الصفحات

2012/09/13

"أعمار" قصة بقلم: محمد نجيب مطر



أعمار

محمد نجيب مطر
شعر محمد أثناء نومه وقبيل الفجر بضيق شديد وصداع مؤلم، أحس بدوار عجيب وبأن آلاف الصفارات تصرخ في أذنيه، يزداد الصراخ والصداع لدرجة لا تحتمل، رأى نفسه يخرج من جسده ويطير وأحس أنه يحشر في شئ أقرب إلى الأنبوب الضيق، ولكنه يتسع كلما مر فيه وكان في نهاية هذا الأنبوب نور ساطع، وبعد خروجه غمره شعور غريب من الراحة والطمأنينة، أمام هذا النور الساطع الذي لا يؤذي النظر بالنظر إليه، بل تشتاق العين وترتاح لرؤيته ويغمرها السلام، وقف أمام هذا النور وعرض أمامه كل ما قدمه في حياته من خير وشر، وفي كل مرة يفعل فيها شر، ينظر إلى النور وكأنه يعتذر عما بدر منه، فتفاجئه نظرة حانية أقسى عليه من أي عذاب، وبعدما انتهى رأى بعض من ماتوا من معارفه الذين كان يحبهم ويثق فيهم أثناء حياته، وهم يلوحون له وكأنهم يطمئنونه على حياته الجديدة، حاول الوصول إليهم ليستأنس بهم، وجد حاجزاً غير مرئي يفصل بينه وبينهم، ونظروا إليه وكأنهم يقولون له : ليس الآن .. أمامك متسع من الوقت، انطلق بسرعة نحو غرفة والديه في نفس الوقت الذي استيقظت فيه أمه من النوم وقلبها منقبض فسألها أبيه : إلى أين؟ فقالت له وهي تجري ناحية الباب : قلبي يحدثني بأن محمد يتعرض لأمر سئ، انطلق الوالد في إثرها وعلى الباب كان محمد يدخل الغرفة واصطدم بهما ولكنهما لم يكترثا له وهرعا إلى غرفته وأخيه أحمد، صرخ فيهما محمد أنا هنا لكنهما لم يسمعها، فأسرع في أثرهما إلى غرفته فوجدهما أمام سريره يحاولان إيقاظه وجسده مسجى على السرير لا يستجيب وأمه تصرخ وتبكي وأباه يحاول أن يزرع الصبر في نفسها، وهو واقف بجانبهما يشد على يد أمه ويقول لها : لا تبكي يا أمي أنا هنا بجانبك ... أنا بخير ... و هي لا تحس به، استيقط أخوه أحمد على صراخ الأب وبكاء الأم وسألهما ما الأمر فقالت له أمه .. أخوك محمد مغمى عليه، فأسرع إلى الهاتف وطلب الطبيب وبسرعة حضر، وشاهد محمد الطبيب وهو يكشف على جسده النائم على السرير ويعطيه بعض الحقن المنبهة السريعة، واستند أخيه أحمد على حافة السرير، وفجأة أحس محمد بنفس الضيق والصداع السابقين، وبأنه يحشر مرة أخرى في هذا الأنبوب الذي يضيق كلما دخل فيه، ثم رأى نفسه يدخل في جسمه ونهض من النوم وقال : لماذا تلتفون حولي هكذا، فأخبروه بما حدث، فالتفت يسأل عن أخيه أحمد، فوجده على السرير المقابل متكئاً على حافته فحاولت أمه أن توقظه فسقط على الأرض ... وصرخت أمه ... أحمد مات


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق