الصفحات

2018/01/18

وفد من اتحاد الكتاب ببسكرة ( الجزائر ) يزور الشاعر الكبير أبي القاسم خمّار



وفد من اتحاد الكتاب ببسكرة ( الجزائر ) يزور الشاعر الكبير
أبي القاسم خمّار
بقلم: عبد الله لالي
لقاء طالما تشوّقت إليه وشاعر كبير قريب الدّار  إلا أنّ الظروف أبعدت المزار ، إنّه صاحب (مذكّرات نسّاي ) الشاعر الكبير المعروف ورئيس اتحاد الكتّاب الجزائريين لفترتين ، الرّجل ذو الروح الخفيفة والنكتة القريبة ، والقلب الكبير  ، نزيل ( قدّاشة ) البسكرية أبو القاسم خمّار صاحب السّادسة والثمانين ربيعا..
عَلَمٌ يشار إليه بالبنان لكنّه في تواضع السّنبلة المثقلة ، والأرض التي تُخرج الخِبءَ الثمين ، بإذن ربّها.. زرناه لنتبرّك بأدبه ولنتمسّح  بأعطاف شعره ، عساه يشفع لنا في زكاة الإبداع وخصوبة العطاء الأدبي،  ولنقبض قبضة من أثر جيل الكبار المؤسّسين.
كان الوفد مكوّنا من عصبة مولعة بالأدب والبحث العلمي والتاريخي ، شَغِفَة بالشعر وشجونه ، والكتابة وشؤونها ، الشاعر شارف عامر عرّاب القصيدة العموديّة في بسكرة وحارسها الوفي ، وشحرور الزيبان الشاعر المهندس الأخضر رحموني ( موسوعة بسكرة الثقافية وديوانها المتنقل) ، الشاعر ( المفتّش ) والقاص النّابغة الأستاذ عبد القادر صيد ، والأستاذ عبد القادر بومعزة الباحث في التاريخ، عبد المجيد شريفي مثقف ومحبّ للأدب، وصاحب هذه الأسطار مع ابني أحمد شكيب (أرسلان ) ، وقاد هذا الوفد ميمّمًا قداشةَ المباركةَ ! ؛ الرّوائي والقاص الأستاذ محمّد الكامل بن زيد رئيس اتحاد الكتّاب الجزائريين فرع ولاية بسكرة ، ونحلة الثقافة في بلدية بسكرة الأستاذ صلاح جودي.
لقينا في بيته ببشاشة وحفاوة بالغة ، وكان إلى جانبه ابن أخيه الرّجل المهذّب المثقّف قيس خمّار ، وجلسنا حوله في شغف نتطلّع إلى كلّ كلمة تخرج من فيه ، فندسّها في الصّدور كما تخبأ الماسات والجواهر في حرز مكين ، وقد بدأنا بطُرَفِه التي عرف بها ، إذ قال :
" أنا في الشيخوخة .. ومن كان في الشيخوخة حُرِمَ الشخشوخة " أو كما قال بارك الله لنا في عمره وأدبه. وتشعّب بنا الحديث في شؤون الأدب المتشابكة. وأوّل ما ذكر في الحديث مجلّة ( ألوان ) التي كان رئيس تحريرها  وكان يحرّر  افتتاحيتها  ، ويكتب مقالا ساخرا  تحت عنوان ( مذكرات نسّاي )  كما كان يُعدّ  ركن ( مطارق ) وهو ركن لطيف للغاية ، وكان معه في المجلّة الشاعر عمر البرناوي رحمه الله تعالى .وعندما سألناه عن مذكرات ( نسّاي ) هل طبعت في كتاب أم لا ، قال أنّه حاول جمعها ، لكن ضاعت منه أعداد مجلّة ( ألوان ) التي كانت تنشر بها ، فقال له الأستاذ الأخضر رحموني ، لقد طبعت في مجلدين حسب علمي ، فقال الأستاذ أبو القاسم خمّار : بل طبعت في أربع مجلدات ، فقال له الأستاذ الأخضر: عندي معظم أعدادها سأزوّدك بها ، وقال الأستاذ عبد القادر بومعزة عندي أربعون عددا منها. هي تحت تصرّفك نصوّر لك ما تريد منها ، وشكا لنا الشاعر من كثرة ما ارتكبته المطابع من أخطاء فادحة في دواوينه.. !
كان الأستاذ الأخضر رحموني يستثير قريحته بأسئلته الدقيقة ، ويفتح له مغاليق الحديث ، فذكر حياته ودراسته في دمشق وحلب بالخصوص ، وكيف قضى فيها أربع سنوات ، إذ حصل فيها على شهادة تعادل شهادة البكالوريا اليوم ، ونشر في صحفها كثيرا من شعره ومقالاته ، كما اشتغل بشكل رسمي في صحيفة تشرين التي كانت تصدر في دمشق ، وأثنى على السوريين وقال أنّهم أصحاب حضارة ، وظهر أثر تلك الحضارة في أخلاقهم ، فكانوا في صحيفة تشرين لا يسأل عمّا يكتب أبدا ، كرما منهم ورفعة خلق.
سألته إن كان كتب مذكراته فقال أنّه لم يجد الوقت الكافي لكتابتها ، وهنا كانت المفاجأة والكرم الحاتمي من قبل الأستاذ محمّد الكامل بن زيد إذ اقترح عليه أن يتفرغ للسماع منه ( كاتب هذا المقال) في خمسة جلسات ويكتب ما يسمع منه من مذكراته ، وستقوم دار علي بن زيد للطباعة والنشر بالتعاون مع اتحاد الكتاب ولجنة الحفلات بطباعة هذه المذكرات ، فقال الشاعر الكبير: إن شاء الله نتمنى ذلك.
وساد الجلسة روح النكتة والطرفة ، فقد قال الشاعر أنّه بدأ يعاني من ( الزهايمر ) ، فقال له الأستاذ عبد القادر صيد : كلّنا نعاني منه ، فقال الشاعر على الفور:
-       إذن نؤسس جمعية نسميها جمعية الزهايمر.. !
وكانت طرفة رائعة جاءت على البديهة ضحك لها الجميع ، وبعثت في الجلسة سرورا ومرحا رائعا.
وكنّا كلما ذكرنا عَلَما من أعلام الأدب والشعر في بسكرة إلا ويقول :
ذلك صديقي وكانت بيني وبنه مودّة وكان يزورني في بيتي في ( قداشة ). وقال عن محمّد العيد أنّه كان معتزلا الناس منقبضا عن مخالطتهم ، إلا أنّه كان يزوره في بيته ويقضي معه أوقاتا ممتعة ، وقد مدحه بقصيدة ، يوليه فيها إمارة الشعر ويسلمه لواءه ( كما أوضح رحموني خلال الحديث ) ، ويقول في مطلعها:
أبا قاسم من خمرة الشعر فاستقِ * * فأنتَ بها لا خمرة الكَرْم خمّارُ
وفي ختامها يقول:
وقم بفروض الشّعر عنّي فإنّني * * كبرت وعاقتني عن الشعر أعذارُ  
وبعد جلسة ثقافية دامت حوالي ساعة ونصف ، استأذنا في المغادرة خشية الإثقال على الشاعر أبي القاسم خمّار وإرهاقه ، فقال لنا:
-       لا أبدا ..لقد كانت هذه الجلسة أسعد جلسة لي منذ قدمت بسكرة ( الشاعر يقيم في العاصمة منذ سنوات طويلة ).
والتقطنا معه بعض الصور للذكرى ، ثمّ انصرفنا ثملين ثقافة وفكرا وأدبا رشه بالطيب على قلوبنا ، صاحب قلم ( مذكرات نسّاي ) التي نشأ على أسلوبها وسَنَنِها جيل كامل من الشباب ، كثيرون منهم اليوم هم من أرباب القلم والإبداع.. !      

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق