محمد
نجيب توفيق حسن مطر
لقد أضناه البحث وأيقن أخيراً أن الإنسانة التي يبحث
عنها غير موجودة على هذه الأرض وربما كانت هنا من زمن بعيد وانقرضت كما تنقرض
الحيوانات التي لا يمكنها أن تتأقلم مع ظروف الحياة والبشر، أو ربما تكون في رحم
الغيب، وقد تأتي بعد سنة أو سنوات أو حتى قرون، من يدري؟ إنه يأمل في إنسانة تفهمه
وتكون منسجمة معه في شعورها وأخلاقها وطبيعتها، لا يريد أن تأتي إليه على غير
طبيعته ثم تعشقه ثم تضحي براحتها من أجل إسعاده، إنه يريدها مثله تماماً تحب ما
يحب وتكره ما يكره بطبيعتها دون بذل أي مجهود أو افتعال أي تضحية من أجل أن تلبي
له طلباته، كان يريدها جزء منه تحس بنفس الشعور في نفس الوقت، ترى ما يراه من
داخلها وليس اقتناعاً به أو إرضاءً له.
إنه فكر وقرر أن يستنسخ من نفسه نسخة بأن يأخذ الصفات
الوراثية من نفسه، بخلية جنسية وعليه أن يستبدل أحد الجينات الـ Y بآخر X ، لكي تكون صفات وراثية لأنثى، ثم ينتظرها لمدة
ثمانية عشر عاماً حتى تكبر ثم يتزوجها ويعيش معها الحياة التي يحلم بها.
إنه الآن في
الخامسة والعشرين وعليه أن ينتظر حتى تكبر لثمانية عشر سنة أخرى، ليست مشكلة،
فكثير من الناس وخصوصاً في هذا العصر لا تتزوج إلا بعد الأربعبن، سينتظرها وليكن
ما يكون، فستكون هو بكل ما فيه من أفكار وميول وتصرفات.
ذهب إلى المعمل واستطاع فصل عدد من خلاياه واختار الجينات
الوراثية التي سيستنسخها نوع XX وهذا هو المطلوب، وتم الحصول على
بويضة فارغة من بنك البويضات، ثم قام بحقن الجينات الوراثية في البويضة المفرغة،
ووضع كل ذلك في أنبوب الاختبار إلى تكونت النطفة فاستأجر رحماً لامرأة فقيرة لمدة
تسعة أشهر، بعد أن وقع معها عقداً ليضمن عدم تمسكها بالمولودة وألا تنسبها إليها،
نظير مبلغ محدد دفعه لها على الفور وأخذ الإيصالات الدالة على ذلك.
واتفق السيد مع المرأة على ترك الطفلة لها لتربيها على
أن يشاهدها على فترات حتى تكبر ويبدأ في التقرب منها ويوماً بعد يوم ستكتشف
التشابه بينهما وذلك سيسهل الطريق أمامه للدخول إلى قلبها ثم يتزوجها ويعيش في
سعادة إلى الأبد.
مرت الأيام وبدأت الطفلة في النضوج، وبدأ جسدها في التشكل لتبدأ مرحلة
الأنثى الناضجة، كبرت الطفلة ونما معها عقلها وحاول السيد الاقتراب منها، فعاملته
في البداية على أنه رجل كبير في مثل سن والدها ولكن لما رأت نظراته تتأمل جسدها
وكأنه يرى ما زرعه قد أينع وحان وقت قطف الثمار نفرت منه وأبدت نفورها منه في تصرفاتها وحديثها، وبعد مراقبتها تأكد أنها
تحب زميلاً لها في الكلية.
حزن وأحس بأن سنوات الانتظار كانت سدى، وذات ليلة قابلها
في الطريق في صدفة مقصودة، وحاول التودد إليها وصارحها بحبه لها وأغراها بالمال فلم
يفلح وأشاحت بوجهها عنه، ثم قالت له في وضوح بأنها لا تحب الأشياء العتيقة ولا
تهوى إلا الثمار الطازجة.
توقف كثيراً أمام تلك الكلمات فلقد كانت نفس الكلمات
التي قالها لأمه عندما حدثته عن الاقتران بجارتهم التي مات عنها زوجها، إنها حقاً
تشبهه، إنها مثله تماماً يفرض على الآخرين ما يراه ولا يقبل أن يفرض عليه الآخرون
ما يريدون، وأنه فعلاً لا يحب إلا الثمار الطازجة التي لم يلمسها أحد قبله، إنها
فعلاً نسخة منه ولهذا فلن يلتقيا أبداً
Dank den Themen .... Ich hoffe, mehr von den Themen
ردحذف