الصفحات

2018/09/21

عادل البطوسى ومعزوفته الرائعة : يا راجويا بقلم : هيام سليمان


عادل البطوسى
ومعزوفته الرائعة : يا راجويا
بقلم : هيام سليمان
(مبدعة سورية تقيم في فرانكفورت)
يطوى الموت كل شيء، لكن الفن يعود ويطوى الموت وكل شيء ، ها هوذا إشعاعه يزداد تألقاً عاما بعد عام .. يجتاز الحدود ـ بين الأجناس الأدبيَّة واللونيَّة ـ دون جواز سفرٍ ، يغزو القلوب والأفكار غزو عاشقٍ لا غزو حاقدٍ .. يُحاكي الشعور والشعوب بلغةٍ شعريةٍ ساحرة .. ها هوذا يحلِّق كالنوارس بعيداً بعيداً ويتجاوز حدود البحار والشطوط .. وعبر نصٍّ حداثيٍّ جديدٍ متمرِّدٍ .. يصرخ المبدع المجدِّد .. أنا المسرح .. أنا اللسان .. أنا الضمير .. أنا الذي غنَّى وأغنى الحياه واغتنى .. أنا الفن الذي أشاطر شعبي آلامه وآماله .. خيباته وانتصاراته 
هذا ـ في تصوُّري ـ ما يعزفه البطوسي في رائعته "ياراجويا" المذهلة بلغتها الشعريَّة وروافدها الأسلوبيَّة والسينوغرافيَّة ، وكل ما فيها من مظاهر الحداثة والمغايرة والفرادة والمحاور المبتكرة التي تنطوي على كل ما يرافق البحث عن الحقيقة من شوق وقلق وأرق وفوز وفشل وملابسات تفوق حد المعقول ، فنعزوها الى الأقدار وأحكامها التي تجيء كثيراً ضد إرادتنا الإنسانية حسب المعاني المستخلصة من قدريَّة الأحداث في سيرة "يارا" راقصة الباليه الرائعة الجميلة كل الجمال أو "جويا" النحَّات العبقري الـ "نصف مجنون" ..!! 
لقد ترجم البطوسى عبر هذا النص المبهر غير المسبوق في مناح إبداعية عديدة كل ما في النفس البشرية من حنين الى الكمال والحرية  كما ترجمت الحرية كل ما في الأعماق من توق إلى الإنعتاق من الأوهام والتحرُّر من قيودٍ مختلفةٍ عبر لوحاتٍ راقصة من أشهر الباليهات وعوالم مدهشة من أعمال تشكيلية ولوحات عالمية وموسيقا خالدة ..
ياراجويا نص كالثمرة الناضجة على شجرة الحياة .. بلغته الشعرية الفائقة العذوبة .. يعزف مقطوعات منوَّعة من أبدع ما أنتجه العقل البشري من شتى الفنون .. ياراجويا تنم على سعة الإطلاع والخبرة المسرحية واستقامة التفكير وبراعة التعبير وحسن الذوق والإرث الثقافي المتنوِّع الروافد .. ذلك هو التجديد في التجريب وتلك هي عظمة الحقيقة ، فإذا كان الفن إجمالاً ـ في بعض تعريفاته ـ هو خلاص البشرية وخُلاصتها وإذا كانت المتعة درب الخلاص ، فإن هذا النص بهذا الشكل المميَّز الذي إبتكره البطوسى هو خلاصة وخلاص ، هو معادلة ملوَّنة بكل أنواع الأفكار والمشاعر لفن "المونودراما الشعرية المزدوجة" الذي ينبغي أن ننسب للبطوسى ـ وهذا حقه المشروع ـ السبق فيه والريادة .. المجد لهذا الصرح الجديد ، المجد للبطوسي على كل هذا الإدهاش ....!!!

هناك تعليق واحد: