الصفحات

2018/08/25

صدور رواية "ميرا" للكاتب قاسم توفيق

صدور رواية "ميرا" للكاتب قاسم توفيق
عمّان:-

ما يجمعه الحب يقتله التطرّف، وتفرّقه الحرب، حول هذا المحور تدور أحداث رواية "ميرا" للكاتب قاسم توفيق الصادرة مؤخرًا عن الآن ناشرون وموزعون في عمّان.
تجري أحداث الرواية في تسعينات القرن الماضي، في مكانين رئيسين هما: مدينة "عمّان"، ومدينة "نوفي ساد" في يوغسلافيا السابقة.
 "ميرا" ممرضة يوغسلافية مسيحيّة، أحبّت"رعد" الأردني  المسلم الذي جاء إلى يوغسلافيا للدراسة بمنحة من الحزب الشيوعي، تزوّجته بعدما اتفقا على أن تظلَّ على مسيحيّتها، وبعد مرور أكثر من ربع قرن على هذا الزواج، الذي أثمر ولدًا وبنتًا، اندلعت الحرب الأهلية في يوغسلافيا. أُصيب "رعد" بالرعب من القتل بسبب ديانته، فقرّر الهرب إلى وطنه الأصلي "الأردن" الذي ما فكّر يوما بالرجوع إليه، وحينها لم يكن أمام "ميرا" من خيارٍ سوى الرضوخ لقرار زوجها، والعودة معه إلى الأردن مع ابنتهما "رجاء" المراهقة الجميلة.
أما ابنهما الجامعي"شادي" -الذي اقتبس الكاتب اسمه من أغنية فيروز المشهورة" شادي"، التي يضيع شادي في نهايتها- فقد قرّر أن يبقى، وأن يتطوّع مع جيش بلاد أمه "صربيا" المسيحي، ضد شعب البوسنة المسلم، وذلك بعدما فشلت كل محاولات الأبوين في إقناعه للعدول عن قراره، وردعه عن المشاركة في هذه الحرب الطائفيّة، التي هي حرب ضد أهل ملّته.
وصلت "ميرا" مع عائلتها إلى الأردن، وتكيّفت مع أسلوب الحياة في عمّان، ومارست التمريض، مهنتها القديمة، وأصبحت تقدِّم خدماتها المجّانية لقريبات زوجها ولجاراتها اللواتي كنّ يلجأن إليها لإعطائهن وصفة طبية لأمراض خفيفة، أو لحقنهن بالإبر، أو لمساعدتهن في الحمل والولادة، وبذلك تقبَّلها أهل زوجها، وجيرانها، باستثناء البعض الذين استنكروا عليها بقاءها على دينها، وتمسّكها بعاداتها الغربيّة.
أما "رجاء" الصغيرة، فقد نُزِعت عنها طفولتها وعذوبتها، وغلبت عليها الشراسة طول الوقت، إذ لم يعد يروق لها لباس أمِّها غير المحتشم، ولم تعد تحتمل أن تراها تكلّم جارًا أو بقّالًا، أو أي رجل غريب، فقد انكبّت منذ عودتها على قراءة الكتب الدينية، وارتدت الحجاب، وانضمت إلى جمعية حزبية دينية بإقناع من عمتها العانس الثَّرية الملتحقة بإحدى جماعات الدعوة، والتي تكفّلت بها منذ عودتها نتيجة ضيق يد أبيها الذي وجد في بقاء ابنته عند عمتها نوعًا من التخلّص من عبء احتياجاتها، دون أن يدرك أن العمة ستجعل لاحقًا من ابنته فتاة متديّنة متعصّبة.
بعد أن تنتهي الحرب، يُفاجأ "رعد"و"ميرا" اللذان مضى على وجودهما في عمّان حوالي أربع سنوات، باتصال من يوغسلافيا، يخبرهما أن "شادي" حيّ، وأنه يريد الالتحاق بهما في الأردن.
يعود "شادي" الذي نجا من الحرب بأعجوبة فارغًا من كل شيء يمكن أن يملأ حياة شاب في مثل عمره، فقد قتل الكثيرون من أصحابه، ولم تعد حبيبته بانتظاره، وهو ملزم باتباع دين أبيه، وأن يعيش عمره على دين أمه، ولذلك رفض الدينين، وأصبح يرفض كل ما يراه الآخرون صحيحًا، وصارت تتلبّسه نزعات عدوانية رافضة لكل شيء، فهو لم يفكّر في البحث عن مهنة يعتاش منها، أو حرفة أو هواية تنشله من وحدته، فتحوّل إلى شاب عابث مغامر، لا يتقن غير اللهو، إلى أن يقرّر أن يتحوّل إلى الجنون لكي يجد مبرّرا لسلوكياته الشائنة التي لا تتوافق مع عادات الناس وثقافتهم.
"شادي" الذي قاتل المسلمين في وطن أمه بالأمس، أقدم اليوم بعد سنوات قليلة من عودته إلى عمّان على طعن أمه بسكّين المطبخ عشرات الطعنات، إلى أن تأكد من أنها قد فارقت الحياة، ممزقا جسدها الرقيق الناعم، وذلك بعد أن سمع بعض الرجال الذين خسروا في لعب القمار معه يصفونها بالمومس.
قيل إن شادي مريض وفاقد للأهلية، وإنه يتعالج من الجنون في مستشفى الفحيص، لم يحسم أمر هذه الفاجعة، ولم يتّفق الناس على رأي واحد يشرح كيف يُقدِم ولد على قتل أمه. "شادي" وحده من كان يعرف الحقيقة.
يهتم  قاسم توفيق في هذه الرواية بتقنيات السرد الروائي، وينوّع فيها؛ وذلك للإحاطة بتفاصيل الأحداث، وزيادة تماسكها وترابطها، فيستخدم السرد بضمير الغائب، مقدِّمًا من خلاله وصفًا  لدواخل الشخصيات ومصائرها، دون انحياز نحو مواقفه وأفكاره، ويلجأ أيضا إلى تقنية الاستباق بذكر الحدث قبل وقوعه والإخبار عنه كما فعل منذ بداية الرواية إذ أخبرنا أن "شادي" سيقتل أمه في النهاية،( كما فعل ماركيز في روايته الشهيرة قصة موت معلن)، وذلك دون أن يؤثر على عنصري التشويق والإثارة في الرواية. كما يعمد إلى حذف وإسقاط فترات زمنيّة دون أن يورد ما وقع فيها من أحداث لا تلعب دورا مباشرًا، أو مهمًا، في نمو الرواية وشخصياتها، ويقدّم  لنا الكاتب عناصر العمل الروائي  من خلال وصفٍ واقعي للأمكنة والأحداث  والشخصيات، مضفيًّا بعدًا واقعيًّا وحقيقيًّا على الأحداث. 
يذكر أن قاسم توفيق روائي وقاص أردني، يُقيم في «عمّان»، أكمل تعليمه الجامعي في الجامعة الأردنية حيث تخرج فيها عام 1978 بدرجة بكالوريوس في الأدب. عمل في القطاع المصرفي منذ تخرُّجه من الجامعة الأردنية في عددٍ من الدول العربيّة والعالم، إلى أن تقاعد ليتفرَّغ لمشروعِه الأدبي في الرِّواية عام 2013.
 بدأ الكتابة عام 1974 بنشر مجموعة من القصص القصيرة في الصحف والمجلات الأردنية والعربية، أصدر أوّل مجموعة قصصيّة أثناء دراسته في الجامعة الأردنية بعنوان «آن لنا أن نفرح» سنة 1977. برز اسمه في عالم الأدب محليّاً وعربيّاً مع إصدار روايته الأولى «ماري روز تعبُر مدينة الشمس» التي لقيَت أصداء واسعة لِما احتوته من إبداع على مستوى الموضوع والنص، أعيدت طباعتها سنة 2007 في رام الله- فلسطين، وصدرت طبعتها الثالثة في عمّان سنة 2010.
أصدر اثنتي عشرة رواية، وخمس مجموعات قصصيّة.
صدر له من الروايات:
"ماري روز تعبّر مدينة الشمس"، بيروت، 1985، "أرض أكثر جمالاً"، بيروت، 1987، "عمّان ورد أخير"، بيروت، 1992، "ورقة التوت"، القاهرة، 2000، "الشندغة"، رام الله، 2006، "حكاية اسمها الحب"، رام الله، 2009، "البوكس"، عمّان، 2012، "رائحة اللوز المر"، عمّان، 2014، "صخب"، بيروت، 2015.
"حانة فوق التراب"، عمّان، 2015، "فرودمال"، عمّان، 2016، "نزف الطائر الصغير"، بيروت 2017.
ومن المجموعات القصصية القصيرة: "آن لنا أن نفرح"، عمّان، 1977، "مقدّمات لزمن الحرب"، بيروت، 1980، "سلاماً يا عمّان سلاماً أيتها النجمة"، بيروت، 1982، "العاشق"، عمّان، 1987، "ذو القرنين"، عمّان، 2009.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق