الصفحات

2017/08/04

هروب .. قصة قصيرة بقلم: ابراهيم حسين المطولي

هروب 
ابراهيم حسين المطولي

عندما أقوم من نومي..أحتاج للحظات لأدرك أين أنا ..فأراني فوق كنبة حجرة المكتب..أشعر بالمعاني تملؤني ..كنت أكتب وأنا نائم وهناك في هذا العالم الماورائي كنت امتلك اللغة ..لغة لها مفردات صوفية وشفافة ..أجدها سهلة في عقلي وجاهزة ..أحاول تذكر الحلم.. فلا أجد سوى صدى لكلمات قيلت وذابت في الفراغ السرمدي في إنحاء روحى .. أجبر نفسي على أن أمسك قلما رغم أنى لا أجد شيئا في عقلي كي أكتبه ..أقوم و أجلس إلى المكتب انظر إلى الورق الأبيض بانتظار أن تظهر عليه الكلمات فجأه كفعل السحر ..أمتلئ بالغيظ ..أجد في نفسى رغبة بتحطيم شيء ما ..الفكرة تبدأ من العنوان على إيجادعنوان إذا.. عندها تأتى الكلمات ..الحكايات ..تدخل هى وتضع فنجان القهوة أمامي وتمشي دون أن تتكلم ..فنجان قهوة رغم أني طلبت مرارا أن تأتيني بالقهوة في كوب
الفنجان يهتز في يدي فتتساقط بقع على الورق الأبيض فتفعل فعل الدم على الملاءات البيضاء..كما يحدث في العمل
آخذ رشفة ..مرة كما أحبها ..أقصد كما اشربها ..أحاول تقليل السكر مع أنى أحبه
طلب مني الطبيب ذلك وكذلك طلبت (يسر) كي أصير أقل سمنة 
لا تفعل القهوة شيء
أقوم وامشي في الحجرة ..أزيح بقدمي عدة كتب ملقاة على الأرض ..أشعل جهاز الكمبيوتر ..أستمع لمحمود درويش ..للمداحين الشعبيين في الأفراح ..أستمع إلى موسيقي غربية صاخبة كأنما تصنع على أوتار من معدن مجوف في غابة افريقية
لا أعد بشيء ..أجلس بجوار الحائط كما كنت افعل طفلا في حالات غضب أبي
أضع رأسي بين ركبتي كما كنت افعل وأنا اشعر ببرد الشتاء يخترقني ..أغطى عيناي بيدي كما كنت افعل عندما أخاف العفاريت
كان لدينا الكثير من العفاريت بالجوار ..فما أن اخرج من البيت كانت أمي تحذرني من عفريت الولد الذي قتل صغيرا برصاصة كانت محشورة في ماسورة سلاح محلى الصنع ..وعندما أسير في اتجاه بيت (شعبان محمد) كان على أن أكرر أسم الله في سري حتى لا يخرج عفريت الرجل الذي قتل بالهراوات بسبب نزاع على الحد الفاصل بين البيوت ..فإذا ما تخطيته مريت من أمام بيت الساقية وأنا ارتجف فالجنيه التي تسكن هنا لا تعبأ بذكر الله ..فهم يكررون أنها  من قوم غير مؤمنين سكنت هنا منذ أن كان البيت مجرد ساقية على بئر عميق ابتلع الكثير من البنات الجميلات والأولاد الصغار
سكنت وصار لها أولاد وعندما اتو بالشيخ (على)  ليقيم الآذان على غير موعده  كي يجبرها على الرحيل أشعلت كامل الحجرة تحت قدميه ناراً ولم تدعه يكمل ..
تؤلمني قدماي  فأقوم من جوار الحائط ..فأعود للزمن الحاضر واجدني في حجرتي بلا حكايات ..الحكايات كانت معي الآن ..ولكنها لا تستقر بيدي ..بل تأتى لوحدها في حالة نسياني الكتابة ثم تهرب وتراوغ وتعطى أمل في الحضور ثم تهرب من النافذة التي تطل على السماء ..اشعر بصداع ..أجدني استمع لنبض قادم من خلف أذني
أعود إلى مكتبي واضع عدة نقاط متبقية في فنجان القهوة على لساني ..صارت مرة  أكثر وباردة .. استند على المكتب براسي أشعر كما لو أنى انتقلت في المكان
أجلس في كوخ من الخوص على شط البحيرة ..وصوت منشد ينشد من الشعر العربي القديم
أمامي تستحم كل البنات اللائي قابلتهن وعشقتهن في لبس شفيف
 انظر إليهن  فينظرن إلى وقد أحببنني وقبلنني كما أنا عصبي وعاطفي
أمامي كوب من القهوة بلبن ومحلاة بالعسل أرتشف منها فيزداد جمال الأشياء ويدعوني أحبائي للنزول ..أقوم واقف على الشط وأتحضر ..وعندما اقفز أقوم لأجد فنجان قهوتي الثاني  وقد أحضرته هى  ولكنى لا أشرب منه بل أخرج من درج مكتبي أقراص للنوم ..ابتلعها وأتمدد على الكنبة متحضرا للحكايات الآتية
 في المنام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق