الصفحات

2013/02/04

على وجهِ أمي ...شعر: قمر صبري الجاسم


على وجهِ أمي ...
شعر: قمر صبري الجاسم
تذوبُ أمامي
أراها أمامي تذوبُ
فأشعرُ بالعجزِ بالحزنِ أشعرُ بالخوفِ
مما يجولُ بخاطرها من أنينٍ على ما سيأتي
وكيف ستترُكني للحنينِ
تحاولُ كتمان أوجاعها والدُّموعُ على خدِّها لاتتوبُ
تحاولُ رسم ابتسامتها كي
تمدَّ الضياعَ بقوَّةِ عُمرٍ قضَتْهُ على مدِّ أحلامنا بالتعب
وكانت ستنساهُ لولا
ولولا
وكيف ستنسى البيوتَ التي عمَّرَتْها هناكَ
وقد فرَّقتها الحروبُ
وقد دمَّرتها الخطوبُ ..
تحاولُ كتمانَ أوجاعها كي ..
وأوجاعُها مثلها مثل كلِّ النساء
اللواتي انكسرنَ ودمَّرتِ الحربُ أحلامهنَّ
وصرنَ أراملَ أنقاضِ تلك البيوتِ ..
ثكالى عصافيرهنَّ ... لبسنَ الحدادَ
وصرنَ منافي لمنفى العذابِ
وغصَّتْ بغربتهنَّ القلوبُ
أراها أمامي تذوبُ
وكيف ستنسى طواف ابتسامتها
بين مدِّ الأمانِ وجزرِ الحنانِ
هناك ببيتِ طفولةِ أحلامها بين
مطبخها والكراسي وغرفةِ نوم العصافيرِ
سطحِ الغسيلِ .. شراشفها البيض ..
ذاك المكان الذي فيهِ تُحضر إبريقَ ماءٍ
لتقرأَ ماقد تيسَّرَ كي تُبعدَ العين عنا
ليقلعَ عينَ الحسودِ الحسودُ
ويخضرُّ يورقُ بالياسمينِ المكانُ
الذي فيهِ يحلو السجودُ
أراها بقلبي تذوبُ
وتحفرُ قلبي شظايا الدموعِ التي
ملأتْ وجهَها بالنّدوبِ فتخجلُ منها النّدوبُ
على وجه أمي أرى حبَّةَ القمحِ
ترفعُ سنبلةَ الوقتِ فينا
ضفافَ المجرَّاتِ
نهرَ الحياةِ
أرى غيمةً منْ مراثي وغاباتِ حزنٍ
وتاريخَ كلِّ العصورِ
أراني كما كنتُ أضحكُ منْ فرطْ حُلمي
وأكتبُ أكتبُ
ياوجهَ أمي الحزين تماسَكْ
كما كنتَ
مَُّد الحياةَ ببعضِ حياةٍ
لئلا أموتَ أيا وجهَ أمي
..أقولُ بقلبي ..
فتبكي
وأبكي
وتمسحُ دمعتَها بابتسامتها كي أظنَّ
بأنَّ الدموعَ التي كانتِ الآن تهطلُ
مِنْ فرحةِ الذّكرياتِ
فيفضحُها الجرحُ , يفضحُها الحزنُ
تلتفُّ كي لا أراها تذوبُ
ولكنني مثلها كنتُ ألتفُّ كي لاتراني أذوبُ
هي الآن مثلي على بعد حضنٍ تُكابرُ
مثلي , وتبكي
ومامن جيوبٍ لتخرجَ أحلامُنا البيض
من غير سوءٍ
وماكان يفصلُ مابين أحضاننا
غيرُ أفعى العذابِ اللَّعوبِ تلوبُ ...

22-12-2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق