الصفحات

2017/12/31

ديب - العمه تحية- المشاكس يلعب فوق حش البرسيم بقلم:محمود سلامة الهايشة

ديب - العمه تحية- المشاكس يلعب فوق حش البرسيم 
بقلم:محمود سلامة الهايشة

هي الكاتبة/ تحية ياسين نصر عنتر، تكتب القصة القصيرة للكبار والصغار، بالإضافة للمقال الأدبي الاجتماعي والذي تتناول فيه عن ما يجول في خاطرها تفاعلا مع الأحداث الآنية، تكتب بتلقائية شديدة، يحرك يدها موهبتها الفطرية، ويرسم قلمها الحرف كما يأمره قلبها، توثق كل ما يدور حولها في صورة قصص قصيرة، وبرغم أنها تسكن بإحدى قرى مركز أجا بمحافظة الدقهلية، ومسئوليتها الكبيرة كأم وجدة لأبناء وأحفاد كبار، إلا أنها دائمة التواجد في اللقاء الأسبوعي لناديي أدب قصر ثقافة المنصورة وبيت ثقافة أجا.

وبطبيعة الحياة الريفية التي تعيشها الحاجة تحية فهي دائما تكتب عن عالم الحيوان والطير والنبات، سواء بشكل مباشر أو بإسقاط رمزي لتجسيد المشاكل الحياتية التي تمر بها هي شخصيا أو يعاني منها أفراد المجتمع من حولها، ففي مجموعتها القصصية الزرافة والفيل، جاءت القصة الأولى فيها بعنوان "الديب المشاكس"، تدور أحداث القصة في حقل البرسيم الخاص بالفلاح عوضين الذي يذهب حقله لحش البرسيم بحمارته، وكان هناك ديب لا يحلو له اللعب إلا على حش برسيم عوضين وعلى ظهر حمارته، هذا من حيث مكان حدوث القصة وأبطالها، أما الزمان فهو في خلال موسم زراعة البرسيم الذي بالتحديد في فصل الشتاء، وقد ذكرت الكاتبة ذلك حرفياً (في موسم الشتاء)، ويمثل هنا عوضين الجانب الطيب الخير أما الديب فيمثل الجانب المكار الشرير، فبرغم أن عوضين كان دائما غاضب من تصرفات الديب مع حمارته وحش برسيمه، ألا أنه عندما وجد الديب مريضا أخذه وغسله وكشف عليه وفحصه وأعطاه الدواء وحقنه بالمصل المناسب لمرضه وقام على خدمته حتى شفي تماما، وحتى تثبت الكاتبة تحية ياسين بأن ما فعله عوضين أمر طبيعي وسلوك عام يتسم به جميع أهالي القرية (مثلما يفعل أهل بلدته مع القطط والكلاب عندما تمرض)، وتأتي حل العقدة في القصة وتختتم الكاتبة سردها بالدهشة، وذلك من خلال إظهار الجانب الخفي من صفات الديب وغدره بالطيبين أصحاب المعروف (ولكن الديب بعدما شفي.. قد دب فيه عرق المكر والخيانة وغدر بعوضين وقام بجرح العنزة الصغيرة)!!، بالطبع من الممكن أن تكون العنزة الصغيرة والتي ذكرت في نهاية القصة رمز لابنته الصغيرة مثلا، فلابد أن يقدم الإنسان الخير لمن يستحق ولا ينكر الجميل ويقدر المعروف. 

تتضمن أغلب القصص الرمزية معاني أخلاقية أو دينية، وتنسب القصص الرمزية المشهورة إلى "أيسوب"، وهو كاتب إغريقي قديم،وتهتم حكايات الكاتب أيسوببوصف مغامرات الإنسان والحيوانات، ولكن الكاتب كان يرغب في أن يعلّم قراءه شيئا حول طبيعة الإنسان.

كتبت قصة "الديب المشاكس" بقلم نسائي، فالبطلان الرئيسيان هما عوضين الطيب والديب المشاكس، أي ذكران، بينما عربة عوضين التي يحمل عليها حش البرسيم تجرها حمارة، أي أنثى، ومن قام بإزائها في نهاية القصة عنزة عوضين الصغيرة، أيضا أنثى، فهل هذا الأمر مقصود أو صدفة، أما كانت الكاتبة تريد إحداث توازن بين الذكور والإناث داخل قصتها؟!

ومن أمثلة تلك القصص الرمزية: قصة "موبي ديك" التي كتبها الكاتب الأمريكي "هرمان ملفيل"  عام (1851م)، وقصة "يقظة فينجانز" لمؤلفها الأيرلندي"جيمس جويس"عام (1939م)، وقصة "سيد الذباب" لمؤلفها الإنجليزي وليم جولدنج (1954م)، وقصة "جلز راعي الماعز"  لمؤلفها الأمريكي"جون بارث"  (1966م).

يمكن أن نطلق على كتابات القاصة المصرية الدقهلوية"تحية ياسين عنتر" بأنها كتابات فطرية الرؤية، طازجة الاستساغة، بسيطة اللغة، انسانية الرؤية، كما تمتلك الكاتبة فائض كبير من مخزون الذكريات والمواقف الإنسانية التي توظفها بشكل ملائم للكتابة للأطفال مداعبة في قصصها خيال الطفل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق