الصفحات

2009/12/31

نشرة مؤتمر أدباء مصر بالإسكندرية -العدد الأخير

نشرة مؤتمر أدباء مصر بالإسكندرية- العدد الأخير
رئيس تحرير النشرة/أحمد المريخي
حتى مطلع الفجر
الأدباء يمطرون الإسكندرية شعرًا

ليلة أمس أمطرت الإسكندرية شعرًا فسمع صوته القاصى والدانيّ، جموع الشعراء فى ربوع مصر أبت إلا أن تُسمع البحر ما يضرم فى أحشائها من صور وخيالات تجلت فيها الروح الإنسانية العميقة لمصر الشاعرة.
من مركز الإبداع هذا البناء الفنى البديع، إلى شاطيء البحر، إلى غرف الفنادق، إلى الشوارع والمقاهي، تتابعت الموجات، وكلما احتضنت موجة أخرى تعالى صوت الشعر لامسًا أرواح المارةِ والعابرين.
امتلأ مقهى «علولة» بالشعر بجمهور الشعر من مختلف الفئات عندما تسرب صوت الشعر إليه؛ إندهاش المارين والعابرين- هؤلاء الذين قرروا الدخول إلى المقهى فضولاً وشوقًًا- جعل الشعراء، بل كل شاعر يتجلى كحالة خاصة من الوجد.
الأمر لم يختلف كثيرًا فى فندق كليوباترا، وغرف فندق قاعود وساحته حتى كافيتريا مركز الإبداع.. لم ينتظر الشعر برنامجًا رسميًا ليصدح فى سماء الإسكندرية، معلنًا أنه لا يزال فى عنفوان توهجه.
الشعراء الذين تنوعت أسماؤهم جاءوا من كل ربوع مصر، وكانوا- وإن تباينت رؤاهم وأصواتهم وخصوصياتهم- يطمئنون جمهور الشعر إلى أن ابنائه لا يزالون قادرين على تجديد حيويته. وقد أبدع الشعراء فى مقهى «علولة»، ومنهم.. أحمد عواد، جمال عدوى الهلالي، حسين علام، محمد طعيمة، محمد طايل، محمد فرج، محمد أمين خربوش، سيد الطيب، أيمن صادق، عبد الله حسن رمضان، أشرف دسوقي، سالم الشهباني، عزة الزرقاني، محمد أبو المجد، وغيرهم كثيرون..
وفى كليوباترا أبدع الشعراء، ومنهم.. أشرف البولاقي، سعيد قنديل، محمد عبد العليم، أمل درويش، ربيع محروس زيادة، محمد أمين إسماعيل، محمد رشدى عبد الباسط. عبد الله الهادي، راضية علي، عماد حسني، عبيد عباس، إبراهيم حامد، كرم فصاد، عبد الصبور السايح، محمد درة، محمد تمساح، إبراهيم رفاعي، على قراقيش، منى عوض، هبة السركي، محمد الشاذلي، ميرفت خالد، محمود مغربي، فتحى عبد السميع.

شكرًا لهذه الأمانة

الاختلاف منح مساحة لإثراء رؤى أعضاء أمانة مؤتمر أدباء مصر فى دورته الـ24.. الاختلاف هو ما جعل موضوع المؤتمر ومحاوره المتنوعة نابضة بالحيوية، بعيدة عن التكرار والقوالب الجاهزة، قريبة من رؤى المستقبل ومنفتحةً عليها..
تحية للشاعر فتحى عبد السميع أمين عام المؤتمر على إخلاصه للشعر والشعراء وللمؤتمر وأمانته..
تحية للناقد د. هيثم الحاج على رئيس لجنة الأبحاث وأعضاء لجنته على سعة صدرهم وجهودهم المتميزة..
تحية للروائى حمدى البطران رئيس لجنة التنظيم وأعضاء لجنته. وتحية لكل أعضاء الأمانة الذين أسهموا فى إنجاح المؤتمر..
تحية للشاعر محمد أبو المجد مدير الثقافة العامة لاحتوائه لكثير من المشكلات التى واجهت الأمانة..
تحية للشاعر سعد عبد الرحمن رئيس الإدارة المركزية للشئون الثقافية على تعاونه المثمر مع الأمانة وأعضائها والمؤتمر.
تحية للناقد د. مصطفى الضبع المشرف العام على إدارة مواقع الهيئة الإلكترونية وفريق العمل المصاحب له عزت إبراهيم، حامد أنور، ومحمد غريب، ومحمد ماهر وعنوان موقع المؤتمر www.odabaaelaqaleem.com.eg
تحية للسيدة ميرفت واصف مدير إدارة الإعلام بالهيئة وفريقها المعاون وتحية للسيدة إيمان عقيل مدير إدارة العلاقات العامة ووكيل الإدارة محمد عزت.
وتحية لكل من تعاون مع المؤتمر من الإسكندرية.
وأخيرًا وليس آخرًا تحية كبيرة للناقد د. أحمد مجاهد على جهوده وإنجازاته ليس لمؤتمر أدباء مصر وحسب، إنما للثقافة فى أقاليم مصر المختلفة.
جدير بالذكر.. أنه تم إهداء هذه الدورة لاسم الشاعر الراحل كامل عيد رمضان، وكانت الأمانة العامة للمؤتمر قد وافقت بالاجماع على تكريمه وإطلاق اسمه على تلك الدورة (2008 – 2009).

طلب: لا يوجد فى تراثنا مفهوم متكامل للحرية .. وبندق: الشعر ممثل للكون

عُقدت مساء أمس جلستان بحثيتان الأولى «مفهوم الحرية ولغة الرمز»، للشاعر د. حسن طلب، والثانية بعنوان «الشعر سفيرا فوق العادة» للشاعر مهدى بندق.وفى الجلسة الأولى انطلق حسن طلب فى دراسته من مقولة السهروردى «الرمز لا يُرد» موضحًا أن الاحتمال فى الرمز يغلب على اليقين، والتعدد يغلب على الوحدة، وكذلك التلميح على التصريح مؤكدا على علاقة الرمز بمفهوم الحرية، إذ إن الحرية لا توهب لأنها إن وهبت فقدت معناها وربما تحولت إلى عبودية، وقال طلب إن الحرية عملية معقدة، والرمز يحميها ويعضدها، مشيرًا إلى أن مفهوم الحرية متسع ومرتبط ارتباطًا وثيقًا بالرمز، فالحريات متعددة بحسب زواياها، وكذلك الرمز فهو شجرة من الدلالات والمعانى تزيد وتنقص بحسب الظروف.
وقال طلب إنه لا يوجد فى تراثنا مفهوم متكامل للحرية خاصة فى التراث العربى الإسلامي، مشيرًا إلى أن الحرية تريد أن تنطلق من منطق خاص بعيد عن الأديان. كما أشار إلى علاقة الحرية بالشعر وقال إنه لا يوجد فى الشعر مصطلح واضح عن الحرية، أما بالنسبة للرمز فلابد له أن يقترب من اللغة الجمالية، واللغة الرمزية هى القيمة الجمالية التى تكون فى صالح الأدب والتذوق.
وفى الجلسة البحثية الثانية «الشعرُ.. سفيرا ً فوق العادة» تحدث الشاعر مهدى بندق فى علاقة الشعر بالمعرفة والجمال، واقفا على مقولة «المعرفة جوهر مستقل عن الأشياء المطروحة فى العالم»، ومشيرا إلى أن العلم الحديث برهن أن الوعى ليس شيئا يضاف من الخارج إلى دماغ العارف، وإنما هو مجلى لوظائف المخ العليا أوهو أرقى وظائف هذا المخ وقت يمارس دوره، ليس بمثل ما تمارس المعدة وظيفة هضم الطعام، والقلب وظيفة ضخ الدم فى أعضاء الجسم حسب، وإنما بتجاوزه– أى الوعي- لحدود الوظيفة ورتابتها، منطلقاً إلى التفتيش عن مبرراتها، ومعززاً قدراتها بقدرته هو على الابتكار والخلق وإعادة الإنتاج بالتذكر، وحذف المنتج البالى بالنسيان.
إذن لابد من الاعتراف بأن الوعى إنما هو تمثيل للكون ما دام يلتزم بشروط صاحبه وقوانينه، ولكنه التمثيل القادر- بالأقل عند بعض الناس - على إنتاج المعرفة والجمال، حسب المعطيات الواقعية التى لا تعكر عليها أوهامُ السلف، وبهذا الفهم الحداثى صارت المعرفة علما، وكذلك الجمال، و لم يعد ينظر إليهما أحدٌ – إلا أنصاف المتعلمين – بوصفهما «إلهاما» يأتى من خارج الكون المادي.
وأما الشعر فقد أبت عليه طبيعته أن يرضى بدور التابع للعلم. وكيف له أن يفعل هو الذى ُفطر على المغامرة واقتحام المجهول سواء فى عوالم المعرفة، أو فى سماوات الفن المشعة بالجمال السرمدي؟.
كان الشعر ولا يزال يعد نفسه ممثلاً خاصا للكون .. سفيرا ً فوق العادة، فلقد برز إلى الوجود من ذات المادة الأزلية التى شكـّلت الكون (ويمكن أن ندعوها الملموس الظاهر ومعناه الباطن فى جديلة واحدة) بل لعله – أى الشعر - قد رأى أن كل ما فى الكون محض قصائدَ وإن تزيت بأزياء مختلفة.
ترى أين يكون موقع الشعر فى هذا البناء الجديد؟ لعله يقبل (أو لا يقبل) بمنصب العضو المنتدب، أو المراقب العام .. بالنظر إلى طبيعته التى تأبى عليه أن يكون له رئيس، حتى لو كان هذا الرئيسُ هو العقل ذاته، وإن قبله صاحبا وصديقا.

د. عبد الغفار مكاوى.. وحوار متجدد حول ثورة الشعر الحديث

فى المائدة المستديرة عن كتاب (ثورة الشعر الحديث) للدكتور عبد الغفار مكاوى والتى رأس جلستها د. عبد المنعم تليمة رئيس المؤتمر وحضرها عدد كبير من النقاد والأدباء والإعلاميين. بدأت الجلسة بحديث د. عبد الغفار مكاوى عن جيله، وعن الأساتذة الذين تعلم على أيديهم ومدى تأثره بالطابع الموسوعى الذى اتسموا به وأخذه منهم فقال د. مكاوي: جيل الرواد تعلموا الموسوعية من طه حسين والعقاد , والثقافة العربية كانت تحتاج إلى هذا.. فطه حسين مثلاً له دور كبير فى الترجمة فهو ممن فتحوا أبواب ونوافذ على الثقافة الإنسانية والعالمية. كذلك دور زكى نجيب محمود وعبد الرحمن بدوي، وغيرهم، فالموسوعية كانت من سماتنا باعتبارنا أنا وجيلى تلامذة لهؤلاء.. وذكر أن موهبته الأدبية بدأت معه منذ أن كان عمره 10 سنوات وكان اتصاله بصلاح عبد الصبور دافعًا لإنصرافه عن الشعر واتجاهه إلى الترجمة ولكنه استفاد من كتابته للشعر فى بداية حياته فى ترجمته للشعر.
وتحدث الدكتور عبد المنعم تليمة قائلاً: د. عبد الغفار مكاوي أصيل وهناك انتقالات فنية فى الحركة الشعرية العربية فمثلا قصيدة التفعيلة نقلة فنية كبرى واستقرت. ثم جاءت النقلة الأخرى المتمثلة فى قصيدة النثر سواء قصيدة النثر المكتوبة بالفصح أو المكتوبة بالعامية.
وبدأت المداخلات من الحضور بتوضيح للدكتور محمد زكريا عنانى ذكر فيه أن د. عبد الغفار مكاوى بدأ مشروعًا فى هذا الكتاب يذكرنا بالمشروع الثلاثى الذى طرحه د. طه حسين وعبد الرحمن العبادى وأحمد أمين فى التأريخ للمشروع الإسلامى فمن يتأمل العمل يرى شيئًا ما يثير التساؤل، أين شكسبير وبقية شعراء الإنجليز من الكتاب وأين بوشكين وبقية شعراء روسيا. لعل هذه مرجعه لانشغال ثنائى المثلث عن القيام بدورهما فى إنجاز الجزء الخاص بهما .
وقد علـّق د. مكاوى على هذا التوضيح بقوله: التقيت يوماً بصلاح عبد الصبور وعبد الوهاب البياتى فقال عبد الصبور إنه انتهى من مسرحية (مآساة الحلاج) وفى نفس اليوم اتفقنا على أن يترجم البياتى تطور الشعر السلالى الروسى , وصلاح عبد الصبور قال إنه سيترجم الشعر الأنجلوساكسوني، ولكنهما لم ينفذا ما اتفقنا عليه لانشغالهما بإبداعهما الشعرى, فعندما سألت صديقى الشاعر المرحوم صلاح عبد الصبور عما وصل إليه فوجئت أنه لم يفعل شيئاً. كذلك البياتى بينما أنا ترجمت الجزء الخاص بى وهو مادة الكتاب الذى بين أيديكم .وأنا أرى أنهما كانا محقين لأن الترجمة قد تأخذ المبداع من إبداعه
وفى تساؤل د. فاطمة قنديل: قالت لدى شيء من التوجُّس حول الحديث عن المثقف الموسوعى وأتساءل عن دور المثقف المؤمن بتداخل الحقول المعرفية فى مجال بعينه أو فى نقطة بعينها..
ورد د. مكاوى قائلاً: نحن الآن ما زلنا بحاجة إلى قدر من الموسوعية رغم اتجاه ثقافة العصر نحو التخصص الدقيق
د. حسن طلب: حول مشكلة العلاقة بين الشعر والفلسفة فى هذا الكتاب أجد لمحات تشير إلى علاقة الفكر بالفلسفة ولكن هذه اللمحات فى واقعنا الثقافى إلى الآن لا تكفي. ونحن نريد من هو مؤهل لكى يقرر لنا هذه العلاقة وأظن أن د. عبد الغفار مؤهل لذلك.
فقال د مكاوي: هناك اتصال وثيق بين الشعر والفلسفة مع الفارق الكبير بينهما ولو أخذنا على سبيل المثال واحداًمثل هيدجر نجده رغم رداءة أسلوبه فى اللغة الألمانية لكنه لعب دوراً أدبياً هاماً فكان يرى أن الميتافيزيقية وصلت لنهايتها مع نيتشة وماركس، ويرى أن الشعر والفلسفة يسكنان على قمة جبلين فهما معاً رغم انفاصلهما، وفضله يرجع إلى أنه سلط الضوء عل هيلدرلينف وهو واحد من أهم شعراء ألمانيا، بعد أن كان مظلومًا فى الحياة الثقافية . من هنا لا انفصال بين الشعر والفلسفة وأتمنى أن يدخل الدكتور حسن طلب وهو شاعر ودكتور فى الفلسفة فى القيام بهذا الدور.
الشاعر عبدالمنعم عواد يوسف: كلنا تأثرنا بهذا الكتاب وربما أنه دفعنا إلى التجديد فى الشعر وميزة هذا المؤتمر أنه وضع فى أيدى الشباب هذا الكتاب، فإصدار هذا الكتاب القّيم فرصة ليقرأه الشعراء الشباب.
الشاعر أحمد سويلم: ترجمة الشعر من أصعب الأعمال وعند قراءة هذا الكتاب أجد سلاسة وبساطة وكأنه لم يقابل أيّة صعوبة فى الترجمة، وأرى أنه من المهم جدًا الإشارة إلى الصعوبات التى واجهت الدكتور عبد الغفار فى ترجماته والحديث عن أن الترجمة خيانة للشعر ومثل هذا الكلام.
د. مكاوى: الشعر كالفعل الصوفى فتجربة الشعر عندى هى تجربة اتحاد صوفى. فحين تحب النص وتتمنى أن تكون أنت الذى كتبته بلغتك. كل هذا رغم أنى لست شاعرًا وكنت أتمنى أن أكون شاعرًا،وهناك جوانب أخرى هامة مثل إتقان اللغة ومعرفة حياة الشاعر وسياق عصره وحضارته وظروفه الاجتماعية، فكل هذا يضئ النص، ولا يمكن إخراج الشعر من التاريخ لأنه كتب فى لحظة تاريخية.
د. سيد البحراوي: التجارب الشعرية التى قامت عليها نصوص هذا الكتاب وهذه النصوص تنتمى لمرحلة ما بعد الحرب العالمية الأولى وهى تنتمى لشعر الحداثة وليس الشعر الحديث، لهذا هل يمكن أن نتساءل عن طبيعة عنوان الكتاب ؟
د. مكاوى: كتابى يتناول الشعراء الثلاثة الذين أثروا فى الحداثة الشعرية وهم بودلير، رامبو، مالارميه، فقلت إن النماذج الشعرية توقفت عند آخر عقد الستينات وما بعد المؤسسين الثلاثة هم بداية النزعة الحداثية.. أى نزعة ما بعد الرومانسية التى تقوم على التشظى والمعادل الموضوعى والتشيؤ وتهميش المجاز فهؤلاء الحداثييين جاءوا بعد السبعينيات. ومن هنا كانت تسمية الكتاب بثورة الشعر الحديث وليس الحداثى .
الشاعرة فاطمة ناعوت: ماذا عن ترجمة الشعر شعرًا فالحديث فى المقدمة أنه قام بهذا من قبل وشكسبير ومحمد عنانى وصمويل بكت ولويس عوضوغيرهم، إذ قال الإيطاليون أيها المترجم أيها الخائن فما درجة الخيانة ومقياسها الإجرامى إذا ترجم الشعر شعرًا ؟، وهل الخيانة تنقل النص المُترجم من نص إلى نص آخر؟.
د. عبد الغفار مكاوي: سؤال مشروع جدًا فالإنسان عندما يتأثر بنص أجنبى ويقرر نقله إلى لغته فهذا يؤدى إلى مشكلة لأنه لا يمكن نقل النص إلى لغة أخرى بل الأفضل قراءته فى لغته لكن هناك ضرورة حضارية وتاريخية لذلك، فمثلاً ملحمة جلجامش التى ترجمتها للعربية عثر على ترجمة لها فى اللغة الحبشية كذلك وجد بعض ألواح هذه الملحمة فى تل العمارنة لأن أفلاطون دولته كانت مترامية الأطراف. فالترجمة ضرورة وقد قلت فى المقدمة هل يمكن أن نعصب أعيننا على تجارب كبرى فى الشعر العالمي، لكن ليس كل من يتقن اللغة حتى لو كان استاذًا جامعيًا يصلح لترجمة الشعر، فلابد أن يقوم بها أديب قوى فى لغته وحبذا لو كان شاعرًا. ودافعى إلى الترجمة هو الحب لأن حبى للنص يكون دافعًى الأول لترجمته.ومع هذه فيجب النظر إلى الترجمة كعلم بل هى الآن علوم ونظريات كثيرة , وهناك معاهد متخصصة فى الترجمة، وأتمنى وجود هذه المعاهد فى مصر متخصصة فى الترجمة للذى تخرّج من الجامعة وليس للذى حصل على الثانوية العامة ليترجم فى مجال تخصصة.
وفى سؤال لمحمد آدم: لماذا تفشل الفلسفة والفكر الفلسفى فى عالمنا العربي؟.
د.مكاوى: مشكلة فشل الفكر الفلسفى عندنا معقدة، فلابد من الحرية والإيمان بحرية التعبير وأن تكون الحرية حقًا دستوريًا رغم أن التاريخ أظهر أن هناك حالات فردية خالفت هذه القاعدة، ففى أزمنة محنة ظهر شعراء وفلاسفة كبار مثل ابن خلدون، كذلك علم الكلام ظهر فى عصر إرهاب المأمون للمفكرين من خلال ما سمى بمحنة خلق القرآن ورغم هذا ازدهرت الفلسفة، لكن هذه حالات فردية لكن الفلسفة لا تزدهر إلاّ فى وجود حرية حقيقية فى التعبير، لكن التاريخ يقول إنه فى أسوأ الظروف تظهر الموهبة والإبداع أحيانًا.
رؤى الشعراء محورا أساسيا فى استقراء واقع الشعر المصرى الراهن، تختلف وتتباين لكنها تلقى الضوء على الحراك الثرى للقصيدة وتجلياتها من جيل إلى جيل، الأمر الذى احتفى به مؤتمر أدباء مصر، الذى أكد على أن الثراء فى المشهد الشعرى يمتد إلى العمق الجغرافى لمصر المحروسة، فمن الإسكندرية ومطروح ودمياط والبحر الأحمر إلى سواهاج والأقصر وأسوان.

رؤاهم فى راهن الشعر

محمد آدم :
الشعر هذه المساحة الكونية من الكلمات والمعارف واللغة، والإشارات، والإداركات التى يقوم الشاعر بامتصاصها بفم فراشة وأصابع ربيع لكى يقوم برحلته الجوية الشعرية على أكمل درجة!!.
الشعر هو هذه المدن المجهولة، الغريبة، التى تصيبك بالدهشة والدوران وأنت تدخل أزقتها وحواريها وشوارعها، وتحدق إلى أنهارها، وطيورها، وأشجارها، لياليها البيضاء، والسوداء دون أن تبالى بأى شئ سوى هذا الغرور الممزق الهائل الذى يعتورك وأنت مأخوذ بكل ما تري، وتسمع، وتحس، وتشم، فلا توجد مدينة مثل مدينة، ولا قارة مثل قارة، حتى عناصر الطبيعة الأزلية من شمس وقمر ونجوم وسحب، هذه كلها تختلف باختلاف كافة المدن التى تدخلها للمرة الأولى، ورغم أننا نكون قد رأينا القمر آلاف المرات، وتطلعنا إلى تلك الشمس ملايين المرات، وأمطرتنا سحب هذه البلاد، أو تلك بقطراتها التى تبلل كل شئ بدءاً من الفراشات وحتى الأحذية، أقول إن كل هذه الطبيعية، تختلف باختلاف المدن كذلك، كما تختلف كذلك باختلاف الأرض والزمن، فالمطر فى الصيف غير المطر فى الشتاء وكذلك الشمس والقمر، فالقمر فى الصحراء غير القمر فى المدينة، والقمر على المحيطات غير القمر عبر مستنقع!!.
صحيح أن الضوء واحد ولكن رؤيتنا واستقبالنا لهذا الضوء تختلف بالقطع باختلاف زاوية الرؤية والرائى معاً.
فتحى عبد السميع:
من يتابع الحركة الشعرية فى مصر يجد حمى التهميش تهيمن على المشهد من خلال التصريحات ، والحوارات المنشورة أو الجانبية، فثمة من يتحدث عن تهميش قصيدة النثر ويقول انظروا «المجلس الأعلى لا يمنح جائزة لشاعر يكتب قصيدة النثر» وثمة من يتحدث عن تهميش شعر العامية ويقول انظروا «المهرجان الفلانى يتجاهل شعر العامية، والمجلة الفلانية لا تنشر لمن يكتب بالعامية»، ومن هنا كان حرصنا على تمثيل تلك الاتجاهات الفنية المختلفة.
ولا تتوقف دعاوى التهميش عند هذا الحد، فهناك ثنائية الكبار والشباب، وثنائية المغمور والمشهور، والمنطوى على إبداعه والمنفتح عبر علاقاته المختلفة أو منصبه الثقافى أو الإعلامي، وغيرها.
ورغم الضربة العنيفة التى وجهتها وسائل الاتصال الحديثة للجغرافيا، فالشكوى ما زالت قائمة وحادة من مركزية العاصمة، وتهميش الشعراء الذين يقيمون خارجها، وكثيرا ما نسمع صارخا يقول «لقد سقطت من خريطة الشعر المصرى لأننى فقط أقيم بعيدا عن العاصمة ومركزيتها».
ورغم قناعتنا بالمبالغات التى تحيط بدعاوى التهميش، ولأننا نسعى بالأساس لتوفير مناخ صحى بقدر ما نستطيع، فقد كان من واجبنا الاهتمام بهؤلاء الشعراء خاصة فى ظل مؤتمر يكتسب خصوصيته من الشمولية الجغرافية، ويعبر عن جميع الأدباء فى كافة الأقاليم.
محمود قرنى
ويطرح النص النثرى الجديد نفسه كبديل لإشكاليات عديدة تجلت مع نص التفعيلة ففى اللحظة التى يتراجع فيها الشعر إلى منطقة اليومى والبسيط، يتراجع النص الريادى بتهمة انسحاق الذات أمام القضايا الكونية والإنسانية الكبيرة مثل أسئلة القيم الكبرى فى الموت والحياة والخلق وما إلى ذلك، وفى الوقت الذى يؤكد فيه النص النثرى على تهميش البلاغة وزخارفها، فإن النص الريادى يتراجع بتهمة الشفاهية الناتجة عن الخطاب اللغوى الأيديولوجى المؤسس على بلاغة يلعب فيها الموروث الدور الأساسي، وفى الوقت الذى تطرح فيه قصيدة النثر تدمير المكان وعلاماته بضرورة إنشاء النص الإنسانى المتجاوز، يتراجع أيضا النص الريادى بتهمة «أفدح» وهى الشوفينية والالتزام وتبادل الأنخاب مع الأوطان.
ولا شك فى أن قصيدة النثر جاءت فى لحظة مفصلية تتغير فيها ثوابت كثيرة على المستوى المحلى والعالمى فى ثورة ما بعد الحداثة والمعلوماتية الهادرة من كل مكان وأيضا فى لحظة يتم فيها التشكيك فى دور النص الريادى، ولكن السؤال: هل هذه المراجعات مع النص الريادى على مستوى المفهوم تعنى أنه يفقد فاعليته؟ وأتصور أن الإجابة بالنفى أو بالإيجاب لن تكون ذات معنى، لكن المؤكد أن ثورات التحرر فى العالم الثالث هى التى (دشنت استرجاع الفرد صوته فى الشئون العامة والخاصة ومهدت لتوسيع حدود طبقات اجتماعية مسحوقة وهو الأمر الذى أعطى قيمة رفيعة لمعنى الالتزام فى الفن والأدب..)، فهل يمكننا بطريق آخر الجزم بأن الواقع فى العالم الثالث تجاوز مأزقه تجاوزا سليما يرتبط بحركات تحديث حقيقية، تمنح هذه الانقلابات الأخلاقية مبررات الإزاحة؟‍‍‍! قد يكون ذلك صحيحا فى جانب منه وهو الأمر المتمثل فى حالة السأم العمومية التى أصابت المتلقى بفعل الشعر الفاسد الذى طرح مجموعة من الهلوسات والأمراض باعتبارها تجليات لتقدم النص، وهو تصور يدخل ضمن هذا التاريخ من الهلوسات المشار إليها، وقد حدثت فى بداية القرن ردود أفعال عنيفة ضد الرمزية وضد كل ما هو ذهنى، ودعا النقد الغربى إلى الاقتراب من الحياة أكثر، أو نحو «الحقيقة الملموسة» وقد شهدت فرنسا بالفعل تيارا يتبنى هذا الشعر الملموس منذ العام 1910م، إلا أن واقع الشعر الأوروبى تغير تماما بعد الحرب العالمية الأولى، فقد ظهرت الدادائية والسوريالية لتحطما (قوى النظام والتنظيم الفنى تماما)، ولكن يبدو أن الكائن فى العالم الثالث وصل إلى نقطة اللاعودة... لا إلى القيمة، ولا إلى المعنى... وقد يتراجع هذا الشعور إذا ما ارتبط بمشاريع ثقافية وطنية واضحة المعالم حتى لو علمت فى إطار من التدويل.
أود أن أتساءل قبل الخوض فى تفاصيل أكثر حول راهن الشعر المصرى فيما بعد السبعينيات، وعما آل إليه النص السابق على الشعرية الراهنة عبر مقولات بعض رموز الريادة المصرية والعربية وعبر الخطاب العام الذى يبدو أن مقولاته باتت تجرى مجرى الحكمة، وكأن ثمة مخلصا لا بد من خلقه كى يكون هو حامل النبوءة وحامل سراج المستقبل للإنسان فى هذا الكون.
لكن الإنسان الذى آزر حلم تحريره، يرفض أن يتحول شعراؤه إلى أنبياء ومخلصين وشهداء على مذبح الصوامع الصغيرة التى تبتلوا فيها. أليس من حق هذا الإنسان أن يختار؟! أظن أن المقدمات التى أشاعتها الريادة تتناقض تمام التناقض مع الحق الذى شرعته لإنسانها، وها هى تتحول إلى سوار ذهبى فى رقبة المستقبل. وعندما يظل الخطاب على هذا النحو خارج الشعر دائماً، فقد وقع لا محالة، فى الأيديولوجيا. لقد تخطى الوظيفة الجمالية إلى وظيفة أخرى، هى أليق ما تكون بالساسة وصناع الأفكار وصناع القنابل الفتاكة. ولا أظن أن إضافة هذا الزخم الشعرى كله إلى خطاب الأيديولوجيا سيكون عملاً موضوعياً، لكن المؤكد أنها لم تكن الغاية التى ينشدها شعر «التحرير والنبوة». وإن كانت مقولات متناثرة هنا وهناك تؤكد الأفول الذى اعترى خطاب التحرير هذا، قبل أن يسلك طريقه إلى الشعر الخالص.
مصطفى الجارحي
من المهم هنا التأكيد على أن ما سُمح بنشره بعد ذلك بسنوات، لا يعبر عن التجربة الحقيقية لهذا الجيل، وفيما يبدو أن ثمة صفقة بين المؤسسة وبعض الشعراء، سيما أولئك الذين تولوا مناصب فى هذه المؤسسة، أدت إلى نشر هذه الأعمال التى وُصفت بأنها ليست عملية نشر بقدر ما هى عملية أقرب إلى التواطؤ.. فى حين أن التجارب الحقيقية لم تُنشر بعد، أو نُشرت بمنأى عن المؤسسة.
ثمة ملمح آخر، بالأدق مأزق أحاط بتجربة هؤلاء الشعراء، فعلى الرغم من أنهم حاولوا عدم تقليد السابقين عليهم، إلا أنهم ظلوا لفترة يقلدون بعضهم بعضاً، ويمكن الرجوع فى ذلك لما تمت طباعته من دواوين فى هذه الفترة، ليس فقط فيما يتعلق بالقاموس اللغوي، ومن ثم المفردات المتشابهة، وإنما على مستوى المجاز وتركيب ونحت الصورة الشعرية، وربما يذهب الأمر إلى الخروج بالرؤية نفسها، وإن كان البعض يحيل ذلك إلى المنابع والمصادر الواحدة لقراءاتهم، أو يعزوه البعض الآخر إلى حضورهم معاً فى المكان الواحد واللحظة الواحدة، ما أدى إلى هذا التشابه، لا التلاقح.
أمر آخر من المهم الإشارة إليه، هو ادعاء البعض من هؤلاء مسألة الريادة، أولاً فى قصيدة التفعيلة، وثانياً وهو الأغرب، فى قصيدة النثر، ومحاولاتهم المستميتة فى التأكيد على ريادتهم فى منطقتين هم ليسوا فيهما من الأصل، حتى أصبح المدَّعون بذلك أكثر شهرة ربما من كتاباتهم، على الرغم من أن الندوات والمؤتمرات تشهد بما كانوا يكتبونه وقتها، وما زال بحوزة الكثيرين منا شرائط مسجل عليها هذه الندوات، فضلاً عن أشرطة الفيديو فى المؤسسة الثقافية نفسها.. على أنه من المفيد فى هذا الشأن الإشارة إلى «الردة» التى جعلت هؤلاء، الذين قالوا بريادتهم، يتخلون عن النثر ويعودون ليس فقط للتفعيلة والمجاز، وإنما لكتابة هى أقرب إلى الزجل، تلبية لمنصب زائف، عطَّل تجربتهم الإبداعية، إن كان ثمة تجربة إبداعية لديهم من الأساس.
والخلاصة، بعد ما يزيد عن ربع القرن، هى أن الذاكرة لا تموت، وأن رهان الشعراء الحقيقيين على الزمن جاء فى صالحهم، فأينما ذُكر الشعر كان حضورهم فذاً، وعلى الرغم من عدم وجود نقاد لهذه التجربة المهمة فى تاريخ شعر العامية المصرية، إلا أن الحقيقيين من هؤلاء قد لعبوا دورهم، وأضافوا إلى شعر العامية الكثير من إبداعات هى أشبه بالعلامة التجارية، التى لا يمكن تقليدها، وكذا لا ينكرها إلا حاقد.
أشرف عتريس:
(ليها طعم جديد خالص 1998م)، و (أنت متورط معايا 2005م)، لن أكون مزايداً حينما أستقوى وأستشهد ببعض الأسماء فى المشهد الإبداعى شاركتنى التجربة منذ البداية – بعد الشهيد الحقيقى مجدى الجابرى – حيث كانت دواوينهم سنداً لي: (مسعود شومان – صادق شرشر – طارق هاشم – يسرى حسان – سيدة فاروق – شحاتة العريان – سعدنى السلاموني) ثم توالت أسماء أخرى لها من المشهد حضورها القوي، فحاولت أنا قدر الإمكان رصد حركة الشارع، والناس، وأجساد البنات فى كل مكان، واكتشاف بعض الأماكن التى نرتادها جميعاً فى غفلة دون الانتباه إليها وممارسة (لعبة الاستغراق) والبحث عن صور غريبة ونماذج بشرية هامشية تصنع بطولاتها بنفسها من قيمة الحدث نفسه وصيغة التعبير عنه بأبسط المفردات دون تقعير إلا القليل النادر حيث استحضار ثقافات من الذاكرة لها نفس قوة التأثير– على الأقل– فى أدمغة المخلصين لقصيدة النثر.
هكذا كانت التجربة الأولى، وبعد سبع سنوات جاءت تجربة ( أنت متورط معايا 2005م ) فكان الطرح الأكثر جرأة، حيث الخلط بين لغة الشعر ولغة الشارع فى تركيبة خاصة لا يشوبها غير الألفاظ الأجنبية التى أصبحت مفردات حياتية وجزءاً من الواقع، فتأتى المفارقة تيمة أساسية فى دواويني.
ما صنعه زملائى كان بمثابة جرأة طليعية تنحاز إلى العادى والمهمش فى معركة الحياة، فانضممت إليهم طواعية طامحاً فى كتابة تجبرك على الاندهاش وقراءة مختلفة، وصنع حالة (خاصة) دون فهم أو تصنيف خاطئ حيث كتابات (المذكرات، وأدب الاعترافات).
فنحن لسنا من الساسة أو الزعماء أو مجرمى الحرب فى محاكم التأديب والتأنيب، بل من الشارع وإليه نعود بوجع الناس.
الخوف كل الخوف أن تتسرب إلينا جحافل المقلدين والمتشاعرين الذين يعانون من عقدة النسخ والتقليد والاستسهال هرباً من عناء القراءة فى استيعاب وهضم المنجز سواء شعراً أم نثراً.
لذا.. أرى لزاماً علينا إصدار (مانفستو) من مبدعى قصيدة النثر كى يتضامن فيه كل أفراد المشهد الإبداعى والحركات الأدبية المخلصة فى الأقاليم ضد محاولات توريث الأنموذج القديم واستمرار صلاحيته، إيماناً بحرية أشكال الكتابة عبر النوعية فى قصيدة النثر تحديداً.
هكذا تدين الحركة المزمع تفعيلها فى وجه من يختبئ فى ظلالنا دون فهم أو إدراك حقيقى لمغزى ما نعانيه وما نأمل فيه حقاً فى كتابة قصيدة جديدة.
سمير سعدى :
غنية بلادنا بالتجارب الإبداعية الشعرية، الفصيح منها والعامى، ويأتى غنى تلك البلاد ومبدعيها من غنى ذاكرتهم الإنسانية المحتفظة بكل التفاصيل والأحداث والموروثات. أغان/ أمثال/ حكم شعبية/ قصص وسيرة وغيرها من الحكاوى التى مرت على تاريخ هذا الوطن، الممتدة من آلاف السنين والأزمان البعيدة، فتشت فى معنى هذا النتاج المبدع من الشعر فى مصر فلم أجد سوى مفردة (الحنين) هذا البئر المملوء بالجواهر والكنوز المخفية للشخصية المصرية قديمها وحديثها، ولم أجد أيضا معنى سوى الشعر «هو حنين يسكن الذاكرة».
وطرحه هو محاولة للوجود الكونى، وإثبات الحضور فى لحظة تمر كوميض الشهاب فى السماء!! إنه السؤال الأصعب فى حياة أى مبدع حقيقي: لماذا نبدع؟.. وما أقسى الإجابة وأصعب الطرح لمحاولة الإجابة بأى شكل كان!!
أنا أكتب فأنا موجود، وكائن وأشغل فى الفراغ حيزاً، أنا أكتب فأنا أعبر عن وجودى بشغل مساحات من الورق الأبيض بحبر الكتابة، إنها نقطه من الحبر فى بحر واسع من الإبداع والتخيل وضع كل مبدع نقطته فيه.. وما يبقى إذن هو تجمع هذه النقط فى البحر الواسع لكى يمكث فى الناس للنفع والفائدة وسوى ذلك يذهب جفاء، يذهب كما يذهب ريم الموج.
عماد غزالي
أنا واحد من ذلك الجيل الذى يطلقون عليه «جيل الثمانينيات» ، وسواء أكانت تلك التسمية دقيقة أم لا، فإنه يمكننى القول إن هذا الجيل استطاع التواصل مع النماذج البارزة للشعرية العربية الجديدة منذ جيل الريادة مرورا بالأجيال التالية، وحاول تجاوز المأزق الذى وصلت إليه القصيدة فى مصر على أيدى شعراء السبعينيات، وحالة التوتر التى سببوها بطبيعتهم الهجومية الحادة، بالإضافة إلى النموذج الشعرى المغلق الذى قدموه، فتسبب مع عوامل اجتماعية وثقافية وسياسية أخرى فى عزلة تامة للشعر وانفصال حاد بينه وبين المتلقي.
جاء جيل الثمانينيات وطالع هذا المشهد فسعى إلى تجاوزه عبر منجز إبداعى بدأ بإحداث عملية التواصل التى أشرت إليها، إذ نجد القصيدة الثمانينية تطويرا حقيقيا للمنجز الشعرى فى الخمسينيات والستينيات وليست رفضا باترا له، كما أنها استفادت من الجوانب التى رأت أنها إيجابية فى التجربة السبعينية، فالشاعر الثمانينى – على الأغلب - متواصل مع آبائه والأجيال السابقة عليه.
ويعود لعدد من الأصوات المهمة فى هذا الجيل التطوير الجذرى الذى حدث بالاتجاه إلى قصيدة النثر التى تكاد تتسيد المشهد الآن. لم يكن ذلك التحول شكليا، بل كان مصحوبا بتغييرات شاملة فى بنية القصيدة وتشكيلها وجمالياتها، ابتعادا بها عن الإنشاد والبلاغة المألوفة والتحليق الصوفى والمجاز اللغوى الآلي، وصولا إلى بلاغة جديدة تقدم الشاعر الفرد والإنسان البسيط بتفاصيل عالمه وتجاربه الخاصة عبر لغة سردية وصور بصرية تتميز بدقة تكوين المشهد. أصبحت الصورة جزءا من عالم متكامل تقدمه القصيدة لتومئ إلى مرماها بما يقارب مفهوم الكنائية، لذا أسميها الصورة الكنائية. كما تقدّم على يد هؤلاء الشعراء لونٌ من السرد الشعرى الذى استفاد كثيرا من تقنيات السينما والرواية الحديثة والفن التشكيلى فى بعض النماذج ووصل إلى درجة كبيرة من النضج الآن.

مبدعون من مختلف الأجيال:
التنوع الشعرى ظاهرة صحية

تشهد الحركة الشعرية فى مصر الآن تنوعاً فنياً كبيراً على مستوى بنية النص الشعرى وشكله ورؤيته الفنية مما جعلنا أمام شعريات متنوعة وأصوات متباينة الاتجاهات تفرض نفسها بقوة على الساحة, هذا التنوع يراه البعض ظاهرة صحية, والبعض الآخر من المبدعين والنقاد يرفضه تماما ربما لتعصبه أو انحيازه لنسق كتابى معين أو الالتزام بمفهوم محدد لبنية القصيدة وجمالياتها الفنية, لهذا كانت أهمية تناول هذه القضية من وجهة نظر المبدعين والمتلقين معا.
بداية يقول الشاعر عبد المنعم عواد يوسف: ربما أختلف مع الذين يقولون بأن العصر عصر الرواية وليس عصر الشعر, وفى هذه الأيام يتصور البعض أن الحركة الشعرية تقهقرت وأن الشعر لم تعد له مكانته الأولى بين الأنواع الأدبية الأخرى كما كان دائماً وفى تصورى الخاص أن الحركة الشعرية الآن ما زالت مزدهرة وما من يوم يمر إلاّ ويطلع علينا شاعر جديد يستوى فى ذلك شعر الفصحى أو شعر العامية وإذا كان البعض يتصور أن قصيدة النثر هى السائدة الآن وأنها هى المسيطرة على الساحة الثقافية فأنا أرى أن الاتجاهات المختلفة فى كتابة القصيدة تعمل متساندة من أجل ازدهار الحركة الشعرية . فالقصيدة الحقة وأقول القصيدة الحقة موجودة فى كل الاتجاهات سواء العمودية البعيدة عن النظم والموائمة لروح العصر لها شعراؤها المتميزون الآن وكذلك قصيدة التفعيلة الجيدة وحتى قصيدة النثر التى كتبها الشعراء انطلاقاً من التطور والتجديد لا من مجرد ركوب موجات الحداثة, هذه القصيدة موجودة وفيها كل مقومات الشعر وإن تخلـّت عن الإيقاع الخليلي, ومن يشهد المؤتمرات الأدبية واللقاءات الثقافية المختلفة والتى تزدان بالأمسيات الشعرية التى يقبل عليها الجمهور بحفاوة شديدة يعرف أن الحركة الشعرية الآن بخير.
ويرى الشاعر محمد فريد أبو سعدة أن الحركة الشعرية فى مصر الآن بالغة الاحتدام وهى لا تجد من النقد ما تستحقه من متابعة وفرز. ويقول: أصبح التعدد سمة رئيسة فى هذه الحركة, فنحن أمام شعريات وليس شعرية واحدة, وأمام مناخات جمالية مختلفة وتستحق الدراسة, كل ما آخذه على الفاعلين فى هذه الحركة الشعرية هو أنهم يبدون وكأنهم أصيبوا بأمراض سبعينية من إزاحة ومما يمكن أن نسميه بالانتصار للفرقة الناجية , هذا التناحر ليس فى صالح الحركة الشعرية وليس فى صالح تأسيس ذائقة جمالية لدى القراء لتقبل الجماليات الشعرية الجديدة. رفقاً بأنفسكم أيها الشعراء, فلا يمكن الحرب على جبهات متعددة ولا يمكن الاستمرار فى حرب أهلية شعرية دون أن نفقد من نتوجه إليه بهذا الشعر.
أما الشاعر فارس خضر فيرى أن الشعر الآن فى أفضل حالاته حيث تصدر عشرات الدواوين يومياً, وهناك عشرات الندوات التى تهتم بالشعر وعشرات المجلات الأدبية التى تفرد ملفات وصفحات كثيرة عن الشعراء الجدد وأشكال شعرية جديدة تبدأ فى التبلور والتشكل بأشكال أكثر تواؤماً والتصاقاً بالواقع الذى أفرزها.
تقول الشاعرة هبة عصام: ربما توجد أزمة على مستوى القراءة والتلقى فى ظل الفضائيات واستبدال الكلمة بالصورة، بل وعلى مستوى النقد أيضاً لعدة أسباب كالشللية والمزاجية، لكن على مستوى النتاج الإبداعى فمصر فى حالة توهج دائم ليس فى الشعر فقط وإنما فى كل الألوان الأدبية، والمشهد الشعرى الآن يمر بحالة حراك فوق العادة، هى فى النهاية فى مصلحة الشعر لولا التركيز على الصراعات الوهمية وإقصاء الآخر وتحيز كل طرف لاتجاه معين بدلا من التحيز للشعر الحقيقى فى كل منهما، عامة أنصاف المواهب من الطرفين هم وقود المعركة، فالمبدع الحقيقى ينأى بنفسه عن ذلك الجدل المفتعل ويعلم أن الفنون تتجاور ولا تتصارع، وللشاعر الحرية الكاملة فى اختيار الشكل الذى يعبر من خلاله، لكن فكرة إلغاء الآخر أصبحت عادة محببة عند الكثيرين رغم أنها أثبتت فشلها فالنظريات العلمية فقط هى من يلغى أحدها الآخر، أما الشعر فشأن متفرد يتعلق بتركيبة الروح للكاتب والمتلقى على حد سواء، الشعر هو الجنون ذاته، والمجنون لا يُسأل عما يفعل، الفيصل فقط هو شعرية النص، فالشعر هو الشعر موزونا كان أو منثورا، ومن يستطيع أن يجد تعريفا جامعا مانعاً له فإنما يحاول الإمساك بالهواء، إنها روح الشعر التى نستشعر وجودها من عدمه إن تحلينا ببعض الحيادية وتقبل الآخر، بل والوقوع فى حب الشعر بكل أشكاله.
وحول موقف المتلقى من هذا التنوع يقول الإعلامى عمرو الشامى أنه أولاً لابد أن نشير إلى أن هوية الشعر فى حد ذاتها أمراً غامضاً لدرجة كبيرة مما يصعب الإجابة بل قد يجعلها مستحيلة, فالشعر تحديداً أصبح كالمعرفة بالنسبة لي, ولهذا ستكون الإجابة بالنسبة لى مرجأة لحين قراءة القصيدة التى أصبحت كل واحدة منها شعراً فى حد ذاتها أو شعرية على الأصوب, وعن نفسى أستطيع القول بأن ثمة شعراء من مدارس مختلفة يلبون عندى بعض التشوق لجوهر الشعر كما استمتع كثيراً بأعمال عدد من كتاب قصيدة النثر ولا سيما تلك التى لا تعطى نفسها سريعاً, ومع هذا يظل الإبداع المصرى فى أزمة عميقة أزمة المعرفة فحتى من يدعى أنه يرجئ الإجابة أو يطرح الأسئلة تكتشف أنه ليس كذلك وأن ادعاءه شعار مرفوع, ولكنه كسابقيه مدجج مكبل بمعرفة ما لقـّن فى سنواته الأولى . إضافة إلى التباين الشديد فى مفهوم الجمال حالياً.

إجلال هاشم:
الإسكندرية بدأت عهدا ثقافيا جديدا بهذا المؤتمر

إجلال هاشم رئيس إقليم الدلتا الثقافى أعربت عن رضاها التام وسعادتها الغامرة بهذه التظاهرة الثقافية لمؤتمر أدباء مصر فى الأقاليم فى دورته الرابعة والعشرين وأنها رأت ذلك فى عيون كل الحاضرين من الأدباء والإعلاميين, وقالت إن الإسكندرية بهذا المؤتمر تبدأ مرحلة مهمة من نشاطها الفنى والثقافى والسياحي، فنحن على مشارف 2010، حيث يتم الاحتفال بدءًا من العام الجديد باختيار الإسكندرية عاصمة للسياحة العربية، وكانت من قبل عاصمة للثقافة العربية.
وأضافت قائلة: إن النجاح الحالى للمؤتمر يحّملنا مسئولية كبيرة تجاه الحركة الأدبية بالإقليم، وبعد هذا الانطباع الجميل الذى لمحته فى عيون الجميع فقد تضاعفت المسئولية خلال الفترة القادمة، فلا تكاسل ولا تجاهل ولا إرجاء ولا تقصير، وشعار المرحلة القادمة.. العمل الدؤوب من أجل المحافظة على هذا النجاح.

قالوا عن المؤتمر

كان من المفروض أن يكون هناك محور عن شعر الشاعر اليونانى كفافيس، باعتباره شاعر شعريته من المدينة التى كانت مدينة عالمية (كوزموبوليتانية) كما كان من المفروض أن يكون هناك محور عن الكاتب البريطانى لورانس داريل صاحب رباعية الإسكندرية.
حمدى البطران
شكرا لسيادة الوزير، وشكرًا للرجل الصلب د. أحمد مجاهد، وشكرًا للأستاذ محمد أبو المجد، فليست الأماكن التي أعددتموها هي التي تسعنا بل هي قلوبكم النقية وأفكاركم اليقظة.
محمد طاهر برعي
رغم أنها المرة الأولى التى أشارك فيها إلا أننى فى حالة فرحة كبيرة بموضوع المؤتمر «المشهد الراهن للشعر».. فهذا المحور يشير بالعمق لتمثيل الإبداع فى مختلف ربوع مصر، وجميل جدًا أن يرأس المؤتمر د. عبد المنعم تليمة ، كذلك مشاركة د. عبد الغفار مكاوي.. فما أجمل أن ترى فى مؤتمر أدبى مشاركة حقيقية لجيل من المبدعين الحقيقين فى الثقافة المصرية.
سمير سعدى
يظل المؤتمر نافذة حقيقية وهمزة للوصل بين المبدعين فى جميع ربوع مصر، فقد قدم المؤتمر فى جميع دوراته الكثير من الأسماء التى شاركت أيضًا بجهدها فى رفعة المؤتمر، خاصة فى دورتيه (23 و24) .
صلاح الدين خليفة
هناك نقلة نوعية على الأقل على مستوى الآليات التى أرى أنها تمكن إلى حد كبير- إن أردنا- من خلق حالة ثقافية فريدة فى الواقع المصري، لكن السؤال الذى أطرحه وأظننى سأظل أطرحه: هل هذه الحالة تتماس مع ما هو حقيقى وملموس فى اللحظة تمر بها الجماعة المصرية الآن أم لا؟
أشرف العناني
على مدار عدة دورات كاد المؤتمر أن يفقد ما له من رصيد بين أدباء ومبدعي مصر، إلا أنه بصدق بدأ يتعافي ليخرج قويًا بأمانة حرصت عليه ونتمنى أن تسلمه لأمانة تزيد من قوته وتؤكد على أهميته لكل مبدعي مصر.
سعيد عبد المقصود
لم أتوقع عند قدومى من أسوان أن نقابل بمثل هذه الحفاوة من سيادة الوزير الفنان فاروق حسنى الذى فتح قلبه لأدباء مصر وأعطاهم مساحة من الحرية فى عرض مقترحاتهم وأمنياتهم. ما لا يفوتنى وأنا فى أحضان عروس البحر المتوسط أن أشكر كل من ساهموا فى إنجاح هذا العمل الثقافى الذى هو بمثابة فرصة لالتقاء الأدباء فى كل مكان فى أرض مصر الغالية.
الشاذلى محمد عباس
يمثل المؤتمر اللقاء الأهم والأكبر للأدباء، وأرى من الضرورة إعادة النظر فى آليات المؤتمر خاصة فيما يتعلق بالمشاركين فيه، بحيث يتم الإهتمام أو دعوة المبدع الحقيقى بعيدًا عن سياسة الدور الذى تأخذ به كافة الأندية الأدبية فى كافة الفروع.
عبد الله السلايمة

الأخيرة
الأمانة القادمة ومسيرة المؤتمر

فى حضور رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة الناقد د.أحمد مجاهد، والشاعر سعد عبد الرحمن رئيس الإدارة المركزية للشئون الثقافية ورئيس لجنة الانتخابات والشاعر محمد أبو المجد مدير عام إدارة الثقافة العامة وعزت إبراهيم أمين سر اللجنة، تجلت الديمقراطية فى انتخابات أمانة مؤتمر أدباء مصر لدورتيها القادمتين 2010 / 2011 ، والتى أكدت حيوية أدباء مصر وقدرتهم على التعبير عن أنفسهم بشفافية ونزاهة، وسط اختلاف واتفاق ينبئ عن وعى بدور وأهمية مؤتمر أدباء مصر وقيمته المؤثرة فى تفعيل الثقافة المصرية.
وإن أدباء مصر ليرجون للأمانة الجديدة استكمالا يضيف لمؤتمر أدباء مصر رصيدا جديدا فى أفكاره ورؤاه ولمسيرته المليئة بالعطاء للثقافة المصرية, وقد أسفرت الانتخابات عن أعضاء الأمانة الجدد: عبد القادرة طريف- مطروح، محمد طاهر برعي- أسوان، أحمد عبد الباقي- الفيوم، جمال عطا- أسيوط، حشمت يوسف- الأقصر، حازم المرسي- جنوب سيناء، سعيد عبد المقصود- البحيرة، سمير الفيل- دمياط، السعيد عبد السلام قنديل- كفر الشيخ، إبراهيم عطية- الشرقية، عبيد طربوش- البحر الأحمر، كمال كوكب- الوادي الجديد، يسري توفيق- 6 أكتوبر، محمود مغربي- قنا، علي عبد الحميد بدر- المنوفية، نور سليمان- بني سويف، محمد عبد الستار- الغربية، أيمن صادق- الإسكندرية، أشرف العناني- شمال سيناء، محمد التمساح- السويس، سمير معوض- بورسعيد، مدحت منير- الإسماعيلية، الشرقاوي حافظ- القاهرة، د. عبد الحكيم العلامي- حلوان، منى عوض خليفة- الجيزة، فؤاد مرسي- القليوبية، محمد عبد القوي- المنيا، بهاء الدين رمضان- سوهاج.

نشرة مؤتمر أدباء مصر بالإسكندرية العدد الثالث

نشرة مؤتمر أدباء مصر بالإسكندرية- العدد الثالث

رئيس تحرير النشرة/أحمد المريخي
مكاسب المؤتمر وانتخابات الأمانة المقبلة

المكاسب التى حصدها أدباء مصر بفضل أمانة مؤتمرهم فى الدورتين السابقتين (2008 – 2009) تجلت بوضوح فى لقائهم المفتوح مع الفنان فاروق حسنى وزير الثقافة الذى استمع إلى شئونهم وشجونهم بقلب رحب، واستجاب لمطالبهم بل وزادهم فيها فأهداهم جائزة كبرى، لا تقل قيمة عن أكبر الجوائز التى تمنحها مؤتمرات أخرى، بواقع 50 ألف جنيه لكل نوع أدبى وبما يعادل 250 ألف جنيه سنويًا.
هذه المكاسب تدعو الأمانة التى سيختارها أعضاء الجمعية العمومية - فى الخامسة مساء اليوم- إلى الحرص والتشدد فى اختيار ممثليهم الذين سوف يحملون على عاتقهم مسئولية الدورتين القادمتين (2010 – 2011). هذه المكاسب يأمل الكثيرون ألاّ تهددها المصالح الشخصية والعلاقات الملتبسة والانحياز الجغرافى أو العواطف، ففى النهاية مهما كان الاختلاف أو الاتفاق بيننا، فإن ما يمكن أن يسوء المؤتمر سيصيب الجميع.
قوة الديمقراطية ينبغى ألاّ تزيدنا إلاّ قوة على قوتنا، والكواليس التى تجوّلنا بين أفكارها وآرائها وانحيازاتها وتكتلاتها كشفت عن بعد صادق لما يأمله الأدباء فى الدورتين القادمتين، وأمانتهما، والتى ستُشكل بالطبع توجه المؤتمر واستقراره فى المرحلة القادمة.
لا أحد يريد أن يملى على عضو ما انتخاب عضو بعينه أو يفرض أحد رأيا على أحد، ولكن بما أن الإبداع فيصل محوري، حيث يعمل الجميع على أن تكون كتابتهم موضع رصد ونقاش وتحليل لا أن تكون تبنيًا لاستعراضات فات أوانها وقضايا تزيد الانقسام وتلهب الصراع دون جدوى، لكنها للحقيقة لم تضف لتطور الكتابة شيئا يذكر ولا خدمت رؤية مبدع.
إن توجهًا قويًا فى الكواليس يبحث عن الكشف عن المبدعين الذين سوف ينشغلون بالكتابة وتطورها، بالمبدعين وهموهم، باستمرار المؤتمر خصبا وعفيا وقادرا على أن يستمر رافدا من روافد الإبداع المصرى والعربى يمنح مصر جيلا بعد جيل من المبدعين.
ليكن شعارنا لا للتكتلات والمصالح الشخصية والمنافع غير المجدية ونعم للإبداع أفقا مفتوحا لمستقبل مؤتمرنا، يعبر عنه ويشكل رؤيته.

سعد عبد الرحمن:
الشعر الآن يطرح الكثير من الأسئلة التى تحتاج إلى إجابات

• الشاعر سعد عبد الرحمن رئيس الإدارة المركزية للشئون الثقافية بالهيئة، يرى أن اختيار الشعر موضوعا لدورة هذا العام جاء من باب العدل، فالمؤتمر ليس قاصرا على جنس بعينه من أجناس الأدب، وإذا كانت دورة العام الماضى كاملة دارت حول أسئلة السرد الجديد، ففى المقابل كان يجب أن تكون هذه الدورة كاملة حول المشهد الشعرى الراهن، ذلك لأن هذا المشهد يطرح الكثير من الأسئلة التى تحتاج إلى إجابات علمية ومقنعة، خاصة فى ظل الاحتدام الذى يحدث بين الأشكال الشعرية السائدة (العمودى والتفعيلة) من جهة، وبين قصيدة النثر من جهة أخرى.
• فيما يخص عدم الاستقرار على المحافظة المضيفة حتى الأسابيع الأخيرة قبل انعقاد المؤتمر يقول سعد عبد الرحمن إن هذه ليست المرة الأولى، فقد حدثت هذه الأزمة من قبل، وقد تكررت لأننا كنا نأمل فى تطور وعى القائمين على الإدارات المحلية فى محافظات مصر، بحيث يهتموا بالثقافة وبالمؤتمرات الأدبية والفنية والعلمية، تماما مثل اهتمامهم بالبنية التحتية من كهرباء ومياه شرب وصرف صحى وطرق، لأن هذه المؤتمرات تصب فى وعى النخبة التى تسهم فى التنمية والنهضة، ومازال لدينا أمل فى أن يحدث تطور فى وعى رجال الأعمال لكى يدعموا الثقافة، كما يحدث فى دول كثيرة.
• وحول فاعلية المؤتمر يقول سعد عبد الرحمن إن الهيئة تسعى بشكل حقيقى لأن يكون المؤتمر أكثر جدوى مما كان عليه فى السنوات السابقة، لكن الأمر يحتاج إلى مراجعة آليات كثيرة فى مقدمتها تخفيض تلك الأعداد الغفيرة التى تحضر كل عام، إضافة إلى اختيار المشاركين على أسس حقيقية بعيدا عن الشخصنة وعن سياسة الدور التى تتم فى نوادى الأدب.
• يشهد المؤتمر وجوها جديدة فى مجال الأبحاث، وصار يجتذب دماء جديدة تضيف إلى المؤتمر بعد أن أصبح له اسم ومكانة تدفع الناس للمشاركة فيه وتسعى لذلك بجدية، ونسعى من خلال مثل هذه الخطوات إلى كسر حالة الاحتكار التى يشهدها المؤتمر متمثلة فى أسماء بعينها تحضر كل عام، مما أصاب المؤتمر بالرتابة والتكرار، لذلك اشترطنا أن تكون الأسماء المشاركة من خلال نوادى الأدب وهذا بالطبع سيغضب السماء الثابتة والمتكررة فى كل عام.. لكن لابد من التجديد والتغيير مادام فى الصالح العام.
محمد أبو المجد:
الشعر بحاجة إلى الكثير من المراجعات

• الشاعر محمد أبو المجد مدير عام الثقافة العامة بالهيئة، يقول إن اختيار الشعر موضوعا لهذه الدورة جاء باتفاق الأمانة على أن تقدم مشروعا على مدى دورتين، فكان طبيعيا أن تكون إحداهما عن السرد والأخرى عن الشعر، وقد رأت الأمانة تنفيذ الفكرة التى استقروا عليها وأن الحديث عن الشعر فى الوقت الحالى مناسب جدا.
أما رأيى الشخصى فإن هذا المؤتمر لن يستطيع وحده أن يقدم كل شىء لـ/ وعن الشعر، لكن أهم ما فيه أنه يجمع الأطياف الشعرية جميعها تحت مظلة واحدة، فمن لم تدعهم الأمانة لأسباب مختلفة، وجهت لهم الهيئة دعوة رسمية للحضور كضيوف شرف.
• الشعر الآن بحاجة إلى الكثير من المراجعات، ولا أريد أن يفهم من كلامى أن فكرة المراجعة تهدف إلى الوقوف أمام/ أو بجوار الرواية، وكنهل مطلوبة على الأقل عند انتهاء العقود، وباعتبار أن المشهد الشعرى به الآن من تيارات الكتابة ما يحتاج إلى عقد مؤتمرات فصلية وليست سنوية، للوقوف على الطبيعة الفنية لهذه الكتابة ومستقبلها، وتقديم المشروعات النقدية الموازية لحالة التفجر الشعرية غير المنظور إليها، وبالتالى فإن المؤتمر إن لم يعد إلى المشهد سوى هذه الآليات للتماس مع الزخم الإبداعى الشعرى فإن هذا يكفيه.
• على الهيئة بالتعاون مع الأمانة أن تضع خطة ولو قصيرة الأجل لمشروع متكامل للمؤتمر، ويا حبذا لو تبنوا المقترح الذى طرحه العام الماضى الدكتور مجاهد رئيس الهيئة، بأن يكون المؤتمر العام خلاصة اشتغال المؤتمرات الإقليمية على موضوعات تؤدى جميعها فى النهاية إلى موضوع عام، ووضع خطة قصيرة الأجل سيحقق شيئا من الثبات النسبى، مما يسهل لنا إمكانية مخاطبة المحافظات قبلها بوقت كاف، لكن على الأدباء أن يتفهموا أن استمرار المؤتمر بهذا الكم المتضخم من المشاركين سيكون عقبة أمام وضع التصور المبدئى لهذه الخطة الإسترتيجية.

جلسات بحثية
قصيدة النثر تواصل إثارة الجدل
رفعت سلام يتهم النقد.. ومكاوى يتهم جيل التسعينيات.. وحجازى يتحفظ

شهدت جلسة «مرجعيات قصيدة النثر المصرية العربية»، والتى تحدث فيها الشاعر رفعت سلام والناقد د. محمد عبد السلام، وأدارها د. محمد بريري، جدلا كبيرا،حول قصيدة النثر من ناحية، وشعر العامية من ناحية أخرى.
بدأ سلام حديثه عن قصيدة النثر بمقدمة من ثلاثة مقاطع عن افتقار الكتابات النقدية المصرية إلى الدراسات المتخصصة فى قصيدة النثر ومرجعيتها. وقال إن الموجه الأولى التى أنطلقت أواخر الخمسينيات حول مجلة شعر وأسست للمصطلح والعقيدة قدمت النماذج الأولى لأول مرة فى تاريخ الشعر.
والموجه الثانية التى أنطلقت فى التسعينيات لتحرير العقيدة مما تبق فيها من قيود واختراق الممنوعات والمحرمات الشعرية (الأخلاقية والاجتماعية والفنية)، ثم فى التسعينات جيل شعرى منقسم على ذاته فى حلقتين الأولى قادمة من قصيدة التفعيلة (محمود قرني- حسن خضر- فتحى عبد الله – على منصور– عزمى عبد الوهاب)، وغيرهم، والمجموعة الثانية خاصمت التفعيلة وقدمت قصائد النثر الأولى بدون مرجعية تفعيلية مثل (عماد أبو صالح – إيمان مرسال – هدى حسين – محمود خير الله – جرجس شكرى – عماد فؤاد، وغيرهم).. ثم قدم رفعت إسلام مجموعة من الأسئلة عن الجذور فى المراحل الأولى لكتابة قصيدة النثر وعن الجذر الطبيعى لقصيدة النثر وسؤال المشروعية لقصيدة النثر إزاء الوعى العام الرافض، والاتهامات المنكرة لها.
أما الناقد د. محمد عبد السلام إبراهيم فتحدث عن مرجعية الشعر العامى فقال إن العامية هى مثار للتساؤلات: من أين أتت وإلى أين ترجع مقارنة بالفصحى، وإن العربية انتشرت مع الإسلام فظل المسلمون محتفظين بلغتهم فى الأمصار التى دخلها الإسلام، وهى بلاد تتحدث لغات مختلفة، فكان لابد من لغة وسيطة للتفاهم بين هذه الجماعات المختلفة الأصول والمتباعدة اللغات، وأخذت هذه اللغة تتطور مع الزمن حتى ظهور اللغة الدارجة أو اللغة العامية، وأضاف عبد السلام أن هناك فرق بين الأدب العامى والأدب الشعبى مشيرا إلى أشكال التعبير فى الأدب العامى (فنون الشعر الملحون) مثل الزجل فى مصر وإمتزاج الشعر الفصيح بالعامى فى العصر المملوكي..
وفى المداخلات قال الشاعر الكبير أحمد عبد المعطى حجازى إن قصيدة النثر هى الاتجاه السائد فى التسعينيات ولا تزال حتى الآن تنتظر القبول العام والذى حظيت به قصيدة التفعيلة خلال العشر سنوات الأولى لها.. وتساءل حجازي: لماذا أصحبت قصيدة النثر اتجاها سائدا فى الكتابة وليست اتجاها سائدا فى القراءة؟.
أما فى مداخلته حول شعر العامية فقال حجازى أنه يتفق مع د. عبد السلام عن علاقة المصريين بالعرب، ولكن هناك ملحوظات منها.. لماذا أختار شعراء العامية «الشعر العامي» وكان قبل ذلك يطلق على العامية «الزجل» وعلى الفصحى «شعر الفصحي»؟.. وأضاف: لا أعتقد عندما نتحدث أو نتثقف بالفصحى أننا نتحدث بلغة غزاة.
وفى مداخلته قال الدكتور «عبد الغفار مكاوي» إن التراث ما تصنعه أنت (رأى نجيب محفوظ) وأصبحنا الآن نعيش ثقافة مختلفة عما سبقونا، فالتراث يجدد نفسه باستمرار، وهناك جينات متواجدة فى كل جيل، لكن جيل التسعينات منفصل تماما عن تراثه وبعض من كتبوا النثر علاقتهم سيئة بالثراث، وعلى قصيدة النثر أن تتجاوز نفسها وتخلف ايقاعها.
أما الدكتور زكريا عنانى فأشار إلى أن لديه تحفظا على نشأة الشعر العامي، وهذا يحتاج إلى إعادة نظر، فالموشحات ظهرت فى بادئ الأمر ثم انتشرت الأزجال بعد ذلك.
وقال الشاعر الكبيرعبد المنعم عواد يوسف: إننا لسنا ضد قصيدة النثر، وهناك مبدعون حقيقيون مثل الراحل محمد صالح وفريد أبو سعده وحلمى سالم وعلى منصور، وغيرهم..
لكن هؤلاء كتبوا التفعيلة أولاً، وشعروا أنها انتهت فكتبوا النثر. أما الكثيرون الذى كتبوا قصيدة النثر فى التسعينات فقد دخلوها من باب الاستسهال.
وفى ختام الجلسة علق الشاعر رفعت سلام على ملحوظة الشاعر عبد المعطى حجازى أن قصيدة النثر تحتاج إلى قراءة، والقراءة تحتاج إلى جمهور، وليس للشعراء قرار فى صنع الجمهور، ولنتأمل وعى الجمهور واحتياجاته الآن من خلال مشاهداته لمباريات كرة القدم أو الحفلات.
وأضاف سلام أن قصيدة النثر نشأت فى فرنسا ولم تعانى ما عانته قصيدة النثر فى مصر..
وبالفعل أنا أتصور أن قصيدة النثر فى مصر مدعوه إلى تجاوز نفسها كما أشار الدكتور مكاوي..
وقال الدكتور محمد عبد السلام إننا نتعامل مع الشعر الفصيح والعامية على أن بينهما مواجهة، وأنا اعترض تمامًا على فكرة اختلاف الحضارات، فجميعنا عرب رغم إنتماءات جذورنا.

الإسكندرية الشاعرة
المشهد السكندرى الراهن

فى العصر الحديث، يبدأ الشعر السكندرى بجماعة الشلالات التى أسسها الشاعر عتمان حلمى (1894 ـ 1962) عام 1912م ومعه الشعراء عبد اللطيف النشار وزكريا جزارين (1897 ـ 1955) وعبد الحميد السنوسى (1898 ـ 1956) ومحمد مفيد الشوباشى (1899 ـ ؟) وحسن فهمى (1895 ـ 1930) وعبد الحكيم الجهني. ثم انضم لهم الشاعر عبد الرحمن شكرى (1886 ـ 1958) العائد من بعثة إلى إنجلترا، فاحتل مركز الصدارة فى هذه الجماعة، وصار الشاعر والناقد والمعلم، بما حمله من أفكار فى تطوير القصيدة العربية.
لقد اهتمت جماعة الشلالات بسلاسة الشعر العربي، والابتعاد عن التعقيد اللفظي، والتعبير عن التجارب الذاتية، والتطرق إلى الموضوعات المبتكرة، وتصوير البيئة الساحلية السكندرية، وبذلك كونوا اتجاها فنيا يحسب للشعر السكندري.
وفى عام 1932م دعا كل من د. مصطفى فهمى ويوسف الجزايرلى لتكوين جماعة عرفت باسم «جماعة نشر الثقافة» لجمع شمل الأدباء ونشر إنتاجهم الأدبي، وكان من أبرز شعراء هذه الجماعة خليل شيبوب (1892 ـ 1951) وعبد اللطيف النشار (1895 ـ ؟ ) وفلورى عبد الملك، ومنيرة توفيق (1893 ـ 1965) صاحبة ديوان «»أنوار منيرة» الذى طبع عام 1967 بعد وفاتها، وكتب مقدمته السيد حمدى عاشور محافظ الإسكندرية وقتذاك.
هذا فضلا عن وجود شعراء آخرين ربما لم ينضموا إلى الجماعتين السابقتين: الشلالات ونشر الثقافة، من أمثال: الشاعرة اللبنانية التى أحبت الإسكندرية واستقرت فيها حتى آخر حياتها وردة اليازجى (1838 ـ 1924 ) وأحمد راسم (1895 ـ 1958) وفخرى أبو السعود (1909 ـ 1940) الذى مات منتحرا بإطلاق الرصاص على رأسه وهو فى نحو الثلاثين من العمر.
ثم ظهر جيل عبد المنعم الأنصاري، وعبد العليم القباني، وأحمد السمرة، ومحمود العتريس، ومحمد برهام، ومحمد عبد الرحيم إدريس، ومحمد محمود زيتون، وإدوار حنا سعد، ومحمود عبد الحي، وعمر الجارم، ود. محمد زكى العشماوي، ود. محمد زكريا عناني، ود. لطفى عبد الوهاب، ومحجوب موسى، وعلى الباز، ووصفى صادق، وغيرهم، فكتب أحمد السمرة المسرحية الشعرية ومنها: رئبال، وساق من ذهب، إلى جانب قصائده التى جمعها فى ديوانى أنسام وأنغام، وقصائد إسلامية، وأصدر عبد المنعم الأنصارى ثلاثة دواوين شعرية هي: أغنيات الساقية، وعلى باب الأميرة، وقرابين، وأثارت قصائده العمودية جدلا واهتماما واسعا، أما عبد العليم القبانى فكان من أكثر شعراء جيله حرصا على تنوعات إصداراته التى وصل عددها إلى ثلاثة وعشرين كتابا، وهو لم يكتف بإصدار الدواوين الشعرية، والتى منها: بقايا سراب، وأغنيات مهاجرة، وإنما اهتم أيضا بكتابة المسرحية الشعرية مثل قوس قزح، وحدث فى قصر السلطان، والملاحم الشعرية مثل ملحمة الثورة العرابية، وملحمة الثورة الفرنسية، كما كتب شعرا للأطفال، ومنها ديوان «فى حديقة الحيوانات»، كما كتب البحث الأدبى والدراسات الإعلامية، والأغانى والأزجال، وغيرَها من الإصدارات. فكان بذلك أكثر شعراء عصره فى الإسكندرية إصدارا للكتب الثقافية المتنوعة. وهو يُعد أول أديب سكندرى يصبح عضوا فى مجلس إدارة اتحاد كتاب مصر.
وقد لعبت قصور الثقافة ـ وعلى وجه التحديد قصر ثقافة الحرية ـ دورا كبيرا منذ الستينيات فى تقديم عشرات الشعراء فى الإسكندرية إلى جمهور الشعر فى مصر كلها، وبرز جيل جديد اهتم بتطوير القصيدة العربية فى الإسكندرية، ومغازلة شعر التفعيلة من شعرائه: فؤاد طمان، وسعيد نافع، وفهمى إبراهيم، وصبرى أبو علم، وأحمد عبد العظيم الشيخ، ومحمد رفيق خليل، وحامد نفادي، ويوسف العيشي، وعزيزة كاتو ومهدى بندق، ود. فوزى عيسى، ود. صالح اليظي، وعبد الصبور منير (الذى توفى فى الجزائر) وعبد الله الوكيل، ود. محمد عزيز نظمى وغيرهم، وكوَّن بعضُهم جماعةً شعرية عرفت باسم «أبوللو الجديد»، غير أن هذه المجموعة لم تهتم بإصدار دواوين شعرية، باستثناء صبرى أبو علم الذى أصدر ديوانا واحدا حتى الآن، هو «قصائد حب»، وعزيزة كاتو التى أصدرت ديوانا واحدا حتى الآن، هو ديوان «يوميات امرأة تبحث عن هوية»، وأيضا باستثناء الشاعرين فؤاد طمان وحامد نفادى اللذين أصدرا أكثر من ديوان. أما الشاعر مهدى بندق ـ الحاصل على جائزة الدولة التشجيعية فى المسرح ـ فقد اهتم بالمسرح الشعرى اهتماما كبيرا وأصدر عدة مسرحيات شعرية، منها: ريم على الدم، والسلطانة هند، وليلة زفاف إلكترا، وغيلان الدمشقي، وهل أنتَ الملك تيتي؟ وآخر أيام إخناتون، وغيرَها، فضلا عن إصداره لمجلة أحدثت صدى طيبا لدى الأوساط الثقافية فى مصر هى مجلة «تحديات ثقافية».
يأتى بعد ذلك جيل السبعينيات فى الإسكندرية، ومن أهم شعراء هذا الجيل: فوزى خضر ـ ـ الحاصل على جائزة الدولة التشجيعية ـ صاحب أطول قائمة للكتب فى جيله، ليس فى الإسكندرية وحدها، وإنما فى مصر كلها، فله حتى الآن أكثر من خمسة وأربعين كتابا ما بين الدواوين الشعرية، والدراسات الأدبية، وكتب الأطفال، والرحلات، والتراجم، فضلا عن كتاباته الدرامية للإذاعة، ولعل برنامجه الإذاعى اليومى الشهير «كتاب عربى علَّم العالم» بإذاعة البرنامج العام، يُعد من أهم البرامج الإذاعية فى هذا المجال. وقد اهتم فوزى خضر بتطوير قصيدته، فلجأ إلى القصيدة المدورة، والقصيدة الإبجرامة (القصيرة جدا)، إلى جانب القصيدة التفعيلية، وهى السائدة فى معظم دواوينه، وأحيانا القصيدة العمودية، كما تنوعت موضوعاته وأساليبه الشعرية.
أيضا هناك من شعراء هذا الجيل: عبد الحميد محمود ـ الحاصل على جائزة الدولة التشجيعية فى الشعر ـ ومرسى توفيق، وعبد المنعم كامل، وعبد المنعم سالم، وأحمد محمود مبارك، وعبد الرحمن عبد المولى، ومحمد عبد الفتاح الشاذلي، وربيع عبد العزيز، وعاطف الحداد، ومحمود عبد الصمد، وأحمد شاهين، وناجى عبد اللطيف، وأحمد فراج، ومحمد فرج، وإسماعيل الشيخة، ومحمود إدريس، وهدى عبد الغني، وصاحب هذه السطور، وكل منهم أصدر أكثر من عمل مطبوع، باستثناء عبد المنعم سالم الذى أصدر مؤخرا ديوانه الأول «الآبق من حفل صاخب»، وصاحب هذه السطور الذى أصدر أكثر من خمسة وعشرين كتابا تنوعت ما بين الدواوين الشعرية (آخرها: الماء لنا والورود) والكتابة للأطفال، والدراسات الأدبية والنقدية، والمعاجم اللغوية (مثل معجم الدهر، ومعجم أوائل الأشياء فى اللغة العربية) فضلا عن المشاركة فى أعمال أدبية وموسوعية مع آخرين.
ويأتى جيل جديد فى الثمانينات والتسعينات، يحمل ـ إلى جانب الشعراء السابقين ـ مشعل الشعر فى الإسكندرية، ومن شعرائه: جابر بسيوني، وأحمد شاهر، وأيمن صادق، ومحمود أمين، ومحمد مصطفى أبو شوارب، ومراد حسن عباس، وعلى عبد الدايم، وعزة رشاد، وبشرى بشير، وحنان فاروق، وكاميليا عبد الفتاح، ومصطفى تمَّام، وعادل خليل، ومختار عطية، وحسنى منصور، وعصام عبد الوهاب، ورحاب عابدين، وأمانى شكم، ورضا فوزي، ومحمد شكري، وعنتر حربي، ومحمود الفحام، وشهدان الغرباوي، وأحمد عوَّاد، ومنال الشربيني، وأحمد الفلو، وأمل سعد، وعمر عبد العزيز، وسناء الجبالي، وانتصار الهلباوي، وشيماء حسن، وغيرهم، وقد أصدر كل منهم ديوانا شعريا واحدا على الأقل، أو فى طريقه للإصدار الأول.
ولا نستطيع أن نُغفلَ نشاط جماعة شعرية ظهرت فى منتصف الثمانينات بالإسكندرية هى جماعة الأربعائيون، (وقد سبق الإشارة إليها عند حديثنا عن سلطة المقاهى والتجمعات الأدبية والثقافية فى الإسكندرية) والتى اتخذتْ من صالون الشاعر عبد العظيم ناجى فى منزله بجناكليس، مكانا لها حيث كان الأعضاء يجتمعون فيه مساء كل أربعاء، وأصدرت الجماعة مجلة باسمها، وانضم إليها معظم من كانوا يجربون كتابة قصيدة النثر فى الثغر من أمثال: حميدة عبد الله وناصر فرغلى ومهاب نصر وعلاء خالد وغيرهم. وعلى الرغم من عدم تواصل هذه الجماعة مع بقية الجماعات الأخرى فى الإسكندرية، على اعتبار أن أعضاءها يقدمون إبداعا مغايرا لما هو سائد فى قصور الثقافة، إلا أن أسباب توقفها تدعو إلى التساؤل والتشكك فى مدى إيمان أعضائها بما كانوا يمارسونه ويبشرون به كتابة ونقدا. أيضا لا نستطيع أن ننسى نشاط ورشة الشعر بأتيليه الإسكندرية (جماعة الفنانين والكتَّاب) برئاسة الشاعر والفنان د. محمد رفيق خليل، والذى يضم مجموعة من شباب الشعراء منهم: حاتم الكاتب، وأمينة أحمد حسن، وفاطمة زكي، وفاطمة قتيبة (البُراء العراقي)، وسامى إسماعيل، وإيمان عبد الحميد، وصفاء عبد العال، وعبد الرحيم يوسف، وأحمد يحيى، وغيرهم. وقد أصدرت الورشة مجموعتين من الشعر بعنوان «الورشة» لأعضائها، فضلا عن تنظيم مؤتمرين للشعر فى العامين الأخيرين، لاقا نجاحا طيبا.
هذا باختصار مُخل ـ بطبيعة الحال ـ أهم الخطوط العريضة للمشهد الشعرى فى الإسكندرية فى جانبه الفصيح.
أما عن المشهد فى جانبه الزجلى وشعر العامية وفن كتابة الأغنية فى الإسكندرية، فيكفينا الإشارة إلى أبناء الإسكندرية عبد الله النديم، ومحمود بيرم التونسى (1893 ـ 1961) ـ فنان الشعب، وصاحب الصدارة فى فن الزجل فى مصر كلها، والسيد عقل ومحمد مكيوي، ومحمد رخا (رئيس جماعة الأدب العربي)، وكامل حسنى (رئيس جمعية أدباء الشعب) ورائد المدرسة الزجلية الحديثة فى الإسكندرية التى تخرج منها عدد من زجالينا من أمثال: زينات القليوبي، وإيمان حسن، ونادية رسمي، وسعد بدوي، فضلا عن محمد طعيمة صاحب الأسلوب المتميز والإضافة الحقيقية فى فن الزجل. ومن شعراء العامية والأغنية الذين يضيفون الآن اتساعا حقيقيا للمشهد الشعرى السكندري: على المحمدى علي، ونجوى السيد، وعبد الرحمن درويش، وجابر سلطان، وضياء طمان، وعبد الله حسن، وفاتن البقري، وإيمان يوسف، وحسام الدين شوقي، وصادق أمين، ورأفت رشوان، ومصطفى الجارحي، وفوزية شبل، وحورية البدري، وطاهر سعيد، ومحمد أحمد طه، والسيد بغدادي، وآمال بسيوني، وابنتها سحر أبو شادي، ووهيبة صادق ووفاء بغدادي، ووفاء جابر، وإبراهيم طلبة إبراهيم، وطارق السيد، وعبد الله عبد الصبور، وعمرو عبد المجيد، وحمدى خلف، وحسام الحداد، وصفية نور الدين، وأحمد خميس، وصبحى طمان، وعمران بكر ، وزكى محمود، وعبد المنعم كاسب، ومحمد سالم، وعادل حرَّاز، وإبراهيم زيادة، وعبد اللطيف أبو كبشة، وأمينة عبد الله، وفاطمة حسبو، وحسن أبو سونة، وفوزى صبيح، وعبد اللطيف محمد عبد اللطيف، وحامد السقا، ومختار عبد الفتاح، ونعمات بدر، وعبد الفتاح محمد، وهالة مهدي، وغيرهم. وقد أصدر معظم هؤلاء الشعراء والزجالين دواوين شعرية مطبوعة.
هذا جانب من المشهد الشعرى السكندرى فى أروع تجلياته وفيوضاته على الساحة الشعرية المصرية والعربية، أرجو أن أكون قد وفقت فى نقله أو تصويره لكم، ولعل أهم ما ينقص هذا المشهد الآن، لقطة الشعراء الأجانب الذين عاشوا فى الإسكندرية حديثا، وتأثروا بها ولم يغادروها ومنهم على سبيل المثال الشاعر اليونانى قسطنطين كفافيس، وهو أمر يحتاج إلى وقفات ولقطات أخرى.

المكرمون

كل اسم من مكرمينا يشكل علامة مهمة فى حركة الثقافية المصرية، وجزءاً حيوياً من نسيجها الإبداعي، أخلصوا للكلمة ومتلقيها, فاحتفت المكتبة العربية بأعمالهم «إبداعية ونقدية وإعلامية» التى كان لها تأثيرها فى تطور الرؤى والأطروحات، كل هذا فضلا عن حضورهم الإنسانى الفاعل فى الأنشطة المختلفة، الأمر الذى جعلهم فى قلب المشهد الثقافى المصرى والعربى أيضا، منهم أساتذة أجلاء لنا ولأجيال سبقت وأجيال قادمة، ومنهم زملاء نعتز بإبداعاتهم ونأمل منهم عطاء لا يتوقف.

محمد هيكل

لم يكن الكاتب الراحل عضوًا فى جماعة «الصفوة»، أو رجلاً من رجال «النخب»، بل كان كاتبًا يعيش فى قلب الحياة والناس، يأخذ بأيديهم، ويشاركهم اهتماماتهم الأدبية والثقافية والفنية، ويشدّ من أزرهم بالكتابة عنهم، مُوقنًا يقينًا كاملاً أنه منهم، وأنه يجب أن يكون بينهم.
وهب حياته للعمل الثقافى العام، بجانب مهنة الصحافة، وراح يطوف أقاليم مصر، ويتعرف على كنوزها الإبداعية فى شتى المجالات.
تكرّمه الهيئة العامة لقصور الثقافة؛ تقديرًا لما قدّمه طيلة حياته الصحفية من دعم كبير للثقافة والأدب.
محمد حسن محمد هيكل, ولد فى 23 يونيو 1948م بمدينة المنصورة بالدقهلية، حصل على ليسانس الآداب جامعة عين شمس 1970، حصل على ماجستير الصحافة من كلية الإعلام جامعة القاهرة 1976.
شغل المناصب التالية: نائب رئيس تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط ـ قطاع المعلومات، مدير مكتب الوكالة ببغداد، مدير مكتب الوكالة بالخرطوم، مدير الديسك المركزى بالوكالة، مدير تحرير صحيفة «العالم اليوم» ـ العدد الأسبوعي، مدير مركز دراسات وأبحاث الشرق الأوسط بمصر.
صدر له: مواطنون اختاروا الوطن ـ بوابات مصر ـ سودانيون أحببتهم، وله دراسات وكتابات منشورة فى مجلات الهلال وآفاق عربية وكل العرب والثقافة الجديدة والبيان بدبى والوطن الكويتية وعدد من الصحف المصرية والعربية.
حصل على الجائزة الأولى فى مسابقة التفوق الصحفى لعام 2007م، من نقابة الصحفيين (فرع التغطية الخارجية).

إبراهيم جاد الله

رجل من طراز خاص. تتجاذبه كتابة القصة من النقد، والنقد من البحث الأدبي، ويخطفه النشاط الفكرى من ذلك كله؛ ليضعه فى مواجهة جادة مع التواصل الثقافي، وفى قلب ساحات العمل العام، حاملاً همَّ الوطن، وهمّ أبنائه، ومدافعًا عن العقل، ومعليًا من شأن حرّيته، وقيمة منجزاته، له إسهامات كثيرة ومتواصلة فى تدعيم مؤتمر أدباء مصر، والمشاركة فى جلساته، عبر دورات متعددة، تكرّمه الأمانة العامة لمؤتمر أدباء مصر فى هذه الدورة، ممثِّلاً لأدباء الوجه البحري.
إبراهيم جاد الله: ولد بالدنابيق مركز المنصورة فى السابع من ديسمبر عام 1951، حصل على بكالوريوس النقد والإخراج المسرحى عام 1977، عين معيداً بقسم الدراما بالمعهد العالى للفنون المسرحية، قبل خروجه من مصر إثر تداعيات أحداث 18و 19 يناير 1977، عمل لمدة عامين بعد نقل مقر الجامعة العربية إلى تونس خبيرا للمسرح بالمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (1982 و 1983م)، عمل مدرسا لمادة الدراما بالجامعة المستنصرية ببغداد، عمل مستشارا للمسرح بمكتب وزير الثقافة اليمنى من عام 1984 إلى عام 1992، شارك فى تحرير صفحة ساعات بين الكتب، ومعارك ومواقف، ووجوه وملامح بصحيفة القاهرة لأربع سنوات، حرر وشارك فى تحرير صفحات أدب وفن، وأضواء الجمهورية، بصحيفة الجمهورية باليمن لثمانية أعوام متواصلة.
حاز شهادات التقدير من عدد من الجامعات العربية والمراكز البحثية العربية: مركز دراسات الوحدة العربية ـ مركز الدراسات والبحوث اليمنية ـ مركز الدراسات الحضارية جامعة الموصل ـ الجامعة المستنصرية ببغداد ـ المجلس القومى للثقافة العربية ـ رابطة الكتاب بالأردن ـ صحيفة الدستور الأردنية ـ جامعة مولاى إسماعيل بالمغرب ـ الهيئة العامة لقصور الثقافة ـ الملتقى الفنى والأدبى الأول بوهران الجزائر.
ترجمت قصته «المعطوب» إلى الإنجليزية والكردية والأمازيغية، وحوّل السيناريست والمخرج العراقى محمد توفيق روايته المشتركة مع الكاتبة العراقية كلشان البياتى إلى سيناريو فيلم سينمائى بإنتاج سويدي، وشارك بالدراسات والبحوث والتحكيم فى منتديات ومهرجانات مسرحية عربية مثل: مهرجان دمشق المسرحى مهرجان المسرح العربى ببغداد ـ مهرجان جرش للفنون ـ مهرجان جمعية رواد الخشبة بمكناس، المغرب ـ الملتقى الفنى الأدبى بوهران، الجزائر ـ مؤتمرات المائدة المستديرة لجامعة ناصر الأممية بطرابلس، ليبيا ـ مؤتمرات مختلفة لمركز دراسات الوحدة العربية ببيروت.
من أعماله القصصية:مشاهد من حكاية الوابور المقدس ـ من أوراق موت البنفسج ـ ظهيرة اليقظة، تداعيات الزمن المر، شدو طائر عربى، بيت من زجاج وحجر، المسرح العربى والتحدي، الثابت والمتحول فى المسرح العربي، مواقيت لغير البهجة.

فاطمة قنديل

استطاعت الشاعرة فاطمة قنديل منذ ديوانها الأول أن تترك بصمتها الخاصة على المشهد الشعري، وأن تجد لكتابتها مساحة حرة تتنقّل فيها بين الذات والكتابة والرؤية الفنية المختلفة والمتجاوزة للسائد. وفى تحولها من العامية إلى الفصحى سارت على النهج نفسه، وقدمت صورةً مغايرة للمرأة التى تخرج من ركن السُّكونية إلى فضاء البوح، عبر نصوص نثرية تلتفت بالأساس إلى الفن وبناء النص الشعري، كما أسست لوعيها الفنيّ بوعيٍ مجاور ومتلازم عبر دراساتها الأكاديمية فى النقد الأدبي.تكرّمها الأمانة العامة لمؤتمر أدباء مصر فى هذه الدورة.. ممثِّلةً لكاتبات مصر.
شاركت فاطمة قنديل فى العديد من المؤتمرات والمهرجانات الشعرية فى مصر والعالم العربي، والبلاد الأوروبية، وأمريكا
اللاتينية، تُرجم شعرها إلى العديد من اللغات الأجنبية مثل: الإنجليزية، والفرنسية، والإيطالية، والألمانية، والإسبانية، عملت محررة بمجلة فصول، فى الفترة من 1991 إلى 1999م.عضو اتحاد كتاب مصر، وعضو أتيلييه القاهرة منذ 1988، عضو لجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة لدورتين، تعمل حالياً مدرساً للنقد الأدبى الحديث فى كلية الآداب ـ جامعة حلوان ـ قسم اللغة العربية.
صـدر لها فى الشعـر: عشان نقدر نعيش ـ ديوان شعر بالعامية المصرية ـ حظر التجـوال ـ ديوان شعر بالعامية المصرية، صمت قطنة مبتلّة، أسئلة معلّقة كالذبائح، أنا شاهـد قـبرك، وفى المسـرح: لليلة الثانية بعد الألف ـ مسرحية شعرية بالعامية المصرية ـ عرضت على مسرح الشباب، فى النقــد:التناص فى شعر شعراء السبعينيات ـ أطروحة ماجستير، تحت الطبع: شعرية الكتابة النثرية عند جبران خليل جبران ـ أطروحة دكتوراه، فى الترجمـة: مقدمة إلى الأدب العربى بالاشتراك مع آخرين لروجر آلن، جبران خليل جبران، حياته وعالمه.

عصام راسم.. سارق الدهشة

كثيراً ما تأملت ملامحه وهو يمتص رأى، أو يتشرب حس كاتب يقرأ نصاً، أو حين يضيق من كلام عفى عليه الزمن. فيما بين حواشى شخصياته الروائية من الصعب أن نجد شخصية تسلم بالأمر الواقع سوى الأم أو شخصيات هامشية. كثيراً ما تخيلت عصام وهو يبنى شخصياته وأحداثه، وهو يتداخل فى جلده وعضامه تطقطق وتنكمش. ككل الكتاب الحقيقين حين تحاصرهم افكارهم وكم يتضخمون معها حين يكتبونها. وفى تلك الرحلة قد تسقط حناجرهم فى قرارهم، أو يتصارع القلب والعقل فلا يجدون سوى دماء لا يعرفون مصدرها. قد يصرخ أو يئن أو يحتوى نفسه إلى نفسه. هكذا هتف محمود درويش يوماً « تداخل جلدى بحنجرتى « هل على الكاتب أن يطلق الريح فى كتفيه فيثقبهما علامة على كتابة تسأل نفسها أن تصير يوماً نصاً.
لعصام وجه صريح إلى حد الاستفزاز أحياناً. سريع الانفعال، سريع الغضب، وعين نهمة لالتقاط التفاصيل.. الظاهر منها والخافى، وأنف يتشمم روائح الأفعال وإن لم تتبد. رغم كل الجموح، لدى هذا الوجه قدرة على الإنصات توازى حس جمل على احتواء روح الصحراء وتشرب العطش. وفى لحظات أخرى يبوح بما يعتمل فى حناياه من أول لمسة حوار. شيء ما يبدو بريئاً إلى الحد الذى لا يحتمل عبء تناقضات شخوص رواياته.
كاتب القصة القصيرة أقل خبثاً. مخاوفه من اللحظة. حصار اللحظة التى عليه أن يحاصرها ويخشى كتابتها كى لا تفضحه. وحين يجرؤ، ينتهى على خط الورق، وينتهى فى نفس اللحظة التى انتهى إليها، وعليه أن يتجدد من رماده كى يحلق إلى حين. وبين قصة وأخرى آه طويلة لا يصدقها. أكان هو من ارتكب إثم ما صار قصة. اتدهشه كثافة اللحظة ؟! تُرى، بل، ربما.
عصام كاتب روائى بامتياز. حكاء على الورق. وحين يحكى على الأرض لا يتوقف. خائف من صوته الأرضى كى لا يصير لوناً فيهرب بملامحه. له الكثير من القصص القصيرة لم ينشرها. لكنها فى معظمها فصول من روايات مؤجلة. فعالم الروائى بقدر ما يضيق يتسع فى دم الكتابة. عالم القاص بقدر ما يتسع يضبق فى صمت السطور. هو يرصد اللحظة لكنه لا يتوقف عندها كثيراً. وتكوينه الشخصى يجعله يطويها إلى بحر الزمن. إلى عالم قادم سيرويه يوماً. قد يتوهج باللحظة، لكنها لا تحاصره. قد يضعها على الورق ويغلق عليها لحظتها إلى حي، لأنها يوماً ستأتى فى سياق روائى، وحتى لو حاول حصارها فالمجرى الزمنى سيجعلها سائلة. لا يمثل هذا دم القصة القصيرة المتخثر على لحظتها. فالفكرة تفاجئه. يسجل بعض ملامحها انتظاراً للآتى. وربما خاف من زخمه فيحاول أن يتخلص منها بكتابة تبحث عن امتداد قد يتراءى يوماً ما، ويتوهم أنها قصة لكنها مجرد نداء.
وجه عصام يصارع عالمين لا ينفصلان. مثاليات تجعله لا يستطيع أن يصبح سافلاً، وواقع يحرضه ألا يصير مثالياً فى عالم القردة. شيء كوجه العذراء فى انكسار نظرتها، فى مواجهة صورة المجدلية فى صراحتها. اكانت العذراء ترغب فى صمت قداستها ؟.. أكانت المجدلية عاهرة كما صوروها؟ أكان المسيح بتلك المثالية؟ ألا يتصارع الله والشيطان فى رغبات النفس الإنسانية، ويتبديان على رقائق الوجه الإنسانى أحياناً، أو يتخفيان معظم الأحيان.
خميرة الكتابة عند عصام راسم فى ذلك التناقض الإنسانى المشروع. فهو إما أن يكتب بواقعية جارحة إلى حد القسوة، وبتفاصيل يومية وبأسماء الأماكن التى نتردد عليها. يصل بصراعه إلى منتهاه، ويستخدم وقائع أرضية صارعها وصارعته إلى حد الشقاء، يحول تفاصيلها عبر الحكى إلى أحداثاً تتفاعل بها الشخصيات لتتداعى أحداثاً أكثر تركيباً تتصاعد بها الشخصيات إلى مصائرها. هو يعرف كيف يلتقط أحداثاً بعينها من بين عشرات الأحداث. يحللها فى حالة بوح بوقائع يومية ستصير مع الزمن تاريخاً وتأريخاً لبقع مجهولة على الخارطة، وسيصنع من منطقة عشوائية (الحكروب) أرضاً لوقائع لن يذكرها تاريخ رسمى.
حين تغلبه الوقائع الأرضية وتضغط على حواسه التى يتصور أنها أقوى من الوقائع، يلجأ إلى الفانتازيا. يستحلب من واقعة أرضية صمت بطولتها المهدرة. فيبنى من واقعة صراع تمساح يحاول الصيادون اقتناصه إلى محرك اسطورى لعالم بأكمله وشخصية حية لرواية فى بقعة مجهولة فى أقصى الجنوب لا يدرى أحد عنها شيئاً . هنا يتخلق الحلم، فيحيل التمساح صراع وجوده إلى أسطورة تحرك مصائر شخصيات العمل. ينتهى بها إلى مصير دام أو سلام لمن لا يخدش صمته. وفى واقعية القسوة أو الفانتازيا يسرق منا الدهشة، ويمنحنا الأسئلة.

الأخيرة
تحية لرئيس مركز الإبداع وفريقه المعاون

منذ اللحظة الأولى لدخول أعضاء المركز الإعلامى لنشرة مؤتمر أدباء مصر فى دورته الـ 24 إلى مركز الإبداع، ورئيسه وفريق عمله ورجال أمن المركز لا يألون جهدا فى توفير كافة, سُبل الدعم والمساندة والرعاية، ظل المركز ليومين متتاليين فاتحا بابه حتى مطلع الفجر، لا تمر ساعة إلا وهناك من يأتى ليطمئن ويرى إن كانت هناك حاجة مطلوبة، بل إن بعض أفراد فريق العمل فى المركز كانوا يقدمون المساعدة فيما يطرأ من مشكلات تقنية وغيرها.
فتحية لمدير مركز الإبداع د.يحيى عاشور، والفريق المعاون له ولرجال الأمن على الحفاوة والإخلاص فى التواصل والتفاعل.

قالوا عن المؤتمر

سيظل هذا المؤتمر رغم كل العراقيل والعثرات التى توضع أحيانًا فى سبيله رايتنا وصوتنا الصارخ فى برية هذا الكون وخندقنا الأخير، إنه دليل حى يؤكد أن الضمير المصرى وأن الإبداع الأدبى لا يمكن أن يموت مهما طُعن بخناجر التجاهل والنسيان والتهميش الإعلامى ومحاولات البعض فى اختزال الإبداع فى الأداء التمثيلى وبعض المسلسلات الهابطة وتصدير نجوم الكرة والممثلين ونجوم الغناء ليكونوا أمام شبابنا هم المثل الأعلى, وتغير صوت الإبداع ووجوه رموزه, لهذا فأنا واحد من الذين سيقاتلون تحت راية هذا المؤتمر إلى النفس الأخير. وسيظل الأمل معقودًا على المخلصين فى تجديد شبابه وتطويره الدائم ليكون دائمًا حارسًا للضمير وللوجدان وحارسًا لقيم الحق والخير والجمال والحرية.
جميل عبد الرحمن
بما أن هناك من يتم تكريمهم من الكتاب والأدباء.. أرى أن يتم تكريم من قام على هذا الجهد من موظفين وعاملين داخل الهيئة والذين اعتبرهم المساهمين الأساسيين فى إنجاح هذا المؤتمر.
سعدت جدًا بالجائزة التى تضاف إلى رصيد الهيئة العامة لقصور الثقافة فى إنجازاتها القادمة لصالح الأدباء والكتاب.
أرى أن هذا المؤتمر قد تطور تطورًا جيدًا فضلاً عن كونه رد إعتبار الشعر بعد عدة دورات كان للقصة والرواية الثقل الأساسي.
أشكر الهيئة على اتساع صدرها للمقيمين فى مصر أن يحضروا ويشاركوا مع أدبائها.
ميسون صقر
المؤتمر نافذة حقيقية لالتقاء المثقفين والأدباء المصريين ثقافياً وإنسانيًا واجتماعيًا والتقارب الذى لا يحدث إلا فى هذه المناسبة, وأظن أن المؤتمر قد تجاوز كثيرًا من العقبات والمعوقات البيروقراطية التى كانت تقف فى وجه تطور مساراته المتعددة بالإضافة إلى المطبوعات الجيدة والجادة مثل كتاب ثورة الشعر الحديث للعالم والدكتور عبد الغفار مكاوي، وفى الدورتين الأخيرتين على وجه الخصوص أرى أن المؤتمر أخذ مسارًا نوعيًا فى تخصيص ملتقاه حول القصة أو الشعر.. وآمل أن تكون الدورة القادمة مخصصة لدراسة النقد الأدبى وتطوره على مدى ربع قرن.
شعبان يوسف
يعد المؤتمر احتفالاً كبيرًا خاصة أنه قارب على سن النضج بحيث جاءت الأبحاث على مستوى عالى وكذلك إدارة الجلسات وأعتقد أن هذه الأمانة فى هذه الدورة لم تقصر فى أداء عملها على عكس ما قيل.
أرى أن استمرارية المؤتمر العام لأدباء مصر أكبر نجاز ثقافى تقدمه الوزارة (تمسكوا بالمؤتمر حتى الموت)
أشرف عتريس
سعادتى غامرة بوجودى فى هذا المؤتمر المرصود للمشهد الشعرى المعاصر غير أنى لى ملاحظة.. المؤتمر كأنما هو مركز على تيار الحداثة والشعر وكأنه الملمح الأساسى فى المشهد. أين واقع قصيدة التفعيلة فى أبحاث المؤتمر ومازال لها حضورها الكامح. من الذين دخلوها من باب الاستسهال لا الضرورة الفنية. كان علينا ونحن نرصد المشهد الشعرى الراهن ألا ننسى رحيل أحد شعراء المشهد الشعرى الذى رحل منذ أيام وهو الشاعر الكبير محمد صالح.
عبد المنعم عواد يوسف

نشرة مؤتمر أدباء مصر بالإسكندرية - العدد الثاني

نشرة مؤتمر أدباء مصر بالإسكندرية- العدد الثاني
رئيس تحرير النشرة/أحمد المريخي
شكرا للفنان فاروق حسنى

شكرا للفنان فاروق حسني، شكر واجب، ليس مجاملة له فهو أكبر من أن نجامله وقد أعطى للثقافة المصرية الكثير الذى يجب عليه الشكر والتقدير، لكن شكرنا له يأتى تحية على هذا الاحتفاء وهذه المحبة وهذا التقدير الذى شمل به أدباء مصر فى لقائه معهم، شكرا على الجائزة السنوية التى خصصها للمؤتمر، والتى تمثل دعما قويا يؤكد أن مؤتمرنا «مؤتمر أدباء مصر» يمضى على الدرب فى خدمة مصر المبدعة والمثقفة والمفكرة، هذا المؤتمر الذى يحتضن كل دروبها من أقاصى الشمال إلى أقاصى الجنوب.
إن شكر الوزير للمؤتمر وأمانته وأعضائه ومدعويه، والجهة المحتضنة والمنظمة ممثلة فى الناقد د.أحمد مجاهد ودوره المتميز وإنجازاته الرائعة وصلت إلى كل المشاركين.
لم تدهشنا صراحة الوزير وشفافية ردوده ومصداقيتها، فقد تعودنا ذلك منه، منذ تولى مهمة وزارة الثقافة المصرية، نختلف معه ويختلف معنا لكنه كان دائما فى القلب من همومنا ومشكلاتنا.
لا ننسى له مواقفه المشرفة ضد من يريدون اغتيال حرية التعبير فى مصر إبداعا ورأيا وفكرا، وإصراره على أن تكون مصر منبرا إبداعيا عربيا ودوليا، وأن تكون صاحبة المبادرة فى احتضان الأدباء والمثقفين من كافة أرجاء العالم العربى أولا.
وتحية له على شكره لأمانة المؤتمر، والحفل الذى دعا المؤتمر إليه، وهو شكر يعكس تقديره للجهد الذى بُذل من أعضاء الأمانة فى سبيل إنجاح المؤتمر، والقيام بالدور المنوط بهم على الوجه الأكمل.
وكان فاروق حسنى قد أعرب- فى بداية لقائه المفتوح بالأدباء والمثقفين- عن شكره للواء عادل لبيب محافظ الإسكندرية، واصفاً إياه بالرجل الرائع الذى أقام الجمال فى قنا أثناء توليه محافظاً لها، كما شكر الناقد الكبير د.عبد المنعم تليمه لقبوله رئاسة المؤتمر، والشاعر فتحى عبد السميع أمين عام المؤتمر، كما شكر الناقد د.أحمد مجاهد رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة على عمله وإنجازه فى هذه المؤسسة، وقال إنه من الاختيارات الرائعة، كما شكر الحضور على تواجدهم الجميل، وقال: أنا سعيد بأن أكون فى هذا الجمع المبهر من أدباء مصر من كل الأقاليم، لقد فضلت إقامة حوار معكم لكى أستمتع به وأعرف كيف تتوجه الدفة إلى حيث يرجو كل منا فى هذا الوطن.

مؤتمر أدباء مصر أحد السمات الحضارية المتميزة

الشعراء والنقاد.. اسمحوا لى أن أرحب بكم على أرض محافظة الإسكندرية فى هذا المؤتمر الهام الذى يحمل عنوان أدباء مصر فى الأقاليم الثقافية والذى يأتى امتدادا للعطاء الفكرى والثقافى والحضارى الذى تعيشه مصر فى عهد الرئيس مبارك، ورعاية الفنان الكبير فاروق حسنى وزير الثقافة وهو ابن الإسكندرية.
إن الأدباء والفنانين والكتاب سجلوا لنا ولهذا الوطن أرقى مظاهر الفنون والآداب فى مختلف المجالات، ويأتى ونحن نحتفل ببداية العام الهجرى الجديد، وكل عام وأنتم بخير جميعا، كما يأتى أيضا ونحن على مشارف يوم الميلاد المجيد الذى يصادف اختيار محافظة الإسكندرية عاصمة للسياحة العربية، حيث صدرتها جامعة الدول العربية كأول مدينة عربية تحظى بهذا الشرف الكبير، اعتماداً على مكوناتها التاريخية والحضارية والأدبية، ولعل مؤتمر اليوم هو أحد سمات هذه الحضارة المتميزة.
نرحب بالذين قدموا إلينا من خارج مدينة الإسكندرية للمشاركة فى هذا المؤتمر ذى الرسالة الواضحة وتتمثل فى تشجيع الأدباء الشبان أولا والاستفادة من الأدباء الكبار الذين مازالوا يكونون جزءا من الوطن ويسهمون مع غيرهم فى الارتقاء بالإنسان المصرى اعتمادا على الأدب الراقى والفنون الجميلة فى وقت أصبحت التحديات فيه كبيرة أمام الثقافة المصرية فى ضوء العولمة والعلاقات الدولية المستحدثة، من هنا تأتى أهمية هذا المؤتمر والمشاركين فيه والذى نعوّل عليهم كثيرا فى تحقيق هذه الرسالة السامية للأديب المصرى على المستوى الوطنى والإقليمى والعالمي، وفى النهاية أكرر شكرى لكم جميعا, كما أشكر القائمين على الثقافة بإقليم الإسكندرية وغرب الدلتا متمنيًا للجميع كل التوفيق, وتحية خاصة للفنان الوزير فاروق حسنى داعيا لكم جميعا بدوام التوفيق والسداد خدمة للوطن فى جميع المجالات، أشكركم وأتمنى لمؤتمركم النجاح والتوفيق.

اللواء عادل لبيب
محافظ الإسكندرية
ولا يزال الشعر قلب البنية الثقافية

تحمل كلمة (النهضة) فى اللغة العربية الحديثة منذ فجر القرن التاسع عشر دلالة تاريخية وحضارية فريدة لا تحملها فى أية لغة، ذلك أن هذه الكلمة، النهضة، تساوى وتطابق فى العربية العصرية كلمة (التجديد). لقد كانت النهضة الأوروبية إحياءً لموروث توارى خمسة عشر قرناً وكاد يموت ويندثر، أما نهضتنا الحديثة فإنها تأسيس على موروث صعد ثم خمد ثم جدت عوامل تاريخية فاعلة فنهض.
انتقالات موروثنا فى التاريخ البشرى: صعود وخمود ونهوض. وفى أدنى لحظات الخمود، تراجعت الطاقة الغنائية الخالقة فى هذا الموروث، بيد أنه، هذا الموروث، لم يندثر ولم يمت. لهذا كانت النهضة الأوروبية إحياء، وكانت نهضتنا استئنافاً، كانت، ولا تزال تجديداً لقديم يتجدد بعوامل تاريخية جديدة. إن النهضة وقوف بعد قعود، وتقدم بعد وقوف، فهى حركة تاريخية شاملة، ولذا فإن نهضتنا فى التاريخ الحديث، من مستدار القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين، قد صاغت لنفسها غايات مدارها الانتقال من العلاقات الكلاسيكية التقليدية إلى العلاقات الجديدة العصرية. وحسبنا فى مقامنا هذا أن نقف عند البنية الثقافية فى نهضتنا الحديثة والمعاصرة، ونخص ما يتصل بما نحن بصدده اتصالاً حميماً، وهو الإبداع الأدبى.
إن المؤرخ الراصد للأدب العربى الحديث والمعاصر يجد أنه قد جرى فى نهرين عظيمين: أولهما تجديد الأصيل وهو الشعر, وثانيهما تأصيل الجديد وهو الأنواع الأدبية المستحدثة، القصة والرواية والمسرحية والسيرة الذاتية.
ولقد كان تجديد الأصيل، الشعر، ولا يزال قلب البنية الثقافية العربية الحديثة وقاعدة النهوض الأساسية.
طلب العرب المحدثون إلى عمود الشعر المتجدد أن يحمل غايات النهوض، فكانت خوالد شاعر النهضة أحمد شوقى ـ ولم يكن فرداً إنما كان إماماً لجيل رائد ـ تؤسس على أئمة الازدهارة العباسية، أبى تمام والبحترى والمتنبى والمعرى، بشوق رفيع وموهبة عالية إلى التعادل حتى تقف النهضة جارة للازدهارة وجارية إلى الأفق الأرحب.
وجدت لدى جيل تال حاجات روحية وجمالية، إذ كان من ثمرات النهوض والمجتمع العصرى أن تفتحت الفردية السوية والذاتية البانية، فطلبت الذائقة العامة الناشئة إلى الشعر أن يلبى نداء القلب فكانت الحركة الرومانسية الوجدانية التى أكملت جدلية الفرد والمجتمع فى غنائيات باقية تحققت فى نماذجها الرفيعة.
ومضى تجديد الشعر العربى إلى غاياته الجمالية وغايات النهوض الاجتماعية التاريخية، فاستقرت التفعيلة وحدة بناء وتستقر فى المشهد الراهن قصيدة النثر ظاهرة أساسية من ظواهر هذه التجديد الذى يؤسس على موروثات باقية دون قطع ولا قطيعة.
د.عبد المنعم تليمة رئيس المؤتمر

د.أحمــد مجـــاهد:
مجلس الشعب يقر زيادة ميزانية أنشطة الهيئة بـ 2 مليون جنيه

وجه د. أحمد مجاهد رئيس الهئة العامة لقصور الثقافة التحية والشكر للفنان فاروق حسنى وزير الثقافة الذى حرص على لقاء الأدباء فى هذا العرس الكبير قناعة منه بقيمة هذا المؤتمر ودور هذه المؤسسة «الهيئة» التى لم يتأخر عن دعمها فنيا ومعنويا، كما شكر اللواء عادل لبيب على استضافته لهذه الدورة من المؤتمر ليقدم القدوة على دعم الثقافة والفنون فى محافظة الثقافة والفنون، كما شكر أيضاً د. عبد المنعم تليمه على موافقته على رئأسة هذه الدورة والشاعر فتحى عبد السميع الذى بذل جهداً كبيراً لنجاح هذا المؤتمر مع أعضاء اللأمانة ، كما شكر الأدباء والنقاد وجميع العاملين بالهيئة الذين حرصوا على نجاح المؤتمر، مشيداً بدور سعد عبد الرحمن رئيس الإدارة المركزية للشئون الثقافة ومحمد أبو المجد مدير عام الثقافة العامة بالهيئة وإجلال هاشم رئيس إقلم غرب ووسط الدلتا الثقافى.
وأود أن أعرض عليكم ما أنجزته الهيئة خلال فترة رئاستى لها حيث تم افتتاح ستة مواقع ثقافية بالإضافة إلى تجهيز ثمانية مواقع للأفتتاح، وهناك فى الخطة عشرون موقعاً سيتم افتتاحهم.
وتناول فى كلمته اهتمام الهيئة بالثقافة الرقمية فقال: أقمنا أول مؤتمر للثقافة الرقمية بالإسكندرية إلى جانب إصدار سلسلتين جدد هما تاريخ الشباب ويرأسها عماد أبو غازى ومجلة خاصة بالثقافة الرقمية.
وسوف تصدر مجلة للفنون التشكيلية، ومجلة الثقافة الجديدة أصدرت بشكل جديد وقد أقامت المجلة مسابقة أدبية تجريها مجلة الثقافة الجديدة بدعم من وزير الثقافة والتى بلغ مجموع جوائزها 60 ألف جنيه ولاقت إقبالاً كبيراً، أما بالنسبة للنشر الإقليمى فقد كانت ميزانيته 185 ألف جنيه بحيث يصدر كل إقليم كتابين وقد زادت هذه الميزانية بنسبة 100%, لأن مهمة الهيئة نشر الثقافة والإبداع فى كافة الأقاليم أما بخصوص النشاط المسرحى للهئية فقد عاد بعد توقف دام 6 سنوات بمهرجان مسرح الفرق القومية وأعدنا مسرح منف وتجدييد مسرح السامر، ولأول مرة تفوز فرقة مسرحية من فرق الهيئة بالجائزة الأولى فى مهرجان المسرح القومى.
وبالنسبة للنشاط السينمائى للهيئة فقد تم إنشاء وحدة رسوم متحركة وحازت على جوائز مختلفة بالإضاغفة لإنتاج 20 فيلم روائى وقصير، وكذلك فى مجال الفن التشكلى تم الاحتفال ببينالى بور سعيد بعد توقف دام أربع سنوات،ولأول مرة يخرج ملتقى الفخار من قنا إلى المنوفية بقرية أشمون جريس ومرة ثالثة للوادى الجديد.
وفى مجال النشاط الموسيقى أنتهج الفنان أحمد إبراهيم مدير إدارة الموسيقى نهجاً جديداً، حيث أقام مسابقة العام الماضى فى ألحان فنان الشعب سيد درويش وفى هذا العام يتم الاحتفال بذكرى موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، وقدمت فرقة البحيرة عروضها الموسيقية بأوبرا الإسكندرية والمنوفية بمسرح الجمهورية.
ولأول مرة يتكون منتخب الهيئة من 200 فرد، وقد شاركت فرق الفنون الشعبية بالهيئة فى الاحتفال بتعامد الشمس بأسوان، وفى المهرجان الأول لفنون البحر الأحمر بالسويس، وما زال أتوبيس الفن الجميل يمارس نشاطه المستمر ، حيث أقام جدارية تبلغ 50 متراً.
وقد تبنت الهيئة مؤخراً الاهتمام بذوى الاحتياجات الخاصة حيث تقرر أن يكون لهم إدارة خاصة بالهيئة، وتم إقامة أول مؤتمر لذوى الاحتاجات الخاصة، وهناك مستشار خاص لذوى الاحتياجات الخاصة, كما تم تنظيم عدد من القوافل الثقافة بالمناطق الحدودية بمطروح والوادى الجديد وحلايب وشلاتين، كما تم توقيع أربعة بروتوكولات بين الهيئة والجمعيات الأهلية ومع جمعية الرعاية المتكاملة ومع المجلس القومى للشباب والمركز القومى للسينما لحل أزمة المواقع الثقافية الغير مؤهلة فى المحافظات.
لقد أصبح لدينا تنظيم فى عقود العمل وفقاً لحاجة الهيئة وليس لحاجة العامل، ولدى خبر سار أن الموازنة الجديدة فى مجلس الشعب أقرت زيادة ميزانية الأنشطة بالهيئة بمقدار 2 مليون جنيه

هذا وقت الشعر

لقد تركنا كلَّ شيئ وجئنا نحتفى بالشعر، تركنا أزمات وقضايا كبيرة جعلت أحد المهمومين يفزع:هل هذا وقت الشعر؟.. ما هذا التعالى عن الواقع ومشكلاته الضاغطة؟
نعم هذا وقت الشعر، فالشعر ليس رفاهية، وليس استرخاء وليس تسلية، الشعر ضرورة، ويقظة، وبناء داخلى متين ومهيب، ليس غيابا عن الواقع بل هو الحضور الأعمق فى قلب العالم. وفى طرح الشعر على بساط البحث طرح عميق لكل قضايانا ومشكلاتنا.
العلم الحديث بمنجزاته المبهرة ، كان واحدا من تلك الحبال التى التفت حول عنق الشعر، لقد قالوا أن الشعر ينتمى إلى أزمان غابرة، وهذا وقت العلم، العلم هو السبيل هو المنقذ هو الخلاص، لقد ضيعتنا الأشعار وعلينا بالعلم. وهكذا بدأنا المرور على الشعر بأقدامنا المفلطحة، لكننا أيضا لم نحتضن العلم كما ينبغي. وهناك انطلقوا بأقصى سرعة ممكنة فى فضاءات العلم, إن مستقبل الشعر أكبر من حاضره، لأن البشرية لم تعد تفكرفى العلم بقدرما تفكر فى الحكمة، والعلم جزء جوهرى من الحكمة لكنه ليس كل شيئ، وفى توجه البشرية نحو الحكمة سوف يستعيد الشعر دورا ومكانة أكبر مما نتخيل.
إن المشهد الشعرى من أكثر المشاهد الحيوية فى حياتنا، ومن ينظر إلى الشعراء يتعجب من نشاطهم وهمتهم العجيبة فى ظل مناخ لا يلتفت ولا يبالى بتجاربهم المتنوعه والمتداخلة والمختلفة، بمغامراتهم وسهرهم وجدلهم واشتباكهم الدائم مع الحياة والوجود.
إن الشعراء يرسمون مشهدا حيا يبعث على التفاؤل والإعجاب. ويمنحنا أملا.
بهذا الحيوى فى حياتنا وبهذا الأمل جئنا نحتفي.
وفى سعينا لتقديم تلك المساهمة للمشهد الشعري، حرصنا بالدرجة الأولى على التمسك بالكثير من القيم، فلم نهمش أحدا أو اتجاها، وانفتحنا خاصة على التجارب الجديدة والشابة والمغامرة والتى لم تأخذ حقها، حرصنا على التجديد فى المشاركين بالأوراق البحثية والشهادات بنسبة تجاوزت التسعين فى المائة وهى نسبة عالية جدا ترفع عن المؤتمر اتهاما كان يتردد عن تكرار الباحثين والوجوه. وبشكل شخصى أزهو بتفتح ووعى الأمانة، ومن يراجع الأسماء والمحاور، سوف يندهش من اختيارات كثيرة ربما لا يتوقعها أحد فى ظل فكرة ظالمة وراسخة عن أدباء الأقاليم كثيرا ما تراهم بعيدين عن تطورات الحركة الثقافية، ومتابعة وهضم قفزاتها المستمرة.
أزهو بأمانة المؤتمر أيضا لأنهم قدموا نموذجا يحتذى فى النزاهة، فعلى عكس جميع الأمانات السابقة لم يشارك منهم أحد ببحث أو شهادة أو إدارة جلسة ولم يتم تكريم أحد منهم ، رغم أن بينهم من يستحق.
يأتى هذا المؤتمر فى إطار مناسبة هامة وهى الاحتفال بمرور ربع قرن على تأسيسه، والمناسبة تستحق اهتماما من الحياة الثقافية فى مصر بشكل عام لرصد ما قدمه واستشراف ما يمكن أن يقدمه، ولا شك أنه أمرمدهش أن يواصل ذلك المجرى الأدبى مسيرته فى ظل تقلبات كثيرة، حتى يتحول إلى واحد من أعرق المؤتمرات فى العالم العربي، وأكثرها انتظاما.
لا بد من كلمة شكر لهيئة قصور الثقافة، لدورها بشكل عام، ولتبنيها لهذا المؤتمر، والسهر على تنفيذه، واخص بالشكر الأستاذ الدكتور أحمد مجاهد رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، والذى منحنا حريتنا الكاملة، فلم يتدخل ولم يسمح لأحد بالتدخل فى اختياراتنا على الإطلاق.
يتبقى أن نشكر الرجل الذى رحب باستضافة المؤتمر ،اللواء عادل لبيب محافظ الإسكندرية. هذا الرجل الذى تابعته لعدة سنوات وهو يتحول فى قنا إلى أسطورة، راحت تكبر بعد رحيله عنها, فشكرا للواء عادل لبيب على وعيه وجديته وتلبيته السريعة لاستضافة المؤتمر.
فتحى عبد السميع
أمين عام المؤتمر

ممثل المبدعين فى الحكومة
الفنان فاروق حسنى : الحكومة فى خدمة جميع الأدباء

كان لقاء وزير الثقافة الفنان فاروق حسنى بأدباء مصر أقرب ما يكون إلى المواجهة، حيث لمس سقف تساؤلات الأدباء الكثير من القضايا المحورية حول الثقافة المصرية وعلاقاتها على المستويين الإقليمى والوطني، منها على سبيل المثال المطالبة بدعم صريح لعلاج الأدباء على نفقة الدولة، ودور وزارة الثقافة وعلاقتها بالأدباء وضرورة توفير ميزانية مستقلة من الوزارة لمؤتمر أدباء مصر، فضلا عن تبنى الوزارة لمشروع العاصمة الثقافية من بين محافظات مصر سنويا وبشكل دورى بالتناوب، ويكون المؤتمر أحد الفعاليات الثقافية لتلك العاصمة فى ذلك العام، وضرورة التنسيق بين وزارتى الثقافة والتربية والتعليم لعمل بروتوكول مشترك لنشر الوعى الثقافى والحس الجمالى لدى الأجيال القادمة، وعلى المستوى الإقليمى طرح الأدباء ما يثار حول القطيعة الثقافية بين مصر والجزائر، كذلك دور مصر الثقافى على المستوى العربي، فضلاً عن التأكيد على رفض كل أشكال التطبيع مع العدو الصهيونى, وكما كانت التساؤلات تلمس هموم ومشكلات الواقع الثقافى المصرى الراهن، جاءت ردود الوزير صريحة وواضحة تؤكد مدى عمق تفاعله مع ما يجرى على الساحة الثقافية داخليا وخارجيا ورؤيته الثاقبة تواجهه الثقافة المصرية من تحديات لبقاء دورها فاعلا وقويا ومؤثرا فى الثقافة الإنسانية، ولما يمكن أن يشكله الأدباء من فاعلية فى إثراء هذا الدور وتأكيده.
أدار اللقاء الناقد د. أحمد مجاهد رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة.
فى بداية الحوار أعلن الوزير عن سعادته بتواجده بين أدباء مصر وتوجه بالشكر للواء عادل ليب محافظ الإسكندرية على قبوله استضافة المؤتمر كما توجه بالشكر إلى الناقد الأدبى الكبير د.عبد المنعم تليمه لقبوله رئاسة المؤتمر وتوجه بالشكر للشاعر فتحى عبد السميع أمين عام المؤتمر كما توجه بالشكر للدكتور أحمد مجاهد رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة على مجهوداتهم جميعًا فى إنجاز هذا المؤتمر، وأعرب عن سعادته باستضافة الإسكندرية- وهو أحد أبنائها - لهذا المؤتمر.
بدأ الشاعر سمير الفيل بطرح مجموعة من التساؤلات كان أهمها ضرورة الاهتمام بوضع منظومة متكاملة للرعاية الصحية للأدباء الأحياء موازية لتكريم الدولة للأدباء الراحلين، كما طلب بوضع بروتوكول للتعاون بين وزارة الثقافة أو الهيئة العامة لقصور الثقافة ووزارة التربية والتعليم لخلق نوادى أدب مصغرة فى المدارس وتبادل النشاط الثقافى بين الهيئة والمدارس لخلق وعى جمالى وثقافى لدى الأجيال القادمة.
وقد عقّب وزير الثقافة على هذه النقاط قائلا : وزارة الثقافة جزء من منظومة حكومية لا تألو جهدًا فى توفير الرعاية الصحية للمبدعين حتى ولو تجاوزنا بعض اللوائح الروتينية، وأريد هنا أن أوضح نقطة هامة وهى أن وزير الثقافة هو ممثل الأدباء والمبدعين فى الحكومة، وليس مجرد ممثلاً للحكومة بينهم.
لهذا لا تتأخر وزارة الثقافة عن توفير الرعاية الصحية لأى مبدع، ومكتبى مفتوح دائمًا لكل المبدعين. وبالنسبة للاقتراح الثانى فأنا معك وسنبدأ فى دراسة الموضوع.
وفى سؤال للقاصة انتصار عبد المنعم باعتباره وزيرًا وفنانًا حول طبيعة علاقة مصر بالجزائر، العلاقة التى أثّر فيها من يعشقون رياضة كرة القدم وتطورت إلى رفض اتحاد الكتاب الجزائريين المشاركة فى معرض القاهرة الدولى للكتاب فى دورته القادمة.. وجاء رد مصر برفض إشراك الجزائر فى بينالى الإسكندرية.
فرد الوزير قائلاً إننا ضد قطع العلاقة بيننا وبين الجزائر خصوصًا فى الثقافة، ونرفض تمامًا أن يكون بين الشعبين الشقيقين أى شكل من أشكال القطيعة.
وفى تساؤل للأديب أحمد طوسون حول وعد الوزير بميزانية مستقلة لمؤتمر أدباء مصر، رد الوزير معلنًا أن الميزانية المستقلة لمؤتمر أدباء مصر موجودة فى الهيئة ، وأعلن عن تخصيص جائزة تقدم فى المؤتمر لكل فروع الأدب (الشعر والقصة والرواية والمسرحية والنقد)، وستحدد جائزة سنوية لكل نوع أدبى 50 ألف جنيه.. ولابد من تشكيل لجنة تضع الشروط لهذه المسابقة ثم لجنة للتحكيم تتسم بالشفافية والموضوعية.
وفى طرح للدكتور أبو الحسن سلاَّم حول تبرعه ببيته الموجود فى مدينة طمت لإنشاء قصر ثقافة عليه، وتساؤله حول مدى صحة ما أُشيع عن أن وزارة المالية ستحجب الدعم المالى لمسرح الدولة.
رد الوزير مداعبًا له قائلاً: «أنا لا أريد البيت.. أعطنى الأرض أبنى عليها قصرًا للثقافة»، وحول ما أُثير من جدل حول مسرح الدولة أكد أن الدولة تدعم الفنون ولا يمكن أن نغفل دور المسرح حتى أن الفرق المسرحية المستقلة لا تقل أهمية عن فرق الدولة وأشاد بالمسرح التجريبى الذى يحمل المغامرة والتجديد والإبداع.
وأعلن د. مصطفى الضبع تدشين الموقع الكامل لهيئة قصور الثقافة بجميع إصداراتها على شبكة الإنترنت وطرح مشروع الأمانة فى أن تكون لمصر عاصمة ثقافية بين المحافظات سنويًا يتم خلالها تفعيل النشاط الثقافى لتلك المحافظة بشكل شامل، ويكون مؤتمر أدباء مصر أحد هذه الفعاليات فى تلك المحافظة، فأجاب الوزير بالترحيب بالفكرة ووعد بدراستها.
وفى سؤال للشاعر قاسم مسعد عليوة حول دور وزارة الثقافة ، وتساؤل آخر حول النصب التذكارى الذى صممه الفنان التشكيلى آدم حنين وما أثير عن أن تمثالاً لدليسيبس سوف يُقام على قاعدةهذا التمثال فى محافظة مثل محافظة بورسعيد ووجود تمثال لشخصية مثل «دليسيبس» يتعارض مع الفكر الشعبى والثقافى للمنطقة ويتعارض مع الروح الوطنية فى بورسعيد وسبق أن هدد بعض الفدائيين الذى شاركوا فى الحروب من أهل بورسعيد بتدمير هذا التمثال إذا وُضع فى هذه القاعدة فما الموقف من هذا الموضوع حتى أن السفير الفرنسى صرح بأن عودة التمثال قد يسيء لطبيعة العلاقات المصرية الفرنسية.
وقد رد السيد الوزير بأن هذا الموضوع قد حُسِم نهائيًا ولن يوضع أى تمثال له للأسباب التى ذكرها الشاعر ولسبب فنى آخر وهو أن قاعدة هذا التمثال على المستوى الفنى تنتمى لنسق قديم له مواصفاته التى تجعل من الصعوبة الشديدة وضع تمثال عليها يتناسب مع طبيعتها فالموضوع محسوم ولن يوضع هذا التمثال.
وحول دور وزارة الثقافة أجاب الوزير قائلاً أنه ممثل كل المثقفين والمبدعين فى الحكومة وقال أنا واحد من كل هؤلاء , والدولة تتعامل معى تماماً كما تتعامل مع حضراتكم لأنه فى النهاية لا يمكن أن يكون للدولة رصيد تقديرى إلاّ بفكرها وأدبها وفنها وهذا حقيقة، فمصر تتمتع بقيمة عظمى فى هذا، وواضح أما الجميع والدولة فى خدمة كل المبدعين فوزير الثقافة لا يمكن أن يكون ممثل الحكومة أمام الأدباء بل العكس هو ممثل المثقفين والأدباء أمام الحكومة، فوزارة الثقافة هى المعبر الحقيقى للأدباء إلى المجتمع فنحن كوزارة الثقافة لا نضع الثقافة بل نجمع الثقافة لإعادة تصديرها للمجتمع من أجل خدمته بأفكاركم وإبداعاتكم وكم وقفت فى مجلس الشعب دفاعًا عن حرية الإبداع، وأنتم قادة الصف لإنقاذ الوطن من التخلف والرجعية.
وتوجه بالشكر للأمانة عل موقفها الداعم له فى انتخابات اليونسكو خصوصًا أن الصهيونية العالمية استغلت موقف بعض الأدباء المعارضين للترشيح لظهورى وكأننى مرفوض حتى فى بلدي.

المكرمون

كل اسم من مكرمينا يشكل علامة مهمة فى حركة الثقافية المصرية، وجزءاً حيوياً من نسيجها الإبداعي، أخلصوا للكلمة ومتلقيها, فاحتفت المكتبة العربية بأعمالهم «إبداعية ونقدية وإعلامية» التى كان لها تأثيرها فى تطور الرؤى والأطروحات، كل هذا فضلا عن حضورهم الإنسانى الفاعل فى الأنشطة المختلفة، الأمر الذى جعلهم فى قلب المشهد الثقافى المصرى والعربى أيضا، منهم أساتذة أجلاء لنا ولأجيال سبقت وأجيال قادمة، ومنهم زملاء نعتز بإبداعاتهم ونأمل منهم عطاء لا يتوقف.

د.عبد الغفار مكاوى

د. عبد الغفار مكاوى: ولد فى 11يناير 1930م، بمدينة بلقاس فى محافظة الدقهلية، حصل على الابتدائية من مدرسة بلقاس، ثم الثانوية فى طنطا، حيث كانت بدايات نظمه للشعر والاهتمام بالأدب، والتطلع للأدب العالمي، حصل على شهادة الثقافة من طنطا الثانوية، والتوجيهية من الإبراهيمية الثانوية بالقاهرة، درس الفلسفة بكلية الآداب، جامعة القاهرة، واتجه بقوة نحو القصة القصيرة والمسرح من عام 1947 حتى 1951، عمل بدار الكتب المصرية فى نوفمبر 1962، فى العام نفسه ظهر أول كتبه عن ألبير كامى (دار المعارف 1964، انتدب للتدريس بقسم اللغة الألمانية بعد تأسيسه فى عام 1965، ثم عُيّن فى القسم نفسه فى شهر مارس 1967 مدرساً للأدب الألمانى الحديث والفلسفة، انضم لهيئة تحرير مجلة «المجلة» مع الأديب الكبير يحيى حقي، ثم انضم إلى هيئة تحرير مجلة «الفكر المعاصر» مع المفكر فؤاد زكريا، رُقِّىَ إلى درجة الأستاذ المساعد بقسم الفلسفة عام 1973، سافر فى مهمة علمية إلى ألمانيا لمدة عام (1975/1976، انتُدب لجامعة صنعاء فى الفترة من 1978 حتى 1982، رُقِّىَ إلى درجة الأستاذية عام 1979، استقال من عمله بآداب القاهرة وسافر إلى للعمل بجامعة الكويت فى الفترة من عام 1985 حتى عام 1995، استقال من جامعة الكويت وعاد إلى الوطن، وتفرغ للكتابة الحُرة منذ عام 1995م.
مؤلفـاته فى الأدب مسرحاً: (من قتل الطفل)، الليل والجبل (ثلاث مسرحيات: الليل والجبل/ البطل/ الحلم)، زائر من الجنة (سبع مسرحيات: زائر الجنة/ الانتهازيون لا يدخلون الجنة/ الجراد/ الموت المدينة/ ثوب الإمبراطور/ المرآة/ الكنز)، بشر الحافى يخرج من الجحيم (مع مسرحية الكلاب تنبح القمر، دموع أوديب (بكائية مسرحية، ضمن كتاب بكائيات – ست دمعات على نفس عربية) ، القيصر الأصفر ومسرحيات أخرى شرقية (القيصر الأصفر/ الطفل والفراشة/ السيد والعبد/ أبداً لن تسقط أور)، هو الذى طغى ـ محاكمة جلجامش، وفى القصة: ابن السلطان، الست الطاهرة، الحصان الأخضر يموت على شوارع الأسفلت، وفى الدراسات الأدبية: سافو، شاعرة الحب والجمال عند اليونان، البلد البعيد، (15 دراسة فى الأدب الأوربى الحديث والمعاصر)، التعبيرية.. صرخة احتجاج فى الشعر والقصة والمسرح، ثورة الشعر الحديث.. من بودلير إلى العصر الحاضر، هلدرلين، المسرح الملحمى، لحن الحرية والصمت (الشعر الألمانى بعد الحرب العالمية الثانية)، النور والفراشة (زهرات من بستان الديوان الشرقى لجوته، مع رؤيته للأدب العربى وأدب الفرس)، المسرح التعبيري، قصيدة وصورة، الشعر والتصوير عبر العصور، شعر وفكر، دراسات فى الأدب والفلسفة، جذور الاستبداد، قراءة فى أدب قديم، وفى الترجمـات له: جوته، توركواتو تاسو (مسرحية)، جوته، الأقصوصة والحكاية، الأعمال المسرحية الكاملة لجورج بشنر، برشت (برتولد)، الاستثناء والقاعدة، محاكمة لوكوللوس، مسرحيات عالمية، برشت (برتولد)، السيد بونتيلا وتابعه ماتى، برشت (برتولد)، أوبرا ماهوجنى (ترجمة شعرية)، برشت (برتولد)، بعل، ضمن كتاب المسرح التعبيرى،عبد الرءوف، قصائد من برشت، ليبنتز، المونادولوجيا والمبادئ العقلية للطبيعة والفضل الإلهى، كانط، تأسيس ميتافيزيقا الأخلاق، شتروفه (فولفجانج)، فلسفة العلو (الترانسندنس)، أفلاطون، الرسالة السابعة (ضمن كتاب: المنقذ: قراءة لقلب أفلاطون)، أرسطو دعوة للفلسفة (بروتريبتيقوس)، كارل ياسيرز، تاريخ الفلسفة من وجهة نظر عالمية.

د. سيد البحراوى

لم تكن عنايتُه بالنقد الأدبي، أو اهتمامه بالنقد التطبيقى مسارًا وحيدًا لجأ إليه، وإنما كرّس جانبًا كبيرًا من منجزه للاشتغال على الواقع الفكري، والتنظير للهم القومي، فقد تراوح اهتمامُه بين الرواية والقصة القصيرة وقصيدة النثر وقصيدة الشعر الحر، وكذا مراجعة مراحل تطور الوعى الثقافى ورصد تجلياته، وإن بقيت الكتابة الأدبية شاغله الأكبر، ومحورًا أساسيًّا لعمله الأدبى والثقافي، عبر خمسة وعشرين عامًا.تكرمه الأمانة العامة لمؤتمر أدباء مصر، تقديرًا لإسهامته النقدية المتعددة.
السيد محمد البحراوى من مواليد المنوفية 19/1/1953 ـ ليسانس الآداب ـ قسم اللغة العربية ـ كلية الآداب ـ جامعة القاهرة ـ عام 1974 ـ ماجستير فى الآداب ـ قسم اللغة العربية ـ كلية الآداب ـ جامعة القاهرة ـ فى موضوع «موسيقى الشعر عند جماعة أبوللو» ـ عام 1979 ـ دكتوراه فى الآداب ـ قسم اللغة العربية ـ كلية الآداب ـ جامعة القاهرة ـ فى موضوع «البنية الإيقاعية فى شعر بدر شاكر السياب» ـ عام 1984.
التدرج الوظيفي: معيد فى قسم اللغة العربية ـ كلية الآداب ـ جامعة القاهرة ـ عام 1974 ـ مدرس مساعد فى القسم نفسه ـ عام 1979 ـ مدرس القسم نفسه ـ عام 1984ـ أستاذ مساعد القسم نفسه ـ عام 1989 ـ أستاذ القسم نفسه ـ عام 1994 ـ رئيس مجلس قسم اللغة العربية ـ عام 2003.
خارج القسم: مهمة علمية على نفقة الدولة فى باريس، التدريس فى جامعة القاهرة، التدريس فى جامعة ليون الثانية بفرنسا، فصل دراسى عام 1997، الإشراف على دورات تدريبية فى الإسكندرية وفرنسا، المشاركة فى عشرات المؤتمرات الدولية والعربية والمحلية منذ عام 1979 حتى الآن، النشر فى مختلف الصحف والمجلات المصرية والعربية والفرنسية، الإشراف على عشرات الرسائل العلمية للحصول على الماجستير والدكتوراه فى مصر والجزائر وفرنسا، تحكيم البحوث للنشر فى الدوريات العلمية فى الكويت والأردن ودولة الإمارات العربية، تقويم إنتاج الأساتذة والأساتذة المساعدين فى مختلف الجامعات العربية.
من أهم المؤلفـات: موسيقى الشعر عند شعراء أبوللو، فى البحث عن لؤلؤة المستحيل، علم اجتماع الأدب، العروض وإيقاع الشعر العربي، البحث عن المنهج فى النقد العربى الحديث، محتوى الشكل فى الرواية العربية، الإيقاع فى شعر بدر شاكر السياب، كتاب العروض للأخفش ـ تحقيق ودراسة، الحداثة التابعة فى الثقافة المصرية، المدخل الاجتماعى للآدب، صناع الثقافة الحديثة فى مصر، الأنواع النثرية فى الأدب العربى الحديث، الشعر العربى الحديث فى مصر، فى نظرية الأدب، بالاشتراك مع آخرين فى ترجمات من الفرنسية إلى العربية، ومن الإنجليزية أيضاً، مراجعة ترجمات من الفرنسية إلى العربية، ومن الإنجليزية أيضاً.
من إبداعاته : ليل مدريد ـ رواية، صباح وشتاء ـ نصوص، طرق متقاطعة ـ نصوص، هضاب ووديان ـ رواية قصيرة، شجرة أمى رواية.

أحمد فضل شبلول

للشعر فى سيرته حقُّ الأمر والنهي. وللكتابة سطوةُ المغامرة بين الأدب والفن، والإبداع للطفل، أو الاصطدام بالمنجز التكنولوجى المعاصر، وفى زحمة تلك الصورة، يبدو زخم مشاركاته فى العمل الثقافى العام كبيرا ومتنوّعًا، لا فى الإسكندرية وحدها، ولا فى مصر كلها، بل فى الوطن الأكبر، وفى دول أخرى، تكرّمه الأمانة العامة لمؤتمر أدباء مصر، ممثّلا لأدباء محافظة الإسكندرية.
أحمد محمد فضل شبلول من مواليد الإسكندرية 23/2/1953، حاصل على بكالوريوس التجارة ـ شعبة إدارة الأعمال ـ من جامعة الإسكندرية ـ 1978، شاعر وباحث، له أربعون كتابا مطبوعا، عضو مجلس إدارة اتحاد كتاب مصر، ورئيس لجنة الإنترنت بالاتحاد منذ عام 2001، عضو مجلس إدارة هيئة الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية بالإسكندرية، نائب رئيس اتحاد كتاب الإنترنت العرب (2005ـ 2009)، عمل مديرا للتحرير والنشر بشركة الدائرة للإعلام بالرياض (1987 ـ 1991)، عمل محررا ومصححا لغويا بإدارة النشر العلمى والمطابع بجامعة الملك سعود بالرياض (1991 ـ 1998)، عمله الحالي: المحرر الثقافى لشبكة ميدل إيست أونلاين، ومدير عام بالشركة المصرية العامة للسياحة والفنادق (إيجوث).
له العديد من المؤلفات الشعرية والنقدية وكتب الأطفال وأدب الرحلات منها: «مسافر إلى الله ـ ويضيع البحر ـ عصفوران فى البحر يحترقان (بالاشتراك مع الشاعر عبد الرحمن عبد المولى) ـ تغريد الطائر الآلى ـ الطائر والشباك المفتوح ـ إسكندرية المهاجرة ـ شمس أخرى.. بحر آخر ـ الماء لنا والورود ـ بحر آخر (مختارات شعرية مترجمة للفرنسية) ـ بين نهرين يمشى ـ امرأة من خشخاش»، ثانيا: أدب الأطفال: حديث الشمس والقمر ـ شعر ـ بيريه الحكيم يتحدث (تبسيط بعض أعمال توفيق الحكيم للصغار) ـ طائرة ومدينة ـ شعر ـ عائلة الأحجار ـ بحث مبسط ـ أشجار الشارع أخواتى ـ آلاء والبحر .
الجوائز وشهادات التقدير: الجائزة الأولى من المجلس الأعلى للثقافة ـ لجنة الدراسات الأدبية واللغوية عن بحث «تكنولوجيا أدب الأطفال»، جائزة أفضل إخراج فنى للمجلات الإقليمية ـ من الهيئة العامة لقصور الثقافة، درع ندوة الثقافة والعلوم بدبى عن بحث «ثقافة الطفل فى عصر التكنولوجيا»، درع الاتحاد العام للكتاب والأدباء العرب واتحاد الكتاب الجزائريين؛ لمشاركته ببحث عنوانه «الطفل والحرب فى فضاء الشعرية العربية المعاصرة» بالمؤتمر العام الثانى والعشرين للأدباء والكتاب العرب المنعقد بالجزائر ـ شهادة تقدير من إدارة مهرجان الشعر الدولى (خيمة على بن غذاهم) ـ تونس، جائزة الدولة التشجيعية فى الآداب (شعر الأطفال ـ ديوان «أشجار الشارع أخواتي») ـ 2008.
ترجمت بعض مقالاته وقصائده إلى اللغات إلى العديد من اللغات منها الإنجليزية، الفرنسية، الإسبانية، اليونانية، الإيطالية، الروسية، الألبانية، الصينية، الرومانية، الكورية، الإيغورية.

على المريخى.. «صياد الحياة»

ليس عليك أن تتأمله طويلا، ولست مضطرّا لأن تجاذبه أطراف الحديث حتى تتعرف إليه، إنْ هى إلا نظرة واحدة ويتسرب إليك رائقا، فيسكنك من حيث لا تدرى، إنه إنسان لا تفصله أدنى مساحة عن الفنان الذى بداخله، فيحيا خفيفا كطائر ندهته المسافة التى بين السماء والأرض فظل عالقا بها، وهو ينظر إلى الأرض باحثا عن لحظات يصطادها من الحياة كى تعيده إلى حيث ينتمى، فهو يرى أن ليس على الفنان سوى الكشف عن التوازن الذى بينه وبين العالم. كان هذا أول ما وصلنى حين جمعتنى المصادفة به للمرة الأولى فى معرض للصحافة المدرسية، ورغم مرور عشرين عاما فإن هذه الصورة لم تعلوها ذرة غبار واحدة، بل ازدادت وضوحا وعذوبة كألوانه التى يضربها بفرشاته فتسكن الحياة فوق اللوحة هادئة مطمئنة، وهو يصطاد لحظات الحياة الحقيقية فى حياة البسطاء، يصطادها من الفلاحين الذين يقضون يومهم فى كد وهم فى منتهى الرضا، ومن لقاءات الأمهات والبنات على عتبات البيوت وهن يتحايلن بالضحك على لحظات الشقاء المضنية، ومن لحظات السمر فى المساء التى تغسل عناء نهار كامل بمنتهى البساطة.
إنه الفنان التشكيلى على المريخى الذى يتم تكريمه اليوم كإعلامى، فهو مخرج تليفزيونى ونائب رئيس القناة الثامنة، وهو من مواليد محافظة أسوان فى أكتوبر 1965، تخرج فى قسم الفلسفة بكلية الآداب- جامعة أسيوط عام 1987، عمل فى بداية حياته بالتدريس، وأقام عددا من المعارض الفنية، ومنذ التحق بالعمل الإعلامى عند افتتاح القناة الثامنة وهو يسعى لتقديم خدمة ثقافية حقيقية لأبناء إقليم جنوب الصعيد من خلال برامجه التى تهتم بالثقافة والأدب والفنون مثل «إبداعات جنوبية» و»الملتقى الثقافى» و»همسة الجنوب»، ولأن البرامج التليفزيونية مهما بلغ نجاحها تظل مؤقتة، أو «بنت لحظتها» كما يقولون، فقد آثر على المريخى أن يحقق أهدافه من خلال الفيلم التسجيلى، فقدم أفلام «ثلاث سيدات» و»المولد» و»سيمفونية الحجر» عن سمبوزيوم النحت بأسوان، وأخيرا «جداريات الحج» الذى يوثق فيه لهذه الرحلة الروحية من خلال رسومات الفنانين الشعبيين على جدران بيوت الحجاج، وقد حصل الفيلم على الجائزة الفضية من مهرجان القاهرة للإعلام العربى بالقاهرة فى دورته السابعة. كما حصل فيلمه «بيوت الجبل» عن ذهبية مهرجان القاهرة للإعلام العربى فى دورته الثامنة.. ومازال يواصل العمل.. والفن.. واصطياد الحياة.

الأخيرة
حضور لافت

كان الحضور اللافت لمبدعين ومثقفين يمثلون كافة الأجيال أحد أبرز مشاهد افتتاح مؤتمرنا «مؤتمر أدباء مصر فى دورته الـ 24»، فقد شهد حضور الشعراء أحمد عبد المعطى حجازى ومحمد محمد الشهاوى, وأحمد سويلم وحسن طلب ومحمد آدم ورفعت سلام وحلمى سالم، وجمال القصاص، وجميل عبد الرحمن، وفارس خضر، ومحمود قرنى, وعاطف عبد العزيز, وعماد غزالى, وعبد الستار سليم, وعزت الطيرى, ومحمود مغربى, وعزمى عبد الوهاب، وسمير سعدى, ومصطفى الجارحى, وعبد المقصود عبد الكريم، وميسون صقر وغيرهم، فضلا عن حضور قيادات ثقافية مسئولة لها تاريخه الجاد والمهم فى الحركة الثقافية المصرية منهم رئيس المجلس الأعلى للثقافة د.عماد غازي، والكاتب حلمى النمنم نائب رئيس تحرير مجلة المصور ونائب رئيس الهيئة المصرية للكتاب.

250 ألف جنيه جوائز للأدباء

فى لقائه المفتوح مع أدباء مصر أعلن الفنان فاروق حسنى وزير الثقافة تخصيص 250 ألف جنيه لمسابقة أدبية سنوية ينظمها مؤتمر أدباء مصر بواقع 50 ألف جنيه لكل نوع أدبى، كما وافق على فكرة اختيار إحدى محافظات مصر فى كل عام كعاصمة ثقافية يتم تكثيف الأنشطة الثقافية والفنية لكل المؤسسات الثقافية التابعة للوزارة فى هذه المحافظة، وقال إنه سيصدر هذه التعليمات لكل المؤسسات الثقافية لدراسة المشروع.

قالوا عن المؤتمر

هذا المؤتمر متميز فى هذه الدورة لعدة أسباب يأتى فى مقدمتها حضور الوزير الفنان فاروق حسنى لافتتاح المؤتمر بعد أربع دورات وهو ما صنع تفاعلاً ومنح لقائه مع أدباء مصر حيوية وصراحة، وأيضا حضور عدد كبير من المثقفين والأدباء البارزين، بالإضافة إلى ما تميزت به هذه الدورة من إفساح المجال للأدباء الشباب فكان أمين عام المؤتمر هذه المرة هو الشاعر فتحى عبد السميع ورئيس لجنة الأبحاث هو د. هيثم الحاج علي، ورغم ذلك شهدت الدورة حضور مبدعين كبار لتعبر عن تواصل الأجيال.
محمود مغربى
هذا المؤتمر يعد نقلة نوعية فى عمل الثقافة الجماهيرية, كما يشكل- فى تصورى- عتبة أولى وأساسية لوضع المشهد الشعرى المصرى على المحك النقدى والجمالى وأنا سعيد بمشاركتى فى فعالياتة.
جمال القصاص

نشرة مؤتمر أدباء مصر بالإسكندرية- العدد الأول

نشرة مؤتمر أدباء مصر بالإسكندرية- العدد الأول
(الصديق الشاعر والمبدع أحمد المريخي رئيس لجنة الإعلام بمؤتمر الإسكندرية بذل ومعه مجموعة الأصدقاء الأدباء محمد الحمامصي، أشرف عويس، إبراهيم النحاس، جمال حراجي جهدا رائعا لإصدار نشرة يومية أثناء فعاليات المؤتمر.
أرى من الأهمية أن نفرد لصفحاتها مكانا هنا.
فشكرا للصديق أحمد المريخي وفريق تحرير النشرة
أحمد طوسون)
فاروق حسنى وعادل لبيب يفتتحان مؤتمرنا

ليست مصادفة، كما قد يظن البعض، أن يأتى الشعر مع عودة الفنان فاروق حسنى وزير الثقافة لافتتاح مؤتمر أدباء مصر فى دورته الـ 24، ولكن تقديرا للمشهد الشعرى المصرى الذى يسترد الآن عافيته وتوهجه على امتداد مصر المحروسة.
كل الأجيال تبدع، تختلف رؤاها وخصوصياتها وتقنياتها، لكنها تبدع، جنبا إلى جنب قصيدة العمود وقصيدة التفعيلة وقصيدة النثر، وعلى الرغم من أن هناك رفضا متبادلا من قصيدة جيل لجيل آخر، لكنها سنة الحياة، أن يتحفظ جيل ويتمرد جيل، أن تخرج القصيدة بين جيل وآخر من السياق دون أن تفقد أبوتها. ومؤتمرنا الذى يفتتحه اليوم الفنان فاروق حسني، يأتى حاضنا لكل الأشكال الشعرية، لكل القصائد، لكل الآراء، يفتح قلب التجربة الشعرية المصرية ليكشف كنوزها فى كل مكان من أرض مصر.
إلى جانب الفنان فاروق حسنى يقف اللواء عادل لبيب محافظ الإسكندرية الذى يعد حبه للثقافة والأدب جزءا من تاريخه المشرف، وكذا الناقد د.أحمد مجاهد رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة ابن الحركة الثقافية، وكذا ناقدنا الكبير د. عبد المنعم تليمه, وأمانة المؤتمر برئيسها الشاعر فتحى عبد السميع وأعضائها ومدعويها من الشعراء والنقاد والإعلاميين. إن محاور المؤتمر تفتح الطريق إلى قراءة المشهد الشعرى المصرى مستقبلا، وهو مشهد ـ دون تعصب ـ الأنضج والأثرى والأكثر حيوية ونضارة فى المشهد الشعرى العربي.
من أجل «مؤتمر أدباء مصر»
أدباء مصر هم جسدها الحى من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، وروحها التى تتجلى متوهجة إبداعا وثقافة وفنا على العربية أينما وجدت، وأنفاسها التى تملأ آفاق التاريخ قديمه وحديثه، هؤلاء الأدباء المبدعون هم النهر الخالد المتجدد دائما والذى لم ينقطع عطاءه منذ فجر الحضارة الأول ولا يزال ممتلئا وقادرا على العطاء.
ليس هذا من قبيل الإنشاء أو المديح الزائف، ولكنها الحقيقة التى تدعمها تجليات الإبداع والفكر والفن، أقول هذا وأؤكد عليه لا متوجها إلى مؤسسة ما أو قيادة ما أو نظاما ما، ولكن متوجها إليهم هم: الأدباء، فما عشته خلال عامين فى الأمانة العامة لمؤتمر أدباء مصر فى الأقاليم، كشف النقاب عن ملاحظات لابد أن توضع بعين الاعتبار ليس من قبل المؤسسة المحتضة للمؤتمر وحدها، ولكن من قبل الأدباء أنفسهم، الذين يشكلون نخبة، تم اختيارها ديمقراطيا من كل مواقع الثقافة المصرية. إن الديمقراطية التى تتمتع بها أمانة مؤتمر أدباء مصر فى الأقاليم، ديمقراطية لا تعرف العوج، تتميز بالنزاهة والشفافية والأدب فى الحوار والنقاش، الأمر الذى جعل كل قراراتها غير قابلة للطعن أو التشكيك، بدءا بانتخاب الأمين العام وانتهاء باختيار موضوع المؤتمر ومكرميه ورئيسه ومدعويه وغير ذلك. الاختلاف حول أى من موضوعات جدوله المطروحة للنقاش حين لا يصل لنقطة الالتقاء والاتفاق، يكون التصويت هو الحل الأمثل، وهكذا لا يستطيع أى من الأعضاء القول بعدم نزاهة هذا القرار أو غيره حول هذا الرأى أو غيره.
من هنا فإن الحفاظ على هذه الديمقراطية وعدم التشكيك بها أمر لا يقبل النقاش والجدل حوله، ولابد لكل أعضاء الأمانات التى ستتوالى على هذا المؤتمر أن تحافظ على هذا الحق القوى الذى يكفل القوة لكل عضو. لقد ضمنت استقلالية الأمانة قوة لمؤتمرها على مدار سنوات طويلة، ومن ثم فإن هذه الاستقلالية المدعومة بقوة الديمقراطية أمر لا ينبغى التفريط فيه أو العبث به، وللأسف فإن تفريط هذا أو ذاك فى هذه الدورة أمر مثل ثغرة للشك والطعن، الأمر الذى يجب مراجعته والتشدد بشأنه فى الدورة القادمة. إن العلاقات الشخصية والتكتلات التى تلعب دورا غير صحى أحيانا ينبغى أن تتنحى جانبا، لأن تراكماتها السلبية يمكن أن تودى بالمؤتمر وثقله الثقافي، وتاريخه أيضا الذى شارك فى صنعه أجيال من المبدعين المهمين والمتميزين. مع ملاحظة أن أى تشكيك أو طعن أو خلاف يجب أن يتم احتواءه داخليا حتى لا تتعرض صورة المؤتمر وأمانته للاهتزاز ومن ثم يمكن أن تفقد مصداقيتها وثقلها فى لعب دور أقوى. على الرغم من أن تقاليد المؤتمر وأمانته ترفض مصادرة الأفكار والآراء، إلا أننا ينبغى أن نلحظ أن هناك آراء وأفكارا نجلها ونحترمها ونجل ونحترم أصحابها قد تم تجاوزها، بعد أن قتلت نقاشا وبحثا وجدلا، فمن الصعب أن آتى برؤى طرحت فى الستينيات والسبعينيات والثمانينات وجزء لا بأس به من التسعينيات لأطالب بطرحها ومناقشتها، خاصة وأن الهم الأساسى للمؤتمر ومستقبله ينبغى أن يرتكز على الكتابة أشكالها وأساليبها ورؤاها وتقنياتها وآليات تطورها وتجديد دمائها، وهموم ومشكلات كتابها الإبداعية والثقافية. أن تكون أمانة المؤتمر على قلب رجل واحد، هذا يكفل لها قوة فى كافة مخاطباتها سواء داخل الهيئة المحتضنة ورئيسها وقياداتها، أو مخاطباتها للمواقع الثقافية والجهات الرسمية فى الدولة والمعنية بدعم إقامة المؤتمر وتنظيمه. لنكتب ونتحاور فيما يخدمنا كأدباء ويخدم مؤتمرنا ويحفظ له القوة للاستمرار لا فيما يهدمه ويشرزم خطواته، لنكن صرحاء وصادقين مع أنفسنا، أن أى مساس بالمؤتمر وأمانته ـ حاليا ومستقبلا ـ سوف يؤثر سلبا على قواعد بنائه الذى شارك فى تشييدها أدباء كبار من كل ربوع مصر على مدار سنين طويلة، وأنه ليس من مصلحتنا أن نفقد منبرا وواجهة وبيتا أو أن نسعى إلى هدمه على رؤوسنا من أجل خلافات قد تكون شخصية بالأساس.. لن تخسر الدولة ولا وزارة الثقافة ولا الهيئة العامة لقصور الثقافة شيئا إن تهدّم منبرنا وأصبحنا جزرا منعزلة، فقط نحن الذين سنخسر، ويكفى خسرانا أن يشار إلى أن أدباء مصر فشلوا فى الحفاظ على استمرار مؤتمرهم قويا وقادرا على العطاء.

بعد ربع قرن من ولادته
لكى يستمر المؤتمر قوياً وفاعلاً

لأنهم أصحاب المؤتمر وبهم استمر 24 عاما من العطاء، ويهمهم أولا وأخيرا استمراره قويا وفاعلا ومؤثرا فى الحركة الإبداعية المصرية، فإن استطلاع آرائهم يشكل أفقا رئيسا نتعرف من خلاله على رؤاهم لما هو قائم وما هو آت، لنصل إلى خارطة يمكننا أن نرى عليها محاور المستقبل، نقوّم بها ضعيفها ونحفظ بها قويها، ونستقبل بها هموم ومشكلات تطور الكتابة ونحفظ بها المؤتمر لأجيالنا القادمة.
الأديب محمد خليل يقدم ثلاثة مقترحات من أجل استمرار مؤتمر أدباء مصر قويا وفاعلا وقادرا على تحمل مسئولياته:
أولا : ضرورة أن تتحول الأمانة الى مجلس لأدباء وكتاب الأقاليم .. بمعنى ان تكون الأمانة مجلسا موازيا لمجلس إدارة الهيئة، وأن يجتمع هذا المجلس بصفة شهرية ويكون المؤتمر ركنا أساسيا فى أعمال هذا المجلس لطرح ومناقشة كل ما يهم الحركة الأدبية والثقافية للأدباء وتقديم رؤية ثقافية وأدبية سنوية لنشاط الهيئة فى مجال الأدب والثقافة والإبداع بصفة عامة و يشترك رئيس الهيئة فى هذا المجلس بصورة أو أخرى لنقل هذه الرؤية إلى مجلس إدارة الهيئة لمناقشتها وإقرارها .
و سبق وطرحت هذه الفكرة على الرئيس السابق للهيئة فى اجتماعه مع رؤساء أندية الأدب المركزية ووافق عليه وطلب إصدار قرار تنفيذى فى اليوم التالى ولا أدرى لماذا دخل الثلاجة ؟
ثانيا : فى مستوى الأمانة وعندما يتم تحويلها الى مجلس ينبغى ان يتم انتخاب الأعضاء انتخابا مباشرا سواء من أعضاء الجمعية العمومية أو باتفاق ادباء كل محافظة على اختيار او انتخاب من يمثل المحافظة فيما بينهم أو يتم انتخاب أعضاء كل إقليم فى مؤتمر الإقليم وعدم حرمان أعضاء هذا المجلس أو الأمانة من الترشيح لدورة جديدة لأن هذا يعتبر سابقة غير قانونية وإخلالا بالمفاهيم الديمقراطية وبالقوانين المنظمة للانتخابات فى اى مكان أن يكون لشخصية ما حق التصويت وحرمانها من حق الترشيح ..كما أرى أن تكون مدة المجلس أو الأمانة أربع أو ثلاث سنوات حتى يتمكن من تقديم رؤية متكاملة فى هذه المدة التى يمثل فيها حركة أدباء مصر .
ثالثا : اتصور انه ليس من عمل الأمانة البحث عن مكان انعقاد المؤتمر.. لكن الأمانة عليها أن ترشح وتختار مكان الإنعقاد.. لانها ليست مجلسا تنفيذيا .. لكن الهيئة مسئولة عن الاتصال بالمحافظ للاتفاق معه على قبول الإنعقاد على أرض محافظته وعلى كل التفاصيل .. وضرورة ان يتوفر للمؤتمر فى ميزانية الهيئة كل عام التكلفة المالية التى تحقق الإنعقاد فى أى مكان فى حالة اعتذار المحافظ عن المشاركة المادية.
ويقول الأديب أحمد طوسون: لا خلاف على أن مؤتمر أدباء مصر هو ضمير المثقفين اليقظ وحائط الصد ضد التطبيع الثقافى مع العدو الصهيوني، ولكى يبقى المؤتمر قويا وفاعلا وقادرا على تحمل مسئولياته لابد أن تصبح له ميزانيته المستقلة حتى لا تصبح موافقة محافظ على استضافة المؤتمر أو رفضه تتحكم فى تسيير أعمال المؤتمر وتهدد فعالياته. وسبق أن وعد الفنان فاروق حسنى وزير الثقافة فى إحدى دورات المؤتمر بالأقصر منذ سنوات بتخصيص ميزانية مستقلة للمؤتمر لكن ذلك لم يتحقق حتى الآن!
ويضيف طوسون: أرى أنه من الضرورى عقد اجتماع سنوى لجمعيات نوادى الأدب على مستوى الجمهورية لوضع تصوراتهم ومقترحاتهم لتطوير المؤتمر والدفاع عنه والحفاظ على كيانه ورفعها للأمانة.. لأن المؤتمر ليس حكرا على أمانة بعينها يمكنها أن تعدل فى لوائحه بصورة قد تضيع مكاسب حققها المؤتمر وحافظ عليها طوال دوراته السابقة.
أيضا من المهم أن يخصص المؤتمر محورا من محاور جلساته فى دوراته المتعاقبة لبحث شأن يمس الهم العام إلى جوار المحاور الأدبية المتخصصة حتى لا ينعزل المؤتمر عن قضايا الأمة والوطن.
يرى حسونة فتحى أن هناك ضرورة لإجراء تعديلات فى بنود لائحة المؤتمر بما يضمن حق المحافظات والأقاليم فى اختيار من يمثلهم دون قيود، وكذلك تقليل عدد المعينين من الشخصيات العامة والإعلاميين والاكتفاء فقط بمن يفى بالغرض. ويؤكد على منح الأمانة كامل الحرية فى إختيار رئيس المؤتمر وفق الحيثية الأدبية دون شرط موافقة رئيس الهيئة. فضلا عن تبنى الهيئة للإجراءات الخاصة بمكان انعقاد المؤتمر، وكذلك إبرام كافة الاتفاقات مع المحافظين بمساندة عضو الأمانة فى المحافظة التى اختارتها الأمانة لانعقاد المؤتمر.
ويقترح حسونة فتحى تشكيل لجنة من الأدباء والعاملين بالهيئة تمارس أعمالها بعد انقضاء المؤتمر تختص باتخاذ ما يلزم من إجراءات ومقابلات ومخاطبات لتنفيذ التوصيات التى أقرها المؤتمرون. ويرى ضرورة إجراء الاجتماع الأول للأمانة المنتخبة أثناء المؤتمر الذى تم انتخابهم فيه وذلك لتحديد المعينين من الشخصيات العامة والإعلاميين للحفاظ على حق أحدهم فى أن يكون أميناً عاما للمؤتمر بالانتخاب أسوة ببقية الأعضاء.
القاص والراوائى فكرى داود يرى أنه يتحتم على هيئة قصور الثقافة، توفير الاعتمادات المالية اللازمة، لإقامة المؤتمر سنويًا فى موعده، دون سؤال المحافظين، ويقول: إن هذا يضمن أمران فى غاية الأهمية، هما: الاستمرارية دون الحاجة إلى الغير، وحرية اختيار مكان الانعقاد تبعًا للأوليات والموضوعات المطروحة للمناقشة أو المناسبات الهامة.. أقول هذا، وأنا أعلم تماما أن تمويل المؤتمر كاملا، يقل عن تمويل اى نشاط آخر، فى الهيئة أو الوزارة، كالمسرح أو الفن التشكيلي، مع كامل التقدير لكل منهما.
أما فيما يتعلق بالموضوعات الرئيسية والبحوث والمحاور فيجب ألا تقتصر الاهتمامات، على الموضوعات الأدبية الصرفة فحسب، وإنما لابد من الاهتمام بالقضايا القومية، والاجتماعية والثقافية الكبرى، التى تجتاح العالم– ونحن جزء منه– وأن يتم ذلك فى إطار من الديمقراطية، والانفتاح، وقبول الآخر، مع وضع التقنيات الحديثة فى الاعتبار، ومراعاة تأثيرها فى الحركة الثقافية ككل، وتخصيص محاور لذلك. إلى جانب محور المحافظة المضيفة. ويضيف داود: يجب أن يتقلص عدد الحضور، فلا يتجاوز المائتين، حتى تقل تكلفة الانعقاد إقامة وإعاشة، بحيث تستطيع الهيئة أو الوزارة، توفير الاعتمادات المناسبة، ومن ثم تتقلد حرية اختيار مكان الانعقاد ووقته.
أما بالنسبة لنوعية الحضور، فلابد من تغيير اللائحة، بحيث يتحتم أولا وجود عدد من الرواد فى مجالات الفكر المختلفة، فتخصص لهم محاور أساسية، يناقشون فيها فكرهم، من خلال بحوث أعدوها، أو بحوث أعدها غيرهم حول هذا الفكر، فلا يأتى حضورهم شرفيًا لاعتلاء المنصات واتخاذ الصور. وأنا هنا لا أفرق بين رائد يعيش فى القاهرة، وآخر يعيش فى محافظة نائية فالريادة لا دخل لها بالمكان.
أما القسم الآخر من الحضور، فيكون من نوادى الأدب، ويراعى فيه التنوع بالثلث، بين المؤسسات أصحاب الخبرة، وبين الجيل التالي، وبين جيل الشباب، الذى له منجز حقيقي، ولو كان كتابًا واحدًا.
ويختتم داود ملاحظاته قائلا: يجب البحث عن عقليات إدارية واعية تقوم على قيادة الأقاليم والمواقع الثقافية، يكونوا عونًا رئيسيًا لأمانة المؤتمر ولإدارى الهيئة الأعلى، من أجل إنجاح المؤتمر، فهناك ويا للأسف من هم ببعض المواقع لا يصلحون لأى شيء، فما بالنا بالثقافة.
وينادى الشاعر والمترجم محمد المغربى بضرورة تخصيص ميزانية منفصلة وثابتة للمؤتمر سنويًا فضلاً عن الحفاظ على المؤتمر باسمه وشكله مع تطوير آلياته، والوقوف أمام أية محاولة لتقسيمه أو تشتيته. ويطالب المغربى بتفعيل عدد من اللجان منها لجنتى التنظيم وفض المنازعات، مع دعم لجنة الإعلام. كما يرى أن التخويف من حجم ميزانية المؤتمر ومناداة البعض بتخفيضها ما هو إلاّ فزاعة لأجل مآرب أخرى، إذ أن مقارنة ميزانية المؤتمر بما ينفق على أنشطة أخرى تكشف أنها أقل من عادية رغم ما يحمله المؤتمر من قيمة للثقافة والمجتمع.
أما الشاعر إبراهيم موسى النحـّاس فيقول: رغم الدور المحورى يواجه المؤتمر فى الآونة الأخيرة بموجة من الانتقادات الحادة من البعض يخلو الكثير منها من الموضوعية والقراءة التاريخية الواعية للمنجز الثقافى للمؤتمر سواء فى هذه الدورة أو الدورات السابقة وبعضها الآخر ينطلق من رغبة حقيقية فى التطوير وفى مزيد من النجاح للمؤتمر كى يحقق نجاحات تضاف لنجاحاته السابقة ومن منطلق احتكاكى المباشر بالواقع الإبداعى من ناحية وكونى شرفت بأن أكون أحد أعضاء الأمانة من ناحية أخرى أرى أن هناك مجموعة من الإجراءات الضرورية بل والمُلـّحة التى يجب على الأمانات القادمة أن تتخذها لتطوير المؤتمر يمكن إيجازها فيما يلى :
1- عدم تشكيل لجان الأبحاث من الأكاديميين فقط بل لابد أن تضم أدباء من الأمانة ليتسنى لهؤلاء الأدباء وضع آليات لتحديد محاور المؤتمر الفرعية ومن سيكتب فيها وموضوعات المائدة المستديرة والمشاركين بها فلا يكفى أن تقوم لجنة الأبحاث بكل هذا الجهد وتكتفى بمجرد عرض هذا المنجز على أعضاء الأمانة لأخذ الموافقة عليه .
2- وضع ميزانية خاصة ومستقلة للمؤتمر من وزارة الثقافة بحيث يتم إعفاء الأمانة من أى حرج مع المحافظين الذين وقع اختيار الأمانة لمحافظاتهم كمكان لانعقاد المؤتمر .
3- الاّ يكون للمؤتمر محورا رئيسياً واحداً فقط بل أرى أن المؤتمر يمكن أن يحتمل ثلاثة محاور, أول هذه المحاور «أدبى صرف» والثانى يربط الأدب بقضايا المجتمع والثالث عن الإبداع فى المحافظة المضيفة ويُعلن الثلاثة باعتبارها محاور رئيسة .
4- التنسيق بين المؤتمر العام ومؤتمرات الأقاليم ومؤتمرات المحافظات سنويا بحيث تصب جميعا فى محاور المؤتمر العام مؤتمر أدباء مصر منعاً للتخبط وتكرار المحاور بين المؤتمرات .
5 – إعادة هيكلة نوادى الأدب وإعادة النظر فى اللائحة المنظمة لها لأن تلك النوادى بما لها وما عليها هى التى تصب فى النهاية فى خلق كيان المؤتمر بشكل أو بآخر .
6 – تفعيل مقترح اختيار عاصمة ثقافية كل عام من بين محافظات مصر وهذا هو المشروع الجديد الذى طرحه بعض أعضاء الأمانة الحالية بحيث تشهد تلك العاصمة الثقافية حراكا ثقافيا طوال العام حول آفاق الإبداع والثقافة بها ويتم انعقاد المؤتمر فيها كأحد زوايا هذه الفعاليات .
7 – تقسيم جلسات اجتماعات أمانة المؤتمر لنصفين الأول يناقش قضايا الإبداع وقضايا المواقع الثقافية بالمحافظات والثانى يناقش آليات تنظيم وانعقاد المؤتمر.
أما .د شعيب خلف فيرى أن المؤتمر يستمد حيويته من الإعداد المتكامل ومن ثم يقترح أن يكون هناك تنسيقاً كاملاً بين اللجان على أن تعطل لجنة مهمام آخرى.
ويضيف شعيب: على الأمانة المقبلة أن تستفيد إلى أقصى مدى بالديمقراطية التى ستشكل بها مؤتمرها فى دورته القادمة.
الشعر ثمرة تعامل خاص مع اللغة

إنه الشعر.. تشكيل لغوى يتجاوز فيه الشاعر المستوى الدلالى العادى للمفردات والصيغ والتراكيب إلى المستوى الرمزى الناهض على الاستعارات والمجازات والرموز، يتغيا الشاعر إقامة موازاة رمزية يعادل بها المحسوس والمألوف والمرئى والدارج والمادى لينقل المعانى والدلالات القريبة إلى مغازيها وجواهرها، وفى هذا السعى يتحول- حسب اقتدار الشاعر وموهبته- التقريرى إلى تصويرى والأصلى إلى مجازى.
وبديهى أن الشاعر- والفنان بعامة- يتوسل بإجراءات بناء عمله وبأدوات تشكيل جمة لتوصيل موقف من الماثل والواقع والعصرى والكونى، وتنص البلاغة الحديثة على أن «الموقف» فى العمل الفنى نسق مركب يضم عناصر ذاتية شعورية عاطفية فكرية روحية تتداخل مع عناصر موضوعية ترتد إلى الواقع والبيئة والمجتمع والعصر والتاريخ، من هنا ينفتح العمل الشعرى- والفنى بعامة- على دلالات بغير غاية وبغير نهاية، ومن هنا أيضا فإن القراءة المدربة تقع فى العمل على عوالم ثرة فكرية وروحية وأخلاقية ودينية وأسطورية وواقعية واجتماعية. محال- فى القراءة المدربة- الوقوف عند عنصر مفرد من عناصر الموقف ولا عند قرينة مفردة من القرائن التشكيلية، والمتلقى شريك للمبدع بمعنى أن المبدع ينتهى من عمله فيسطع- بالاقتدار التشكيلى- موقفه. ويستقبل المتلقى العمل، فيعيد إنتاجه حسب ذائقته الجمالية ورؤاه الفكرية وحسب «طلبه» ومن طلب شيئا وجده: من المتلقين من يطلب متعة جمالية خالصة، ومنهم من يطلب «هدفا» أو «غاية» إصلاحية، سياسية، أخلاقية، دينية، تعليمية.. إلخ، ولذلك فإن للعمل الواحد متلقين بغير حد ولا حصر. كل منهم يعيد إبداع العمل «على صورته هو» حسب موقفه الاجتماعى والفكرى وحسب رؤاه للذوات والعلاقات، وحسب مستوى تطوره الروحى ووعيه الكونى وحسب معرفته بحقائق التشكيلات الجمالية ودقائقها.
يتأسس على هذا كله: أن حرية المبدع بغير تحديد ولا حدود، وأن حق القارئ ثابت بغير حصر ولا قيود. إنما القراءة التى تعتمدها الدوائر العلمية- هى التى ينهض بها أهل الاختصاص من العلماء والمفكرين والنقاد- تتوسل بالدرس المنهجى لتتوقف، تتداخل فيه طائفة من العناصر الذاتية والموضوعية، ويحمله تشكيل لغوى له مقرراته وقواعده وقوانينه.
عبد المنعم تليمة

البعـــــــــــض رآها ثرية والبعض مضطربة
مشهد قصـــيدة النثر المصرية قوى وخصب

سوف نختلف وسوف نتفق مع قصيدة النثر وشعرائها، لكن سيظل الأمر بالنهاية مجرد اختلاف واتفاق وليس نفيا أو تحجيما أو تعتيما، فهذه القصيدة وشعراؤها باتت تحتل مكانة لا يمكن التعريض بها أو المساس بحقوقها، فالمشهد العربى لهذه القصيدة حاضر بقوة، ليس مجرد قوة النشر سواء فى وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية فقط ولكن قوة الإضافة والتنوع والثراء الذى تحفل به، فمن اليمن جنوبا إلى لبنان شمالا ومن الخليج شرقا إلى المغربى العربى غربا، هناك مشهد يحتاج إلى مؤسسة نقدية كبرى لقراءته وتحليله ورصد تجلياته وجمالياته، والمشهد المصرى جزء من ذلك، يحفل بالعديد من الرؤى والأصوات والتمايزات، لكنه يظل المشهد الوحيد الذى يعانى من الرفض وعدم القبول أحيانا والاضطراب والاهتزاز أحيانا أخرى، حيث لا يزال شعراؤه كل منهم يمثل عالما مختلفا، كل منهم فى اتجاه يحاول القبض على صوته، فى ظل غياب حركة نقدية جادة وتهميش مؤسسى ورسمى من شعراء يدعون تمثيلهم للشعر المصري، وفى هذا التحقيق نستطلع رؤى الشعراء من مختلف الأجيال، نتوقف عند رأى النقاد المتابعين عن كثب لتطوراته، حيث يبدو الأمر كذلك مختلفا فى الرؤية والتقييم.. فكيف يرى الجميع المشهد وبما يقيمونه؟!.
فى البداية نتوقف مع الشاعر حلمى سالم أحد أبرز شعراء السبعينيات وأحد كتاب قصيدة النثر حيث يقول: قصيدة النثر فى مصر ظلمت منذ القديم وليس الآن، ظلمت منذ أن قال العرب عنها أنها لم توجد فى مصر إلا فى أواخر الثمانينات بينما الحضور العضوى لها موجود من أول القرن العشرين، فى كل عقد كان يوجد شاعر قصيدة نثر فى مصر، وقصيدة النثر الآن موجودة خلال الثلاث عقود الأخيرة بغزارة وحضور وقوة وخصوبة شأنها شأن التجربة العربية الشابة المماثلة لها ولكنها أيضا ظلمت لأن التجربة العربية الشابة المماثلة لها أتيح لها من المنابر الثقافية والإعلامية ما روجها ونشرها وساعدها بينما لم يتح لقصيدة النثر الشابة ذلك فى مصر، لأن الحركة فى مصر أبطأ من أى حركة فى أى مجتمع آخر. ولذلك أعتبر أن قصيدة النثر المصرية الراهنة فى لحظة مزدهرة، وبشكل عام أرى أن حركة الشعر العربى فى لحظة مزدهرة على غير ما يعتقد الكثيرون، حيث يرى البعض أن الشعر يتوارى ويتراجع، وقرينتى على ازدهاره ذلك تنوعه وتعدده على الرغم من أن هذا التنوع جعل فيه بعض الركاكة ولكن ذلك طبيعي، لأن تقليب التربة (بيطلع لك زلط وحشيش وطين وذهب وماس) ولكن هذا التقليب نفسه علامة صحة وحيوية، وإذا لم نفهم ذلك فإننا نغفل الإدراك السليم للظاهرة، إذن حركة قصيدة النثر فى لحظة مزدهرة بسبب تنوعها أى لم تعد هناك مازورة واحدة للحكم على الشعر، وذلك تقدم رهيب فى نظري، صحيح يحدث نتايج سيئة من زاوية أخرى، لكن طوال ألفين عام كان لدينا مازورة واحدة نحكم بها، شعر جيد وشعر رديء، منذ الخمسينيات مع انفجار حركة الشعر الحر، وهذه ميزتها الكبرى فى رأيي، هى كسرت المازورة الواحدة ومن يومها وحتى الآن هناك ستمائة مازورة للشعر، بما يعنى أن ألوهية ولاهوتية الشعر انكسرت وأصبحت موازيره بشرية، هذه علامة صحة وازدهار استراتيجية قد لا نرى نتائجها الآن، إنما يمكن أن نرى هذه النتائج بعد عشرة أو عشرين عاما.
كلام مرسل وأحيانا هلوسات
الشاعر والمترجم د.طلعت شاهين يرى أنه من خلال متابعته لما يكتب فى مصر فى السنوات العشر الأخيرة تحت مسمى الشعر بشكل عام لا علاقة له بالشعر كنوع أدبى دون الدخول فى مواصفات تقليدية أو محدثة، ويضيف: معظمه كلام مرسل وحكايات وأحيانا هلوسات حتى انه فى كثير من الأحيان يبدو اقل مستوى من النثر، وأصحابه يطلقون عليه الشعر المنثور أحيانا، وأحيانا أخرى له مسميات متعددة أخرى لم أفهم معناها حتى اللحظة. والأمر لا يقتصر فقط على الكتابة نفسها ولكن من خلال التعرف على الكثيرين من هؤلاء تجد ثقافتهم قليلة جدا وسماعية سواء من المقاهى أو الندوات القليلة التى يقال فيها اقل القليل من النقد، أو عروض الكتب السريعة المنشورة فى بعض الصحف على عجل، وبالطبع هذا لا ينطبق على بعض الاستثناءات التى تخلص لفن الكتابة بشكل عام وتحاول أن تنجو بنفسها من هذا الخضم المحيط بها ولكنها لا تستطيع بكتاباتها القليلة أن تنجو من تأثير المحيطين بها.
وهذا ليس رأيا متشائما ولكنها للأسف سمة الأجيال الجديدة التى كان يجب أن تستفيد من التقنيات الحديثة التى وضعها الزمن بين يديها، ولكن يبدو أنها غرقت فى ما وفرته لها تلك التقنية لتصنع شهرة زائفة من خلال الانتشار الأفقى من خلال الكتابة فى المجلات الالكترونية أو المدونات أو حتى وضع مواقع خاصة بها، لأنها تكلف أقل بكثير من طباعة كتاب قد لا يقرأه أحد ولكن متصفحى النت كثيرون، فاكتفى البعض بالجلوس أمام جهاز الحاسب الآلى ومراسلة كل من ينشر مجانا وبلا حساب، ولا أعتقد أن هذا يصنع شعرا ولا نثرا.
مشهد مأزوم
و يقول الشاعرعلى منصور: ربما يبدو مشهد قصيدة النثر فى مصر مأزوما إلى حد بعيد، وربما يبدو للوهلة الأولى شديد الارتباك حتى العشوائية، فالأصوات كثيرة، والتشابه طاغ، والحدة تكاد تمسك بخناق الجميع، ولا تكاد تمر شهور قليلة دونما معارك تفتقر إلى الكثير من بديهيات الحوارات الفاعلة، سوى أن إمعان النظر والتروى أمام فيض النصوص والأسماء ربما يكشف عن ثراء حقيقى لا يجد من يدل عليه، صحيح أن قصيدة النثر تكاد تشكل المشهد الشعرى الراهن، إلا أن هذا لم يفلح حتى الآن فى زحزحة المؤسسة عن موقفها العدائى تجاه شعراء قصيدة النثر الذين يجدون أنفسهم حتى اللحظة منبوذين من المؤسسة الثقافية الرسمية!!
الغريب فى الأمر أن هذه المؤسسة على موقفها العدائى من شعراء قصيدة النثر المصريين لا تفتأ تحتفى وتكرم شعراء قصيدة النثر العرب، تستضيفهم فى المؤتمرات وتمنحهم الجوائز وتطبع أعمالهم الكاملة وتستشهد بهم وحدهم عند الحديث عن قصيدة النثر بينما شعراء قصيدة النثر فى مصر ـ وطنهم ـ لا يزالون يطبعون أعمالهم على نفقتهم فى دور النشر الخاصة . ولا يزالون عاجزين عن الحصول على (جائزة دولة تشجيعية) لنصهم !!
المشهد أيضا لا يخلو من انسحاق تحت وطأة التشرزم والانكسار العربيين من جهة وغياب الأمل وفقدان النموذج من ناحية أخرى.. مشهد محاصر بديكتاتورية من الخلف وعولمة متوحشة من الأمام.. مشهد ليس فى إمكانه سوى الرثاء لنفسه أو الغناء لضعفه!! ومن هنا يمكن أن تتلمس دوافع حالات الإحباط والتمرد التى تتراوح بينهما النصوص مرورا بالعدمية أحيانا والاحتفاء بالجسد أحيانا أخرى!!
بالطبع هناك أصوات، وإن كانت نادرة، تمكنت من كتابة نص اللحظة باقتدار مستندة إلى موهبتها ووعيها، وهناك أصوات ليست سوى أصداء لعزف قديم، وهناك أيضا الكثير من اللغط!! مع هذا تستطيع أن تتلمس أكثر من قصيدة نثر فى مصر، فمشهد قصيدة النثر فى مصر من أكثر المشاهد ثراء فى المنطقة العربية لولا الجريمة التى تمارس ضدها فى الداخل الأمر الذى شجع على حصارها أيضا من الخارج على صعيد الترجمة أو الترويج لأكذوبة أن الشعر فى مصر أدنى منه خارجها.
أخضرُ ومراوغ
وتصف الشاعرة فاطمة ناعوت المشهد بأنه أخضرُ ومراوغ وتقول: المشهد الشعرى الجديد فى مصر، تحديدا القصيدة الجديدة، أراه مشهدا أخضر مراوغا. أمّا كونه أخضر فلأنه يانعٌ متجدد عبر ذاته غير مستقٍ رواءه مما سواه. لا يحاول أن يتلفت كثيرا، سواء إلى الوراء فيقّلد السلف، أو إلى الجوار فيقلد التجربة اللبنانية أو السورية أو الخليجية أو المغاربية. وأما كونه مراوغًا فلأنه، برغم أنه لا يشبه إلا نفسه، إلا أنه لم يكوّن ما نقدر أن نسميه «تيارا». بمعنى أن الفردانية، فيه لدى كل شاعر من هذا الجيل الجديد التسعينى وما بعده، أكثف وأوسع من أن ينتظمها جميعا تيارٌ جماليّ أو فنيّ أو مضمونيٌّ محدد واضح المعالم نستطيع معه أن نؤسس لقصيدة النثر المصرية إطارا منهجيا نضع له مسمى محددا، مثلما نستطيع أن نفعل مثلا مع التجربة الشامية أو الخليجية. هنا ملمح ثراء بظني، وإن وسمه البعض بالشتات. على أننى أظن أن هذا الوسم هو نقديُّ المنطلق. يعنى أطلقه نقاد كسالى. لأن عدم الانتظام ضمن إطار نقدى أو جمالى محدد يصعّب عمل النقاد حال تعاطيهم نصوص كهذه، فيهابونه بقدر ما يكيدون له. وربما هذا يفسر إلى حد ما عزوف النقاد عن تناول هذه التجربة المشاكسة المراوغة التى تخفى جمالها فى حرُونها وتمردها واختلافها أكثر مما تخفيه فى ائتلافها ودِعتها وإمكانية ترويضها.
الصمت أفضل
الناقد د. مجدى توفيق أحد أبرز المتابعين لمشهد قصيدة النثر فى مصر يقول: أغرب ما يثير دهشتى حين أتأمل مشهد قصيدة النثر اليوم أنه لم يَعُدْ مثيراً للنقاش بقدرٍ كاف، أو بقدرٍ ملحوظٍ، أو ربما لا يثير النقاش بأى قدر. كنتُ لسنواتٍ طويلةٍ من التسعينيات أسمع مَنْ يعترضون على قصيدة النثر، ينفون عنها انتماءها إلى عالم الشعر، يؤكدون أنها، فى أفضل الأحوال، نثرٌ فنيٌّ. وكنا نطيل مناقشة هذا الرأي، يشعر محبو قصيدة النثر بالضيق له. أما اليوم فأسمع حول قصيدة النثر صمتاً عميقاً يسمعه الأصم بوضوح. وقد يقول محبو قصيدة النثر أن هذا الصمت أفضل، ولكنى أخشى أنه علامةُ ركودٍ فى الحياة الأدبية، وغياب للحماسة. وهذا حلمى سالم، ورفعت سلام، يعلنان انتصار قصيدة النثر فى مقالين آخيرين ولا أحد يرغب فى أن يعترض بشيءٍ من الاعتراضات التى كانت تُثار فى وجوه الشعراء من قبل. ومن المؤكد أن المسابقات التى بحثت عن شاعر العرب، أو أمير الشعراء العرب، لن تعكس الانتشار الحقيقى الهائل لقصيدة النثر، واندراج الكثرة الكاسرة من دواوين الشعر إلى هذا اللون من الكتابة. بل إن الصراع الداخلى الذى كان مسموع الضجيج من قبل بين أجيال هذه القصيدة، يرفض فيها الجيل الأصغر أبوة الجيل الأكبر، ويؤكدون أنهم مختلفون، ذوو حساسيةٍ أخرى، وتجربةٍ مختلفة، لم يعُدْ، كذلك، صراعاً مسموعاً، أو محسوساً. فى الوقت نفسه الدواوين تتوالى، والقصائد فى الصحف والمجلات كثيرة، ولا أحد يحظر قصيدة النثر، أو يعيبها، أو ينصح بتركها، أو يميز جيلاً من كتابها فوق جيل. الأمرُ فى تقديرى يشبه تياراً يجرى فى النهر منساباً متدفقاً، ولكن بغير حماسة.
بلا ملامح
الناقد د.جمال التلاوى أستاذ النقد الأدبى المقارن بكلية الآداب جامعة المنيا يقول: ربما يغضب منى الأصدقاء الشعراء، أنا لا أتصور أن هناك ملامح قصيدة نثر مصرية، وإنما هناك ملامح لقصيدة نثر عربية، ربما إذا شئنا الدقة، ملامح لقصيدة واحدة، ربما هناك نموذج تدور حوله قصيدة النثر، أقصد ربما هناك مرجعية عليا تأخذ منها قصيدة النثر، كل يضيف بما يستطيع، أقصد ليست لدينا ملامح قصيدة نثر عربية أصيلة، نحن نأخذ من بعضنا البعض، نحن نأخذ من روادنا، وروادنا أخذوا من رواد آخرين غربيين ونحن ندور حول بعضنا البعض، وليس هذا المشهد فى قصيدة النثر فقط ولكنه موجود أيضا فى قصيدة التفعيلة، نرجع إلى دراسات لرواد قصيدة التفعيلة ونجد صورا بعينها كانت تتكرر عندما بدأوا فى الستينيات والسبعينيات، مفردات بعينها كانت تتكرر ليس فى دواوين شاعر واحد ولكن فى دواوين كل الشعراء، هذا نمط عربي، ولكن لا نستطيع أن نقول هذه قصيدة متفردة قد أضافت على غيرها، نحن لا نلغى جانب الموهبة الفردية، لكنا ندور فى فلك مثال واحد .
وعندما نتحدث عن الإبداع، أى إبداع، نضيف.. ليست كل كتابة إبداع، أقصد الإبداع الحقيقى الذى يضيف ويختلف عن الآخرين، كم ديوان قصيدة نثر قد أضاف إضافة حقيقية، وكم شاعر قصيدة نثر أضاف إضافة حقيقية وتجاوز كل من قبله فى قصيدة النثر، هناك جهود فردية ومواهب فردية ربما نلمحها فى قصائد فى ديوان أو فى دواوين لحركة شعر قصيدة النثر، لكن ليست هناك ملامح كاملة نستطيع أن نقول هذه مصرية خالصة أو حتى عربية خالصة دون أن ننظر لمثال ما تلتف حوله وتأخذ منه هذه التجارب، ولا أتصور ولا آمل أن يكون ذلك محبطا لشعراء قصيدة النثر ولكن ربما يكون هذا تحفيزا لهم .

المكرمون

نبدأ بالمكرمين من الراحلين من شعرائنا، وفاء وعرفان لما قدموه للحركة الإبداعية المصرية من قصائد متميزة ورؤى مختلفة، ولحضورهم الإنساني الجميل الذي عايشناه سنوات طويلة، فتحية لهم، آملين أن تكون إبداعاتهم موضع النقد والدرس والتحليل، لكي تتعرف عليهم الأجيال القادمة.

وليد منير

وكأنه وهو يكتب قصيدتَه بأدائها المسافر فى الدلالة، والممتد إلى الباطن، والمستثير لوهج الاختلاف، كان يدرك أن قصيدته تلك مكثّفةٌ كحياته، وأن الكونَ كلٌّ لا أجزاء، وأن الشعر والبقاء.. ظِلاّن سيتركهما وراءه.
مرق الشاعر من بين ذلك كله، كما يتخلل الماء من بين أصابعنا، فأطبقناها على قبض ريح.
تكرّمه الأمانة العامة لمؤتمر أدباء مصر، من بين الراحلين، شاعرًا، وباحثًا، وناقدًا.
وليد منـير أمين
• ولد فى فبراير من عام 1957م بمدينة القاهرة.
• درس النقد والدراما بأكاديمية الفنون المصرية.
• حصل على بكالوريوس الهندسة الكهربية ـ جامعة الأزهر، عام1980م.
• حصل على درجة الماجستير فى النقد الأدبى فى موضوع «خصائص اللغة الشعرية فى مسرح صلاح عبد الصبور» ـ المعهد العالى للنقد الفني، عام 1987م.
• حصل على دكتوراه النقد والدراما، فى موضوع «جدلية اللغة والحدث فى الدراما الشعرية الحديثة، عام 1990م.
• أعد رسالة ما بعد الدكتوراه عن العلاقة بين الشعر وفن التصوير، بجامعة فريدونيا الولايات المتحدة الأمريكية، عام 1997م.
• عضو مؤسس فى الجمعية المصرية للنقد الأدبي.
• عمل أستاذا للأدب العربى فى كلية التربية النوعية، ثم رئيساً لقسم الإعلام التربوي، ثم وكيلاً للكلية لشئون المجتمع والبيئة.
• نشر العديد من أبحاثه فى المجلات والدوريات العربية مثل: فصول ـ أقلام ـ شئون أدبية ـ النص الجديد.. وغيرها. ومن اصداراته الشعرية: « والنيل أخضر فى العيون, قصائد للبعيد البعيد, بعض الوقت لدهشة قصيرة, هذا دمى هذا قرنفلي. سيرة اليد, قيثارة واحدة وأكثر من عازف, طعم قديم للحلم, مشكاة فيها مصباح, الروح تعزف الموسيقى.
وفى المسـرح: « حفل لتتويج الدهشة ـ خمس مسرحيات شعرية قصيرة, شهرزاد تدعو العاشق إلى الرقص ـ مسرحية شعرية طويلة.
وفى النقد والدراسات الأدبية: « ميخائيل نعيمة, نص الهوية, النص القرآنى من الجملة إلى العالم.
كامل عيد رمضان.. شاعر المقاومة

كان الصمتُ المتأمل، ألمَ احتوائه للعالم، والرغبةَ العارمة فى عناقه، ومحبة الاندماج والتوحد معه، عرف طريقَه المبكرة نحو الشعر والكتابة، وأخذتْه السنون فى خضمّ أحداثها، لتخلق منه مناضلاً وطنيًّا حرًّا، تمنّى نيْل الشهادة، فمات شهيدَ الشعر فوق أرض الفيروز.. فى «عريش» سيناء، تكرّمه الأمانة العامة لمؤتمر أدباء مصر، من بين الراحلين، وهى تفتقدُ فيه الرجلَ الذى لا تزال روحه تطوف فى كل الأرجاء.
كامل عيد رمضان
ولد فى 23/ 10/ 1936 بقرية سحيم ـ مركز السنطة - طنطا بالغربية، تعلم ما قبل المدرسة فى كتاتيب قرية سحيم والسويس، كانت باكورة إنتاجه الشعرية بالفصحى (الشعر العمودي) عام 1954 أثناء الدراسة الثانوية، وفى عام 1959 بدأ الكتابة بالعامية المصرية، محلل كيميائى بشركة النصر للبترول بالسويس وشركة أدنوك بدولة الإمارات العربية المتحدة (أبو ظبي)، حاصل على ليسانس الحقوق، جامعة القاهرة، 1990.
• الدواوين المطبوعة
أوبريت «شعب لن يموت» (مديرية شباب محافظة السويس) فازت بالمركز الأول على مستوى محافظات الجمهورية ـ 1970، أوبريت «السويس حبيبتي» (محافظة السويس- خاص للفرق الفنية) وهى عن نصر أكتوبر، عرضت لمدة ثلاثة أسابيع بمسرح 26 يوليو بالقاهرة، ومثلها بمسرح سيد درويش بالإسكندرية وسجلت وعرضت بتليفزيون جمهورية مصر ـ 1973، أصل الحكاية (ديوان شعر)، أحلام مستحيلة (ديوان شعر)، ترجمة الأوبرا الصينية «الحب تحت أشجار الصفصاف» ـ 2007، ترجمة طبائع الأزمنة وشرائع الأمكنة (تحت الطبع).
• الجـوائز
• شهادة تشجيعية ـ عام 1969م ـ المؤتمر الأول للأدباء الشبان الذى عقد بالزقازيق، شهادة تقديرية من وزارة الثقافة ـ عام 1979م ـ عيد الفن والثقافة ـ عن أدب الحرب، شهادة تقديرية من تليفزيون القناة الرابعة ـ عام 2001م ـ عن إقليم القناة، جائزة وشهادة من الثقافة الجماهيرية ـ 2003م ـ مؤتمر أدباء مصر ببورسعيد، جائزة تقديرية من المجمع الثقافى فى أبو ظبى 1990م ـ للمساهمة فى أدب الحرب على الكويت، العديد من الجوائز التقديرية من النوادى والجمعيات بمحافظات السويس والإسماعيلية وبورسعيد.

محمد العتر شاعر البسطاء

واحدٌ ممّن أسهموا فى تأسيس المؤتمر العام لأدباء مصر فى الأقاليم، وواحد من قلة من المخلصين الجادين المدعّمين للحركة الأدبية فى أقاليم مصر.
لم يكن الإنسانُ فى داخله يزاحم الشاعرَ أو الروائيَّ فحسْب، بل كان يدفع جسده إلى خوض متاعب جمة، لقاء مَغْنم زهيد، كإقامة ندوة، أو حضور لقاء، أو المشاركة بالكتابة، ولو كان ذلك فى أقصى بقعة فى مصر.
عُنى فى كتابته بالوطن والعدل والروح الإنسانية، وتحقُّقها فى زحمة صراعات الحياة.
تكرّمه الهيئة العامة لقصور الثقافة، تقديرًا لعطائه المخلص، ودوره الكبير فى خدمة الأدب فى الأقاليم.
محمد حسن العتر ولد فى 8/ 9 / 1940م بمحافظة دمياط, لم يلتحق بأى مستوى من مستويات التعليم الرسمي, التحق بالكتاب وعمره 6سنوات وحفظ القرآن شفاهة وعمره ثمانى سنوات فى كتاب إحدى السيدات فى مدينة دمياط.. بدافع تعلم كتابة الشعر وقراءته؛ التحق بإحدى المدارس الليلية لتعلم القراءة والكتابة وكان عمره ثلاثة وعشرين سنة.
• مارس عدداً من الأعمال اليدوية بين مرحلتى الطفولة والمراهقة, امتهن فى بداية حياته مهنة يدوية شاقة هى نشار لأخشاب النخيل, عمل موظفاً خدمياً بديوان عام محافظة دمياط منذ سنة 1963 وحتى سنة 1991, انتقل إلى العمل بإحدى الوحدات المحلية بقرية كفر البطيخ ما بين سنتى 1991 إلى 1993, عمل موظفاً بمديرية ثقافة دمياط منذ سنة 1993 وحتى إحالته إلى المعاش سنة 2000.
المشاركات الثقافية التنظيمية
1- المشاركة فى تأسيس التجمع الأدبى المستقل باسم جمعية رواد الأدبية سنة 1967.
2- الانتقال بالجمعية إلى جمعية رواد قصور الثقافة سنة 1970.
3- المشاركة فى تأسيس مجلة «رواد» الأدبية فى مديرية الثقافة بدمياط.
4- المشاركة فى تأسيس «إصدارات الرواد الأدبية» من مديرية الثقافة بدمياط.
5- شارك مشاركة إيجابية فى الإشراف على تنظيم سبعة مؤتمرات أدبية فى دمياط.
6- شارك فى تنظيم عدد من مؤتمرات اليوم الواحد بدمياط.
8- كان له دور فى التأسيس لمؤتمر أدباء مصر فى الأقاليم.
9- شارك فى تنظيم الدورة الأولى لمؤتمر أدباء مصر فى الأقاليم التى عقدت بالمنيا سنة 1984.
الدواوين المطبوعة:» كلام للطين 1983, صفحة من كتاب العشق ـ 1992, ترحال - 1995, نغبشة – 2000, الطالع 2004.
له تحت الطبع ديوان «النخل نخّ».
الروايات المطبوعة: سفر الموت، (سيرة ذاتية للقاص يوسف القط)، حارة النفيس، غيبوبة، باب الحرس - 2008.
له تحت الطبع: « نور فى ظلمة النهار، أيام بلا شمس، الهيئة المصرية العامة للكتاب.
الجوائز والتكريم
1- التكريم فى مؤتمر أدباء مصر الدورة السابعة بالإسماعيلية، سنة 1991.
2- التكريم فى مؤتمر دمياط الأدبى الخامس، سنة 1996.
3- درع محافظة دمياط فى ملتقى دمياط الثقافي، 2003.
4- حفل تكريم نادى الأدب بدمياط بحضور أدباء من مختلف أقاليم مصر، 22/1/2007.
5- حفل تكريم بقصر ثقافة سوهاج ، سبتمبر 2008.
* تزوج فى 25 /7 / 1959م.

الأخيرة
رسالة إلى أدباء مصر
مؤتمرنا.. وجذور الفوضى المصرية!!

حرىٌّ بنا أن نعلم أن لائحة مؤتمر أدباء مصر تم تعديلها فى دورة مؤتمر أدباء مصر بالأقصر عام 2003، وفى دورة المؤتمر ببورسعيد عام 2005 تم إقرار اللائحة بتعديلاتها الجديدة؛ أما التطبيق فأقرته الجمعية العمومية فى دورة الغردقة عام 2007 بعد انتخابات الأمانة الحالية التى قامت بدورها فى تطبيق التعديلات وتنفيذ بنودها فى الدورتين السابقة والحالية.. وقد كان الهدف من التعديل تطوير وتفعيل المؤتمر وتجديد حيويته. وليس خافيًا على أحد أن كثيرًا من اللغط تمت إثارته خلال الأسابيع القليلة الماضية، وكله يتعلق بإشكاليات وبنود تم إقرارها من قِبل الأمانات السابقة بتأييد ودعم من الجمعية العمومية.
هذا اللغط- الذى تصاعد دون قرائن- يأتى وكأن المؤتمر مازال فى طور التكوين، بينما تشير تلك الدورة إلى ربع قرن على ميلاده، وهو ما يؤكد بشكل أو بآخر على عشوائية تفكيرنا.. فنحن ننسى المشكلات التى من أجلها قمنا بإقرار التعديل، فيؤدى تناسى المشكلة إلى تعميقها من حيث لا ندرى.. ومع الوقت تضمحل حاجتنا إلى استنباط هذه الدروس أصلا لنصبح أسرى نوع من الأسى على النفس والميل لإدانة العالم من حولنا وكأننا لم نكن مسئولين عما جرى لنا ولا تصير لدينا حاجة للتعلم من الأخطاء الكبيرة والصغيرة بما يضيف إلى رصيد معارفنا أو يؤسس لنا منصة خبرات مفيدة لتغيير القيم والرؤى والميول والسلوك. بل وتقع ثقافتنا نفسها ضحية تلك العشوائية، إذ إننا نحمّل الأشياء أكبر مما تحتمل، ولا أعنى هنا التقليل من قدر المؤتمر لكننى أرى أن البعض يتجاهل أنه مؤتمر مُقنِّن، بمعنى أنه ذو لوائح وقواعد وإمكانات محددة ودور محدد أيضًا. فهذا المؤتمر ليس نقابة ولا إتحاد كتاب، وليس جمعية أهلية، إنما نشاط ثقافى وفعالية تسعى لأن تكون مستقلة وتدرك أنها تتم برعاية المؤسسة الثقافية أى برعاية رسمية.
لذلك وجب علينا أن ندرك ذلك وأن نستغل– إذ جاز التعبير– المؤسسة فى المساحة التى تفيد هذا المؤتمر، لا تلك التى تعمل على نسفه.. ولن أضرب مثلاً بالتعاون مع المؤسسة فى إطار محترم ومن أجل الصالح العام، فكلنا يدرك أسماء تعاونت مع المؤسسة من أجل رفعة الثقافة والأدب، ليس أولهم المفكر الكبير د. طه حسين، وليس آخرهم الناقد الكبير د. عبد المنعم تليمه الذى وافق على رئاسة هذا المؤتمر فى تلك الدورة.
علينا إذن أن ننظر إلى المؤتمر فى سياقه، ولا نتعامل معه على اعتبار أنه «دولة داخل الدولة»، وإذا كان هناك فساد فى هذا المؤتمر فهو فساد نُسأل عليه جميعًا، ليس فقط كأعضاء أمانة لكن أيضًا كجمعية عمومية لها حق تشكيل تلك الأمانة بكامل إرادتها.
ولعل فيما خلُصَ إليه المفكر الراحل د. محمد السيد سعيد فى تشخيصه لحالة الفوضى المصرية لعبرة واضحة، فنحن- بحسب كلامه- نسخر من الذين صمموا المراكب والقطارات والطائرات، ونعتقد أننا نفوقهم ذكاء عندما نجبر الأشياء على تحمل ما لا تحتمل، أو أن يتم تسييرها بغض النظر عن النظم التى تجعلها مأمونة وقادرة على توصيل الناس إلى حيث يريدون فى هذه الدنيا وليس فى الآخرة. وينتهى الأمر بصدمة تفيقنا على حقيقة أننا نحن الذين لم نفهم كيف نتعامل مع ناتج العلم الحديث، لأننا لا نحترمه فى شىء.
أحـمـد المـريـخـى

روحه من أرواح القائمين عليه

(1) سوف يستمر المؤتمر ما دام يؤدى دورا فى حياتنا الثقافية ، وما دام
الأدباء الجادون يلتفون حوله ، ويحرسونه بأفكارهم ومجهوداتهم . المؤتمر بنجاحه فى صنع تاريخ له ، وباهتمام الحركة الثقافية المصرية به ، صار علامة يصعب تحطيمها . لكن يمكن تشويهها .
(2) المؤتمر بالقائمين عليه ، فلو كانوا جادين ومحترمين ومتفتحين كان بالضرورة ناجحا ، ولو كانوا على العكس كان فاشلا ، فمن أرواحهم يستمد روحه . وأكبر خطر على المؤتمر يتمثل فى اختيار أمانة ضعيفة على المستوى الثقافى والشخصى ، أكبر جريمة أن تقوم انتخابات الأمانة على التربيطات والعلاقات الشخصية التافهة ، ولا تقوم على اختيار المناسب الذى يضيف ويرفع البناء لا من يهدم بوعى أو بدون وعى ، هذا مؤتمر أدباء مصر وينبغى أن يكون لائقا بهذا الاسم الكبير ولن يتم ذلك إلا باختيار أمانة جادة وواعية ونزيهة . بيدنا نجاحه وبيدنا فشله .
( 3 ) المؤتمر ليس مجرد موضوع ومحاور ، المؤتمر تظاهرة ثقافية كبيرة تشارك فيها كل الأقاليم رمزيا ، وتدعم الكثير من القيم الثقافية الهامة والمفقودة ، أو المترنحة ، كتكريم المجتهدين وأصحاب العطاء الثقافى ، ونحن نعرف أن من أهم ما فى المؤتمر ذلك التواصل الحميم والحوار بين الأدباء ، كما أن المؤتمر غالبا ما يعرض موقف الأدباء من معظم القضايا المطروحة ، وله معارك وانتصارات يتشبث بها كالموقف الرافض للتطبيع وغيرها ، وتلك المواقف لا بد وأن تكون معبرة عن المشهد الأدبى بشكل عام ، كما انه يحتضن تجربة ديموقراطية ويختبرها من خلال الصفوة بمساحة حرية كبيرة تقبل حتى التعارض مع بعض المواقف الرسمية ، كل ذلك ينبغى الحفاظ عليه ، ولا بد لدور أمانة المؤتمر ان يكون أكبر من مجرد الإعداد للمؤتمر ، فهؤلاء أبناء مخلصون للثقافة المصرية ينتشرون فى كافة المحافظات ، ولابد وان يكونوا عونا لوزارة الثقافة فى اكتشاف سلبيات و مشاكل بعيدة ، أو تقديم رؤى ثقافية تعتمد على خبرة مباشرة بالواقع فى كافة أنحاء الجمهورية.
( 4) إن تطوير المؤتمر سهل ، فالأفكار كثيرة جدا ، لكن من المهم أيضا تخيصيص ميزانية مستقلة للمؤتمر ، تمنح الأمانة حرية اختيار المكان لأسباب فنية وثقافية ، لا لأسباب مالية .
(5) من المهم أن يكون عمل الأمانة تراكمى ، بمعنى الحفاظ على ما تم إنجازه لا البدء فى كل مرة من الصفر ، وتغيير الأمانة بالكامل يفصل بين مجموعتين ، ولا بد من العودة للنظام القديم حيث التجديد النصفى ، بحيث يغادر نصف الأمانة ويبقى النصف ، حتى تصبح الأمانة فى كل الدورات كلا متلاحما ، وآمل من الأمانة الجديدة وضع آلية لذلك .
فتحى عبد السميع