الصفحات

2013/02/04

سي السيد.. قصة: أحمد توفيق


سـي الســيد
أحمد توفيق*
أمسك يديها في حنان.. يقترب منها.. يجلس بجانبها على تلك الأريكة الوثيرة.. ينظر لعينيها.. يحتضنها بشدة فتذوب في أحضانه.. يلثم شفتيها ثم يغيبا معا في قبلة عنيفة.. لا يدريان كم مضى عليهما في تلك القبلة؟!.. هل هي لحظات؟.. دقائق؟.. ساعات؟.. أو ربما توقف الزمن عند هذه القبلة.. كانت تذوب رويدا رويدا في قبلته حتى خُيّل إليها أنها انصهرت بين شفتيه.. أغمضت عينيها وكأنها تحاول الاحتفاظ بصورة تلك القبلة بينهما.. لا تريد أن تفتحها مخافة أن تتلاشى تلك الصورة الجميلة وتختفي.. قبَّل خدها الناعم.. همس في أذنها وكأنه الحلم:
-      أحبك.
تلتصق أكثر في أحضانه.. تهمس في أذنه:
-  أشعر بذلك الحب.. إنه بداخلي.. يذوب في دمي وفي عروقي.. أريد أن يتوقف الزمن عند هذا الحد.. أريد...
يقاطعها في همس وهو يقبل وجهها وعينيها ضاحكا:
-      أريد أن أعد لك طعام العشاء وسأعده بنفسي.
-      لا يا حبيبي.. سأعده لك أنا..فأنت مرهق من يوم عمل شاق.
-  لقد نسيت تعبي يا حبيبتي لحظة احتضانك.. هيا.. لا تضعفي من عزيمتي.. سأعد لك عشاء على ضوء الشموع.
نهض في رفق متجها ناحية باب المطبخ وهو ينظر إليها ويلقي لها بقبلة في الهواء واختفى بالداخل.
ألقت بظهرها على الأريكة ونظرها لازال معلقا باتجاه المطبخ.. أخرجت من داخلها تنهيدة ملتهبة تنم عن السعادة.. تحتضن صدرها بيديها.. تتمنى أن يعود بسرعة من الداخل.. لا داعي للعشاء.. فهي تشعر بتخمة من المشاعر والأحاسيس الجميلة بداخلها.. تريده هو فقط.. نهضت وهي مازالت تحتضن صدرها.. تتمايل.. تدور حول نفسها على أنغام موسيقى هادئة.. تغمض عينيها وهي تدور.
خرج من المطبخ يجر طاولة صغيرة عليها بعض الطعام وقد أشعل على أطرافها بعض الشموع.. يجرها ناحية الأريكة ويتركها.. يقترب من حبيبته.. يفتح ذراعيها ويضعها حول خصره.. يحيط خصرها بيديه.. يدوران معا على أنغام تلك الموسيقى.. يلتصقان.. يذوبا من جديد في قبلة عنيفة.. يلتصقان حتى يخيّل لمن يراهما أنهما شخص واحد.. المكان أصبح وكأنه الجنة بعينيها.. موسيقى.. أحلام.. سعادة تتلوها سعادة.
وفجأة.. عكر صفو هذه الرومانسية صوت باب يُفتح ويُغلق بعنف.. وخطوات أقدام ثقيلة تتجه داخل غرفة المعيشة.. وصوت أجش في لهجة آمره ساخرا:
-      جميل.. جميل يا سيدتي.. تجلسين لتشاهدي فيلم رومانسي وأذهب أنا إلى الجحيم.
يصرخ في صوت يكاد يصل إلى الصراخ:
-      أين العشاء؟!
أغلقت التليفزيون.. سارت تتلعثم في خطواتها فكادت تسقط عدة مرات.. وفي صوت ضعيف يملؤه الخوف بادرته:
-      أأ.. أمرك.. أمرك يا سي السيد.
خرجت من المكان باتجاه المطبخ ونظرها لازال معلقا باتجاه التليفزيون.. ياله من فيلم رومانسي رائع كانت تشاهده.. تمنت من داخلها أن تكون مكان بطلة هذا الفيلم.. وجاءها الصوت صارخا مرّة ثانية وقد أفاقها من حلم جميل عاشته وتمنته:
- العشاء يا امرأة.

*الشرقية


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق