الصفحات

2017/07/12

مجلة "رواية".. خطوة محرّضة ومبتكرة ومتمادية في الطموح

مجلة "رواية".. خطوة محرّضة ومبتكرة ومتمادية في الطموح 
عباس داخل حسن

صدر العدد الأوّل من مجلة "رواية" المتخصّصة بشؤون الرواية العربية، التي تصدر عن مؤسسة سطور للثقافة ببغداد، وتمثل المجلة خطوة طموح على طريق التعريف بالرواية العربية وتسليط الأضواء على التجارب المتميزة منها.
العدد تضمن جملة من الدراسات النقّديّة والشهادات الروائية والحوارات ومنصات الرأي، وملفًا مهمًا عن راهن الرواية المغاربية الجديدة، بالإضافة إلى التقارير والمتابعات الإخبارية. يراس تحرير مجلة "رواية" الروائي العراقي محمد حيّاوي الذي كتب الإضاءة الأولى للإصدار موضحًا حجم التحدي من أجل ترسيخ الخيارات الجمالية والرؤيويّة الواعية، وتنويعات المشهد السرديّ على امتداد الوطن العربي،عادًّا تلك التجربة في كلمة تصدرت العدد كـ"خطوة متمادية في الطموح" قال فيها:
"أن تصدر مجلة متخصصة بالرواية العربية في هذا الظرف تحديدًا لهو تحدٍ من نوع ما، في ظل الملابسات السياسيّة واستشراء العنف الذي يعتري عالمنا العربي ويزيد من راهن التجزئة، بعد ان فُرض علينا واقع التشتت، وأصبحنا نعيش بجزر ثقافية متباعدة، يصعب معها التواصل وتوزيع الإصدارات الجديدة من الروايات بسهولة ويسر.
إنّ مهمة التغلب على واقع التشتت هذا أكبر من أن تتصدى له مجلة متخصصة واحدة، لكنَّنا نطمح على الأقل بتقديم التجارب الروائية العربية والتعريف بها في أوساط القرّاء والناشرين ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً، وطالما شغلتني أسئلة من نوع: ماذا يعرف القارئ المغاربي عن التجارب الروائية الجديدة في العراق وسوريا مثلاً؟ وكيف يتمكن القارئ العراقي من الحصول على الروايات المغاربية الجديدة؟. وأشار حيّاويلحجم التحدي دون أنّ يزعم بأنّ المهمة سهلة، بل هي بحاجة إلى تظافر جهود عديدة وصولاً للقارئ، واختتم مقالته بالقول: "وفي المحصلة، يبقى سعينا المتواضع هذا بمثابة خطوة واحدة على طريق طويل، على أمل أنّ تخوضه المؤسسات الثقافية العربية الكبرى، لا سيما تلك التي تضطلع بتخصيص الجوائز للرواية العربية وتسهر على رعايتها ونشرها وترجمتها، لأن الاحتفاء والنشر والترجمة مهما بلغ من أهمية، سيكون صفراً على الشمال من دون قارئ متابع ومناخ روائي نقدي جامع في عموم العالم العربي، ومن دون حركة توزيع تستند إلى أسس علمية وتعاون دور النشر العربية، وصولاً إلى آلية معيارية نستطيع أن نحدد بواسطتها حجم الانتشار والنجاح، ولا أزعم أن مجلة «رواية» ستضطلع وحدها بهذا الدور الكبير، لكنَّها بالتأكيد ستحاول أن تكون خطوة محرّضة ومبتكَرة ومتمادية في الطموح.

ومن أبرز مواد العدد:
دراسة في الترجمة.. مرحا أيُّها الخائن، للناقد والباحث الدكتور عبد الله إبراهيم حيث سلط الضوء على هواجس المترجم وطرائقه وانشغالاته المتباينة وشحطحاته ولذاته " لطالما نُعتَ المترجم بـ"الخائن"،وهذا حكم مجازي لم يرتق إلى مستوى الحقيقة؛ إذ لم يصدر حكم قضائي بالخيانة على مترجم في أي وقت من الأوقات بسبب ما ترجم من نصوص أدبية، حسبما نعلم، بل قصد وصمه بذلك لتلاعبه بما ينقل، وإعادة إنتاج النصوص بصورة لا تطابق ما كانت عليه في لغتها الأصلية، كأنه خائن لا يردعه رادع في العبث بما ائتُمن عليه، وقد اختلفت الآراء حول دور"المترجم" في سائر الثقافات الإنسانية، ولعل أبخس موقع استأثر به هو "الناقل" وحينما أراد أن يزحزح هذه النظرة المتشدّدة لدوره، وصف بـ"الخائن"، كونه لا يقول الحقيقة بل يأتي بما يشبهها تقريبا على قول أمبرتو إيكو.

وفي باب الترجمة  ايضا حوار مع الروائي البرازيلي الفائز بجائزة نوبل باولو كويلو، اجرته أمينةشوداري،حيث تحدث "باولو" عن اهمية الثقافات المختلفة وطفولته واهمية المعلموماتية وروايته الشهيرة "الخيميائي "" طبعاً أنا شخص يدفعني الفضول لفهم ما يحدث في العالم الآن، حيث تقبع عدّة مواضيع يمكن الكتابة بشأنها، فقد تلتقي بعدد كبير من الناس المثيرين للاهتمام، لكن من بين كل هذا، ستكون فكرة واحدة بانتظارك، وستبرز لك بلا مقدمات،إنه الكتاب الذي كتب بالأصل في خاطري قبل أن أكتبه على شكل فصول، لهذا فأنا لا أختار، فالكتاب هو من يختارني."

  وفي دراسة نقديَّة عن الروية بوصفها  فنًّا نابضًا بالحياة، كتبها الناقد أحمد الحلي "العمل الروائي في وقتنا الراهن لم يعد مجرّد أحداث  تتطور وتنمو وفق حبكة وعقدة تتناغم بصورة دراماتيكية مموسقة، بل هو يتطلب من كاتبه أن يختصر في ثيماته  في مختلف فروع المعرفة الإنسانية، على أن تأتي بصورة مكثفة ومقتضبة جداً، وتبدو كأنها جزء لا يتجزّأ من نسيج العمل، وأن تأتي بعض الجمل بطريقة مباغتة تتوافر على قدر عالٍ من الشعرية، بمعنىً آخر فإن  الروائي الناجح  هو من يستطيع أن يعير قارئه جناحين خفيفين يمنحانه القدرة  التحليق عالياً وبمرونة أيضاً.

، ودراسة عن رواية الإسكندرية في الربع الأخير من القرن العشرين، كتبها الناقد شوقي بدر يوسف، ودراسة عن النص الروائي بين الكفاية السردية والمتلقي الفاعل، كتبها الناقد محمد جبير
"ما المقصود بالكفاية السردية؟ وكيف يمكن قياس كفاية النص الروائي وتحققها لدى المتلقي؟ لكن السؤال: ما علاقة هذه المقدمات بموضوعنا الكفاية السردية؟.. وهل الكفاية هي كفاية عددية أم إنها كفاية نوعية أم كفاية ذوقية؟"
لا يمكن الإجابة عن هذه الاسئلة إجابة مباشرة من دون الذهاب إلى عينات تقربنا من مرتكزات هذا البحث الفكرية والفنية،
، ودراسة عن توجهات الرواية العراقية الجديدة، كتبها النقاد صادق ناصر الصكر، ودراسة عن تفسير نجيب محفوظ لتراجيديا الحياة، او العدل بمعناه الإنساني، كتبها الدكتور عبد البديع عبد الله، ودراسة في التأويل الديني والخيال التفسيري، كتبها الدكتور صادق القاضي.
وتضمن ملف العدد عن راهن الرواية المغاربية الجديدة:
دراسة عن الرواية المغربية كجنس مهيمن، كتبها الناقد عبد اللطيف الوراري مستعرضا المناهل الاولى للرواية المغربية ومراحل تطورها وابرز كتابها "إلى وقت قريب، كانت الرواية في المغرب شبه جنس أدبي مغمور؛ فتاريخ نشأتها بالكاد يتعدّى سبعة عقود، منذ أن كتب التهامي الوزانيأول نص روائي بعنوان: "الزاوية" في عام 1942، قبل أن تتلوها على فترات متقطعة نصوص روائية جديدة تمتلك قدرًا من خصائص هذا الجنس وقيمته الفنية، وهي: "في الطفولة" لعبد المجيد بنجلون (1957)، و"سبعة أبواب" لعبد الكريم غلاب (1965)، و"دفنا الماضي" لعبد الكريم غلاب (1966)، و"جيل الظمأ" لمحمد عزيز الحبابي( 1967)، وقد اشتركت هذه النصوص التأسيسية ذات السمت الواقعي والبناء التقليدي في أنها مزجت من حيث بنية النوعية بين الروائي والسيرذاتي، كأنَّ الرواية لم تعرف – كما يقول عبد الله العروي(1)- إلا "شكلًا واحدًا هو شكل السيرة الذاتية، إلى حد أن الرواية الفنية ظلت خلال زمن طويل مرادفا لرواية السيرة الذاتية"،عدا أن الروائي كان منجذبًا إلى تشخيص صراع/ لقاء الأنا والآخر (الشرق/ الغرب).
  وفي الحقبة السبعينية حيث علا الشعار الإيديولوجي، ظهرت روايات الأطروحة التي غدت تتنفس موضوعات المعترك المجتمعي شديد التعارض، وتعبر إيديولوجيًّا عن طبقة الكادحين والمهمشين كما في أعمال محمد زفزاف، ومبارك ربيع، وخناثة بنونة، ومحمد شكري وغيرهم، ثُمّ بعدها أخذت تتململ بنيات المتن الروائي لصالح الشكل والأسلوب."
 نقرأ في العدد اضاءة عن الرواية الجزائرية بين الفرنسية وهمّ "الجزأرة"، كتبتها الدكتورة مسعودة لعريط، ودراسة عن الرواية المغاربية المكتوبة بالفرنسية بين ازدواجية الثقافة وأزمة الهويّة، كتبتها الدكتورة غرّاء مهنا، ودراسة عن عبد الناصر الطلياني وهيمنة البطل على جسد النص، كتبها الدكتور محمد آيتميهوب، كما تضمن الملف شهادتين روائيتين للروائي المغربي الشاب طارق بكاري عن روايته "نوميديا"، والروائية الجزائرية الشابّة هاجر قويدري عن روايتها "نورس باشا".
العدد تضمن أيضاً عدد شهادات روائية لكل من: الروائي ناصر عراق عن تجربته في كتابة رواية "الأزبكية"، وبول نيثونعن مادّته في الكتابة ترجمه الدكتور محسن الرملي، والروائي أحمد فضل شبلول عن تجربته في رواية "رئيس التحرير"، والروائية زهراء عبد الله عن روايتها "على مائدة داعش"، والروائي ضياء الجبيلي عن تجربته في الكتابة الروائية عمومًا. كما تضمن العدد فصلاً لم ينشر من رواية "الكذابون يحصلون على كل شيء" للروائي علي بدر، ولقاءً مع الناشر الشاب بلال البغدادي، عن دار سطور وخططها لتبني الرواية العراقية والعربية ومحاولة سدّ النقص الناجم عن تقاعس الدولة العراقية في دعم الثقافة، بالإضافة للأبواب الثابتة والمتابعات الإخبارية وآخر إصدارات الرواية العربية.
  وقد ضمت اللجنة الاستشارية لمجلة " رواية" نخبة من أبرز النقّاد العرب، من أمثال الدكتور السيِّد فضل من مصر، والدكتور عبد إبراهيم من العراق، والدكتور علي الملاحي من الجزائر، والدكتور شعيب حليفي من المغرب، والدكتور محمد آيتميهوب من تونس، والدكتور محمد عبيد الله من الأردن، والناقد مصطفى عبد الله من مصر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق