمام مؤلفها ، فإنه لن يكون فى حاجة إلى أكثر من أن يتتبع أفعالها [ 1 ] . إن حبكة القصة أو الرواية تـُبنى من أفعال الشخصيات ، أو تـُبنى الحبكة والشخصيات معًا .
وهذا على عكس ما كان عليه الحال فى أوربا فى العشرينيات والثلاثينيات من القرن العشرين ، عندما كان هناك ميل إلى إهمال شخصية الطفل فى أدب الأطفال . لقد كان الأطفال يُصَوَّرون عادة فى مجموعات ، يخوضون مغامرات يشتركون فيها معًا ، لكن ليست لديهم القدرة على أن يكونوا أفرادًا متفردين . وظل الوضع على هذا الحال حتى الأربعينيات ، عندما لوحظ أن الاهتمام بتطور الشخصية قد نشط . [ 2 ]  
وهكذا برزت الشخصية ، وربما تخطَّت جميع العناصر الأخرى فى رواية ما بعد الحرب العالمية الأولى . تقول فرجينيا وولف : " أساس الرواية الجديدة هو خلق الشخصية ،                ولا شىء آخر ، فالأسلوب يؤثر والحبكة تؤثر ووجهة النظر تؤثر ، لكن  لا شىء له تأثير فاعل أبدًا مثل تأثير الشخصيات " . [ 3 ]  
    أما القارئ الصغير ، فتهمّه الشخصية ربما أكثر من الحدث نفسه ، بوصفها بطلاً        أو صاحبة بطولة ، وهى جزء مما يهيمن على مشاعر الطفل والشباب الصغير فى بعض الفئات العمرية لا سيما المتأخرة ، وتحديدًا بين سن الثالثة عشرة وسن الثامنة عشرة . " إن الذى يُجْمِع عليه معظم علماء السرد ، أن السرود " الحقيقية " هى تلك التى لها أبطال بشر أو شخصيات مؤنسنة " ، " وإن اهتمام الطفل بالشخصية القصصية ، نابع من أنه يبحث دائمًا عن أشياء يقتدى بها ، ويرى فيها نفسه ، ويحقق من خلالها رغباته وطموحاته " . [ 4 ]  
وهكذا شاع التركيز على إبراز شخصية الطفل فى أدب الأطفال ، وإظهار طبيعتها من خلال كيانها المادى والاجتماعى والنفسى ، والبحث عن البواعث التى تدفعها إلى ما تقوم به من أفعال ، وذلك عن طريق متابعة علاقاتها بالآخرين ، وكيفية تطورها داخل النص الأدبى ،               وما يعتريها من تغيرات ، وما تهدف إلى تحقيقه من أهـداف . وبمجـرد أن يحـدد المؤلـف الدوافع
الأساسية للشخصيات ، تبدأ مظاهر وخواص تلك الشخصية فى الإعلان عن نفسها .
" ولابد أن يشعر القارئ ببعض المشاعر تجاه شخصيات القصة – تعاطف أو مودة              أو سخط أو حب استطلاع – وذلك حتى يهتم بما يحدث بعد ذلك ، ويرغب أن يستمر فى القــراءة حول تلك الشخصيات " . [ 5 ]  
* ويمكن للكاتب أن يرسم الشخصيات بثلاث طرق ، الأولـى الوصــف المباشــر ، لكــن على كاتب الأطفال أن يستخدم القليل جدًّا جدًّا من الوصف المباشر ، فالوصف المباشر جاف ومرهق للطفل القارئ .
والأفضل أن يرسم المؤلـف الشخصيـة عـن طريـق إبـراز طبيعتهـا وعاداتهـا مـن خـلال
حوارها مع مختلف شخصيات العمل الأدبى . وفى قصص الأطفال ، من المفيد أن تكون للشخصية طريقة مميزة فى الكلام تمكن القارئ من التعرف عليها فورًا .
ولعل أفضل طريقة لرسم الشخصية أن يتم هذا عن طريق مواقف القصة ، وبيان كيف تتصرف من خلال موقف بعد آخر . [ 6 ]  
* وتتكون الشخصية من أبعاد رئيسية ثلاثة هى : الكيان المادى ، والكيان الاجتماعى، والكيان النفسى . فالكيان المادى ، مثل العمر والجنس والصحة والمرض ، وينعكس على مزاجنا ونظرتنا للحياة ، ويؤثر على نوع تفكيرنا ، وعلى تطورنا الذهنى . أما الكيان الاجتماعى فيتكون من الطبقة الاجتماعية ، ودرجة التعليم ، ومستوى الحياة المنزلية وظروفها ، ووجود الوالدين والإخوة والعلاقة بينهم ، والعادات والميول وغير ذلك من الظروف الاجتماعية التى تحيط بالإنسان وتوجه سلوكه . أما الكيان النفسى فهو غالبًا نتيجة الكيانين المادى والاجتماعى ، ويشمل المعايير الأخلاقية ، وأهداف الحياة ، والطبع والميول ، والقدرات والمواهب .
وعندما نكتب عن شخصية ما ، ونبحث عن البواعث التى تضطرها أن تفعل ما تفعل ، لن نصل إلى هذا إلا إذا كنا نعرف كل شىء عن كيانها المادى والاجتماعى والنفسى .
* ولابد للمؤلف أن يعايش شخصياته فى خياله معايشة كاملة حتى يمكن أن يقنعنا بتصرفاتها وعباراتها . وعليه أن يسأل نفسه  دائمًا : " هل يسلك هذا الطراز من الشخصيات هذا النوع من السلوك ، تحت هذا النوع أو ذاك من الظروف ؟ " ، فإذا كان الجواب بالإيجاب يكون قد نجح فى رسم شخصياته . إن القراء يجب أن يتفهموا بوضوح لماذا تسعى الشخصيات إلى أهدافها . فإذا شعروا بالعطف نحو دوافع الشخصيات ، أو على الأقل فهموا تلك الدوافع واقتنعوا بقوتها ، استطاعوا أن يتجاوبوا معها . كذلك يجب العناية بملاءمة الدافع للعمل .
* والموضوع ينبع من الشخصيات ، لذلك يجب أن تكون الشخصيات من القوة بما يكفى لإقامة الحُجة على صدق الفكرة الأساسية من القصة ، بطريقة طبيعية يقبلها القراء ، لا بطريقة تَحَكُّمِيَّة . إن الكاتب مطالب بأن يبرهن على أنه لم يكن أمام شخصياته إلا أن تسلك السلوك الذى سلكته فعلاً فى القصة أو الرواية .
* ولابد من الاهتمام بنمو الشخصية وتطورها ، وأن يهتم المؤلف بوجوب استمرار تنمية شخصيات عمله الأدبى وعدم وقوفها عند نقطة معينة . فتطور الشخصية هو الذى يُكْسِبَها الحياة والحركة . وكل شخصية لابد أن تشتمل على بذور تطوراتها المستقبلة ، فيجب ألا نفاجأ بتصرفات تُقْدِم عليها شخصية ما بغير أن يكون هنالك تمهيد أو إيضاح يبرر إمكان إقدام تلك الشخصية على تلك التصرفات . [ 7 ]  
 * ومـن الأفضـل الاقتصـار فـى قصـص وروايات ومسرح الأطفال ، على عدد قليل مـن الشخصيـات ، وأن تـكون كـل مـنها مُتـميّزة عـن الشخصـيات الأُخـرى بخصائـص بارزة يـكشف

مظهرها عن مخبرها لكى لا يخلط الأطفال بينها . وأن تكون سمات ومميزات كل شخصية واضحة بحيث يسهل على الأطفال إدراك حقيقتها . ويحسن التركيز على شخصية أساسية واحدة ، حتى يسهل على الأطفال مُتابعتها واستيعاب أهدافها .
بل إن الشخصية إذا كانت على جانب كبير من التميّز والتفرّد ، فإنه يُمكن أن تـُـعوِّض كثيرًا من الضعف فى العُقدة أو فى الحكاية . " إن مسرحية مثل المسرحية المأخوذة عن قصة     " ساحر أوز " ، التى لا تـُـعجب عُقدتها الضعيفة الأطفال، أعجبتهم الرواية بسبب شخوصها الغريبة المُتميّزة " . [ 8 ]  
* وفى دراسة نشرتها مجلة " رسالة اليونسكو " ، 1997 ، حول " صور النساء فى أدب الشباب " ، جاء تحت عنوان " اليابان .. تحطيم القوالب الجامدة " . [ 9 ]  
ظهر أدب الأطفال اليابانيين إلى الوجود فى العقد الثانى من القرن العشرين . إلا أنه ، فى البداية ، كان المؤلفون من الرجال فقط ، وهناك غلبة للشخصيات المذكرة ، ذلك أن النساء اليابانيات فى ذلك الوقت لم يكن لديهن وضع محل اعتبار حقيقى أو مهمة واضحة فى المجتمع . ولم تبدأ الأمور فى التغيير إلا بعد الحرب العالمية الثانية ، عندما اتجهت النساء أنفسهن للتأليف ، وأصبحت صورة الأمومة أكثر أهمية .
وفى أعوام الستينيات ، كتبت النساء كثيرًا من الكتب التى تحتوى المزيد من الشخصيات النسائية ، وتصوير النساء للنساء اللواتى كن يحاولن أن يجعلن الأطفال الصغار أكثر إدراكًا لما يمكن أن تكون عليه حياة الكبار . لكن ما زال بعض المؤلفين يكتبون حول المرأة التى هى ضحية لزوجها وعائلتها ، ومع ذلك تدور حياتها حول أسرتها .
وفى السبعينيات والثمانينيات ، كانت تقريبًا كل كتب الأطفال التى تتناول المشاكل التى تواجه النـساء فى المجتمع مكتوبــة بواسطـة النساء . لكن الوضع تغيــر منــذ بدايــة التسعينيات ،
عندما بدأ بعض المؤلفين من الرجال الاهتمام بأمور النساء .
* وتقول الدراسة عن الاتحاد السوفييتى السابق ، تحت عنوان " من الأيديولوجية إلى الحب " [ 10 ] :
    صورة النساء فى أدب الأطفال الروسى قبل ثورة أكتوبر 1917 ، تشبه تلك التى            كانت موجودة فى أوربا الغربية ، وفى نفس الوقت لها جذورها فى التاريخ والثقافة               الروسية . وبعد الثورة رفض النقاد هذه الصورة على أساس عاطفيتها المفرطة ، ونبذوا              أدب الأطفــال السابــق على ثــورة أكتوبــر باعتبـاره " مبتـذلاً وبورجوازيًّـا " ، واعترضوا على الصورة التى يقدمها للنساء .
هذه التوجهات كان يمليها الإلحاح الشديد على ثقافة تحكمها الاعتبارات السياسية والاجتماعية . وكانت الدولة السوفيتية تعتبر كتب الأطفال أداة قوية فى التربية الأيدولوجية للأجيال الصاعدة . وحتى الستينيات كانت الشخصيات النسائية فى أدب الأطفال تصور بانعدام كامل للواقعية السيكولوجية . لقد حررت الأيدولوجية الجديدة النساء من بعض مهامهن التقليدية ، لكن طريقة التفكير فرضت شكلاً من السلوك يتمثل فى البطلات اللاتى يسيطر على حياتهن شعور بالواجب الاجتماعى ، ولا يذكر إلا القليل عن مشاعر الحب .
ثم بدأت تظهر صور أكثر واقعية للنساء فى الستينيات ، حيث بدأت الشخصيات النسائية توجه أسئلة لنفسها ، ويكون لها مشاعر . أصبحت صورتهن تتبع منطقـًا خلاقـًا ، وأصبحت مرسومة بمهارة أدبية أكبر ، وأصبح المؤلفون أكثر استجابة لوحيهم الشخصى منهم للخط الرسمى . وبدأ تصوير النساء كمخلوقات رقيقة يحببن بيوتهن ويهتممن بشئون              أطفالهن . وكان السبب يرجع بدرجة كبيرة إلى ظهور جيل جديد من الكُتَّاب الشباب ، تركوا الأيدولوجية الرسمية والمفهوم التربوى لأدب الأطفال بعيدًا عنهم ، وكان تصويرهم للنساء أقرب للحياة اليومية ، وأكثر عمقًا وأكثر أصالة .
وفى السبعينيات والثمانينيات ، أدى انشغال المرأة فى حياتها العملية إلى ظهور القصص السيكولوجية ، ويُنظر إلى عدم مشاركة الأمهات فى تربية أطفالهن كسبب لانحراف الشباب ولقسوة حياة الأطفال المُهْمَلين الذين يُتركون لإمكاناتهم الخاصة . ولأول مرة توصف مشاكل مثل الفقر المدقع والصراعات الأسرية .
وفى الثمانينيات ، ظهرت مشاكل المرأة الشخصية ، وعلاقتها بالعالم من حولها، وأصبحت البطلات من الفتيات تصور بواقعية أكبر وبتكوين نفسى مركب .
* كما تتحدث دراسة " مجلة اليونسكو " عن " أدب الأطفال فى أمريكا الشمالية " ، تحت عنوان " أمهات وبنات " [ 11 ] ، فتقول :
    لا يوجد شىء اسمه النموذج الأصلى للمرأة الأمريكية الشمالية . إنها متعددة الجوانب مثل القارة ذاتها ، التى تضم التحامًا شاسعًا من الأجناس والأديان . ومع ذلك ، تقدم كتب الأطفال والمراهقين نظرة عامة للآمال والرغبات المتوقعة ، والأمور التى تقلق الشباب فى مواجهتهم مع الجيل الأكبر . وهذه الكتب التى تصور الآباء والأبناء ، تقدم نظرة عميقة لما يعتبر ممثلاً للمجتمع ، ومقبولاً أو غير مقبول منه . هـذه القيـم المختلفـة يمكـن تعريفهـا بشكل عـام على أنهـا " الرغبة فى السعادة " أو " الشوق للحياة " .
    واستيقاظ الجنس هو موضوع آخر شائع فى أدب المراهقين : فتيات يحلمن بنوع من قصص الحب العظيم التى رأوها على شاشة التليفزيون ، ثم تصيبهن خيبة أمل مريرة عندما تحدث لهن أول تجربة عاطفية .
    والفقر هو موضوع آخر يظهر بشكل متزايــد فى أدب المراهقيــن ، وفى قصص أخـرى تواجَه الشخصيات الرئيسية هى ذاتها بالفقر .
    وفى عــدد من الكتــب الخاصـة بالشباب نرى أن عددًا كبيرًا من الفتيات والنساء يعتقدن أنه من الضرورى أن يستحوذون على رجل ويخضعنه لسيطرتهن . وتعتمد هؤلاء النساء بدرجة كبيرة على قبول الرجال لهن ، وهن مستعدات لكى يحتفظن بالرجل الذى يحبونه أن يتحملن غطرسته وفظاظته وملله ، إلى جانب محاضراته وتلقينه لهن آداب السلوك .
    ولكن فى أغلب الأحوال ، تكون المرأة من مختلف الأعمار صاحبة خيال واسع ،  نشيطة ، ومصممة على أن تجعل لحياتها معنى .
** صورة الطفل فى أدب الأطفال العربى ، فى القرن العشرين ، حتى عام                 1974 :
فى دراسة بعنوان " الأطفال يقرءون " ، أشرفت عليها الدكتورة هدى برادة                     سنة 1974 ، وتمت فى " مركز بحوث كتب الأطفال " ، الذى كان تابعًا لدار الكتب القومية بالقاهرة [ 12 ] ، اهتم الباحثون بتصنيف الدوافع والحاجات التى تكمن وراء سلوك الشخصيات فى القصص التى أقبل عليها الأطفال (القصص العربية المنشورة قبل 1974) ، وطبيعة ونــوع
الشخصيات الأساسية فى هذه القصص .
* وفى هذه الدراسة ، تظهر حقيقة غريبة ، هى أن بعض المؤلفين العرب كانوا                 لا يصدرون فى كثير مما يكتبون للأطفال عن وعى واضح بالأثر الذى تخلفه كتاباتهم فى الأطفال .
لقد اتضح مثلاً أن 45 % من الحالات التى قام فيها أبطال القصص محل الدراسة بعدوان، قد تـُـركوا دون إثابة أو عقاب . وقد يُثار سؤال حول القدر الذى يجب أن نــُـعلّمه للأطفال من وجوب رد العدوان ، خاصة وأننا فى مواجهة مع تحدى الأطماع التوسّعية والغزو الاستيطانى ، لكن هذه القضية لم تكن محور اهتمام عدد كبير من المؤلفين ، فأصبح معنى ترك السلوك العدوانى دون جزاء ، إغراء للصغار بتقليد هذا النمط من السلوك .
كما دلَّت الدراسة على أن القصص التى يشيع الإقبال بين الأطفال على مُطالعتها ، تـُـشجّع على الخضوع وليس الاستقلال ، ولا تحظى فيها الأنماط السلوكية المستقلة بأى           تقدير .
وعندما تعرَّض المؤلفون للسلوك المؤدى إلى " التحصيل " ، نجد أنه قد أُثيب 40 % فقط ممن توافر لديهم دافع التحصيل ، بينما عوقب 11 % ، وتـُـرِكَ 49 % دون مكافأة أو تشجيع. وهذه ظاهرة تدل على عدم وعى الكُتــّـاب بضرورة إبراز فائدة التحصيل ، وأهميته ، وأهمية التشجيع والدعم لنمو شخصية الطفل وتفكيره العلمى .
*          *          *
* وفى دراسة ثانية حول " صورة المرأة فى أدب الأطفال " (2015) ، قال الدكتور محمد سيد عبد التواب :
تشكلـت صـور الـمـرأة فـى دوريـن : الأول – دور تقـليـدى فـى كتابـات معظـم الـرواد، حَصَرَها فى إطار الأنثى كنوع أدنى . والآخر – دور تحررى يعبّر عن رؤى أكثر إدراكًا للواقع ، وأشد وعيًا بالعوامل المؤثرة فيه ، بوصفها إنسانـًـا متفاعلاً ذا إرادة حرة ، وعواطف ومشاعر يجب أن تـُحترم ، وهذا قام على التفاعل مع قضايا العصر ، ونتيجة التحولات التى طرأت على شخصية الأطفال ، وعلى أساليب تعلمهم وطريقة حياتهم وتطور إمكاناتهم العصرية . [ 13 ]                    
* وفى دراسة ثالثة ، 1993 ، تقول الدكتورة اعتماد خلف فى كتابها " الطفل المصرى وصورة البطل" :
تتمثل النتيجة الأولى للدراسة فى الإجابة عن السؤال : ما هى صورة البطل                     المقدمة للطفل المصرى فى قصص (مجلة سمير) خلال فترتين متميزتين هما : فترة الحرب                 ( 1967 – 1973 ) وفترة السلام ( 1979 – 1985 ) . الإجابة أن صورة شخصية البطل فى مجتمع الحرب ، كانت مصرية وعربية الانتماء بالدرجة الأولى ، وأن ذلك البطل يمكن وصفه بأنه فكاهى وحربى بنسبة متوازية ، ومتلائمة مع احتياجات مجتمع الحرب ، كما أنه يحمل مضامين دينية وبالتحديد إسلامية ، إلى جانب كونــه بطلاً بوليسيًّا ، ورياضيًّــا ، وعلميًّــا بنسبة متوازنة إلى حد ما .
    بينما تتحدد صورة البطل فى مجتمع السلام ، فى كونه غير محدد الانتماء أو الهوية بصفة قاطعة ، ثم إنه فكاهى يهدف إلى إضحاك الطفل وتسليتـه فى المقــام الأول ، وهــو بوليسى ورياضى ثانيًــا ، ثم تأتى الصـفات الدينية والعلمية والأدبـية والفنية والحربـية فى ذيـل قائـمــة السمات المميزة للبطل ، وهى باهتة إلى حد بعيد . [ 14 ] 
*          *          *
** وقبل أن نقوم ببيان ما أجملناه حول تطور صورة الشخصية فى أدب الأطفال  العربى ، نشير إلى بعض القضايا الأساسية التى تدور حول شخصية البطل فى أدب الأطفال العربى ، وما حدث بها من تطور ، مثل :
– هل لابد من وجود شخصية طفل فى كل قصة أو رواية أو مسرحية مقدمة للأطفال والشباب الصغير ؟
– وهل لابد من وجود شخصيات ذكور مع إناث ( صبيان وبنات ) فى كل قصة              للأطفال ؟
– وما مدى وجود شخصيات غير بشرية ( حيوانات – نباتات – جمادات ) فى أدب الأطفال ؟
** هل لابد من وجود شخصية طفل فى الأدب المقدم للأطفال أو للشباب الصغير ؟
    من المُلاحظ أن أبطال مُعظم الحكايات الشعبية ، وعدد من الأعمال الأدبية التى نجحت جدًّا مع الأطفال ، هم من البالغين والكبار أو ممن يتقدمون فى العُمر أثناء الحكاية ، والأمثلة على ذلك كثيرة ، منها " السندباد البحرى" ، و" على بابا " ، و" علاء الدين " ، و" جلفر " ،                و " روبنسن كروزو " ، وكلها قصص وروايات قدمها كامل كيلانى للأطفال والشباب الصغير . إن هذه الحقيقة تتعارض مع القول بأن قصص وروايات الأطفال " يجب " أن تدور كلها حول أبطال من الأطفال .
    وهنا نشير إلى أن القدوة الأساسية التى يكتسبها الأطفال من خلال التنشئة الاجتماعية ، تأتى أساسًا من الكبار الذين يحيطون بهم ، إلى أن يبدأ أثر الرفاق فى بداية سن المراهقة ، فيتشاركون مع البالغين فى تقديم التأثير الذى يتمثل به الصغار ويقلدونه .
    " وفى ضوء هذه الحقيقة ، لا يوجد ما يمنع أن يكون بطل القصة شخصًا مُسنـًّـا ، وإنْ تـَـطَـلَّبَ هذا من المؤلف أن يهتم برسم شخصيته بطريقة يستطيع معها الأطفال تقمّصها والتوحّد معها ، وبوجه خاص إذا كانت له علاقات طيبة مع الصغار ، وبشرط ألا تكون شخصية متسلطة تلغى شخصية من حولها من أطفال . وإذا لم يوجد فى القصة شخصيات أطفال ، فيمكن للقارئ الصغير أن يتوحّد مع ، أو يتقمّص ، شخصية الحيوانات . [ 15 ]
    – لكن إذا كان هناك أطفال أو صغار فى القصة ، فيجب الحرص على تجنــّـب الإشارة
 إليهم طوال الوقت باستخدام كلمة " الأطفال " ، لأن الصغار يحبون أن يتصوّروا دائمًا أنهم أصبحوا كبارًا ، ويكفى أن نشير إليهم بأسمائهم أو صفاتهم .
    كذلك يجب تجنــّـب الإشارة إلى البالغين فى القصة بلفظ " الكبار " ، لأن هذا يؤدى إلى شعور القارئ الصغير أنه أقل من هؤلاء الكبار فى الدرجة .
    – ومع ذلك ، فمن الملاحظ حاليًّا أن معظم ما يقدم للأطفال فى العالم من قصص فى مجلاتهم وكتبهم ، وفى الأفلام السينمائية الموجهة إليهم ، يوجد بين أبطالها صبيان وبنات ، وقد لا تتضمن إلا طفلاً واحدًا تدور حوله الأحداث مع عدد كبير من البالغين . ومن أهم                  أسباب هذا التوجه ،  أن تَوَحُّد الأطفال مع الأطفال أسهل كثيرًا من تَوَحُّدِهم مع شخصيات               بالغين . [ 16 ]  
* أما فى أدب الأطفال العربى ، فقد تزايد عدد القصص والروايات التى يقوم ببطولتها أطفال أو شباب صغير ، لكن لا يوجد كاتب مصرى أو عربى واحد يلتزم فيما يكتب من قصص بأن يكون كل أبطاله أو بعضهم من الأطفال ، وإن كانت شخصيات أهم أفلام رسوم عربية متحركة أو عرائس ، كلها أطفال ، مثل " بكار " و " بوجى وطمطم " . [ أ ]
** هل لابد من وجود شخصيات ذكور مع إناث فى " كل " قصة للأطفال؟
من الملاحظ أن البطلات من الشخصيات النسائية والفتيات فى أدب الأطفال العربى ، عددهن قليل بالمقارنة بعدد الأبطال من الذكور ، وهــو ما أصبح متعارضًا مع التأكيــد على دور المرأة الرئيسى فى التنمية .
ومع أن شخصية " شهرزاد " من أشهر الشخصيات النسائية فى الأدب العربى بل على مستوى العالم كله ، وشخصية " مرجانة " فى قصة " على بابا " نموذج متميز للمرأة القوية صاحبة التدبير والقادرة على التنفيذ ، فإن أدوار المرأة فى الحياة اليومية ، فى الواقع العربى ، لا تعطى المبدع المساحة الكافية ليسند إليها أدوار البطولة المتنوعة فى كثير من إبداعاته القصصية للأطفال ، وعلى وجه خاص لأن حرية الحركة خارج البيت ، وبعيدًا عن عيون الأسرة ، ومع الرفقاء من نفس الجنس ، متاحة للذكور على نطاق أكبر بكثير مما هو مسموح به للإناث والفتيات ، وذلك على مستوى العالم العربى .
– وإذا كنا قد أشرنا إلى أنه ، فى بعض الثقافات مثل الثقافة اليابانية ، كان المؤلفون فى البداية من الرجال فقط ، وأن هذا كان السبب فى أن النساء لم تلعبن دورًا مهمًّا فى القصص التى يكتبها الرجال ، فإنه ، مع أن كل رواد الكتابة للأطفال فى العالم العربى كانوا من الرجال مثل أحمد شوقى وكامل كيلانى ومحمد سعيد العريان وعطية الإبراشى ، فإنهم لم يستبعدوا المرأة من كتاباتهم ، لكنهم أعطوها ، فى معظم كتاباتهم للأطفــال ، أدوارًا هامشية .
– وحتى عندما تولت سيدات رياسة تحرير أشهر وأقدم مجلة أطفال فى مصر والعالم العربى ، لم تتغير هذه النظرة . وهناك دراسة ميدانية ، قام بها الباحث " حازم النعيمى " دارت حول تحليل عينات من أعداد هذه المجلة ، بدأت بإبراز حقيقة غريبة ، هى أنه – فى سبعينيات القرن العشرين – لم تكن توجد مجلة أطفال عربية اسمها مؤنث ، بل كلها  مذكر ، مثل سمير ، أسامة ، حسن ، ماجد ، سعد !! وهى فى نفس الوقت أسماء البطل الرئيسى لكل مجلة .
– ومن تحليل عينات من تلك المجلة ، تبين أن من بين 8 شخصيات رئيسية فى مجلد يضم 12 عددًا ، توجد فتاة واحدة . وتبين أن نسبة الشخصيات النسائية إلى مجموع شخصيات القصص 13 % ، فى حين أنَّ نسبة شخصيات الرجال 87 % .  
وبالنسبة للوظائف التى حددتها القصص لكلٍّ من المرأة والرجل ، تبين أن مهن ووظائف الرجال تشمل أغلب أنواع النشاط الاجتماعى والاقتصادى مثل : طبيب ، عالم ، مخترع ، ضابط ، كشاف ، رئيس عصابة ، رياضى . على حين أن الأعمال المخصصة للمرأة قليلة جدًّا ، لا تتعدى الوظائف المساعدة غير المهمة ، مثل : مضيفة ، سكرتيرة ، تلميذة ، خادمة ، جاسوسة .  
– وبالنسبة للسلوك والصفات الشخصية فى القصص المقدمة للأطفال ، تبين أن الصفات الإيجابية للرجل أكثر بكثير من الصفات الإيجابية بالنسبة للمرأة . كذلك فإن الصفات السلبية للرجل تــُـنسب إلى شخصية ثانوية ، بهدف إبراز الصفات الإيجابية لبطل القصة .                            أما الصفات السلبية للمرأة ، فهى لصيقة بها ، وغالبة ، والصفات الإيجابيــة طارئــة ونــادرة ،
فلم تظهر مثلاً إلا فى حوالى ثلاث قصص من 53 قصة .
فنحن نرى دائمًـا شخصيـة البطـل الذكـر فى مجـلات الأطفـال ، ذات طابع حيـوى ، فهـو
ذكى ، قوى ، نشيط ، مكافح ، مخلص ، شجاع ، مغامر ، مستقل ، حسن التصرف ، مع وجود بعض " الفهلوة " والإجرام والغرور فى تصرفاته أحيانـًـا ، وهو صاحب الكلمة الأخيرة فى القصة والموضوع . أما المرأة فهى مؤدبة ، مطيعة ، مضحية ، ضعيفة ، تستحق العطف ، وفى أحيان قليلة لديها بعض الذكاء وحب الرياضة والعمل .  
– إن هذه الدراسة الميدانية تبين أن تربيتنا للأطفال بمختلف صورها هـى التى تضخــم دور الرجل وتقلل شأن المرأة ، وأن هذا التصور الذى تقدمه التربية ، ينعكس على الفتاة نفسها، فتقتنع بأن هذه هى طبيعتها الحقيقية . فالأمر إذن ليس أمر وراثة أو طبيعة فطرية ، بل هو تصور يكتسبه أفراد المجتمع من خلال التربية فى مرحلة الطفولة .
إن هذه القصص تترك انطباعًا عامًّـا لــدى الأطفــال ، البنـات والأولاد ، بأن الرجـل هـو
العنصر الأفضل والحيوى ، والمرأة العنصر الأقل شأنـًـا والسلبى فى المجتمع . هذا فى حين أن أحد أدوار أدب وقصص الأطفال ، أن يقوم – من خلال الفن – بتصحيح اتجاهات المجتمع ، وأن ينمى فى الأطفال المفهوم السليم لقدرات المرأة ودورها فى بناء المجتمع .
* وبعض دور النشر فى أوربا وأمريكا ، تتردد فى نشر روايات الأطفال ، وعلى وجه خاص الموجهة للسن فوق 9 أو 10 سنوات ، التى لا يوجد بها إلا فتيان ، ويتطلبون أن تكون هناك فتيات بجوار الفتيان ، ذلك أن وجود فتاة أو فتيات يضمن إقبال البنات على العمل الأدبى ، وبالتالى تتسع دائرة توزيعه .
– وهذا التوجه تحرص عليه حاليًّا وبدقة ، كل الأفلام الروائية – بشرى أو رسوم متحركة – الموجهة للأطفال . [ 17 ] [ 18 ]
** الشخصيات غير البشرية – حيوانات ، نباتات وجمادات – فى أدب الأطفال العربى ، وتطورها :
عرف العرب حكايات الحيوان فى الجاهلية وفى العصور الإسلامية المتعاقبة ، فقد كانت لهم حكايات كثيرة على لسان الحيوان ، وأيضًا النبات والجمادات ، لكن هذه كلها كانت موجهة إلى الراشدين . فعلى الرغم من ثراء التراث العربى ، فليس فيه ما يمكن أن نطلق عليه أدب الأطفال .
– ويأتى كتاب " كليلة ودمنة " لابن المقفع ( 724 – 759 م ) ، فى قمة الكتب التى انتشرت حكاياتها فى كل أنحاء العالم ، وقد صيغت على ألسنة الحيوان والطير لتقدم أبلغ صور الحكمة ، وتكون مرشدًا للحكم الرشيد والأخلاق الفاضلة . وقد لا تسبق حكاياته فى الشهرة والذيوع  إلا " حكايات إيسوب " اليونانى ( 600 قبل الميلاد ) . ومع أن هذه الروائع كان مقصودًا بها مخاطبة الكبار ، فقد أعيدت صياغة الكثير منها حديثــًـا لتناسب الصغار .
