الصفحات

2018/01/31

إشكالية العلاقة بين التربية والبيداغوجيا واللغة بقلم:الدكتور محمد سيف الإسلام بوفـلاقــة

إشكالية العلاقة بين التربية والبيداغوجيا واللغة 
بقلم:الدكتور محمد سيف الإسلام بوفـلاقــة
 إن أول ما يتبادر إلى ذهن السامع ،عندما يسمع كلمة التربية،كل ما يتعلق بالمدرسة والتعليم،وهي نظرة يرى العديد من التربويين أنها مجانبة للصواب في كثير من الأحيان،إن التربية كثيراً ما تُطلق على تلك الجهود، والنشاطات المتنوعة  التي لها تأثيرات مختلفة في تكوين الطفل، ونموه،كما أنها عبارة عن توجيهات هادفة ،ومُشكلة للحياة الإنسانية،ونُدرك قيمة العملية التربوية عندما نكتشف مدى أهميتها بالنسبة إلى المجتمع،فالتربية تنهض« بوظيفة أساسية في تطوير المجتمع، ورسم مستقبله،وتزويده بالطاقة الحيوية،ممثلة في شباب مفكر مستنير،يُحسن استغلال الموارد الاقتصادية،وتوجيه النشاط البشري للبناء والتعمير والإنتاج،فالتربية-إذن- عملية اجتماعية، وهي  لا تعمل في فراغ، وإنما تتصل أوثق الاتصال بالمجتمع الذي تخدمه، ومن هنا كان الارتباط وثيقاً بين التربية والقومية، وتخفق العمليات التربوية،وتصبح جهوداً مبددة مضيعة،إذا لم ترتبط أهدافها وغاياتها بأهداف المجتمع وغاياته،كما أن التطورات السياسية والاجتماعية والاقتصادية،التي تطرأ على المجتمع،فتغير من أهدافه، وتعدّل من سياسته،تقتضي حتماً تطورات مماثلة في سياسته التربوية، وخططه الدراسية،وإلا وقفت التربية جامدة ميتة،لا يُستجاب لها، ولا يؤمن بها في ذلك المجتمع المتطور، ومجتمعنا العربي يعيش الآن فترة من حياته،حافلة بالنشاط والحركة،متسمة بالتغير والتطور،يشعر فيها كل عربي أنه يستقبل عهداً جديداً،شخصت معالمه، وتميزت سماته، واتضح لكل فرد واجبه الجديد،في هذا المجتمع الجديد،ووظيفة التربية هي تبصير المواطن العربي بمجتمعه وأهدافه،وأوضاعه السياسية والاقتصادية،في هذا المعترك الدولي،الذي تصطرع فيه القوى،وتثور  فيه النوازع البشرية الجامحة،وإذن  فالسياسة التربوية،التي تلائم حياتنا الراهنة،هي التي تُشتق أهدافها من أهداف مجتمعنا العربي،الذي نسعى لدعمه وتعزيزه         » )1(.
             وعن التربية بمعناها العام والشامل، والفوارق بينها وبين التعليم فهي«تشمل  كل أنواع النشاط التي تؤثر في قوى الفرد واستعداده،وتُنميها، وهذه الأنواع من النشاط مصدرها عوامل مختلفة،فلا تشمل التربية ما نقوم به من إعداد لأنفسنا وما يقوم به غيرنا لتنمية قوانا حتى تصل إلى أقصى ما يمكن من كمال فحسب،بل إنها تشمل أكثر من هذا،كل تغيير في غرائزنا وميولنا الفطرية وأخلاقنا،يحدث بطريق غير مباشر من عوامل أخرى لها أهداف غير التربية،كالقوانين الشرعية أو المدنية،ونظام الحكم، والفنون الصناعية، وأساليب المعيشة والتقاليد الاجتماعية...،فهذا المعنى للتربية يشمل كل تنمية منصبة على قوى الفرد واستعداده،وتوجيهها،أما التعليم فيُقصد به نقل المعلومات من المعلم إلى المتعلم،المعلم الإيجابي إلى المتعلم المتلقي،الذي ليس له إلا أن يتقبل ما يلقيه المعلم،فالتربية إذاً ذات معنى واسع شامل لكل نهوض وترقية إيجابية تقوم بقوى الفرد،بينما التعليم ذو معنى محدود يتضمن نقل المعرفة،والتربية بالمعنى العام تقع على جميع نواحي الإنسان:الجسمية والعقلية والخلقية والاجتماعية،والتعليم يُقصد به أولاً  و بالذات نقل المعرفة إلى الفرد كوسيلة للتربية فهو بهذا المعنى محدود جداً بالنسبة إلى التربية وعامل جزئي،وليس فيه من إيجابية الفرد إلا بقدر ما يتلقى به المعرفة»)2(.
               ومع التطورات العلمية والتكنولوجية الحديثة،فقد دخل مفهوم«التكنولوجيا»ميدان التربية والعلوم الإنسانية من ميدان الصناعة،وأحدث ثورة فيها،وقد«دأب التربويون على مواكبة التطورات العلمية عبر التاريخ،والتي هي نتيجة من نتائج عملهم الدؤوب نحو التطور والتقدم،وداولوا دائما الاستفادة من نتائج تطبيق النظريات العلمية والتكنولوجيا الناتجة عن هذه التطبيقات في عملهم،بهدف تطوير الموقف التعليمي/التعلمي،وقد برز هذا المنحى التجديدي عند عدد كبير من علماء التربية،ولاقى حماساً عند عدد من المعلمين نتجت عنه جملة من التطورات في المفاهيم والنظريات والممارسات التعليمية،وقد عرفت منظمة(اليونسكو)مصطلح(تكنولوجيا التربية)بأنه(طريقة منهجية أو نظامية،لتصميم العملية التعليمية بكاملها وتنفيذها وتقويمها استناداً إلى أهداف محددة،وإلى نتائج الأبحاث في التعليم والتعلم والتواصل في استخدام جميع المصادر البشرية،وغير البشرية من أجل إكساب التربية مزيداً من الفعالية)،وجاء في تعريف آخر(إن تكنولوجيا التربية تعني تصميم المناهج والخبرات التعليمية وتقويمها والإفادة منها وتجديدها،فهي مدخل منطقي إلى التربية،قائم على حل المشكلات،إنها طريقة للتفكير في التعليم،وهي:
-تهتم في الأصل بالاستخدام التربوي للوسائل التي ظهرت نتيجة ثورة الاتصالات مثل الوسائل السمعية البصرية،والتلفزيون،والكمبيوتر وغيرها.
-هي طريقة منظمة لتخطيط وتطبيق وتقويم العملية الشاملة للتعليم والتعلم مع الأخذ بعين الاعتبار المصادر الفنية والبشرية والتفاعل بينها للحصول على أفضل شكل فعال للتربية،ومن هذا المنطلق تستخدم تكنولوجيا التربية تحليل النظم بصفتها أداة نظرية).
       ولا ريب في أن التربية لا يمكن أن تعزل نفسها عن العصر الذي تعيش فيه،وقد دأبت عبر تاريخها على التفاعل مع كل جديد بالقدر الذي تسمح به طبيعتها وطبيعة موضوعها الذي هو الإنسان»)3(.
     -مفهوم البيداغوجيا:
           يميز الكثير من الباحثين التربويين بين البيداغوجيا والتربية،بأن البيداغوجيا تشتمل على الجوانب النظرية،أما التربية فهي تركز على الجوانب التطبيقية،فهي بمثابة التجسيد الفعلي للبيداغوجيا،وهي تعرف بأنها علم التربية،وهي كلمة ذات أصول يونانية،وتعني ذلك الشخص المكلف بمرافقة الأطفال،وإرشادهم،وتوجيههم،وتعني بدلالاتها الواسعة مختلف طرائق التدريس،فطرائق التدريس(البيداغوجيا) «أصبحت عنصراً مهماً لا يمكن الاستغناء عنه في الدراسات التربوية،تعقد لها البحوث،وتؤلف فيها الكتب،ويأخذ بها الطلاب في كليات التربية،و معاهد المعلمين،وذلك لصلتها القوية بإعداد المعلمين الناشئين،وتأثيرها المباشر في تأهيلهم تأهيلاً فنياً لمهنة التدريس،وقد انتفع هذا الميدان كثيراً بتجارب علم النفس ومبادئه وأصوله،وعدل كثيراً من طرائقه وأساليبه،في ضوء التجارب النفسية الحديثة»)4 (. 
          ويتفق الكثير من التربويين على أن الأولوية في زمننا الراهن ترتكز على الانتقال من بيداغوجيا الأهداف ومحدوديتها،إلى إستراتيجية أكثر فعالية،وهي بيداغوجيا الكفاءات التي هي آخر الاكتشافات في مجال البيداغوجيا،فقد«جاءت بيداغوجيا الكفاءات لتصحيح أخطاء بيداغوجيا الأهداف،ورد الاعتبار لجميع مكونات العملية التعليمية(البرامج،والمناهج،والمعلم،والمتعلم)بحيث كان التدريس بوساطة الأهداف من أنواع التدريس السطحية والشكلية،لأنه ينطلق من مواقف سلوكية،تُرجع كل شيء إلى سلوكات خارجية قابلة للملاحظة مما يحول الفعل التربوي إلى فعل تعودي،و إلى رد فعل إشراطي يعدم الخصوصية،ويستبعد التفكير والإبداع...
          أما بيداغوجيا الكفاءات فلها جملة من الأبعاد أبرزها تكوين الاتجاه الإيجابي عن التعلم لدى المتعلم،فالإدراكات والاتجاهات تؤثر في قدرة المتعلمين وترسخ الاتجاهات الإيجابية نحو التعلم»)5(.   
مفهوم اللغة:
            عندما نبحث عن تعريف للغة نلفي مجموعة من التعريفات المختلفة،ويمكن أن نتعرض في هذا المجال إلى مجموعة من المفاهيم التي تتصل بموضوعنا،ذلك لأن من يقوم بتعليم اللغة يُفترض فيه أن يكون مُحيطاً بماهيتها، ويُحسن انتقاء التعريف المحدد، الذي يمكنه   من النهوض بالعملية التعليمية على وجه سليم،فالتصور يلعب دوراً مهماً في تحديد مسار العملية التعليمية، والمعروف في البحث العلمي أن الباحث قد يحتاج لما يطلق عليه التعريف الإجرائي،والذي يُقصد به التعريف المعتمد في البحث الذي يُزمع القيام به،وفي تعليم اللغة لابد من ضبط تعريف محدد،والفائدة من هذا الأمر أنه يكشف عن طبيعة اللغة،وعناصرها الأساسية كما يفعل الكيميائي الذي يحلل المادة إلى ذرات في محاولة لتعريفها،وكذلك فالعملية التعليمية-خصوصاً الطريقة- تتأثر بالتعريف،فعلى سبيل المثال المعلم الذي يعتبر اللغة كلمات فحسب يمكن له أن يجعل عملياته التعليمية تقوم على أساس حفظ المفردات،والمعلم الذي يعد الكتابة لغة يمكن أن ينطلق في تعليم الكتابة)6(.
          إن اللغة بمفهومها العام هي أداة للتعبير، وهي الوسيلة الرئيسة للاتصال، والتي يتم من خلالها الإفصاح عن هواجس الإنسان،وعواطفه، ومشاعره، وأفكاره،واللغة وعاء الفكر،وكما يشير الباحث عبد الواحد وافي فهي الوسيلة الأولى لتسجيل منتجات القرائح،ولذلك فقد قيل إنها« مجموع الألفاظ والقواعد التي تتعلق بوسيلة التخاطب والتفاهم بين جماعة من الناس، وهي تُعبِّر عن واقع الفئة الناطقة بها، ونفسيتها، وعقليتها، وطبعها، ومُناخها الاجتماعي والتاريخي»)7(. وفي هذا الصدد أشار ميلر في تعريفه الذي ركز فيه على الجانب الفكري إلى أنها استعمال لمجموعة من الرموز الصوتية، والمقطعية، والتي يُعبر بمقتضاها عن الفكر،ونشير في هذا الصدد إلى اتساع مجالات مدلولها،فيمكن أن نفهم من اللغة أنها:
«1-كل وسيلة لتبادل المشاعر والأفكار كالإشارات والأصوات والألفاظ، وهي ضربان:طبيعية كبعض حركات الجسم والأصوات المُهملة، ووضعية،وهي مجموعة رموز أو إشارات أو ألفاظ مُتفق عليها لأداء المشاعر والأفكار.
2-مجموعة مفردات الكلام، وقواعد توليفها التي تميز جماعة بشرية معينة تتبادل بوساطتها أفكارها، ورغباتها، ومشاعرها.مثال ذلك اللغة الإنجليزية أو العربية. 
3-مجموعة الألفاظ والصِّيغ اللغوية، وخصائص الأساليب الكلامية التي يتميز بها مؤلف ما أو طائفة اجتماعية معينة،فنقول لغة المعري، أو ابن خلدون، ولغة القانونيين أو العسكريين»)8(.
        ويقول ش.موريس إن اللغة هي«مجموعة علامات ذات دلالة جمعية مشتركة،ممكنة النطق من كل أفراد المجتمع المتكلم بها، وذات ثبات نسبي في كل موقف تظهر فيه،ويكون لها نظام محدد تتألف بموجبه حسب أصول معينة، وذلك لتركيب علامات أكثر تعقيداً»)9(.
        ويحلو لبعض الباحثين المشتغلين بتعليمية اللغات اعتماد هذا التعريف نظراً لاشتماله على مجموعة من العناصر الهامة،واهتمامه بالعناصر الجوهرية التي تتشكل منها اللغة،إضافة إلى صلته الوطيدة بتعليم اللغة، ويتساءل الباحث الدكتور خير الله عصار : ماذا يمكن أن نستفيد من هذا التعريف في تعليم اللغة؟ ثم يجيب عن ذلك بقوله:
«أولاً: التركيز على تعليم الأنماط، وليس على المفردات المنفصلة.
ثانياً:أن يقوم المعلم دائماً بالربط بين المواقف، وبين الجمل، وألا يكتفي بالمعاني المعجمية.
ثالثاً: أن يؤكد على النطق وبالتالي على الفهم،وباختصار فإن اعتبار اللغة منظومة من الإشارات(الرموز)المنطوقة-المفهومة التي يرتبط بعضها ببعض بشكل منظم حسب أنماط محددة،يوجه انتباه المعلم بعيداً عن الطريقة التقليدية التي تركز على المعاني المنعزلة للكلمات،وحسب ما ورد في المعجم، وعلى حفظ معانٍ مجردة للحالات الإعرابية، والنحوية،والصرفية»)10(.
          إن اللغة هي بمنزلة النافذة التي يطل المرء من خلالها على العالم،وهي« تسهم بقدر كبير في تشكيل تصوراتنا عن الوجود والحكم عليه،فهي التي تنقل الخبرات الخارجية بمختلف أنواعها إلى الداخل،لينطلق مما تمت مراكمته في التعامل مع الخبرات الجديدة،وفق أساس رمزي تجريدي خاص بالإنسان وحده،ولا ريب في أن من بين أهم الأنشطة التي تعكس الطابع المتعالي للجنس البشري من جهة،وللغة الإنسانية من جهة ثانية،النشاط التعليمي الذي لا يعني سوى نقل كم ما من المعارف إلى المتعلم وفق طريقة معينة،وفي زمن محدد بغرض بنائه فكرياً ونفسياً واجتماعياً،على تعدد وجوه المعرفة وتعقدها...،ومن أجل التمكن من اللغة المراد تعلمها،ولتكن العربية مثلاً وهي موضوعنا هنا،فإنه علينا أن نراعي جملة الفروق الحاصلة بين اللغة المستعملة في الحياة اليومية،وبين اللغة المعلمة،لبناء نوع من الانسجام بين النوعين وإحداث ضرب من التناغم بين المتعلم و بين ما يتعلمه،أي أنه كلما ضاقت الهوة بين المستويين كان مستوى التحصيل أفضل،وخلافاً لذلك،كلما بعدت لغة الاستعمال عن اللغة المدرسة،وجدنا العوائق التعليمية تزداد وتتراكم،والجفوة تطل برأسها بين المتعلم وموضوع المعرفة،لأنه يتعلم ما لا يستعمله،وهو ما تعانيه العربية وما يعانيه المتعلم بسبب الشرخ الحاصل بين المستويين»)11(.
          وقد تساءل الكثير من الباحثين والدارسين عن طبيعة اللغة،هل اللغة فطرية أم مكتسبة؟هل للغة الكائنات البشرية طبيعة مخالفة لطبيعة ما يلاحظ من اللغات عند أجناس أخرى؟
         حيث يؤكد البعض أنه لا ينبغي للفطرية التي أكدها شديد التأكيد ن.تشومسكي وأتباعه أن تعتبر فرضية مجانية تماماً.
               إن اللغة هي مجموع الشروط التي تجعل بناء اللسان ممكناً،وحظوظ هذه الشروط تكون صالحة مهما كان اللسان،فاللغة وظيفة إنسانية،ووظيفة مرتبطة بالجنس،وإذا أمكن اكتساب لسان من الألسن،فذلك راجع-على الأقل جزئياً-إلى الصبغة الفطرية للغة:فكل طفل قادر-باستثناء حالة القصور الذهني-على اكتساب اللسان أو عديد الألسن مهما كان،والطفل الصيني الذي نشأ في فرنسا يتعلم الفرنسية على الوجه الأكمل،ويقابل ذلك الطفل الفرنسي الذي رُبي في الصين،على أنه يجب أن يتم تعلم اللسان الأول في الوقت المناسب)11(  

الهوامش:
(1) عبد العليم إبراهيم:الموجه الفني لمدرسي اللغة العربية  ،ص:424.
(2)د.صالح عبد العزيز وعبد العزيز عبد المجيد:التربية وطرق التدريس،  ،ص:59.
 (3)د.رشراش أنيس عبد الخالق:تكنولوجيا التعليم وتقنياته الحديثة،   ،ص:27 وما بعدها.
(4)عبد العليم إبراهيم:الموجه الفني لمُدرسي اللغة العربية،ص:203.
(5)ضياف زين الدين:أبعاد التدريس بمقاربة الكفاءات،مجلة منتدى الأستاذ، ،العدد:03،   ،ص:57.
 (6)د.خير الله عصار:تدريس اللغة العربية للكبار  ،ص:36.
(7) د.جبور عبد النور:المعجم الأدبي  ،ص:227.
(8)مجدي وهبة وكامل المهندس:معجم المصطلحات العربية في اللغة والأدب، ،ص:318.
(9)د.خير الله عصار:  المرجع نفسه،ص:40.
(10)نفسه،ص:43 وما بعدها.
(11)د.نواري سعودي أبو زيد:محاضرات في اللسانيات التطبيقية  ،ص:.104. 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق