المرأة في المجتمع الثقافي
سيد الوكيل
في تونس نجحت المرأة في إنشاء اتحادا خاصا بالكاتبات، ليس الأمر مجرد بدعة لمجرد المخالفة او الاحتجاج على وجود الرجال في اتحاد واضح من اسمه أنه ذكورى ( اتحاد كتاب ) فالحقيقة أن مكتسبات المرأة في تونس أكبر كثيرا منها في أى بلد عربى آخر، وربما هذه النقطة من الحسنات القليلية لنظام زين العابدين التى ورثها وأبقى عليها من سلفه بورقيبة ومع ذلك، فقد وجدت المرأة التونسية أن وجودها في اتحاد كتاب ينفرد به الرجال، لن يسمح لها إلا بتمثيل رمزى لايليق بما حققته المرأة في مجالات العمل الثقافي، فالحقيقة الواضحة للعيان أن ميدان العمل الثقافي هو الميدان الأول الذى أثبتت فيه المرأة جدارتها بشراكة حقيقة مع الرجل وبالتحديد الكتابة، حتى استحقت تيارا خاصا ونقدا خاصا في النظرية الأدبية اعترف به العالم عرف بالأدب النسوي.
ولو نظرنا إلى منصب وزير الثقافة في كثير من بلدان العالم بما في ذلك العربي ، لوجدنا أنه منصب من نصيب المرأة كثيرا، في تونس والجزائر والبحرين وموريتانيا وسورية، لهذا تمنيت أن تحظى مصر بأول وزيرة ثقافة في تاريخها، بما يؤكد ريادة مصر في تقدير المرأة ومشاركتها القوية في العمل الثقافي جنبا إلى جنب مع الرجال، ففي الوقت الذي كان محمود سامى البارودى يؤسس للشعر الحديث، كانت عائشة التيمورية تلعب نفس الدور، لكن ستائر الحجب والمنع هى التى وضعت البارودى في صدارة مشهد التجديد وهمشت التيمورية.
وكانت تجربتى عندما كنت أمينا عاما لمؤتمر أدباء مصر سببا في ملاحظتى، أن الأمانة تخلو تماما من العنصر النسائي، مما أثار دهشتى وألمي لأن بلدا مثل مصر مازال لايثق مثقفوه في المرأة، حتى أنها لاتحظى بفرصة رئاسة نادى أدب صغير، في مقابل هذا نذكر أن تمثيل المرأة في اتحاد كتاب مصر يكاد يكون هزيلا ومخزيا.
هذا يحدث ، في وقت تقر فيه الدولة ( وفي النظام السابق ) ، ممثلة في المجلس القومى للمرأة وحقوق الإنسان ، بأحقية التمييز الإيجابي للمرأة في العمل العام. وعلى أساسه اقترحت كوتة المرأة في مجلسي الشعب والشورى وربما المحليات.
وفكرة التمييز الإيجابي للمرأة تأخذ بها الكثير من دول العالم، حتى في أوروبا، اعترافا منها بتقديرها للمرأة ، ومنحها مزيدا من الفرص لتعبر عن نفسها بوصفها النصف الأهم والأكثر تأثيرا في بناء المجتمع. ولعلنا نذكر أن منصب اليونسكو فازت به امرأة بلغارية وانتزعته بجدارة من وزير الثقافة المصرى.بما يذكرنا بقدر الثقة التى تمنحها الشعوب المتحضرة للمرأة.
لدينا مخاوف عديدة ـ الآن ـ في ظل تصورنا لمصر ما بعد الثورة، فارتفاع الأصوات الأصولية والسلفية من جهة، وضعف التمثيل النسوى للثورة على شاشات التلفزيون التى يحتلها الرجال، وتجاهل المجلس العسكرى لحضور نسوى في لجنة الدستور، إذ كان من الممكن أن يكون للسيدة الفاضلة تهانى الجبالى نائب رئيس المحكمة الدستورية دورا في لجنة الدستور، صحيح هى واحدة من اللاتى رفضن فكرة كوتة المرأة ، على تصور أن المجتمع المصرى نضج بما فيه الكفاية بحيث لايحتاج للتمييز الإيجابي، ولكنى اعتقد أن الحقبة القادمة تحتاج مشاركة حقيقية وفعالة للمرأة، يمكن أنة نتفق على ملامحها وطريقة المشاركة فيها.
لدينا الآن ـ نحن مثقفي مصر وكتابها ـ أن نحقق انتصارا حضاريا على قوى الرجعية الظلامية من خلال تأكيد ثقتنا في المرأة المثقفة، لهذا أدعوا الكاتبات أن يتواجدن بتمثيل قوي وكبير في انتخابات اتحاد الكتاب القادمة، لترشحن أنفسهن وتنافسن على أعلى المقاعد فيه، ولتؤكدن جدارتهن بالعمل الثقافي العام، وأدعو الرجال من أعضاء اتحاد الكتاب إلى إبداء الحماس لهذه الفكرة وتأييدها. يمكننا أن نفعل هذا بقناعة حقيقة بدور المرأة المثقفة ومكانتها التى انتزعتها بالفعل في مجال الإبداع الأدبي، يمكننا أن نفعل ذلك من غير اللجوء إلى فكرة الكوتة، ولا الاستئثار باتحاد كاتبات يميز نفسه على أساس جنسي.
يمكننا أن نجعل من اتحاد الكتاب عنوانا لمرحلة جديدة تستشرف روح الثورة، وتؤكد مبادئها الداعية إلى المساواة واحترام حقوق الإنسان، وتوفير المناخ الديموقراطى لممارسة مجتمعية ناضجة يشارك فيها الشباب والكبار والرجال والنساء. لا لشيء، إلا لأن الشعوب، هكذا تعيش وتتقدم، من غير أن تنفي إحدى فئاته فئة أخرى.
مع هذه الدعوة التقدمية المتحضرة التي أطلقها سيد الوكيل
ردحذفكما قال فإن مصر تستحق والمرأة المصرية تستحق والكاتبة المصرية تستحق
أضم صوتي إلى صوت الوكيل في دعوة الكاتبات المصريات الجديرات بالترشح في انتخابات مجلس الاتحاد القادمة
وأعد بأن أنتخب نساء (بصيغة الجمع يعني أكثر من مفرد ومن مثنى) وأن أدعو كل زملائي لانتخاب نساء بين قائمة المرشحين للمجلس