– وعندما تنبه الشاعر أحمد شوقى ( 1868 – 1932 ) إلى أهمية القصة المصاغة شعرًا لمخاطبة الأطفال والصغار ، أورد معظم حكاياته على لسان الحيوانات .
– واهتم كامل كيلانى بحكايات الحيوان ، وكتب سلسلة كاملة تحت عنوان " أساطير الحيوان " ، منها : " الأرنب العاصى " وتدور حول جزاء عدم طاعة نصائح الجد –                            و " انتقام سوسنة" وتدور حول انتقام الأرنبة سوسنة من الذئب والثعلب وقتلهما – و " البيت الجديد " حول تعاون الخروف والديك والأرنب والإوزة لبناء بيت جديد – و " حبة التوت " حول حبة التوت التى وقفت فى حلق الكتكوت الصغير وقيام الأم الدجاجة بالبحث عن ماء لعلاج ابنتها – و " الصياد والعنكبة " حول العنكبوت التى علمت الصياد صنع الشباك ليصطاد بها – ومن الواضح أن كامل كيلانى كان يهدف من هذه القصص إلى توصيل رسالة أخلاقية                مثل أهمية الطاعة والتعاون ومساعدة الصغير أو الغير ، وإن كنا نتوقف كثيرًا أمام فكرة                       " الانتقام " التى لابد من إبعادها عن أدب الأطفال ، لتحل محلها فكرة " العقاب " التى بموجبها يتناسب الجزاء مع الخطأ أو الجرم .
** وقــد واصــل المؤلفون من الأجيال الحديثة كتابة قصص الحيوان والطيور ، وأيضًا قصص عن النباتات والجمادات ، لكن الأهداف تغيرت كثيرًا .
– ففى قصة " مرمر وبابا البجعة " ، تشارك مرمـر الصغيـرة فى العنايـة ببجعـة فـى إحدى حدائق حيوان الأطفال ، وكانت هذه البجعة قد فقدت النصف الأمامى من الجزء العلوى من منقارها ، فأصبح من المتعذر عليها الإمساك بأية سمكة ، وأصبحت عاجزة عن الصيد وعن إطعام نفسها . وبهذا أصبحت قصة الحيوان تقدم قدوة حول دور الأطفال فى التعاون مع    المعاق . [ 19 ]
– ويقدم محمد المنسى قنديل قصته " أغنية البرعم الصغير " ، الذى يتطلع إلى المستقبل فى أمل عندما يصبح زهرة جميلة – لكنه لا يسمع ممن حوله – الورقة الخضراء والغصن والعصفور – إلا ما ينتظره من مصاعب ستقضى على أحلامه . لكن عندما جاءت قطرات الندى لم يجدها باردة مثلجة بل أعطته ما ملأه بالحيوية والنشاط ، وعندما أشرقت الشمس لم يجدها حارقة بل دافئة تساعده على النمو حتى أصبح زهرة ، وعندما اقترب منه             طفل صغير لم يقتل الزهرة أو يقطفها ، بل وقف يشم رائحتها ويستمتع بجمالها . إنها         حكاية خيالية حديثة ، تقودنا إلى قيم رفيعة ، مثل الثقة والأمل فى المستقبل ضد خطر               خيبة الأمل . [ 20 ] [ ب ]
– وفى قصة حافظ ذياب " توبة الغراب " ، يقدم المؤلف نظرة نقدية جديدة للتراث ، فعندما أراد الثعلب أن يخدع الغراب ليستولى منه على قطعة الجبن ، يقول له الغراب : " هذه خطة قديمة لم تعد تنجح مع غربان القرن الجديد .... لقد استفدنا من خطأ جدنا الذى خدعه      جدك " . إنها دعوة لأن يعيد القارئ النظر فى بعض المقولات القديمة ، ويتعلم النظرة الناقدة التى هى من أهم عناصر التفكير العلمى . [ 21 ]  
* كذلك يستخدم أدب الأطفال المعاصر قصص الحيوان ، فى تناول عدد من الموضوعات والقضايا التى أصبحت مثار اهتمام العالم حاليًّا ، مثل قضية " قبول الآخر "      و " السلام الاجتماعى " . ومن أمثلة القصص التى تتناول هذه القضية من خلال أبطال                   من الحيوانات ، ولتقريب الفكرة إلى الأطفال ، قصة " الشمبانزى يضحك " .. تقول              القصة :
فى حديقةِ الحيواناتِ ، وقفَ الدبُّ الأبيضُ تحتَ رشَاشِ الماءِ المتساقطِ فوقــَـهُ من سقفِ القفصِ الواسعِ . وشاهدَ فى القفصِ المجاورِ له دبًّا ضخمًا أسمرَ اللونِ ، فصاحَ به : " ما الذى غيَّرَ لونـكَ إلى هذا اللونِ الداكنِ ؟ "
أجابَ الدبُّ الأسمرُ : " بل هو لونى الذى أحبُّهُ ، ولولاه لما استطعْتُ أن أعيشَ " .
قالَ الدبُّ الأبيضُ : " بل اللونُ الأبيضُ هو الذى يحمى الدبَّ فيعيشُ ... إن لونى الأبيضَ
يُخفينى بينَ الثلوجِ فلا يرانى الصيَّادونَ .. كما يُخفينى عن الصيدِ الذى أصطادُهُ فأستطيعُ أن أجدَ طعامى " .
وفــى تكاسُــلٍ جلسَ الــدبُّ الأسمرُ وهو يقول : " أمــا أنــا فأعيشُ فــى الغاباتِ ، واللونُ الأسمرُ يُخفينى بين ظلالِ الأشجار فلا يرانى الصيادون ، وأستطيعُ به أن أتخفــَّـى فأصيدَ                 ما أشاءُ " .
ابتعدَ الدبُّ الأبيضُ وهو يقولُ : " هذا غريبٌ .. فأنا مُؤمِنُ أنه بغيرِ اللونِ الأبيضِ                لا يُمكِنُ للدبِّ أن يعيشَ ! "
وفى إصرارٍ قالَ الدبُّ الأسمرُ : " بل أنا واثقٌ أنه بغيرِ اللونِ الأسمرِ ، لا يُمكِنُ للدبِّ أن يعيشَ ! "
سمعَ الشمبانزى هذا الحوارَ الغريبَ ، فضحكَ فى أسفٍ وهو يقولُ لزوجتِهِ : " أجسامٌ ضخمةٌ ، وعقولٌ ضعيفةٌ ، فكلُّ واحدٍ منهما لا يُريدُ أن يتصوَّرَ نفسَهُ فى بيئةِ الآخرِ ، فتــَـجمَّدَ خيالُهُ وتــَـعطَّلَ تفكيرُهُ " . [ 22 ]
*          *          *
* وفيما يتعلق بإعطاء النباتات أدوارًا رئيسية فى قصص الأطفال ، نستمـع فـى روايــة " مغامرة زهرة مع الشجرة " ، إلى شجرة الكافور العجوز ، تحدث جارتها شجرة الظل         الشابة ، فتقول عندما بدأ المنشار يقطع جذعها : " جعلَنى الفزعُ أتوقَّفُ عن امتصاصِ           عصارتى ، وسرَى الألمُ حتى وصلَ إلى أطرافِ أغصانى ، وبدأَتْ أوراقى ترتعشُ " . وعندما أحاط بها الأطفال لحمايتها من القطع ، وجعلوا حاجزًا بينها وبين صاحب المنشار ، تقول :               " عندئذٍ توقَّفَ ارتعاشُ أوراقى ، وعدْتُ إلى امتصاصِ عُصارتى ، وأنا غَيْرُ مُصدِّقَةٍ نفسى ! "
    ثم تضيف : كانَ هناك عددٌ كبيٌر من الصبيانِ والبناتِ من تلاميذِ المدرسةِ قد أحاطوا بجذعى شديدِ الضخامةِ ، وقد أمسكَ كلُّ واحدٍ منهم بكفِّ الآخرِ ، فأصبحوا حلقةً متماسكةً حولى" ... " لقد أحسسْتُ بهم يحتضنونَنى " ... ، " ولأولِ مرَّةٍ فى حياتى الطويلةِ أحِسُّ بما كنْتُ أسمعُ الناسَ يتحدثونَ كثيرًا عنه : أحسسْتُ بالحبِّ ، فقد كانَتْ حرارةُ أجسامِ الأطفالِ تتسلَّلُ من صدورِهم وأذرعِهم إلى  جذعى ، فأشعرُ أننى أصبحْتُ جزءًا منهم " . [ 23 ]
* ويلاحظ فى قصص الأطفال التى يقوم ببطولتها حيوانات أو طيور أو نباتات أو حتى جمادات ، أنها لا توظف هذه العناصر لتقدم عنها معلومات علمية ، بل إن الكاتب يؤنسن هذه المخلوقات والكائنات ، ليقدم من خلالها معادلاً إنسانيًّا ، يتناول مختلف قضايا البشر بحس إنسانى ، وعلى وجه خاص مناسب لصغار الأطفال ، المعروف قدرتهم على التفاعل وإنشاء الصداقات وإجراء الحوار مع الجمادات مثل الدمى بمختلف أنواعها .
** تطور رسم شخصية الطفل وصورته فى أدب الأطفال العربى : 
منذ ثمانينيات القرن العشرين ، شهدت مصر اهتمامًا غير مسبوق بأدب وثقافة الأطفال ، صاحبته إرادة سياسية قوية لرعاية هذه القضية ، فانتشرت مكتبات الأطفال فى مختلف أرجاء البلاد ، وأصبح الكتاب قريبًا من كل طفل ، وعلى وجه خاص عن طريق مكتبات المدارس – وبالتالى انتعش النشر فى مجال كتب الأطفال ، وشهد طفرة هائلة لم يسبق أن حدث لها مثيل .
كذلك أثار مشروع " القراءة للجميع " اهتمام الإعلام بتوعية الأسرة ، على نحو  متواصل ، بأهمية كتاب الطفل فى حياة الصغار .
 وساعد مشروع " مكتبة الأسرة " على إصدار عدد كبير من كتب الأطفال المتميزة فى
موضوعاتها ورسومها وإخراجها ، مع انخفاض ثمنها الذى جعلها فى متناول كل فئات              المجتمـع ، فأصبـح الحديـث حول " القراءة للحياة " و " اقرأ لطفلك " و " اقرأ مع طفلك " ،
حديثـًا يوميًّا فى الصحافة والإذاعة والتليفزيون .
كما أن مسابقة المجلس المصــرى لكتــب الأطفــال ، للكتابــة فى مختلــف مجالات أدب
الأطفال من قصة ورواية ومسرحية وكتب معلومات ، قد ساعدت فى اكتشاف عشرات المواهب فى مجال الكتابة والرسم للأطفال .
وقفز عدد الكتب الصادرة للأطفال إلى أضعاف ما كان عليه الحال قبل عام 1980 . ففى دراسة قامت بها المنظمة العالمية للطفولة – اليونسيف ، عام 1979 ، أشرف عليها الدكتور محمود الشنيطى وآخرون ، بعنوان " كتب الأطفال فى مصر 1928 – 1978 ، دراسة استطلاعية " ، اتضح أن مجموع الكتب الصادرة فى هذه الفترة ، أى فى خمسين عامًا ،                 بلغ ( 1831 ) كتاب ، بمتوسط ( 37 ) كتابًا كل عام [ 24 ] – بينما فى فترة التسعينيات أصبح متوسط ما يصدر فى مصر من كتب للأطفال يتراوح ما بين ( 700 ) وألف كتاب .
* لذلك يمكننا أن نقارن بين رسم الشخصيات فيما صدر من كتب للأطفال قبل                 عام 1980 ونطلق على هذه الفترة " كتب الرواد " ، والكتب الصادرة بعد 1980 ونطلق عليها " الكتب الحديثة للأطفال" ، أما الكتب الصادرة منذ سنوات قليلة قبل 2015 فسنطلق عليها " الكتب المعاصرة " . 
** أولاً : من عدم فهم سليم للأطفال إلى الفهم السليم لهم :
كانت التربية التقليدية تنظر إلى الأطفال وكأنهم بالغون صغار ، تتطلب منهم نفس نوع السلوك الذى يلتزم به البالغون ، وتعتبر كل خروج عن المعايير المقبولة لسلوك الكبار نوعًا من الخطأ أو الفساد الأخلاقى ، يحتاج أن يقابله المربى بعقاب الطفل أو زجره أو تقويمه .
وقد انعكست هـذه الرؤيـة على بعـض كتابـات كبـار الـرواد الأوائـل ، فمثـلاً ، فـى قصـة
" غفلة بهلول " ، [ 25 ] نرى المؤلف يبالغ فى تأكيد الخطأ ، فيصوّر سلوك الأطفال المُعتاد على أنه عصيان مُتعمّد . فالقصة تدور حول صبى صغير تعوّد أن يسير فى الطريق وعيناه ناظرتان إلى أعلى يتأمل الطيور ، كنوع من حب الاستطلاع . يقول المؤلف : " وقد حذره أبواه من هذه العادة السيئة ... فلم يقبل نصح أبويه ... وأصرّ على ما كان عليه .. " وهذا التأكيد على المُخالفة العمديّة لنصائح الأبوين أمر غير واقعى ، فالأطفـال لا يرفضـون نصائح الأبوين ولا يصرّون على ارتكاب الأخطاء ، بل هم يسلكون السلوك الخاطئ من غير أن يتدبّروا هذا السلوك ، وبغير قصد الإصرار على الخطأ . مع ملاحظة أن الدافع لهذا السلوك ، وهو حب الاستطلاع ، أمر كان يجب تشجيعه وترشيده .
كما أنه ، من الناحية التربوية ، يحسن ألا يؤكّد من يكتبون للأطفال على نماذج السلوك التى يتعمّد فيها الأطفال مُخالفة الوالدين – إن وجدت – حتى لا يتمثل الطفل القارئ بها .
كذلك فإنه نتيجة لسير بهلول من غير انتباه ، نجده فى نهاية القصة يسقط فى ماء البحر ، ويعتبر المؤلف أن هذا " غفلة " و " بله " ، ويفسّرْه بأنه " ضعف عقل " . ومن المُبالغة الشديدة أن نجعل من حب الاستطلاع ، ومن أخطاء الصغار غير المقصودة ، دليلاً على البله وضعف العقل ، فإن هذا يُثير اليأس فى نفوس الأطفال من قدرتهم على التغلّب على أخطائهم التى توقعهم فيها قلّة خِبرتهم .               
* وفى قصة " علاء الدين " لكامل كيلانى [ 26 ] ، نرى المؤلف يقول إن علاء الدين
كان : " من الأولاد الذين ألفوا البطالة واللعب ، حتى ساء خــُـلقه ، وصار أسوأ مثال للأطفال " .
ثم يقول : " وحاول أبوه أن يُعلّمه صناعة تنفعه إذا كبر ، فلم يقبل له نصحًا ، وضاعت جهود أبيه بلا فائدة ، فاضطر أبوه إلى مُعاقبته وزجره ، واتخذ معه وسائل العُنف بعد أن أخفقت فى إصلاحه وسائل اللين ، ولكن علاء الدين لم يُبالِ بعقاب أبيه ، ولم يُؤثـــر فيه زجره وشدّته ، حتى يئس أبوه من إصلاحه " .
إن هذه الصورة التى تبدأ بها القصة – التى تدين اللعب ، وتؤكّد أسلوب العقاب والعُنف فى التربية ، وهو أسلوب تدينه أساليب التربية الحديثة – تعطينا أسوأ مثال لسلوك طفل ،                 ولا يُمكِن أن تــُـهيئ صاحبها للفوز بحظ عظيم فى الحياة ، لكن هذه الشخصية هى التى تفتـّـحت لها أبواب الثراء على اتساعها ، وصاحبها هو الذى تزوّج فى النهاية ابنة الإمبراطور !! كما أن اللعب حق أساسى من حقوق الطفل ، وليس جريمة ولا سوء خلق تستأهل العقاب .
إنها صورة قد تـُـشجّع الصغار على عدم الاكتراث بالعلم أو السلوك السليم ، مادام الحظ لا علاقة له بقيمة العلم أو جمال السلوك .
وقد أحسّ كامل كيلانى بهذا الأثر السلبى على نفوس القـُـرّاء ، فانتهز فرصة ليقول :    " وكان علاء الدين حينئذٍ قد كره مُصاحبة الأشرار ، وشعر بواجبه نحو أمّــه ونفســه ، فعاشــر أخيــار الرجــال وسراة الناس ، وأفاد من آرائهـم وخبرتهـم " – لكنــه لم يقل ذلك إلا بعد أن كان علاء الدين قد حصل فعلاً على المِصباح السحرى ، واستفاد بما قدّمه له جنى المصباح من ذهب وثروة .
* وفى قصة " عمرون شاه " لمحمد فريد أبو حديد [ 27 ] جعل المؤلف الجدة ، فى بداية القصة، تصيح ببطل القصة " عمرون شاه " قصير القامة : " اذهب من وجهى أيها الولد الذى لا يصلح لشىء ... فما أنت إلا " عقلة أصبع " كما يسمونك ، ولا فائدة منك " ، وهذه صفات تصيب الأطفال – والمعاقين على وجه خاص - بالإحباط وتعطل نموهم نحو النضج الاجتماعى والنفسى . وعلى مدى صفحات الرواية ( 160 صفحة ) ، يجعل المؤلف من تصرفات عمرون سببًا لسخرية كل من يقابله ، ينادونه باسم " عقلة الأصبع " ، فيفقد سيطرته على نفسه وينفجر غاضبًا : " لست عقلة الأصبع ... اسمى عمرون " ، فيضحكون منه ساخرين، لأن طوله كما تقول الرواية " لا يزيد على شبرين " .
وعلى هذه الصورة تقدم الرواية بطلها شخصًا أحمق ، لا يستفيد من حجمه الصغير ، يقوده غضبه إلى مواقف فيها هلاكه ، ولا يتعلم أبدًا أن الغضب والحمق يسببان له الأذى .
لقد اعتمد المؤلف فى استحضار عنصر الفكاهة طوال الرواية ، على السخرية من هذا " الشذوذ الجسدى " أو " الإعاقة " التى ولد بها عمرون شاه – ولم يطف بذهن المؤلف أن مثل هذه السخريات ، التى تكررت عشرات المرات على مدار الرواية ، ستشكل موقف القراء الصغار فى مواجهة من يقابلونهم فى حياتهم من أصحاب الإعاقات .
* كذلك نجد فى كتابات جيل الرواد الأوائل ، إدانة لحب الاستطلاع ، بدلاً من التشجيع على السؤال والبحث عن المعرفة . وقد سبق أن أشرنا إلى ذلك عند الحديث عن قصة " غفلة بهلول " – وأيضًا فى قصة " خسرو شاه " للكيلانى [ 28 ] ، نجد المؤلف يصف " حُب الاستطلاع " عند وصف شخصية بطل قصّته بأنه " خطيئة أوحى بها الشيطان " . وهذا الموقف الذى يقفه كاتب القصة من حُب الاستطلاع ، لابد أن يؤدى إلى إحباط رغبة الأطفال الطبيعيّة فى البحث والاستقصاء ، ويجعلهم قانعين بما هو مُتاح لهم ، مُبتعدين عن كل                 ما تفرض التقاليد عليهم ألا يتدخلوا فيه .
لقد كانت التربية التقليدية تقوم على تلقين الأجيال الجديدة الخضوع لما استقرت عليه الأجيال السابقة ، وتجريم وتحريم أى خروج على هذا الاستقرار ، لذلك حفلت القصص القديمة ببيان النتائج السلبية لحُب الاستطلاع ، التى تترتب على الرغبة فى كشف المجهول الذى وُضِعَت المحاذير لتحول دون كشف حقيقته والتعرّف عليه ، وذلك لقمع رغبات الأطفال الطبيعيّة فى الاستطلاع والاكتشاف .
أما التربية الحديثة ، فتهدف ، على العكس ، إلى إثارة حوافز حُب الاستطلاع لدى الأطفال ، وتدريبهم على عدم الاكتفاء بما يعرفونه ، بل تحثهم لكـى يبحثـوا عـن تفسيـر جديـد ، أو حل أصيل ، ولو خالف المُتعارف عليه .
ومع ذلك نجد الكاتب فى قصة " خسرو شاه " ، يصف حُب الاستطلاع بأنه                   " وسوسة شيطان " ، وبهذا يُدين حُب الاستطلاع ، ويُثيـر فــزع الأطفـال منه ، رغـم أنه من أثمن ما منحته الطبيعة للأطفال .
– وهذا موقف ثابت من المؤلّف ، ففى قصة أخرى للأستاذ الكيلانى ، هى قصة              " فى بلاد العجائب " يؤدى حُب الاستطلاع - الذى يُسميه المؤلّف " الفضول " – إلى فتح صندوق تخرج منه حشرات تملأ العالم بالشر والمرض . ويعود ليؤكّد : " وكانت عاقبة الفضول أن انتشرت الحشرات الخبيثة ، فتفاقم الشر وعمّ الأذى " . 
* ونفس الموقف الذى يُحَذر فيه المؤلف الأطفال من حب الاستطلاع ، نجده عند              رائد آخر من الرواد الأوائل ، هو محمد عطية الإبراشى . فى قصة " أميرة القصر               الذهبى " . [ 29 ]
** وكافة الصور السابقة لشخصيات رسمها جيل الرواد الأوائل ، تغيرت كثيرًا مع الكتب الحديثة والمعاصرة للأطفال .
* مثلاً ، فى الكتب الحديثة للأطفال ، هناك تفهم وتقبل لأصحاب الإعاقات ، بل نجد فيها قدوة لمعاملتهم على قدم المساواة مع بقية الأطفال .
فقصة " حكاية طارق وعلاء " ( 2002 ) [ 30 ] ، تقول عنها د . ماريا ألبانو أستاذ الأدب العربى بالجامعات الإيطالية : إحساس الكاتب يُركّز خصّيصًا على الأطفال " ذوى الاحتياجات الخاصة " . ففى قصة " حكاية طارق وعلاء " ، يحكى الكاتب عن مُقابلة علاء مع طفل آخر ، هو طارق ، الذى يُعانى من " احتياج خاص " . ( جَمَعَهُما مشروع                      " الدمج " فى فصل مدرسى واحد ) . الشارونى لا يتكلّم أبدًا عن الإعاقة بشكل صريح ، لكنه يصف شخصية طارق الموهوب جدًّا فى الرسم . وفى النهاية سوف يقوم طارق نفسه بمُساعدة علاء وليس العكس . إن التركيز لا يكون على احتياج طارق للتواصل مع الآخرين ، لكن على كفاءة " الآخرين " فى التواصل مع طارق . وتتضمّن القصة طرقًا دقيقة للتصرّف والتفاعل مع ما يُسمَّى " الاختلاف " ، وذلك بهدف اكتشاف " المهارات " وليس " الإعاقات " للأشخاص الذين يظهرون وكأنهم " غير طبيعيين " .
* ومن أجمل القصص المعاصرة التى تقدم شخصية الطفل المختلف ، قصة " الأقدام الطائرة " لفرج الظفيرى ( 2015 ) [ 31 ] . بطل القصة صبى مختلف عن الآخرين –                 يعانى من تقوس شديد فى ساقيه جعله يمشى على جوانب قدميه على نحو مختلف عن              الآخرين ، لكنه كان واثقًا من نفسه ، يمازح الجميع ، ولا يشعر بالحرج بسبب قدميه ، أصدقاؤه يتقبلونه بحب ويقولون : " لم نسخر منه ، بل كان يدهشنا ببعض أعماله التى لا نستطيع القيام  بها " ، فقد كان موهوبًا فى القفز العالى والقفز الطويل . ومع ذلك حدث أنهم استبعدوه من اللعب مع فريق كرة القدم .. قال قائد الفريق : " أنت لا تستطيع الجرى .. لا يمكنك اللعب معنا " . قال بطل قصتنا : " يمكننى أن أكون حارس المرمى " ، ووافق الزملاء .. تقول القصة : " لم يكن يجرى كثيرًا .. يكفيه أن يخطو خطوة أو خطوتين ، ثم يطير لالتقاط الكرة ببراعة " . وأخيرًا كان الفوز لفريقه ، فقد تم التنبه إلى مهاراته وليس إلى  إعاقته .
* كذلك قصة " معاق فوق الريح " لعبد المطلب أحمد السح [ 32 ] . ففى هذه القصة نتعايش مع بطلها الذى لا يسير إلا بمساعدة " العكازة " ، لكنه يعيش مغامرة ، ما بين الفانتازيا والخيال العلمى ، يحلم فيها بالتغلب على إعاقته ، ويسافر إلى " بلاد الريح " التى توصلت إلى اختراعات وأجهزة تنطق للأبكم ، وترى لفاقد البصر ، وتعمل بدلاً من الساق المشلولة فيمشى صاحبها مثل الإنسان السليم . وفى مدارس هذه البلاد ، يجلس الجميع ، الأسوياء والمعاقون ، جنبًا إلى جنب . ولا توجد فى هذه البلاد مدارس خاصة للمعاقين ، فقد تم دمجهم بشكل كامل فى المجتمع . وقد فازت هذه القصة عام 1998 بجائزة الشارقة للإبداع الأدبى ، لتؤكد تغير نظرة المجتمع إلى المعاقين .
* كذلك قصة " مى تضحك " لمحمد عبد الحافظ ناصف [ 33 ] .. نقابل فى هذه القصة تلميذة صغيرة تتغلب على مشاعرها تجاه إعاقتها ، فقد كانت لها يد بغير أصابع تخجل منها وتخفيها . لكن فى غرفة الصف الدراسى ، جعلها المدرس ، أمام بقية تلاميذ الفصل ، ترى قدمه المصابة من آثار حرب أكتوبر 1973 ، فأزال هذا خجلها ، وحدث لها تحول كبير فى شخصيتها وسلوكها .
* وأيضًا قصة " الولد الغامض " ، للدكتورة حنان نصار [ 34 ] ، التى تدور حول اختلاف طفل عن الآخرين ، فهناك تلميذ صغير يضع " كاب " على رأسه ، ونظارة سوداء على عينيه ، ويتجنب الاختلاط ببقية التلاميذ . ثم نكتشف أنه يخجل لوجود " ندبة " كبيرة بنية اللون فى جبهته بجانب عينه ، يتصور أنها ستجعل الآخرين يسخرون منه ويشعرون أنه مختلف . ولهذا الطفل ثلاثة زملاء : واحد له أصبع زائد فى يده ، والثانى أذناه كبيرتا الحجم جدًّا ، والثالث أحول العينين ويضع نظارة ، وأقنعوا بطل القصة أنهم لا يخجلون مما فيهم من اختلافات عن الآخرين ، ويشجع هذا البطل على خلع الكاب والنظــارة ، والاشتــراك فى مبـاراة
لكرة القدم بغير خجل .
* ثم هناك قصة " سر الاختفاء العجيب " ، التى فاز عنها مؤلفها عام 1981 ، منذ  35 سنة ، " بجائزة أحسن كاتب للأطفال " فى مصر [ 35 ] ، وفيها نتعايش مع طفل مصاب بعرج فى ساقه بسبب إصابته بشلل الأطفال ، لكنه استطاع أن يحقق ما لم يستطع رفاقه من الأصحاء أن يحققوه ، عندما أنقذ صديقـًا له سقط فى بئر مقبرة فرعونية مجهولة ، بين التلال القريبة من قريتهم فى (الصعيد) جنوب مصر .
** كذلك نجد فى القصص الحديثة للأطفال ، فهمًا سليمًا لنفسيـة الأطفــال ،
وتعبيرًا عن أعمق مشاعرهم وأحاسيسهم .
* فقصة " قليل من الراحة فوق السلالم .. يوميات صبى بقال " ، التى تدور                 حول عمالة الأطفال ، تقول عنها الناقدة د . ماريا ألبانو أستاذ الأدب العربى بالجامعات                   الإيطالية [ 36 ] : تنتمى للنوع الاجتماعى قصة الشارونى " قليل من الراحة فوق السلالم " ، حيث يتكلم الكاتب برفق كبير عن عذاب عمل الأطفال ، فيصف يوم طفل مُجبر على ترك المدرسة ليعمل صبيًّا فى متجر بقالة . ويصف عالم الكبار بواقعية قاسية وذلك لأنه يراه بعين الطفل : " أبواب كثيرة تــُـغلَق فى وجهى ، ثم يفتحها الناس مرة أخرى لدفع الحساب " .. تلك الأبواب ، أحيانــًـا ، تبقى موارَبَة ، ويلمح الصغير من خلال فتحة الباب عالمًا مُختلفــًـا أكثر ثراءً.. إنها فتحة يلمح من خلالها صفوفــًـا من الكُتب تــُـغطى الجُدران . وتذبح استجوابات الكبار يوم الطفل ، وهى استجوابات قاسية لاذعة ، تحتقر الجهد الضخم الذى يجب عليه أن يتحمّله ، والذى لا يُمكن تخفيفه ولا حتى بالجلوس على إحدى درجات السلالم الكثيرة التى يصعدها : " ماذا تفعل فى الطابق الثالث ؟ " – " من أنت ؟ ماذا تفعل هنا ؟ " – " لماذا تجلس على سلالم الطابق الرابع ؟ " – " هل أضعت النقود اليوم أيضــًـا ؟ " – وهو يحاول الإجابة على الجميع ، مُتحمّلاً ألم ساقيه والإهانات . لكنه فى النهاية لم يعد يتحمّل ، ويتساءل هو أيضــًـا ، وهو التساؤل الوحيد له والذى يُعبّر عن أمله المفقود ، عن رغبته التى لا تخمد أبدًا :    " هل أستطيع أن أطلب كتابًا من تلك العائلة التى تعيش فى شقــّـة تبدو كأنــّـها مكتبة ؟ " .
* وفى قصة " العين " ، لعفاف طبالة [ 37 ] ، نعيش داخل نفسية طفل ، عندما نقابل بطل القصة ، وهو صبى فى مدرسة ابتدائية ، تطارده " عين " فى كل مكان يذهب إليه وهو عائد ذات يوم من مدرسته إلى البيت . ثم نكتشف أن هذه العين هى ضميره الذى يعذبه لأنه أخذ بدون إذن لعبة من صديقه . والقصة تقدم للقارئ المشاعر الداخلية لصبى صغير ، عن طريق العين التى تطارده ، بغير أن تذكر أية نصائح أو تأنيب ، لكنها نجحت فى تجسيم الشعور بالذنب الذى يورثه الخطأ الذى يرتكبه الإنسان. إن العالم الداخلى لشخصية البطل الصغير هو الذى يسيطر على القصة ، ويرتفع بها مع رهافة الحس الإنسانى ، ليعيش القارئ كأنه هو الذى ارتكب الخطأ .
* وفى قصة " غدًا العيد " لعاطف عبد الفتاح [ 38 ] ، نتعايش مع عذاب طفـل صغيــر
لا يُقَدِّر الكبار مشاعره ، فقد حرموه من الخروج إلى نزهة مع أخويه بصحبة عمه ، بحجة أنه صغير وسيكون عبئًا على العم ، بعد أن كان قد هيأ نفسه طويلاً لهذه الرحلة . 
* كذلك فإن قصة " البكاء فى حارة ضيقة " لنادر أبو الفتوح [ 39 ] ، تدور حول صبى صغير يسكن فى حارة ضيقة بحى شعبى ، يرفض الزملاء أن يلعب معهم لأنه صغير السن ، فيبكى . ثم يكتشف أن البكاء لن يُكسبه شيئًا . إنها قصة تكشف ما يدور داخل نفسية طفل يريد أن تتم معاملته مثل الكبار .
** ثانيًا : من الشخصيات الخيالية إلى الشخصيات الواقعية :
فمن التطورات البارزة فى الشخصيات التى تقوم بأدوار رئيسية فى قصص وروايات الأطفال العربية ، أننا نجد كتب الرواد الأوائل تحفل بالشخصيات الخيالية الخارقة ، التى قدموها لأجيالنا الجديدة بنفس صورتها التى وردت بها فى التـراث .
وقد تغير هذا تمامًا فى شخصيات الكتابات الحديثة والمعاصرة للأطفال .
* فكامل كيلانى ، أهم الرواد الأوائل فى أدب الأطفال العربى ، يقول : " ليس أروع من الأسطورة يتمثل بها الإنسان .. إنها توضح من دقائق المعانى ما لا يبلغه بأضعاف سطورها من البيان والشرح " . ويقول : " إننى شديد الولع بقراءة الأساطير ، وإننى أحس لأكثرها روعة عجيبة كلما طبقتها على الحياة ، فوجدت الصلة الفنية بين تلك الأساطير والحياة وثيقة            محكمة ، وكثيرًا ما تتمثل لى فى الخيال حقيقة راهنة ، فلا يدهش القارئ إذا أكثرت من الاستشهاد بالأساطير ، فإن لى بها ولعًا شديدًا وشغفـًا لا يوصف " [ 40 ] .
* وفى دراسة سابقة لنا عنوانها " البيئة الشعبية ومصر المعاصرة والمكان فى قصص كامل كيلانى للأطفال " [ 41 ] ، ذكرنا أننا حاولنا رصد البيئات والأماكن التى تدور فيها أحداث قصص كامل كيلانى للأطفال ، فأثار دهشتنا أننا لم نجد من بينها واحدة قد تأثرت بالبيئة الشعبية التى قضى فيها طفولته ، ولا بمصر المعاصرة أو بأحداثها ، على الرغم من أنه حكى عنها الكثير للكبار – واكتشفنا أن من أهم أسباب هذه الظاهرة ، ما قرره الكيلانى صراحة من ارتباطه القوى بالأساطير منذ طفولته ، فقد كان لارتباطه القوى فى طفولته المبكرة بالأساطير شرقية وغربية والحكايات والسير الشعبية ، أثره القوى فى ثقة كامل كيلانى أن أفضل ما يقدمه للأطفال هو الأساطير والحكايات وما تحفل به من شخصيات خيالية ، البعيدة عن الواقع           اليومى ، على الرغم من أنه استفاد من هذا الواقع كثيرًا فى قصصه التى كتبها للكبار .
* وفى دراسة أخرى لنا عنوانها " القيم التربوية فى قصص الأطفال المأخوذة عن ألف ليلة وليلة " [ 42 ] ، أوضحنا أنَّ مَنْ أعادوا صياغة حكايات ألف ليلة للأطفال " فى                 الغرب " ، قد تأثــّـروا بالقيم السائدة فى الزمان والمكان الذى يوجّهون إلى أطفاله                        ما يكتبون . كذلك تأثــّـرت كتاباتهم بمدى مُتابعتهم للحقائق التربوية والنفسيـة التى أخـذ عُلمـاء
التربية وعلم النفس يكتشفونها ، لتؤثــّـر فى مُختلف أساليب تربية الأطفال .
وكانــت أهـم قضيـة تواجـه من أعـادوا كتابة حكايـات ألـف ليلة للأطفـال ، هى التوفيـق
بين سحر الحكاية الشعبية ، ومُتطلّبات الأصول التربوية والنفسية عند التعامل مع الأطفال الذين يُخاطبونهم . فلا جدوى من نزع عُنصر التشويق وسحر الخيال عن القصة لتـُصبح مُوافقة للقواعد التربوية ، ذلك أن الأطفال فى هذه الحالة لن يُقبــِـلوا على قراءة القصة ولا الاستماع  إليها أو الاستمتاع بها . كما أنه ، فى مُقابل هذا ، يكون مضرًّا بالأطفال أن يهتم الكاتب بعناصر التشويق والجذب على حساب القيم التربوية ، فيقرأ الأطفال القصة أو يستمعون إليها فى شغف، لكنها تترك فى النهاية أثرها السلبى على نفوس وعقول الأطفال .
* وتقول الدكتورة ماريا ألبانو فى دراستها عن الحكايات الخيالية الشعبية ، فى مقدمة كتابها " القصة المصرية الحديثة للأطفال " [ 43 ] ، إن الحكايات الخيالية الشعبية                " الأوربية " ، كما يكتب " ماكس لوثى " Max Luthi ، تقدم شخصيات أحادية البعد ،            يتم رسم خصائصها بوضوح ، لأنها تكون إما طيبة أو شريرة ولا تتصف أبدًا بالخاصيتين .              أما أبطال الحكايات الشعبية الخيالية عند كيلانى ، فعادة ما تجمع بين الخير والشر فى الشخصية نفسها ، بوصفها مظاهر متناقضة لكنها تنتمى إلى نفس الشخصية . فشخصيات                " الجان " التى يستخدمها الكاتب تحتل مرتبة متوسطة بين الملائكة والشياطين .
– ويرى كاتب الدراسة الحالية ، أن هذا الجمع بين الشر والخير فى نفـس الشخصيـة ،
يصيب القارئ الصغير بالارتباك ، ويجعل من العسير عليه فهم دوافع تلك الشخصيات ، وبالتالى تختلط عليه معايير الخطأ والصواب ، والمقبول والمرفوض من التصرفات .
إن هذا العرض للجوانب المُتناقضة فى الشخصية الواحدة ، أمر نطلبه فى الأعمال الأدبية المُقدّمة للراشدين ، لكنه يُثير حيرة الصغار وهم فى مرحلة الرغبة فى التمييز بين الخير والشر ، وتنمية الملكة النقدية التى يستطيعون عن طريقها الحُكم على الآخرين ، وعلى ما يُصدر عنهم من تصرّفات .
– وتضيف د . ألبانو أن كيلانى : " اقتصر على تغيير اللغة والأسلوب فقط ، ولكن ليس المنظومة الروائية للخرافات " . 
– ونضيف أنه من أمثلة التناقض فى رسم الشخصيات الخيالية ، أننا نجد بعض الشخصيات التى قدّمها الكيلانى لتمثل جانب الشر ، تتعارض تصرفاتها مع ما تتصف              به الشخصيات الشريرة . ففى قصة " خسرو شاه " ، تقول بطلة القصة لخسرو شاه ،                   إنها لا تريد أن تغدر بالجنى الذى خطفها ، لأنه ، على حد قولها : " لم يسئ إلىّ قط " ، فهذا الدفاع الذى ساقته الفتاة عن الجنى لا يتسق مع سلوك جنى تقدمه القصة على أنه مثال للشر والأذى . [ 44 ]
– كذلك فى قصة " على بابا " للكيلانى ، يضعنا الكاتب أمام تناقض غير مفهوم                فى الشخصيات . فشيخ اللصوص رجل تتجسّد فيه كل معانى القسوة والشر ، قـَتـَلَ لصّين               من رجاله لا لشىء إلا لأنهما لم يتعرّفا جيّدًا على بيت على بابا . كما أنه قاد عصابته                    ليقضى على على بابا وأسرته . ومع ذلك ، فالكاتب يصوّره بعدئذ بمظهر الإنسان الوفى                الذى يُحرّكه الوفاء والإخلاص للأصدقاء : " أما شيخ اللصوص ، فكان يدخل الكهف فى كل              يوم ويُنادى أصحابه فلا يُجيبه أحد ، فيبكى عليهـم ويلطـم وجهـه . ومــرّت به عدة أشهــر وهــو
كالمجنون من شدّة الحُزن " !! [ 45 ]   
إن مثل هذه الصور من التناقض فى سلوك الشخصيات التى تمثل الشر ، لابد أن تحيّر القارئ الصغير وتربكه ، فيختلط عليه معيار التمييز بين الطيّب والخبيث .
** ولم يكن كامل كيلانى وحده من جيل الرواد الأوائل الذى اهتم باختيار شخصيات خيالية أبطالاً لقصصه من ألف ليلة والحكايات الشعبية ، من غير أن يحاول إعادة صياغة سلوك شخصياته وأهدافها لتتوافق مع متطلبات العصر ، ومع الأسس التربوية والسلوكية الحديثة ، بل اشترك معه فى هذا عدد كبير من الرواد الأوائل ممن كتبوا للأطفال .
* نجد مثلاً فى قصة " الأنف العجيب " لمحمد عطية الإبراشى [ 46 ] [ ج ] ، البطلة فيها أميرة ساحرة ، عُرِفـَت بالمكر والخبث ، طماعة لصة سارقة .
* وقصة " عقلة الأصبع " لعادل الغضبان [ 47 ] ، نجد فيها الأب والأم يحاولان التخلص من أبنائهما الستة ، ويدور الصراع فيها بين الأطفال " وغول يأكل الأطفال " ..                 يقول لمدبرة منزله : " سأذبحهم ، وإن عليك أن تطبخيهم .. وقبض على عنق أكبر              الأطفال .. ورفع السكين بيمناه ... " ، إلى أن يقول : " ذبْحُ ستة أطفال وسلخ جلدهم سيتطلب منكِ أن تقضى الليل كله فى هذا العمل ... ونتعشى بهم أنا وأصحابى " ... ثم تنتهى القصة بأن الغول " ذبح بناته السبع " .
* وفى قصة " الرفيق المجهول " لعبد الله الكبير [ 48 ] ، نجـد بطلة القصــة ، أميــرة
ابنة ملك فى سن الزواج ، ساحرة ماكرة شريرة ، قاسية دموية .. يقول نص القصة : " وبهذه الحيلة قتلت مئات من الشباب " .
ومعظم بقية شخصيات القصة قساة أشـرار يستعذبـون مشاهـد القتـل وسفـك الدمـاء – تقــول القصة : " فَصَلَ بالسيف رأسه عن جسده ، ورمى جثته أمام القصر .. وغسل الرأس .. ولفه فى منديل " .  
* كذلك فى قصة " جبل العجائب " بقلم د . نظمى لوقا [ 49 ] ، نقابل أختين شريرتين تقول عنهما القصة : " لم يعد فى قلبيهما إلا الحسد والحقد على أختهما الصغرى التى صارت ملكة " ، وهذا هو كل ما يشغلهما . ولا تجد إحداهما ، فى نهاية القصة ، هربًا من الندم إلا أنها : " أغرقت نفسها فى البئر " ، وبذلك تقدم القصة الانتحار كوسيلة للندم ، بغير أية إدانة لهذه الجريمة التى يستنكرها الدين والمجتمع والتربية .
** أما الكتب الحديثة والمعاصرة للأطفال ، فهى إما اختارت شخصيات أبطالها من الواقع المعاصر ، لتدور حول قضاياه ومشكلاته ، أحلامه وتطلعاته ،               وما يقابله من تحديات وكيف يواجهها .
أو استخدمت شخصيات خيالية من التراث ، لكن بعد إعادة تشكيلهــا ، لكى لا يتعـارض
إبداعهم مع الأسس التربوية السليمة ، ولتقديم رؤى حديثة معاصرة ومستقبلية .
* وفى هذا يقول " برو جودوين " فى كتابه " كتب الأطفال .. دراستها            وفهمها " [ 50 ] :
    " فى أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات ، كان " الخيال " هو العامل المشترك لرواية القصص  ... إن استخدام عالم الخيال يُمَكِّن الكاتب من التعليق على الحالة الراهنة لحضارة الدول . فمن خلال هؤلاء الكُـتـَّـاب يمكن الكشف عن القدرة على التعامل مع المشكلات التى يواجهها الأطفال كجزء من عمليـة النمـو ، كالخوف مـن الانفصال أو الضياع أو الموت   أو الغضب أو الممارسات الجنسية .
    ويضيف : على الرغم من أن عنصر الخيال يعد أحد جوانب أدب الأطفـال الـذى ظـل سائـدًا خـلال السبعينيات والثمانينيات ، إلا أن " الواقعية الاجتماعية " كانت هى الموضوع المهيمن على الكتابة فى ذلك الوقت ، وكان بعض الكُتـَّـاب يتناولون فى قصصهم قضايا شخصية وأخرى عامة تتضمن الشئون الجنسية والعرقية والحرب والموت والإعاقة الجسدية والثورات الداخلية والقلق النفسى المصاحب لمرحلة المراهقة ، وذلك بشكل أكثر انفتاحًا من كُتَّاب الخيال . إن الكُتَّاب كانوا يكشفون عن قضايا هامة معاصرة قد يعتبرها البعض أنسب لقصص الكبار . إلا أن قصص الأطفال دائمًا ما كانت تعكس سمة من سمات العصر الذى كُتبت فيه ، والأطفال – شأنهم شأن الكبار – لا يقرءون بغرض التعرف على سمات مجتمعهم فحسب ، لكن ليفهوا أسلوب حياة الآخرين بشكل أفضل . إن الخيال فى أدب الأطفال يعد من بداية ظهوره وسيلة لرصد ما يطرأ من تغيرات ثقافية واجتماعية من خلال عوالم الشخصيات الخيالية من كافة الجوانب الجسدية والنفسية والثقافية ، بالإضافة إلى الاهتمامات والمعتقدات والقيم الخاصة بعصر معين .
– ثم يضيف : والآن ومع قرب نهاية العقد الأول من الألفية الجديدة (2010) ، يبدو أن كُتـَّـاب الأطفال خلال مراحل العمر المتوسطة وما بعدها ، ينصب اهتمامهم على موضوعات طموحة للغاية . وعلينا أن نـُـسلِّم بأن أدب الأطفال لم يعد مقتصرًا على المجالات المحددة الخاصة بالصغار . إن الكتب التى تصلح " للصغار والكبار " تمثل ركنـًـا هامًّا بالسوق ، وهى تشكل ما يطلق عليه البعض " تجاوز الحدود الفاصلة بين خيال الأطفال والكبار " ، نظرًا لمحتواها " الناضج " وأساليب روايتها الراقية " .
    ويتركز اهتمام هذه الكتب على رحلة الفرد " الداخلية " ، التى يخوضها نحو فهم ذاته بشكل أفضل ، وعلاقته بما يسود العالم من تعقيدات . وإذا ما نظرنا إلى قائمة المؤلفين الذين فازوا حديثـًـا بجائزة كارنيجى لأدب الأطفال ، يتبين لنا أن الاهتمام بتلك الموضوعات يعد سمة من سمات الأدب المعاصر بالنسبة لصغار البالغين والأطفال الأكبر سنـَّـا .    



      * وفى هذا تقـول د . ماريـا ألبانـو [ 51 ] :
يجب أن نذكر " نافلة ذهب " ، الكاتبة التونسية التى قامـت بإعـادة صياغـة قصص    " ألف ليلة وليلة " ، فى تجربة تتجاوز كيلانى ، الذى اقتصر على تغيير اللغة والأسلوب فقط ولكن ليس المنظومة الروائية لــ " الخرافات " .
وعلــى طريــق استعــادة الكتابــة الكلاسيكيـة من منطق حديث ، تكتب نافلة ذهب كتاب
" حدثنى ابن خلدون " ، الصادر عام 2006 . المرجع لكتابها هو فكر المفكر وعالم الاجتماع فى مقدمته ( مقدمة ابن خلدون ) . ولغة نافلة ذهب بسيطة وجذابة ، وهى تتكلم عن القيم الكبيرة للتقاليد العربية وتقوم بتحديثها ، فتصبح بهذه الطريقة قيمًا مهمة للأجيال العربية الجديدة ، الدائمة البحث عن هويتها الشخصية ، بعد التلوث الذى حدث فى الفترة الاستعمارية وشبح الاصطدام بالحضارة الغربية .
* وتضيف : أما الكاتب المغربى معوضين عبد الرحيم فى دراسته : " البحث عن بطل دائم فى القصة الموجهة للأطفال والصغار " ، فيواصل تحديث الشخصيات التاريخية                  أو الشعبية ، وهى " نزعة " خاصة بالأدب العربى الحديث للصغار . ويختم الكاتب المغربى مشاركته بتقديم كتابه " رحلة ابن بطوطة الجديدة " ، حيث يستعيد أدب الرحلات ، ويقوم     " بتحديث " رحلة ابن بطوطة ، الرحالة وعالم الجغرافيا الذى توفى فى " فاس "                      عام 1377، ويقدمه إلى جمهور الشباب .
* كما تقول : وفى الأدب الحديث المخصص للأطفال ، نجد أن مصر هى الدولة التى تحتل مركز الصدارة ، لثراء إنتاجها فى هذا المجال وعظمة وقيمة كُتـَّابها .
ويُعدُّ الكاتب المصرى يعقوب الشارونى عميدًا لكُتاب أدب الأطفال والصغار ، وقد شغل أيضًا وظيفة رئيس المركز القومى لثقافة الطفل .
إن أعمال الشارونـى – فـى جانـب منهـا – تــُـركّـز بشكـل كبيـر علـى إعـادة النظـر إلـى
التـُـراث الكلاسيكى ، وإعادة عرضه بأسلوب جديد ، مُناسب لتحفيز اهتمام الشباب .
فالكاتب يُعيد صياغة الكثير من القصص الخيالية ، ولكن ، على عكس سلفه كيلانى ، فالشارونى لا يُجدّد فقط فى الأسلوب اللغوى ، ولكن فى مُحتويات القص أيضًا ، لأن روح الزمن لم تعد هى نفسها ، لكن الرمز الذى تحتويه تلك الحكايات يكون دائمًا ذا فاعلية إذا تمّت مُطابقته للتغييرات الاجتماعية الكبيرة التى يعيشها المُجتمع العربى ، والمصرى بشكل خاص .
* ومن إحدى الحكايات الخيالية الشعبية التى يعرضها فى إعادة صياغته ، والموجودة فى مُجلّد " أجمل الحكايات الشعبية " ، قصة " الأمير الجبان " ، التى تحكى عن شجاعة أميرة لا تتردّد فى ارتداء ملابس القائد ، وتترأس جيشًا بأكمله .
ويقصد الكاتب إبراز المنزلة الجليلة المُتساوية بين الرجل والمرأة ، ليقضى على فكرة تحقير النساء التى يلصقها بالإسلام بعض المُهَـمَّـشين المُتعصّبين .
– وأيضًا الشارونى ، فى روايتــه " معــروف فــى بلاد الفلوس " ، يُقدّم إعادة صياغة للقصة الشهيرة " معروف الإسكافى " المأخوذة من " ألف ليلة وليلة " . وفى قصة الشارونى ، تم استبدال المرجعية الواقعية ، بالعناصر الخيالية والوهمية ( بالتركيز على الجانب الإبداعى فى تفكير الشخصيات ، والحلم بعالم أفضل وبالحكم الرشيد عن طريق التنمية الشاملة ) .
* وتقول : والفضــل الكبيــر للشارونــى فى إدخــال الروايــة الاجتماعيــة فـى أدب الأطفال فى العالم العربى . والهدف هو تنمية الإحساس فى ضمائر الأفراد تجاه المُشكلات الاجتماعية فى دولة مثل مصر ، تتقدّم بخــُـطًى ضخمة إلى الأمام فى هذا المجال . وتدور أحداث الكثير من قصصه فى العشش القاهرية وبين أولاد الشوارع ، أو المضطرين إلى العمل مُنذ الصغر . وفى قصص أخرى نجد الدعوة البيئية قوية . لكن إحساس الكاتب يُركّز خصّيصًا على الأطفال " ذوى الاحتياجات الخاصة " ، مثل إحدى قصصه " حكاية طارق وعلاء " .
 ( يُراجع كتاب د . ألبانو : " القصة المصرية الحديثة للأطفال " ) .
* ومن القصص والروايات الحديثة للأطفال ، التى تقدم أبطالاً معاصرين يعيشون قضايا عصرهم ومجتمعهم ، نقرأ رواية " عرس الروح " ، عن الشاعر الشهيد عبد الرحمن محمود " ، من تأليف روضة الفرخ الهدهد ، الحائزة على جائزة الدولة لأدب الأطفال    بالأردن [ 52 ] ، فهذه قصة تقدم البطولة الجماعية الضروية للانتصار على العدو ، وتـُبرز الشخصية القيادية التى تقوم بدور إيجابى . كما تدور القصة حول القدرة على المواجهة والتحدى ، وعلى التعبير عن الرأى " شعرًا " ، وعلى تحمل المسئولية . إنها قصة بطل من زماننا ، وتعرفنا كيف أن البيئة التى نشأ فيها كانت السبب فى بناء شخصيته وبطولته ، ولم نره بطلاً يظهر فجأة وبغير مقدمات لا نعرف دوافعه ولا نفهم أهدافه ، وهو ما نجده فى كثير من القصص الشعبية والخرافية . إنه يكافح بالشعر والسلاح معًا .. يعمل مُدرسًا فيساهم فى رفع وعى تلاميذه ، ويشترك فى القيادة العسكرية ، وفى تعميق الوعى الوطنى بقصائده .
هنا يقابل القارئ الصغير أبطالاً يعيشون على أرض الواقع ، يواجهون أقسى المواقف ويتحملون أكبر المسئولية ، وَيَعبِّرون عن رأيهم فى قصائد خلدتهم ، وجمعت قلوب شعبهم ليقف بصلابة فى مواجهة المعتدى على أرضه وأرض أجداده .
* كذلك نقرأ قصة " الطفل الذى أنقذ وطنًا " ، لوفاء الحسينى . [ 53 ]
* وعن البطولة الجماعية ، تتميز قصة " البلح الأحمر " ، للدكتور محجوب                 عمر [ 54 ] . والقصة تدور حول مجموعة من لصوص البحر القراصنة يحاولون غزو قرية فلسطينية ، فيقاومهم أهلها وينتصرون عليهم . ومما يثير الانتباه فى هذه القصة ، أنها                   لا تحتوى على اسم واحد لأى بطل ممن قاوموا الغزو ، وإذا تحدثت القصة عن شخصية ، يقول المؤلف : قال شاب .. وقال آخر .. إنها قصة تعمق أهمية البطولة الجماعية بدلاً من البطولة الفردية التى سادت قصص الرواد الأوائل . كما تقدم شخصيات واقعية تعيش عصرها ، وتتحدى ما تواجهه الشعوب فى عصرنا من غزو واستيطان يتخذ مختلف الأشكال .
* ومـن أهـم مَـن استمـدوا معظـم شخصيـات قصصهـم وموضوعاتهـا مـن البيئـة التـى
عاشوا فيها ، ورفضوا أن يبتعدوا عنها .. بيئة القرية والزراعة والفلاحين ، الكاتب المتميز    " فريد محمد معوض " ، الحائز على جائزة الدولة فى أدب الأطفال من مصر ، والذى اختار معظم شخصيات قصصه من الأبطال المجهولين فى قرى مصر الصغيرة ، والفقيرة فى معظم الأحيان .
– وفى قصته " كراس " [ 55 ]   ، نقابل بطل القصة ، الصبى الصغير ، التلميذ فى مدرسة ابتدائية بقرية فلاحين . إنه لا يمتلك كراسًا للإملاء بسبب قلة دخل والده . وتحلل القصة مشاعر خجل الصبى وخوفه من عقاب المدرس ، لكن المدرس يفهم أخيرًا المشكلة ، فيمنح الصبى " كراس " هدية ، بعد أن قام باختباره ، بأن أملاه درسًا كتبه الصغير على السبورة أمام كل زملاء صفه ، فتأكد تميزه وما يتمتع به من كفاءة . لقد أصبحت بطولة القصص الحديثة لشخصيات واقعية معاصرة ، من البيئة التى يعيش فيها الكاتب مهما كانت بسيطة أو تعيش على الهامش .
 * وإذا انتقلنا إلى قصة " طفل فى الطريق " لهالة الشارونى [ 56 ] . نلتقى بطفل ممن يعيشون على هامش الحياة فى المدن الكبرى مثل القاهرة ، لكنهم يعيشون بطولتهم الصامتة فى التغلب على أقسى ما يقابل الإنسان من تحديات الفقر وقلة الإمكانات ، بغير شكوى ولا أنين ، بل بأمل فى المستقبل ، وإقبال على التعليم لتغيير مسار الحياة . إنه طفل يبيع فى الطريق بضائع تافهة القيمة ، لكنه فى نفس الوقت ينجز واجباته المدرسة مستفيدًا من ضوء مصباح الطريق ، ويعمل على إنشاء الصداقات مع من يهتمون بالشراء منه ليشرحوا له ما غمض عليه من بعض المواد الدراسية . إنها قصة تقدم تحليلاً لنفسية طفل يعمل ويتعلم بغير إحساس بالدونية ، مع تقديم صورة لعلاقة إنسانية راقية بين سيدة مثقفة مُتـَفهمة وطفل يعمل ليتعلم .
* أما قصة " الأصدقاء " لإبراهيم بشمى [ 57 ]  ، فتدور حول أهمية التواصل مع الآخرين ، وبناء الجسور بين أفراد المجتمع الواحد . إنها تقدم صبيًّا فى مدرسة يرفض أن يشترك معه زملاؤه فى اللعب بلعبته أو قراءة كتبه القصصية ، ويقول " أنا حر فى تصرفاتى ، هذه الأشياء لى ، ولا أريد مشاركة الآخرين فيها .. أنا لا أهتم بأحد ولا أحتاج لأحد " ..        إنها قصة تعبر عما بدأ يسود فى العالم وفى بعض المجتمعات العربية ، من البحث عن المصلحة الخاصة وعدم اكتراث بالآخرين . لكن لا يلبث هذا الصبى أن يجد نفسه منبوذًا ، فقد خاصمه الزملاء . وأصبح وحيدًا ، وأدرك أنه لابد من التعاون مع الآخرين ، وأنه لابد أن يهتم بهم ويضعهم فى اعتباره .. إنها دعوة للتماسك المجتمعى .  
* ثم نصل إلى كاتب من أهم من كتبوا للأطفال فى العالم العربى ، هو الكاتب السورى  " زكريا تامر " [ 58 ]  . تقول عنه د . ألبانوا : " من بين كتاب أدب الصغار الذين ساهموا بشكل خاص فى تطوير هذا النوع الأدبى ، الكاتب السورى زكريا تامر ، الذى يهدف إلى تقديم العالم الواقعى المحيط بالقراء الصغار ... لهذا يتناول موضوعات ساخنة مثل القضية الفلسطينية . لكن لا يمكن الحديث عن واقعية اجتماعية ، إنما عن رمزية شاعرية تسرى على جميع الثقافات " . 
** ثالثـًا : تطور صورة الفتاة والمرأة فى أدب الأطفال العربى :
فى كتابات الرواد الأوائل لأدب الأطفال العربى ، تواجهنا ، بصراحة ووضوح ، صــورة
سلبية للمرأة الخاضعة المستسلمة ، التى لا رأى لها ، والتى يقتصر دورها على تلبية طلبات الرجل .
* ففــى قصــة " الفــأرة البيضــاء " بقلــم عادل الغضبان [ 59 ] ( صدرت 1971) ،
نجد القصة تؤكد على " الطاعة العمياء " باعتبارها فضيلة . الأب اسمه " حريص "                       ( وعلينا التنبه إلى دلالة اختيار الاسم ! ) ، والابنة ماتت أمها فتولى والدها تربيتها . تقول                 القصة منذ الصفحة الأولى : " وكان أبوها قد عوَّدها أن تطيعه طاعة عمياء ، فكانـت لا تخالـف
له أمرًا من الأوامر " .
كذلك ، كما تقول القصة ، فإن الأب : " كان كل همه أن " ينتزع " من نفسها " رذيلة                  الفضول " ، التى تصيب أكثر الناس " ، فما كانت تخرج أبدًا من حديقة المنزل المحاطة بالأسوار العالية ، ولا كانت ترى أحدًا غير والدها ... "  
– وتضيف القصة عن البطلة أنها : " قد ألفت هذا الصنف من العيش                وأحبته " ، ثم جاء فى آخر صفحة من الكتاب : " وشفيت وردة من رذيلة الفضول " .
وهكذا تؤكد القصة أن " الطاعة العمياء " المطلقة ، " فضيلة " يجب أن تتحلى بها الأنثى !!
كما تؤكد أن " الفضول " أو حب الاستطلاع والبحث عن المعرفة ، " رذيلة " يجب على المربى انتزاعها من نفوس الصغار ، وأنها تعيب أكثر الناس ، ولابد من " الشفاء "  منها .
– والأسوأ ، أن تحث القصة الطفلة القارئة على تقبل هذا الأسلوب فى التربية ، عندما تؤكد أن بطلة القصة " قد اعتادت ( ألفت ) وتقبلت " وأحبت " هذا الأسلوب الذى يعاملها به المربى – بل إن دعوة القصة صريحة للقراء والقارءات أن يلتزموا باعتبار " الطاعة بغير  مناقشة " ، والامتناع عن حب الاستطلاع " ( أو الفضول ) ، فضائل يجب التحلى بها ، وبالتالى يكون الحوار ، والمناقشة ، وإبداء الرأى ، وممارسة حق التفكير ، وحق الاختيار ، والرغبة فى الاستطلاع والمعرفة ، تكون كلها " رذائل " يجب الشفاء منها .
إنها قصة تقتل كل القيم المعاصرة فى التربية ، وتنتزع من الفتاة كل ما يدفع بها للنضج لتصبح عضوًا عاملاً فعالاً منتجًا فى المجتمع .
* كذلك عندما نعود إلى قصة " خسرو شاه " لكامل كيلانى ( صدرت أول طبعة قبل وفاته 1959 ) ، والتى سبق أن أشرنا إليها ، يستوقفنا موقف المرأة الخانعة المستسلمة ، على الرغم من الجرائم التى ارتكبها الجنى فى حقها ، والذى أصابها بأقسى ما تصاب به فتاة . ففى نفس ليلة عرسها يخطفها من قصر والدها ، ويسجنها تحت الأرض .. ومضت عليها عدة سنوات وهى محبوسة وحيدة فى ذلك المكان المغلق .. وتقول الفتاة إن ذلك الجنى " سيقتلها إذا هربت".
ثم نفاجأ بنفس هذه الفتاة المقهورة المسجونة ، التى تعانى أبشع صور الإذلال ،         والتى فقدت كل مستقبلها وسعادتها فى ليلة من أهم ليالى عمرها ، ليلة عرسها ، نفاجأ بها                تندفع مدافعة عن ذلك الجنى عندما عرض خسرو شاه أن يخلصها منه ، فتقول عنه : " إنه               لم يسئ إلىّ قط ، بل بذل كل ما فى وسعه لإسعادى وتلبية كل ما أريد !! " ، كأنما هى               تستعذب تعذيبه لها . وعلى هذا النحو الغريب والشاذ ، تدعو القصة الفتاة والمرأة إلى               القبول بكل ما يفعله بها الرجل ، وأن عليها الخضوع له وشكره ، وألا تشكو مهمـا اشتــد ظلمه
لها وقسوته عليها . [ 60 ] 
* وإذا عدنا إلى قصة " جبل العجائب " بقلم د . نظمى لوقا [ 61 ] ، ( صدرت فى نهايـة الستينيات ) ، نجد بطلة القصة فتاة تتمنى أن تتزوج الملك ، وتقول " يكفينى أن يسمح لى بالحياة بقربه ، وسألد له ولدًا شجاعًا مثله ، وبنتـًا جميلة كالقمر " . وهكذا تنقل القصة للقارئ الصغير ، أن أقصى أمنيات الفتاة أن يسمح لها رجل أن تعيش بقربه ، وأن تنجب له البنين والبنات " الجميلات " ، بغير أن تفكر فى تعليم البنت أو تنمية مختلف قدراتها .. وبغير أن تفكر عندما تصبح شريكة للملك ، فى الحِكْمة ولا فى الثقافة ولا فى المساعدة على تحقيق العدالة أو الحكم الرشيد ، وبغير اهتمام بالرعية وباحتياجات الناس .  
 ** أما فى الكتب الحديثة والمعاصرة فى مجال أدب الأطفال ، فقد تغيرت إلى حد كبير هذه الصورة السلبية للفتاة والمرأة التى قابلتنا فى كتابات الرواد الأوائل .
* يقـول الـدكتـور محـمـد سـيـد عـبـد الـتـواب ، فـى كتـابـه " صـورة الـمـرأة فـى أدب
الأطفال " . [ 62 ] وهو يتحدث عن صورة المرأة – الفتاة ، عندما تواجه مشكلات مجتمعها وتجد لها الحلول بنجاح ، فيقول : فى رواية " مغامرة زهرة مع الشجرة " للشارونى ، تلعب الفتاة زهرة الدور الأساسى فى أحداث القصة . فهى فى الثانية عشرة من عمرها ، وهى فتاة شجاعة تعرف حقوقها ، قادرة على مواجهة المواقف الصعبة وتحمل المسئولية ، لها دور قيادى رغم صغر سنها ، تتمسك بالدفاع عن قضيتها فى براءة متحدية عالم الكبار ، إلى أن تنتصر فى النهاية .
فشجرة الكافور العجوز التى تقف أمام باب " مدرسة الاجتهاد " ، مدرسة زهرة بطلة القصة ، يتربص بها قاطع الأشجار الذى قرر ذات يوم قطعها ، فيثور الأولاد والبنات بقيادة      " زهرة " ، ويتحلقوا حول الشجرة لمنع الكارثة . ويصور لنا الكاتب اعتصامًا طفوليًّا حول الشجرة ، يثمر نجاحًا فى نهايته ، وينجحون فى صد العدوان . ويؤمن الجميع بأهمية الشجرة ، ويُكثرون من زراعة الأشجار . كما يرسم الشارونى أم زهرة داخل القصة بصورة إيجابية              فاعلة ، فهى " أشطر من يبيع ويشترى المواشى فى البلد " ، وهى تتحمل مسئولية بيتها لأن زوجها يعمل بعيدًا عن وطنه .
* وفى حكايات توشكى ، للكاتب عبد التواب يوسف ، يصور الفتاة نجوى ، المهتمة بقضايا الوطن ، والقادرة على الخلق والابتكار والتخيل .. تحلم نجوى بتحويل الأرض الصفراء إلى جنة خضراء ، وتضع أول خطوة إيجابية فى هذا الطريق ، عندما تذهب إلى توشكى فى الصحراء ، وتشارك فى حركة استصلاح الأرض .
– وفى قصة " الصياد المسكين والمارد اللعين " للشارونى ، نقابل " سعدية " ابنة الصياد الذى نجح فى إعادة الجنى المارد إلى داخل الزجاجة التى كان محبوسًا فيها .                سعدية ، هذه البنت الصغيرة ، تواجه ما قام به والدها بأفكار عصرية جديدة ، عندما قالت إنها لو كانت مع والدها لطلبت أن تتحدى الجنى فى مباراة للعبة الشطرنج أو مباراة لنط الحبل ، وتشترط عليه إذا غلبته أن يطيع كل أوامرها . ويفكر الأب فى كلام سعدية وهو يقول :                     " هؤلاء الصغار لديهم خيال خصب يواجهون به أصعب المواقف بأبسط الحلول ! لقد كنت أفكر فقط فى إعادة ذلك الجنى الأحمق إلى سجنه ، ونسيت أنه كان يحدثنى تحت تأثير المرارة والغضب ، أما ابنتى فقد فكرت بطريقة مختلفة .. لقد فـَكَّرَت فى طريقة لترويض ذلك المخلوق الهائل  الحجم ، القليل العقل ، لتستفيد من قدراته الخارقة " .
* وفى قصة أخرى للشارونى لصغار الأطفال ، هى " مرمر ودواء ماما " ،                     تدخل " مرمر " الصيدلية وحدها لشراء الدواء لأمها التى تنتظرها فى السيارة ، وسط إعجاب ودهشة الزبائن . تقول القصة : " وتناولت الطفلة مرمر الكيس ( الذى به الدواء ) بيد ، وأمسكت بيدها الأخرى بقية النقود ، ثم غادرت الصيدلية ، وفتحت باب سيارة ماما الخلفى ، ودخلت وأغلقته خلفها . ومشت السيارة وأنا أقول لنفسى : " هذه أم نجحت فى أن تربى فى أولادها الثقة بالنفس ، والقدرة على التعامل مع الغرباء ،  والتركيز ، والتذكر ، ودقة التعبير عن النفس " .
* ويضيف د . محمد سيد عبد التواب : تجدر الإشارة إلى أن أعمال يعقوب الشارونى تمتاز باهتمامه بالفتاة وإبراز دورها الإيجابى فى الحياة ، وأنه جعل منها شخصية محورية فى أعماله .
– ففى قصة " مفاجأة الحفل الأخير " ، قدم لنا " محاسن " ، صورة فتاة إيجابية عصرية عقلانية ، تتميز بالطموح والاجتهاد والجدية ، والسعى للمساواة مع الرجال فى الحقوق ، كما تتميز أيضـًـا بالمبادرة وقوة الشخصية .
ولم تكن " محاسن " هى الشخصية الإيجابية الوحيدة فى القصة التى قدمها لنا الكاتب ، فهذه " سوسن " ، طبيبة القرية الشابة النشطة التى كانت محل ثقة أهل القرية ، فكانوا يستشرونها فى مشكلاتهم .
– وفى قصص كتاب " أجمل الحكايات الشعبية " [ الذى فاز بجائزة معرض بولونيا الدولى لكتب الأطفال بإيطاليا " الآفاق الجديدة " ، كأفضل كتاب أطفال على مستوى العالم                سنة 2002 ] ، تحظى المرأة بمكانة مهمة ، فهى ليست سلبية لكنها رمز للحكمة ، وذلك فى شخصية العجوز فى " قصة البئر العجيبة " . وقد كانت قبيحة الشكل ، ورغم ذلك بدت ملامحها بشوشة وصوتها يفيض طيبة ورقة . كما ظهرت فى نفس القصة شخصية " أمينة " الفتاة القادرة على العطاء الدائم ، تقدم العون والمساعدة للآخرين .
– كما ظهرت المرأة قائدة ، كرمز للشجاعة والنضال فى قصة " الأمير الجبان " ، من خلال شخصية الأميرة التى حولت الأمير الجبان إلى قائد شجاع ، وجعلته يحرز انتصارين ، الأول على نفسه ، والانتصار الآخر على أعداء الشعب . فالمرأة لا يقل دورها فى القيادة والشجاعة عن دور الرجل .
– وفى قصة " صندوق نعمة ربنا " ، التى تحكى عن عاصم ، ذلك الطفل المشاغب الذى يثير المشكلات وتكاد كل مشكلة تحدث فى المدرسة يكون هو السبب فيها ، يُظهر الكاتب شخصية المرأة من خلال مديرة المدرسة بصورة إيجابية ، فهى قادرة على التفكير السليم ، ومواجهة المشكلات الصعبة وحلها . تقول القصة : " جلست أبلة " سميرة " فى غرفتها تحدث نفسها فى هدوء .. كيف بعد هذا العمر الطويل وبعد هذه الخبرة المتميزة ، أجد نفسى عاجزة عن
التعامل مع صبى صغير عمره عشر سنوات ؟! "
– وفى قصة " حسناء والثعبان الملكى " ، نجد الفتاة الصغيرة الشجاعة فى مواجهة الأزمات والعقبات ، وتحديها للمواقف الصعبة التى تواجهها ، وتتغلب عليها بالحيلة والذكاء وحسن التصرف ( وهى وحدها فى مواجهة سيل مدمر فى أحد وديان الجبال قرب شاطئ البحر الأحمر ) .
– وبشكل عام ، فقد صـور الشارونــى المــرأة بصــورة فاعلة وإيجابية فى المجتمــع .
( يراجع كتاب د . سيد محمد عبد التواب ) هامش [ د ]
* ونرى نموذجًا آخر للفتاة الفاعلة الشجاعة شديدة الثقة بالنفس ، فى قصة                      " سندريلا وزينب هانم خاتون " ، للكاتب عبد الوهاب المسيرى . [ 63 ]
فسندريلا هنا فتاة ذكية مثقفة ، لا تعتمد على جمالها فقط لجذب انتبــاه الأمير ، بل على قوة شخصيتها ، مما يجعل الأمير يطلب الزواج منها .
    إن عبد الوهاب المسيرى يعيد كتابة بعض القصص الشعبية بهذه العصرية ، التى يعطى فيها للفتاة الدور الفاعل الإيجابى فى أحداث القصة .
– وفى قصة " السلطان نبهان يختفى من سندستان " لفاطمة المعدول ، توجد نماذج نسائية لديها الوعى السياسى والوطنى ، والقدرة على اتخاذ القرار ، بداية من السلطانة حبهانة وحبة الرمان وعزيزة وعلية . فعندما يبكى الجميع لغياب السلطان ، تقف " حبة الرمان "                  وتقول : " كفاكم بكاء ... إن السلطان قوى وشجاع ، وأنا متأكدة أنه تركنا نحن الشعب ، حتى نستطيع أن نعمل ونفكر دونه " .
وعندما تأكدت السلطانة حبهانة من غياب زوجها ، وتوقف ديوان المظالم عن عرض شكاوى المحتاجين والمظلومين ، وتشاحن الفلاحون وتشاجروا حول المياه ، ومنعت                     النساء الأولاد والبنات من الذهاب إلى الكتاتيب والمدارس ، وانعدم الأمن والأمان ،                        فإن السلطانة لم تترك أحوال البلاد تتدهور ، لكنها تحملت مسئولية البلاد وحل مشاكلها ، وواجهت الموقف بشجاعة ، واجتمعت مع الوزراء والحاشية وشعب سندستان ، لتبحث عن              حل ينقذ البلاد .. [ 64 ]
– وفى قصص رانية حسين أمين ، فى سلسلة " فرحانة " ، تضع كل قصة الطفلة                                 " فرحانة " فى موقف ، لتختار سلوكياتها التى تتنوع عبر القصص ، فى إطار التدرب على اكتساب المهارات الحياتية المعاصرة من خلال التفكير الناقد . إنها مواقف يتعرض لها مختلف الأطفال ، وتجبرهم على أن يحكموا بأنفسهم على سلوكيات " فرحانة " . أى أن التوصل إلى الحكم على السلوك لا يأتى من الخارج فى شكل توجيه مباشر ، وإنما يستنتجه الأطفال القراء أنفسهم من خلال القصص . [ 65 ]
    – كذلك تقول " فاطمة المعدول " فى قصة " البنت مثل الولد " ، إن سلمى تذهـب إلى
 النادى مع أخيها شادى الذى يلعب كرة قدم ، وتريد أن تلعب معه ، لكنــه يرفض ويقــول لهــا : أنت بنت . لكنها تذهب إلى مدرب فريق كرة القدم وتطلب منه أن تلعب مع شادى ، فيقول لها :                   " أنت بنت والبنات لا يصلحن لكرة القدم " . فتذهب إلى رئيس النادى وتقول له : " من حقى أن ألعب ما أريد وما أحب " . وفى النهاية نجحت سلمى فى أن تلعب ما تريد " . [ 66 ]
– وفى قصة " زينة تصعد للقمر " ، للكاتبة " فاطمة المعدول " [ 67 ] ، نجد قدرة الفتاة على التحدى ومواجهة المشكلات والتغلب عليها ، والقدرة على الحوار والمناقشات  الجادة ، وتقبل النقد وإعادة النظر فى العادات والتقاليد القديمة ، والنظر إلى الولد والبنت نظرة فيها مساواة فى الحقوق والواجبات ( الحق فى التعليم – العمل – إبداء الرأى والتعبير ) .                  كما ظهرت صورة الفتاة الطموحة التى تخطط دائمًا للمستقبل ، وتتطلع إلى الأفضل لتكون موضع تقدير واحترام ، وكلها صفات وسمات أساسية للأنثى الإيجابية العصرية العقلانية ،   التى تساهم فى رفع مكانة الأنثى فى المجتمع وتعمل على تقدمه .
– وفى قصة " فلة تتذوق الفنون " ، للكاتبة فاطمة المعدول أيضًا [ 68 ] ، تصور الكاتبة الطفلة " حبيبة " فتاة تحب الفنون وتقدرها ، فهى تحب الرسم والموسيقى ، وتهتم بجمال البيئة ، وبالجمال بوجه عام من حولها .
– وفى قصص " حكايات لنور القلب " ، للكاتبة نعم الباز [ 69 ] ، وهى مجموعة قصصية كتبتها المؤلفة للمكفوفين ، تعتمد كل قصة منها على البطل والبطلة اللذين                        كف بصرهما ، وأصبحت لديهما حواس أخرى قوية . وتظهر فى هذه الحكايات صورة الفتاة القادرة على مواجهة المشكلات الصعبة وعلى اتخاذ القرار ، والتى تتحمل المسئولية وتعرف حقوقها وواجباتها . كما أنها تتحدى التصورات القديمة ، وتفكر بأسلوب موضوعى وعصرى فى القضايا المختلفة على الرغم من فقدانها حاسة البصر .
كما نجد الفتاة القادرة على الاختيار ، والتى تمارس حقوقها فى اختيار الزوج ومواجهة التصورات القديمة . فعندما طلب عماد " هنية " للزواج ، رفضت أمها وقالت لها :                " لابد أن تتزوجى مكفوفًا مثلك ، حتى لا يأتى يوم يتضايق فيه زوجك أو يغار من المتزوجين من فتيات لم يفقدن البصر " ، لكن " هنية " صممت على الزواج من " عماد " ، كما ظل "عماد" مصممًا على الزواج منها رغم أنها كفيفة ، ولم يهتما بالأفكار الشائعة القديمة .. " [ د ] 
*          *          *
    وهكذ تقدم القصص العربية الحديثة والمعاصرة للأطفال ، نماذج إنسانية حية لشخصيات من الفتيات والسيدات ، إيجابيات ، لهن مشاعر وأحاسيس وطموحات ، وأدوار فى الحياة لا تقل عن أدوار الرجل ، وقد استفدن من قدراتهن إلى أقصى درجة ، لتحقيق نوع من المساواة بين حقوق المرأة وحقوق الرجل . [ هـ ] 

الخلاصة والخاتمة
    وخلاصة هذه الدراسة ، أن من يكتبون للأطفال على مستوى العالم العربى ، عليهم الاهتمام ، عن طريق الفن وليس على حساب الفن ، أن يقدموا شخصيات فى قصص الأطفال تكون قدوة للقراء من الأطفال والشباب فى المسئولية الاجتماعية والقومية ، تساعد على إعدادهم لكى يصبح كل منهم عضوًا عاملاً فى جماعة تسعى إلى تحسين أحوالها ، مؤمنـًـا ببذل الجهد وتحصيل العلم واكتساب الخبرة سبيلاً للتطور والتقدم . مع تقدير قيمة البطولة الجماعية  والتعاون ، والعمل على تنمية شجاعة الأطفال وثقتهم بأنفسهم ، مع تأكيد قدرة الإنسان على صنع الواقع وتطويره ، وخلق الثقة فى نفوس الأطفال بقدرتهم على تحقيق الأهداف التى يصبو إليها مجتمعهم عندما يبلغون سن النضج . [ و ]  

                                   

مراجع الدراسة

[ 1 ] آيكن ، جوان ، " مهارات الكتابة للأطفال " ، ترجمة يعقوب الشارونى وأخرى ، القاهرة : المركز القومى للترجمة ، 2012 .
[ 2 ] مرجع سابق ، آيكن ، مهارات الكتابة للأطفال .
[ 3 ] كاظم ، د . نجم عبد الله ، " رواية الفتيان " ، بيروت : المؤسسة العربية للدراسات والنشر ، 2014 .
[ 4 ] مرجع سابق ، كاظم ، رواية الفتيان .
[ 5 ] مرجع سابق ، آيكن ، مهارات الكتابة للأطفال .
[ 6 ] مرجع سابق ، آيكن ، مهارات الكتابة للأطفال .
[ 7 ] اجرى ، لايوس ، " فن كتابة المسرحية " ، ترجمة درينى خشبة ، القاهرة : مكتبة الأنجلو المصرية ، 1960 .
[ 8 ] الشارونى ، يعقوب ، " القراءة مع طفلك " ، القاهرة : دار المعارف ، 2012 .
[ 9 ] سيوشى ، كيكو ، " اليابان .. تحطيم القوالب الجامدة " ، مجلة رسالة اليونسكو ، يوليو – أغسطس 1997 ، 4 صفحات .
[ 10 ] بروسالكوفا ، جوليا ، " من الأيديولوجية إلى الحب " ، مجلة رسالة اليونسكو ، أغسطس 1947 ،                 3 صفحات .
[ 11 ] ليبز ، إلكى ، " أمهات وبنات " ، مجلة رسالة اليونسكو ، يوليو – أغسطس 1997 ، 4 صفحات .
[ 12 ] برادة ، هدى ، وآخرون ، " الأطفال يقرءون " ( بحوث ودراسات ) ، القاهرة : الهيئة المصرية العامة للكتاب ، 1974 .
[ 13 ] عبد التواب ، محمد سيد ، " صورة المرأة فى أدب الأطفال .. التّشكُّل والإشكال " ، القاهرة : الهيئة المصرية العامة للكتاب ، 2015 .
[ 14 ] خلف ، اعتماد ، " الطفل المصرى وصورة البطل " ، القاهرة : غير مبين اسم الناشر – 1993،                 رقم الإيداع 1685 / 93 .
[ 15 ] مرجع سابق ، آيكن ، مهارات الكتابة للأطفال .
[ 16 ] الشارونى ، يعقوب ، " قصص وروايات الأطفال فن وثقافة " ، القاهرة : دار المعارف ، 2014 .
[ 17 ] الشارونى ، يعقوب ، " تنمية عادة القراءة عند الأطفال " ، القاهرة : دار المعارف ، الطبعة الرابعة 2005 ، الطبعة الأولى 1981 .
[ 18 ] مرجع سابق ، الشارونى ، يعقوب ، قصص وروايات الأطفال فن وثقافة .
[ 19 ] الشارونى ، يعقوب ، " مرمر وبابا البجعة " ، القاهرة : دار البستانى للنشر والتوزيع ، 2005 .
[ 20 ] ألبانو ، ماريا ، " مختارات ودراسة .. القصة المصرية الحديثة للأطفال " – ترجمة المقدمة ، مع النصوص الأصلية لقصص مصرية للأطفال – القاهرة : الهيئة المصرية العامة للكتاب ، 2009 .
[ 21 ] ذياب ، حافظ ، " توبة الغراب " ، سلسلة الرحيق ، صفاقس : تونس ، مطبعة سوجيك ، 2012 .
[ 22 ] مرجع سابق ، الشارونى ، قصص وروايات الأطفال فن وثقافة .
[ 23 ] الشارونى ، يعقوب ، " مغامرة زهرة مع الشجرة " ، القاهرة : دار المعارف ، 2012                             ( الطبعة السادسة ) .
[ 24 ] الشنيطى ، محمود ، وآخرون ، " كتب الأطفال فى مصر 1928 – 1978 ، دراسة استطلاعية " ، غير منشورة ، 1979 .
[ 25 ] كيلانى ، كامل ، " غفلة بهلول " ، القاهرة : دار مكتبة الأطفال ، غير مبين تاريخ النشر لكن الكتاب نشر فى حياته قبل 1959 .
[ 26 ] كيلانى ، كامل ، " علاء الدين " ، القاهرة : دار المعارف ، 1980 ، الطبعة (20) .
[ 27 ] أبو حديد ، فريد ، " عمرون شاه " ، القاهرة : دار المعارف ، سلسلة " أولادنا " – 1960 .
[ 28 ] كيلانى ، كامل ، " خسرو شاه " ، القاهرة : دار المعارف ، 1976 ، الطبعة (11) .
[ 29 ] الإبراشى ، محمد عطية ، " أميرة القصر الذهبى " ، لبنان : دار المعارف ، 1979 .
[ 30 ] الشارونى ، يعقوب ، " حكاية طارق وعلاء " ، القاهرة : دار المعارف ، 2002 .
[ 31 ] الظفيرى ، فرج ، " الأقدام الطائرة " ، دبى : الإمارات العربية المتحدة ، دار العالم العربى للنشر والتوزيع ، 2015 .
[ 32 ] السح ، عبد المطلب أحمد ، " معاق فوق الريح " ، الشارقة : دولة الإمارات العربية المتحدة ، نشر دائرة الثقافة والإعلام ، 1999 .
[ 33 ] ألبانو ، ماريا ، " القصة المصرية الحديثة للأطفال ، مختارات " ، القاهرة : الهيئة المصرية العامة للكتاب ، 2009 .
[ 34 ] مرجع سابق ، ألبانو ، القصة المصرية الحديثة للأطفال .
[ 35 ] الشارونى ، يعقوب ، " سر الاختفاء العجيب " ، القاهرة : الهيئة العامة لقصور الثقافة ، سلسلة قطر الندى ، 2003 .
[ 36 ] مرجع سابق ، ألبانو ، القصة المصرية الحديثة للأطفال .
[ 37 ] طبالة ، عفاف ، " العين " ، القاهرة : دار نهضة مصر ، 2010 .
[ 38 ] مرجع سابق ، ألبانو ، القصة المصرية الحديثة للأطفال ، مختارات .
[ 39 ] مرجع سابق ، ألبانو ، القصة المصرية الحديثة للأطفال ، مختارات .
[ 40 ] عبد الرحيم ، عبد الرحيم محمد ، " كامل كيلانى حياته وأدبه " ، رسالة ماجستير ، غير منشورة ، كلية اللغة العربية بأسيوط – جامعة الأزهر ، 1979 – وقد ذكر باحث الماجستير أن الفقرات التى أوردها جاءت فى كتاب كامل كيلانى " ذكريات الأقطار الشقيقة " .
[ 41 ] مرجع سابق ، الشارونى ، القراءة مع طفلك .
[ 42 ] مرجع سابق ، الشارونى ، القراءة مع طفلك .
[ 43 ] مرجع سابق ، ألبانو ، القصة المصرية الحديثة للأطفال .
[ 44 ] كيلانى ، كامل ، " خسرو شاه " ، القاهرة : دار المعارف مصر ، 1976 ، الطبعة (11) .
[ 45 ] كيلانى ، كامل ، " على بابا " ، القاهرة : دار المعارف ، 1970 .
[ 46 ] الإبراشى ، عطية ، " الأنف العجيب " ، القاهرة : دار المعارف ، رقم ( 11 ) من سلسلة المكتبة الخضراء ، الطبعة الأولى قبل عام 1971 .
[ 47 ] الغضبان ، عادل ، " عقلة الأصبع " ، مصر : دار المعارف ، رقم ( 14 ) من سلسلة المكتبة الخضراء للأطفال ، الطبعة الأولى قبل عام 1971 .
[ 48 ] الكبير ، عبد الله ، " الرفيق المجهول " ، القاهرة : دار المعارف ، رقم ( 7 ) من سلسلة المكتبة الخضراء للأطفال ، الطبعة الأولى قبل عام 1971 .
[ 49 ] لوقا ، نظمى ، " جبل العجائب " ، القاهرة : دار المعارف ، رقم ( 22 ) من سلسلة المكتبة الخضراء للأطفال ، غير مبين سنة النشر .
[ 50 ] جودوين ، برو ، " كتب الأطفال .. دراستها وفهمها " ، ترجمة : عائشة حمدى ، القاهرة : مجموعة النيل العربية ، 2011 .
[ 51 ] مرجع سابق ، ألبانو ، القصة المصرية الحديثة للأطفال ، مقدمة الكتاب .
[ 52 ] الهدهد ، روضة الفرخ ، " عرس الروح " ، الأردن : دار كندة للنشر والتوزيع ، عَمَّان 1988 .
[ 53 ] الحسينى ، وفاء ، " الطفل الذى أنقذ وطنًا " ، لبنان : دار كتاب سامر ، 2014 .
[ 54 ] عمر ، محجوب ، " البلح الأحمر " ، بيروت : الفتى العربى ، غير مبين سنة النشر .
[ 55 ] مرجع سابق ، د . ألبانو ، " القصة المصرية الحديثة للأطفال ، مختارات .
[ 56 ] مرجع سابق ، د . ألبانو ، " القصة المصرية الحديثة للأطفال ، مختارات .
[ 57 ] بشمى ، إبراهيم ، " الأصدقاء " المنامة : البحرين ، مطبوعات بانوراما الخليج ، 1989.
[ 58 ] مرجع سابق ، ألبانو ، القصة المصرية الحديثة للأطفال ، المقدمة .
[ 59 ] الغضبان ، عادل ، " الفأرة البيضاء " ، القاهرة : دار المعارف ، رقم ( 21 ) من سلسلة المكتبة الخضراء للأطفال ، 1971 .
[ 60 ] مرجع سابق ، كيلانى ، خسرو شاه . 
[ 61 ] مرجع سابق ، لوقا ، جبل العجائب .
[ 62 ] عبد التواب ، محمد سيد ، " صورة المرأة فى أدب الأطفال .. التّشكُّل والإشكال " ، القاهرة ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، 2014 .
[ 63 ] المسيرى ، عبد الوهاب ، " سندريلا وزينب هانم خاتون " ، القاهرة ، دار الشروق ، 1999 . 
[ 64 ] المعدول ، فاطمة ، " السلطان نبهان يختفى من سندستان " ، القاهرة ، دار نهضة مصر ، 2004 . 
[ 65 ] أمين ، رانيه حسين ، " فرحانة " ، القاهرة ، دار الياس العصرية ، 1999 . 
[ 66 ] المعدول ، فاطمة ، " البنت مثل الولد " ، القاهرة ، دار نهضة مصر . 
[ 67 ] المعدول ، فاطمة ، " زينة تصعد للقمر " ، القاهرة ، نشر المركز القومى لثقافة الطفل ، 2002 . 
[ 68 ] المعدول ، فاطمة ، " فلة تتذوق الفنون " ، القاهرة ، دار نهضة مصر ، 2000 . 
[ 69 ] الباز ، نِعَم ، " حكايات لنور القلب " ، مصر ، نشر المركز القومى لثقافة الطفل ، 2001 . 

هوامش الدراسة

[ أ ] لكاتب هذه الدراسة ثلاث قصص بطلتها طفلة صغيرة اسمها " مرمر " . كما أنه ، من بين 23 قصة نشرها فى سلسلة " المكتبة الخضراء للأطفال " ، توجد ( 11 ) قصة كل أبطالها أطفال أو شباب صغير .
[ ب ] كتاب د . ماريا ألبانو " القصة المصرية الحديثة للأطفال – مختارات ودراسة " ، يضم النصوص الأصلية الكاملة لـ ( 11 ) قصة أطفال ، تمثل أفضل ما أبدعه ( 11 ) كاتبًا للأطفال ، من أجيال مختلفة فى أوائل القرن الحادى والعشرين ، وقد قام كل كاتب باختيار قصته – وقد ساهم كاتب الدراسة الحالية بدور كبير فى تجميع ما تضمنه هذا الكتاب من مختارات قصصية . 
[ ج ] الطبعات الأولى من الأعداد الأولى من سلسلة المكتبة الخضراء للأطفال ، الصادرة عن دار المعارف مصر ، غير مبين بها سنة الصدور . لكن هناك قصص أخرى فى السلسلة مبين عليها أن طبعتها الأولى           صدرت عام 1971 ، ورقمها فى السلسلة هو ( 21 ) ، وبالتالى فإن كل قصص السلسلة التى يقع رقمها                   بين ( 1 ) و ( 20 ) تكون قد صدرت قبل 1971 .
[ د ] نذكر هنا بيانات قصص وروايات الشارونى التى وردت فى دراسة د . سيد محمد عبد التواب فى كتابه :                     " صورة المرأة فى أدب الأطفال " 2014 ، والمتعلقة بالإنتاج الأدبى المشار إليه فى الدراسة الحالية : " مغامرة زهرة مع الشجرة " الطبعة (6) ، سنة 2012 – " حسناء والثعبان الملكى " الطبعة (5) ، سنة 2014 –    " الصياد المسكين والمارد اللعين " الطبعة (7) ، سنة 2015 – " مفاجأة الحفل الأخير " الطبعة (1) ،   سنة 2013 : كلها صادرة عن : القاهرة ، دار المعارف ، سلسلة " المكتبة الخضراء للأطفال " . ثم " مفاجأة الحفل الأخير " ، القاهرة ، دار المعارف ، سلسلة " المكتبة الخضراء للناشئة " ، 2013 . ثم " صندوق نعمة ربنا " ، القاهرة ، دار المعارف ، سلسلة " مكتبتى " 2002 . ثم " مرمر ودواء ماما " ، القاهرة ،                  دار المعارف ، سلسلة " حكاية لكل يوم " ، 2012 .      
[ هـ ] لزيادة الاطلاع على نماذج أخرى إيجابية أو سلبية للفتاة والمرأة فى أدب الأطفال العربى ، يمكن الرجوع إلى كتاب : " صورة الأنثى فى قصص الأطفال " ، الصادر عام 2005 عن " المركز القومى لثقافة الطفل " التابع لوزارة الثقافة المصرية ، من سلسلة " مجلدات ثقافة الطفل " رقم ( 30 ) .
[ و ] هذه الدراسة ، فيما ورد بها حول شخصيات قصص وروايات من تأليف كاتب الدراسة ( الشارونى ) ، تعتمد على ما تم نشره فى كتب لنقاد من مصر وأجانب ، مثل د . ماريا ألبانو أستاذ الأدب العربى بالجامعات الإيطالية وخبيرة كتب الأطفال العربية فى كتابها " القصة المصرية الحديثة للأطفال .. مختارات ودراسة " الصادرة ترجمته عام 2009 عن الهيئة المصرية العامة للكتاب التابعة لوزارة الثقافة – وكتاب د . محمد سيد عبد التواب المتخصص فى دراسة ونقد كتب الأطفال : " صورة المرأة فى أدب الأطفال " ، الصادر عام 2014 عن نفس دار النشر – ومعظم ما ورد بها من آراء ، اتفق فى مضمونه مع ما جاء فى الكتاب الذى أصدره المركز القومى لثقافة الطفل التابع لوزارة الثقافة بمصر عام 2005 : " صورة الأنثى فى قصص الأطفال "                [ المجلد ( 30 ) من " سلسلة مجلدات ثقافة الطفل " ] – كما اتفق مع ما كتبه ( 23 ) من كبار نقاد وأدباء أدب الأطفال فى كتاب   " سحر الحكاية فى قصص وروايات يعقوب الشارونى " ، من إعداد وتقديم " هالة الشارونى " ، الذى صدر عام 2015 عن " دار العلوم للنشر " بالقاهرة . كذلك كتاب " الإبداع فى أعمال كاتب الأطفال يعقوب الشارونى " ، الصادر عن المركز القومى لثقافة الطفل عام 2006 [ وهو المجلد ( 32 ) من سلسلة مجلدات ثقافة الطفل ] ، وفيه تحليل لمعظم الشخصيات فى قصص وروايات الشارونى التى صدرت قبل صدور ذلك الكتاب .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق