الصفحات

2013/09/18

عبد القادر كعبان يحاور الكاتب السوداني عادل الأمين



حوار مع الكاتب السوداني عادل الأمين
من إعداد عبد القادر كعبان من الجزائر

             عادل الأمين كاتب من السودان مقيم في اليمن، يجسد ذاته من خلال كتابة المقالة و القصة القصيرة و الرواية، فأصدر عديد الأعمال منها "كل ألوان الظلام" (1999)، "كتاب الإنسان" (1999)، "الإمام الأخضر" (2005)، "الساقية" (2005)، "قطار الشمال الأخير" (2010)، "شفرة ابن عربي" (2012) وحفيف  الأجنحة (2013) و غيرها.

بداية من هو عادل الأمين؟
إنسان أملاكه في العالم "ريشة وضمير وكمان" يبحث عن مدينة فاضلة موجودة في الإبداع وغير موجودة في الحياة...
بحكم إقامتك في اليمن، هل يرجعك الحنين للوطن الأم السودان؟
نعم سيظل الوطن في داخلي بكل ما فيه من جمال ويظل الحنين إلى الوطن الوقود الذي يدير ماكينة الإبداع في داخلي وكما يقول الشاعر"لاشيء يعدل الوطن".. وأهلنا في شمال السودان يقولون"المربى تربة"...
ما مفهوم القصة القصيرة لدى عادل الأمين؟
*القصة القصيرة جبل جليد عائم، ما يختفي منها أكثر من ما يظهر، وأنا اكتب القصة القصيرة لمعالجة ظاهرة أو عكس وضع معيين بطريقة أشبه بالذي يفعله  الأطباء والصيادلة في تغليف الدواء المر بغطاء من الحلوى حتى يسهل بلعه..ما اعجز عن توصيله عبر المقال الفكري أو السياسي أسعى لنقله عبر القصة القصيرة والرواية.. كتبت روايتي(الساقية)  عن تجربة الرئيس نميري1969-1985 ومجموعة قصصية(قطار الشمال الأخير2010) عن معاناة النازحين بسبب الكوارث والحروب.. وتضميد أوجاع الوطن.. وأنا لا اخجل من نفسي عندما اعري عاهات وطني والأمراض التي تنفر منه لأنك إن لم تتطهر أمام نفسك ستظل النجاسة تغمر دواخلك مهما استخدمت من ماء وصابون..

برأيك هل لدينا كتاب قصة اليوم بمستوى توفيق الحكيم، نجيب محفوظ، طه حسين و يوسف السباعي مثلا؟
*  لكل دولة رجال، هؤلاء كانوا نجوم عصرهم وليس كل العصور ولكننا يجب أن نؤمن بقاعدة تعاقب الأجيال والتحرر من تمجيد القديم والصنمية الفكرية والثقافية والسياسية والانكفاء والنكوص إلى الماضي عبر ايدولجيات النظام العربي القديم  ونفتح الباب للأجيال الجديدة تعبر عن عصرها وباللغة التي يعرفوها..وحتما سيكون هناك نجوم جدد... ويتنحى الحرس القديم عن المشهد الفكري/الثقافي/السياسي الراهن..
لان الفكر العاطل يشوه الثقافة والثقافة المشوهة تفسد السياسة والسياسة الفاسدة تفكك المجتمع وتفكك المجتمع يدمر النفوس والنفوس المدمرة لا تنتج معرفة تجعلنا شركاء في هذا العصر وحضارة الإلكترون وليس مستهلكين فقط لها وانظر بنفسك هل تنتج جامعاتنا معرفة؟؟..انظر إلى أقسام الفلسفة فيها لتعرف إلى أي مدى ماتت هذه الأمة فكريا....وفي انتظار فجر صادق يشرق من أي مكان،قد يولد أناس عظماء ولكن أيضا الإنسان العظيم قد يأتي من أي مكان..
كما هو حال محي الدين ابن عربي الذي جاء من الغرب إلى الشرق وتيمنا وعرفانا  لهذا الرجل العظيم  أنجزت مجموعة قصصية باسم(شفرة ابن عربي 2012).. ونشرت أيضا من دار سندباد المصرية مجموعتي الأخيرة(حفيف الأجنحة 2013)..وهي حالة حنين إلى الوطن كما يقول أهلنا السودانيين في الشمال "المربى تربة" ومدعمة بقصص تصف الوضع الراهن في أكثر من دولة عربية..كمحاولة أخيرة..لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل مجيء التتار في دورة أخرى من دورات التاريخ...

ماذا تشكل لك مجموعاتك القصصية؟ و ما هي رسالتك من خلالها؟
تشكل لي مجموعاتي القصصية وهي أربعة مجموعات أربعة زهرات في بستان الإبداع العالم ثالثي  والكوكبي حيث معاناة الإنسان في كل مكان وأتمنى أن يتعهدن النقاد/البستاني بالرعاية وتكون في متناول الناس.. ورسالتي إيقاظ الإنسان النائم فينا...
ماذا عن تجاربك الشخصية في الكتابة الروائية؟
هي تجارب في الأدب الذي ينتمي إلى الواقعية السحرية (الساقية2005) و(أكثر من رسالة1999) وأدب الحرب(زهور بابل) لم تطبع بعد..
 لمن يقرأ عادل الأمين عربيا و عالميا؟
·        إني اقرأ كل ما يقع تحت يدي من كتب،لأني أحب القراءة تفتحت عيناي في بيت كان والدي الله يرحمه يملك مكتبة جبارة ومنفتحة على كل الاتجاهات..يعجبني عربيا حنا مينا وعالميا جورجي امادوا...
المشهد الثقافي في اليمن هذه الأيام من وجهة نظرك؟
*بالنسبة لي اليمن كانت استراحة محارب بين قلوب الناس الطيبين في سهول تهامة أو فيافي الصحراء في محافظة الجوف إبان العمل في وزارة التربية اليمنية...
أنا أثمن  تماما "إحداثيات الإبداع "التي تجعلك في الزمان والمكان المناسب مع القلم والأوراق والسكينة والجمال ليندفع سيال من تداعي الحر  وتعبر عن هذا الكون العجيب.. وكتبت روايتي(أكثر من رسالة1999) تجربة فنتازية لمعلم سوداني في اليمن ومجموعة قصصية(الإمام الاخضر2005) عن أحوال الناس العاديين في اليمن وأنجزت كتابي(الإنسان-مقالات فلسفية1999) الذي اعتبره العمود الفقري لكافة كتابتي الإبداعية التي طبعتها ونشرتها في اليمن أو خارج اليمن.. أو على شبكة الانترنت(موقع الحوار المتمدن).. *  يوجد في اليمن حراك ثقافي كبير منذ الوحدة 1990 ولكن المركزية الثقافية للنظام العربي القديم هي التي تحجب إبداع الهامش واعتقد الآن قد تشكل أكثر من مركز ثقافي جديد في الوطن العربي  وعلى اليمن والثقافة اليمنية أن تتماهى مع دول مجلس التعاون الخليجي بحكم موقع اليمن الجغرافي وتشابه البيئة الاجتماعية في هذه الدول..


الكتابة الإبداعية في زمن الإنترنت، كيف تقيمها؟
 * الانترنت قاد إلى ثورة في العلم والمعلوماتية وفتح العالم والشعوب ليتعارفوا وحتما خدم قضية  الحرية والديمقراطية والثقافة وجعل الكل قادر على توصيل إبداعه إلى كل العالم وهذا التفاعل ضروري جدا والزبد يذهب جفاء وما ينفع الناس يمكث في الأرض.. وأنجزت ديوان شعر بفضل الانترنت بالغة الانجليزية وضعته في موقع أمازون "Home is Best"

للتعريف الحضارة السودانية القديمة المغيبة...حضارة كوش...وقيم المجتمع السوداني..باسترجاع أقوال حكيمة نقشت على جدران المسلات والأهرامات السودانية..."

كيف تنظر الى واقع الثورات العربية التي بتنا نشهدها اليوم؟
* للأسف الربيع العربي أضحى فجر كاذب كلف الكثير من الدموع والدماء،  بعد صعود الإسلاميين على موجة التغيير وتم إعادة صراع مذهبي   قديم شيعة /سنة كحرب باردة جديدة بين الغرب وإيران وأبعدت المنطقة كثيرا عن الدولة المدنية الديمقراطية الحقيقية ودون مراعاة للانفتاح المعلوماتية الذي   نقل  إلى الوعي الناس الكثير من ما يدور في العالم ومن الثورات المخملية التي جاءت بعد سقوط جدار برلين وانفراط عقد الاتحاد السوفييتي السابق ونموذج الدولة المركزية التي تدور في فلكها الكويكبات الأخرى وشقت كل دولة طريقها نحو الديمقراطية وفقا لخصوصيتها الذاتية دون استنساخ  مخل لتجارب الآخرين..اعتقد إننا كنا في حاجة لثورة دستورية وفكرية  أكثر من ثورة شعبية باهظة التكاليف و إعادة تدوير مقيتة أشبه برواية انميال فارم لجورج اوريل..
 لازلنا في محاولة إيجاد برنامج ومشروع عربي ليبرالي جديد يناسب العصر ويكون له القدرة على الإجابة على الأسئلة الحرجة المتعلقة بعلاقة الدين بالدولة والمركز بالهامش والفدرالية والمواطنة والأقليات والمرأة..

ما هي تطلعات عادل الأمين من خلال كتابة المقالة السياسية؟وعن رؤيته لمستقبل السودان؟
                      ان نحصل عل مدينة فاضلة تناسب القرن 21 وهي مجتمع ديمقراطي اشتراكي في بلدي السودان ليكون نموذجا لدول العالم الثالث.. وعن بلدي السودان الحديث ذو شجون المشهد السياسي السوداني يعاني من أزمة فكرية/ثقافية/سياسية ناجمة عن إننا في السودان فارقنا  المسار الذي تركنا عليه الانجليز كدولة رائدة في الديمقراطية الليبرالية، اعني بذلك  ديمقراطية وست منستر منذ الاستقلال الذي ناله السودان من برلمان منتخب 1954 ودخلنا حالة استلاب فكري/ثقافي /سياسي مريعة باستيراد ايدولجيات عروبية واسلاموية من البيئة العربية  وعجزنا عن توطينها في السودان الأفريقي وخلقت دولة مركزية  عنصرية همشت الملايين وخلفت حروب مريرة بين المركز والهامش قادت إلى انفصال جنوب السودان 2011 كنتيجة لهذا الفشل المتراكم..ولازلنا نبحث عن مسارات جديدة تقودنا إلى الديمقراطية التي فارقناها قبل ستة عقود...وبعد كساد هذه الايدولجيات الوافدة حتى في بلد المنشأ..رغم أننا لدينا برنامج سودانية،(دستور السودان 1955-محمود محمد طه) و(اتفاقية نيفاشا الدولية 2005 د.جون قرنق ديمبيور) وكلها تهدف لبناء الدولة المدنية الفدرالية الديمقراطية التي يجب أن يكونها السودان منذ الاستقلال..  ونبذتها النخبة السودانية المتعلمة خلف ظهورها وأدخلتنا في متاهة النظام العربي القديم الذي يحتضر الآن.. وان نعاه شعراء لا يتبعهم الغاويين منذ أمد بعيد كالشاعر نزار قباني واحمد مطر... 
ما هي مشاكل التي باتت تعرقل عملية الإبداع في نظرك؟
الحرس القديم والوصاية المركزية من البعض وانسداد الأفق في المشهد الثقافي الرسمي والعجز عن ربط الفعل الثقافي بالمشهد السياسي والمجتمعي وظل المثقفين في أبراج عاجية بعيدا عن هموم المواطنين وانعدام الوسائط التي تربط فعلا بين المثقف والمواطن في دول لا توجد بها صناعة سينما أو تلفزيون أو إذاعة تهتم بمنتجهم  الثقافي وتحوله الى دراما لتوعية وتنوير المواطنين ..لذلك حتى هذه اللحظة لا يجد المثقف لنفسه دور في صناعة وطن يسع الجميع.. وأتمنى أن نحصل على كومون ولث ثقافي جديد من المحيط إلى الخليج من منتجين ومخرجين دراميين يعرف بالأوطان والشعوب وهمومها المستمرة...ويجمل صورة العرب عبر العالم.
هل من كلمة أخيرة للقارئ؟
·        أتمنى أن أكون عرفت ذاتي الإبداعية بصورة مرضية واشكر الأخ العزيز عبد القادر كعبان لإتاحته لفرصة لنا لنطل على عالم المغرب العربي الفكري /الثقافي /السياسي ومن الجزائر الشقيقة..وبفردك مساحة لنا لنعرف  الناس بنذر اليسير  عن  المشهد   السوداني الراهن...وشكرا لكل من يمر من هنا...






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق