الصفحات

2013/01/21

لا تحتفلوا بالثورة .. بقلم: فؤاد قنديل


لا تحتفلوا بالثورة                                   
فؤاد قنديل
من حق الجماهير أن تحتفل بالثورة إذا كانت قداكتملت وحققت بعض أهدافها ولها علامات على الأرض وبصمات على أحوال الناس، صحيح أن الثورة اندلعت في يناير وحتى فبراير2011 عندما اقتلعت رأس النظام
لكن جماعة انشقت عنها الأرض فقفزت على أكتاف الثائرين واختطفت الثورة في مهدها وهي تتأهب لرسم طريقها نحوتحقيق أهدافها المنشودة من حرية وكرامة وعدالة اجتماعية ، وتكشفت مع الأيام شخصية المختطفين وطبائعهم التي مثلت توجهاتهم كثورة مضادة ، وقد لخص الكتاتني رئيس حزب الحرية والعدالة في كلمته لشبابالحزب  بالقليوبية قائلا :إن الحزب حقق ما لم يحققه أي حزب في العالم " والرجل أصاب الحقيقة تماما فلم يوجدولن يوجد في المعمورة جمعاء حزب ينهب كل شئ خلال شهور ، ولو كان يملك أكبر قوة عسكرية وبشرية في العالم , لكي نحتفل بالثورة فلننظر أولا لما أنجزته .. لابد من كشف حساب لحصيلة المشروعات والسياسات وكل ملامح التغيير التي تم ضخها لصالح الجماهير مما يدفعها كي تأمل خيرا في المستقبل القريب أو البعيد ،لكن ما حدث في المرحلة الانتقالية ضرب كل الطموحات في الصميم ، ونظرة عابرة لما جري توجزه فيما يلي :
أولا:انطلقت  ميليشيات الإخوان المتأسلمين( سواء المسلحة أو االمليشيات الخطابية) منذ أن تنحي مبارك بأيدي الثوار
يمارسون أساليبهم المشبوهة في النفاذ إلى قطاعات عديدة من القاعدة الشعبية للبلاد ، عبر أجندات محددة يجيدون العمل
عليها باستخدام ما يتمتعون به من القدرة على الحشد والتنظيم وامتلاك أرصدة مالية كبيرة ومصادر متجددة للتمويل للإنفاق
علي أية عمليات مشبوهة ضد الثوار وضد الشرطة .
ثانيا : أدرك المجلس العسكري منذ البداية حالة الانتشار التي اجتاحت الأمة وحاصرت القوي المختلفة فضلا عن قراراته
 الفاشلة بحكم جهله التام بالسياسة والإدارة  فقرر تسليم البلاد كاملة للإخوان المسلمين في مقابل الخروج الآمن
ثالثا :أسرعت جميع التيارات المتأسلمة من الإخوان والسلفيين والجماعات بشتي شرائحها في العمل معا لتحقيق كل
عمليات التمكين والاستحواذ على مفاصل الدولة السياسية مثل مجلس الشعب والشوري والجمعية التأسيسية
وسرقة  الرئاسة  وتشكيل الحكومة العاجزة وإصدار الإعلان الدستوري ووضع الدستور الملفق والاستفتاء عليه .
وقد كشف كل ذلك المبادئ الراسخة  التي تشكل هيكل تفكير المتأسلمين وتوجه أقوالهم وأفعالهم على قلب رجل واحد ، فما يقوله ساكن القاهرة يقوله ويفعله ساكن أسوان ومطروح ونجع حمادي والعريش والبحيرة ، وتتلخص تلك المبادئ في :
 1- تنحية كل ما يتضمنه الدين الإسلامي الصحيح المتمثل في الكتاب والسنة ، وعدم اتباع أي نص منها مهما كان بسيطا.
 2 -  الطمع الذي لا حدود له .
 3-الكذب .
4- التراجع والمناورات المتواصلة .
5 -  عدم الاعتراف بالآخر .
6 -  رفض وكراهية كل ما يخص الديمقراطية.
7 - رفض حقوق الإنسان .
8 - رفض المساواة .
 9 – لا وجود لشئ اسمه الشفافية.
 10 – العناد.
11-  الكلام المعسول .
 12 – استخدام العنف
 13 – الجهل .
وقد أدت تلك المبادئ التي تنفذ بمنتهي الدقة والالتزام إلى نتائج كارثية :
1 - الغياب التام لأية رؤية استراتيجية للتطوير
2 – الإيمان بأن المستقبل  غيب فلا داعي للتفكيرفيه والاكتفاء بالنظر تحت الأقدام
3– لا وجود لأية برامج اقتصادية أو سياسية
4 – الانشغال عن مطالب الجماهير باستكمال عمليات الاستحواذ والهيمنة
5– تقسيم الشعب بالكامل ، فكل جماعة أو فريق أو حتى عائلة انقسمت على نفسها منذ الإعلان الدستوري المشئوم
فترسخت العداوات .
6 -  كل القرارات خاطئة وغير مسئولة وتكشف عن جهل فادح يدفع الشعب ثمنه كل يوم .
7 – وضع دستور مشوه يحتشد بالعوار ومخالف لكل القواعد الدستورية والإنسانية.
8– لم يتم التعامل مع البطالة التي تجاوزت العشرة ملايين من الشباب .
9– عدم بذل أية جهود لاستردادالأموال المنهوبة
10– الاهتمام الأول يتركز على أخونة البلاد من الوزارات إلى الإعلام والتعليم مرورا  بالمساجد والمحافظات والمحليات و والنقابات
11– العجز الكامل عن إدارة أي مشروع
12– التخبط إزاء أية مشكلة  مثل حوادث القطارات والعقارات وغلق المحلات والوقود والمرور والأمن والقمامة
13– عدم البدء في إنجاز واحد فقط من المشروعات الكبري مثل استثمار طريق قناة السويس أو ممر التنمية بالصحراء الغربية.
14 – التربص بالقضاء وحصار المحكمة الدستورية واستخدام الإعلان الدستوري لتعطيل الأحكام التي يمكن أن تصدر ضد إنشاء
الجمعية التأسيسية ومجلس الشوري.
15 – تفاقم أزمة الوقود مع أننا دولة بترولية من الصف الثاني ، وعدم القدرة على إدارة الموقف.
16 – وقوف آلاف السيارات أمام محطات الوقود بالساعات في انتظار عدة لترات من البنزين أوالسولار  دون جدوي.
17 – تأثير أزمة الوقود على الأمن والأسعار وتكدس السيارات  أدي لاختناق المرور، فضلا عن تعطيل
مصالح المؤسسات والعباد.
18 – عدم الالتفات لمشاكل المواطنين ومعاناتهم.
19 – العمل في مجلس الشوري على وضع قانون للانتخاب حافل بالأخطاء القانونية وضدحقوق الإنسان والمواطنة
20– رفض تخصيص كوتة لمقاعد الأقباط والمرأة والشباب.
21– مقاومة الثقافة والآداب والفنون بكل السبل سواء بالحصار أو السب أو التهميش أو الازدراء أو التجاهل أو تقليص المخصصات.
22– التمكين للتيارات الإسلامية في كل مؤسسة حتى أن مجلس الشوري يتكون كله من متأسلمين سواء الأغلبية أو المعارضة.
23– تراجع السياحة بصورة غير مسبوقة وهي التي تضخ عشرة مليارات دولار كل عام  هبطت إلى ثلاثة مليارات ،
وخلت تماما من السائحين كثيرمن القري السياحية والفنادق التي يعمل بها ما يجاوز خمسة ملايين عامل وموظف.
24 – تشجيع وزارة الزراعة للموظفين على تعدد الزوجات بتسهيل منح قروض لمن يرغب في الزواج من زوجة واثنتين .
25 – هبوط الجنيه المصري لأدني مستوياته على مدي قرون فلم يحدث مطلقا منذ بداية صك العملة أن بلغ الجنيه المصري
هذه الدرجة من التدني إلى درجة أن الدولارالواحد يحتاج إلى سبعة جنيهات لشرائه .
26 -  ارتفاع أسعار السلع والخدمات بدرجة غير مسبوقة بما يمثل عبئا لا يحتمل على معظم فئات الشعب
27 -  تدني مركزمصر في كافة التصنيفات الدولية ، الأمر الذي يعد نكسة لم تمر بها مصر على كل الأصعدة
28 – تردي الأوضاع في القاهرة بسبب تكدس التجار في الشوارع وفي وسط البلد خاصة ، وتعطيل المرور
وامتلاء الأحياء بالبضائع المهربة.
29 – تجاهل الخدمات في المحافظات مما دفع الكثير من المواطنين خاصة الشباب لترك مدنهم وقراهم والهجرة إلى
القاهرة  للعمل بالتجارة والسرقة والبلطجة والخطف.
30– تفاقم الإنفاق الحكومى والرئاسي بدرجة غير مسبوقة وفي ظل الأزمة الحالية مما ينهك ميزانية الدولة
31– رفع الحد الأقصي للأجور الذي لن ينتفع منه في الأغلب إلا رجال الحكومة من الإخوان ، بوصفهم
من يحتلون المناصب الكبري.
32– بسبب عدم وجود خبراء كبار في الاقتصاد ضمن الأخوان المتأسلمين رفض رئيس الجمهورية تعيين مستشار
مدني اقتصادي في الرئاسة ورفض تعيين رئيس وزراء اقتصادي غير إخواني  ، ورفض تعيين نائب أو مستشار اقتصادي
غير إخواني لمجلس الوزراء وليس مهما أن تغوص البلاد في مستنقع الأزمة الطاحنة التي لم يعشها المصريون إلا إبان
المجاعات قبل عدة قرون.
33– لم يتم إنشاء أي مستشفي أو مدرسة أو مصنع ، ولم يتم حل مشكلات المصانع المعطلة حتى تبدأ الإنتاج
34 – أقدم وزير التربية والتعليم على تغيير كل المواد في كتاب التربية الوطنية التي تتحدث عن الانتماء لكي يصبح
الانتماء فقط للجماعة وليس للوطن.
35 -  الإخوان المتأسلمون يكرهون جدا عبارة وشعار حزب الوفد التي أعلنها سعد زغلول مع ثورة 19 التي تنص على
" الدين لله والوطن للجميع"
36 – قام وزير التربية والتعليم بتوجيه مؤلفي كتب التاريخ بجميع المراحل لمحو اسم محمد نجيب وجمال عبد الناصر
والسادات ومبارك من المناهج ووضع اسم حسن البنا فقط .
37– لم يتم تعيين حملة الماجستير والدكتوراة الحاصلين عليها في العامين الأخيرين ومازال هؤلاء الباحثون المتفوقون في الشوارع.
38 –  يحكم مصر عدد من رؤساء الجمهورية  مثل عصام العريان والكتاتني وبديع والشاطر وحجازي وغزلان وغيرهم ،
ثم يجيء دور مرسي المنتخب مع عملية تزويركصورة رمزية للرئيس.
وبعد.. إنه قليل من كثير.. فهل بعد هذا نحتفل بالثورة ؟؟!! .. إذا كان علينا أن نحتفل حقا بالثورة  فعلينا أن نتلقي العزاء 
بموت الثورة وانحسار مدها بعد أن اختطفها اللصوص.. والأصوب أن نحتفل بتدشين الثورة الجديدة..
ثورة تسعي لتحقيق المطالب الشعبية وتؤكد على مقاومة الاستعمار المتأسلم البشع الذي انتهك كل شيء بدءا من الديمقراطية
والعدل والحرية والكرامة ، واكتفي بتحقيق أطماعه مستخدما التجارة بالدين .. علينا أن نبدأ ثورة جديدة بفكرمختلف
ورؤية جديدة وعزم على الوفاق بين كافة القوي السياسية والتأكيد على مدنية الدولة .. المدنية التي لا تسمح مطلقا لدمغها
بأي لون من ألوان الفاشية العسكرية أو الدينية . ثورة جديدة تسعي لتأكيد شعار ثورة 19 "الدين لله والوطن للجميع" .
التأكيد على أن كل شيء في خدمة الجماهير ,, ثورة تسترد الأموال المنهوبة وتؤسس لحقوق الإنسان .ثورة تقاوم كل
أشكال الاستبداد والهيمنة  وابتلاع فصيل واحد لكل مقدرات الأمة ومواردها بل ومواطنيها .. لابد من انتزاع جذور
هذه الجماعة وأحزابها التي جاءت نحسا وشرا على البلاد ،ودفعت الآلاف للتفكير في النفي الاختياري
بترك الوطن ..لأنه وطن لم يعد لنا و لأن من يحكمونه ليسوا أبدا منا .
أيها المواطنون الأحرار .. رجاء نريد ثورة جديدة في كل شيء.
ولا نامت أعين الجبناء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق