الصفحات

2012/09/15

ليس دفاعاً عنك سيدي يا رسول الله ...... بقلم: أحمد علي صالح محمد

ليس دفاعاً عنك سيدي يا رسول الله ...........
بقلم: أحمد علي صالح محمد
أثار عرض الفيلم المسئ للنبي " صلي الله عليه وسلم" ردود أفعال غاضبة في الشارع المصرى وتباينت ردود الأفعال حول إصرار القس الأمريكي المتطرف جونز الذي أحرق المصحف الشريف من قبل ، وبعض أقباط المهجر وعلى رأسهم موريس صادق بالتعاون مع عدد من اليهود على الإساءة للإسلام من وقت لآخر.
يروي عن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه في حب رسول الله صلي الله علي وسلم : أنه كان آخذ بيد عمر فقال له عمر : يا رسول الله لأنت أحب إلى من كل شيء إلا من نفسي ، فقال له صلي الله عليه وسلم : لا والذي نفسي بيده .....حتى أكون أحب إليك من نفسك .... فقال عمر : فإنه الآن والله لأنت أحب إلي من نفسي ، فقال الرسول الحبيب صلي الله عليه وسلم : الآن يا عمر ، أي الآن كَـُمَل إيمانك  . فاللهم حببه إلينا عدد خلق الله ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته . 
والإسلام – أحبتي في الله – هو الدين الذي جاء به محمد صلي الله عليه وسلم هو دعوة النبيين جميعاً تجدد تجدداً تاماً كاملاً على يديه ، وقد فرض الإسلام الإيمان بالرسل جميعاً ، وعد التفرقة بينهم كفراً بهم جميعاً ، وتكذيب أحدهم تكذيباً لهم جميعاً ، ودعت رسالات الأنبياء جميعاً إلى الأصل الخالد ( الإيمان بالله واليوم الآخر ) ، قال تعالي : (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ
وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ ) ( سورة البقرة من الآية 285).
لقد جاء الإسلام بتشريعات سمحة لهداية العالم أجمع ، ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم الذي جاء رحمة للعالمين وأتباعه لا يرضون ـ أبداً ـ  أن يمس أي شخص أي نبي أو يُهان أي كتاب صحيح مُنزل من عند الله 0
فعلينا أن نقاوم كل من يسئ إليه صلى الله عليه وسلم أو إلي مقامه الشريف .، فالله سبحانه وتعالي جعل مقامه فوق كل مقام ، ومنزلته فوق كل منزلة ، وفضّله علي سائر الأنبياء والمرسلين ، ورفع درجته علي سائر الدرجات ، وجعل هذه المنزلة وهذا المقام انعكاساً لصلاته وتسليمه هو والملائكة علي هذا النبي الخاتم ، ثم أمره لجميع المؤمنين بأن يقتدوا به وبصفاته وأخلاقه .
علي الجانب الآخر نجد أن من الأقـــوال الشهيرة لسيدنا عيسي عليه السلام  : ( أحبوا أعدائكم وأحسنوا إلى مبغضيكم وصلوا من أجل الذين يسيئون إليكم ) . أليست تلك القيم التي أرساها السيد المسيح ، والتي ينبغي أن تكون دستوراً للمسيحيين من أتباعه ؟
ولكن إذا كان نفر من المسيحيين المتعصبين يعتبرون أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم عدواً لهم أليس من الواجب أن يُحْتَرم كما أمرهم الإنجيل ؟ أليس هؤلاء الجاهلون يسيئون لدينهم وعقيدتهم قبل أن يسيئوا للنبي الكريم صلى الله عليه وسلم ؟
إن غضب المسلمين من الإساءة للرسول الكريم أمر مشروع ، ولكن ليكن التعبير عن الغضب بصورة حضارية راقية ، فالمظاهرات السلمية والـطـرق القانونية لملاحقة هؤلاء المتعصبون ، والتعريف الصحيح بسيرة النبي الكريم هي أفضل الطرق للدفاع عن الرسول .
وينبغي أن يمتثل المسلمون لقول الله تعالى:  ( وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً )( سورة الفرقان الآية 63 ) .
والحق  ما شهدت به الأعداء أو الخصوم ، وما شهادة المستشرقين الغربيين عن سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم لهي خير دليل علي أفضلية سيدنا محمد علي جميع الخلائق التي خلقها المولي عز وجل .
فهذا المهندس البريطاني الكبير " لورد هيدلي " الذي صار "رحمة الله فاروق" يرد على هؤلاء المتطرفيين وهو ما نشرته مجلة " إسلاميك فيو" حيث قال :" إن كل هذه المحاولات العقيمة والوسائل الدنيئة التي يقوم بها المتعصبين للإساءة إلي الإسلام ونبيه العظيم وبذائتهم لا تمسه صلي الله عليه وسلم بأذى ، ولا تغير عقيدة تابعيه قيد أصبع ". ومضى يرد الكيد إلى نحور هؤلاء قائلاً : " لا عجب أن يكذب المنصرون وقد افتروا على الله كذباً ، فكم تظاهر اللص بالأمانة ، والداعر بالاستقامة ، والزنديق بالتدين ، ولكن لا عجب ، فقد غاض من وجههم ماء الحياء ، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام : " إذا لم تستح فافعل ما شئت". ، فلو كان يستحيون من أنفسهم ـ أو على الأقل من الناس ـ لما أقدموا على هذا الادعاء الباطل ،والافتراء الواضح " .
إن محمد وما جاء به دين سماوي  ( الإسلام ) له سلطانه على القلوب ، يغزوها حيث لا دولة ولا سلطان ويطوعها للخير ، وهي ترى حياتها فيه فترعاه وتحوطه بكل غال وتفتديه .
وبعيدا عن الجانب الديني ، أليس من أبسط القيم الإنسانية احترام معتقدات الآخرين رغم الاختلاف معها ؟ وأليس من الجهالة التطاول على الرموز الدينية لأي جماعة بشرية ؟
إن الإيمان بالاختلاف يمثل قيمة إنسانية وحضارية عظمى وبالتالي فإن احتقار المعتقدات والتطاول عليها يمثل إهدارا صارخا لكل قيم الحضارة الإنسانية ومبادئها الراسخة في عصر الحداثة.
 مُحاسب بالأزهر الشريف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق