الصفحات

2018/06/28

عادل البطوسى يرثي ليلى العطار ..



عادل البطوسى يرثي ليلى العطار ..
إستشهدت الفنَّانة التشكيليَّة العراقيَّة الشهيرة (ليلى العطَّار) فجر الأحد 27 يونيو 1993م إثر إلقاء قنبلة على بيتها بـ (حي المنصور ببغداد) وقد كتب الشاعر المسرحي (عادل البطوسى) ـ وقتذاك ـ قصيدة باكية في رثائها، وعلى مدى خمسة وعشرين سنة ـ حيث تحل اليوم ذكراها الخامسة والعشرون ـ حرص البطوسى على نشرها كلما حلت الذكرى حيث نشرها في عدة (مطبوعات عربية) وفي عدة (مواقع إلكترونية) وعلى صفحته بالفيسبوك، كما أدرجها بديوانه الشعري البكر (مذبحة الورد) الصادرعن (الهيئة المصرية العامة للكتاب) والذي بكى فيه "البطوسى" أطفال العراق الشهداء وزهراته اللواتي سقطن إثر إلقاء قنبلة على مدرستهن أثناء الحرب العراقية الإيرانية وضمن الديوان عدة قصائد موجهة لشعراء عراقيين ـ وشاعرات ـ من أحبائه ومن أصدقائه (عدنان الصائغ ـ جواد الحطاب ـ أمل الجبوري ـ دنيا ميخائيل ـ لهيب عبدالخالق) إبان الفترة الذي قضاها ببغداد متنقلا بين القلاع الثقافية العراقية ومنها دار الشئون الثقافية ومنتدى الأدباء والمسرح الوطني والقاعات الفنية التي كانت تديرها الفنانة الشهيدة (ليلى العطار) التي تخرَّجت من أكاديميَّة بغداد للفنون، وأنجزت عدة معارض داخل العراق وخارجه، وحصلت على عدة جوائز عربية كجائزة (البينالي) الكويتيَّة، وعالميَّة كجائزة (خوان ميرو) الإسبانيَّة حيث ظلت تدير بكفاءة وتميز وريادة عدة مراكز فنية شهيرة ببغداد حتى إستشهادها رحمها الله رحمة واسعة فكتب "البطوسى" قصيدته في رثائها، وهذا نصها :
(1)
أرسمُ سوسنةً
من شمعِ الوركاء أشكِّلها شاعرة اللَّونِ
تبارك بالطِّين القدسيِّ عذارى ما بين النهرينِ
أسمِّيهَا امرأةً
تعشوشبُ ليلكةُ الوردةِ
فوقَ فضاءاتِ العينين الخضراوينِ
تليلكني في أصصِ التذكارْ
(2)
أرسمُ سوسنةً
أتركُ قيصومَ القلبِ
يدسُّ الشغفَ المقرورَ بقافلةِ الحنطةِ
أرسمُهَا ..
عصفورُ البوحِ
يرجُّ سويقاتِ حسان المنصورِ
اللاتي تحملن جماناتِ الطيبِ إلى الحصَّادين
أسمِّيها ..
الريحانُ العاشقُ فوق شواطيء دجلة
يتحنظلُ في اللوحاتِ
ويدمي أوردة الوردةِ والمرسم والمتحف والقيثارْ
(3)
أرسمُ سوسنة
تخنقني بحبالِ ضفائِرهَا المَجدولةِ
تشعلُ عشبة رُوحي
تشهقُ في حقلِ خرائِطِنا بالبَيدرِ
بينَ يباسِ الرئتينِ
تشرنقُ لؤلؤ بوحي في جفنيها
ينفطرُ على مقلٍ تستمطرُ مزنَ الياقوتِ
أسمِّيها امرأةً
طازجةً .. ناعمةً ..
تتموَّجُ كالأعوادِ الميَّاسةِ في خَدرٍ مُلتاعٍ
والكرمُ اليانعُ ..
يرتعشُ على شبَّاكِ وداعتِهَا حينَ يقبِّلها عصفورُ النارْ
(4)
أرسمُ سوسنةً
ترسمني عصفوراً مذبوحاً يتراقص
يتقطَّر عمري
من نصب الحريَّةِ حتى ساح السعدون
من الكاظم للنجف الأشرفِ
من كرَّادة مريم للكرخِ
من الموصلِ للباب الشرقيِّ
....... مِنَ البصرةِ للحبَّانيَّةِ للأنبَارْ
(5)
أرسمُ سوسنةً
تتفجَّرُ أحشاءُ الروضِ الفنِّيِّ
ويختلطُ دمُ الوردةِ بالألوانِ
ويتفتَّقُ من رئةِ الطمي الملتاع الجسدُ الحنطيُّ
تويجاتُ الوردِ المرشوقة بصراخ الأطفالِ
الصرخاتُ تسندسُ فوق تلال الذاكرة الشائكةِ
طواويسَ الدمعِ الهتَّان
أسمِّيها : ليلى
تتشظَّى فوق بحيرات القيحِ
وفي زمن السنبلةِ
يجسِّدُهَا النورسُ سيدةً للقمحِ
وفي جنَّازِ الموسمِ
يستافُ رمادَ السنبلةِ المبدور بجثث الحنطة في الأهوارْ
(6)
أرسمُ سوسنةً وأسمِّيها امرأةً
أرسمُ سوسنةً وأسمِّيها : ليلى العطَّار ..!!!
........
...................................(عادل البطوسى)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق