الصفحات

2018/11/13

أبو الهول الصامت... بقلم: عبدالقادر رالة

أبو الهول الصامت...
بقلم: عبدالقادر رالة
     كان جمع البطاقات البريدية أحب الهوايات إلي قلبي وألذّها في مرحلة من مراهقتي  ، وبالأخص البطاقات التي تحمل صورا للجبال والواحات في صحرائنا الجميلة ، أو تلك أن تحوي أثارا عالمية خالدة من كوريا ، الصين ، اليابان ، اسبانيا ،تركيا ، المغرب واسبانيا...وأكثر ما كان يعجبني آثار مصر ، وما كان يدهشني في تلك الآثار أبو الهول الصامت وسط صحراء لا تختلف عن صحرائنا بل هي امتداد لها ..
    ورغم أن تلك البطاقات اندثرت وضاع أغلبها إلا بطاقة لأبي الهول لا زلت احتفظ بها بين ثنايا كتاب لأنيس منصور ، ولما فتحت الكتاب البارحة أريد قراءته التقطت البطاقة فحملتني إلي أيام ماضية وحملت إلي أسئلة مستعصية... رغم ما قرأته عن ابي الهول من مقالات ونصوص أدبية ، والتقيت به في أكثر من فيلم مصري مثل فيلم الليلة الموعودة بطولة احمد زكي وتيسير فهمي... إذ أطلق زكي تعليقا ساخرا من أبي الهول فأضحك ذلك حبيبته ...لا أزال أتذكر اللقطة لكني نسيت الحوار وكل الذين زاروا مصر فتنوا بأبي الهول وكتبوا عنه...
   وأشهرهم غوستاف فلوبير الذي كتب ( ونظر إلينا هذا الوحش الجبار العجوز نظرة جامدة مخيفة ، ولن أنسي ما عشت الانطباع الغريب الذي خلفه ذلك المنظر في نفسي ، وقضينا ثلاث ليال عند أقدام هذه الأهرامات القديمة ، والقول الصريح أنها رائعة ، وكلما أطلت إليها النظر كلما بدت لك أكبر وأضخم)ــــــ  سلامبو ؛ ترجمة وتقديم رحاب عكاوي ـــ
  أما بقايا أنفه الأفطس فثلاثة متهمون تاريخيا بمحاولة تحطيم أبا الهول لأغراض استعمال حجارته ، حسب أقوال كتب التاريخ ، فالأول هو الخليفة العباسي المأمون ، والثاني فاطمي نسيت اسمه ، والاثنان ينتميان إلي مصر وتنتمي هي إليهما حضارة وتاريخا ، والثالث نابليون بونابرت الذي تداولت أغلب البحوث أنه رمى أبا الهول بالمدافع  ، لأن صمته وسط الصحراء أثاره ورأى  فيه رمزا للحضارة المصرية العظيمة التي هي باقية مع الزمن ولن تفنى أبدا....
  والعجيب إن كتاب الحداثة يتهمون المأمون لكي ينالوا من الحضارة العربية الإسلامية ، والكتاب القوميين يتهمون نابليون مؤكدين ان الاستعمار الغربي يكره الشرق بجميع حضاراته  القديمة والإسلامية وانجازاتها...
والاختلاف الذي لم يحل حتى الآن أيضا هو هوية أبا الهول ، ولماذا أنجز في ذلك المكان؟ غير بعيد عن الأهرامات؟....
 ولماذا اختير جسم أسد ولم يُختر الكركي ، التمساح  أو الذئب رسوم الحيوانات الأكثر تواجدا علي جدران المعابد المصرية....
 ربما الأسد رمز القوة ومصر كانت الأقوى في ذلك الزمن!...
 والرأس رأس رجل الحكمة والتكتيك والتفكير !...
 وسط الصحراء آي أفضل مكان للسلام والسكينة والهدوء المبدع!....

·         الجزائر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق