الصفحات

2013/09/22

الزوجة التفصيل.. قصة بقلم: محمد نجيب مطر

الزوجة التفصيل
محمد نجيب مطر
 
أيقن أخيراً أن الإنسانة التي يبحث عنها غير موجودة على هذه الأرض وربما كانت هنا من زمن بعيد وانقرضت كما تنقرض الحيوانات التي لا يمكنها أن تتأقلم مع ظروف الحياة والبشر، أو ربما تكون مازالت في رحم الغيب، وقد تأتي بعد سنة أو سنوات أو حتى قرون، من يدري؟ إنه يأمل في إنسانة تفهمه وتكون منسجمة معه في شعورها وأخلاقها وطبيعتها، لا يريد أن يتزوج من ليست على طبيعته ثم تعشقه ثم تضحي براحتها من أجل إسعاده، إنه يريدها مثله تماماً تحب ما يحب وتكره ما يكره دون بذل أي مجهود أو افتعال أي تضحية من أجل أن تلبي له طلباته، كان يريدها جزء منه تحس بنفس الشعور في نفس الوقت، ترى ما يراه من داخلها وليس اقتناعاً به أو إرضاءً له.
إنه فكر وقرر أن يستنسخ من نفسه نسخة بأن يأخذ الصفات الوراثية من نفسه بخلية واحدة، وعليه أن يستبدل أحد الجينات الـ Y بآخر X ، لكي تكون صفات وراثية لأنثى.
إن الموضوع لن يستغرق الكثير من الوقت، ذهب إلى المعمل واستطاع فصل عدد من خلاياه وغير الجينات الوراثية التي سيستنسخها إلى نوع XX وهذا هو المطلوب، وتم الحصول على بويضة فارغة من بنك البويضات، ثم قام بحقن الجينات الوراثية في البويضة المفرغة، ووضع كل ذلك في أنبوب الاختبار إلى تكونت النطفة فاستأجر رحماً لامرأة فقيرة لمدة تسعة أشهر، بعد أن وقع معها عقداً ليضمن عدم تمسكها بالمولودة رغم نسبه إليها، نظير مبلغ محدد دفعه لها على الفور وأخذ الإيصالات الدالة على ذلك.
بعد الولادة أخذها ولاحظ بعض التشابه بينه وبينها في بعض ملامح الوجه مثل شكل الأنف في استدارة العينين، أعطاها بعض الهرمونات فبدأ جسمها في النمو بسرعة كبيرة، وفي شهور قليلة أصبحت في عمر العشرين، ولكن عقلها وخبراتها كانت لا تزال في عقل مولودة صغيرة، وصل شريحة ذاكرة في الفجوة التي صنعها في جمجمتها إلى فتحة قناة التوصيل لمواطن الذاكرة والخبرة في المخ عن طريق كابل رفيع من الألياف البصرية، في الشريحة كل المعلومات والخبرات الخاصة به، بالإضافة إلى بعض الخبرات الجنسية لنساء اشتهرن بالدلال والأنوثة الطاغية.
حاول التودد إليها فلم يفلح وأشاحت بوجهها عنه، صارحها بالحقيقة فلم تهتز وقالت كل ما قلت لا يعني لي شيئاً، وقالت له في وضوح : أنا لا أحب أن يفرض عليّ شئ وخصوصاً في موضوع الارتباط العاطفي، وأنا لا أحب الأشياء العتيقة ولا أهوى إلا الثمار الطازجة.
توقف كثيراً أمام تلك الكلمات فلقد كانت نفس الكلمات التي قالها لأمه عندما حدثته عن الاقتران بجارتها التي مات عنها زوجها، إنها حقاً تشبهه، إنها مثله تماماً يفرض على الآخرين ما يراه ولا يقبل أن يفرض عليه الآخرون ما يريدون، وأنه فعلاً لا يحب إلا الثمار الطازجة التي لم يلمسها أحد قبله، إنها فعلاً نسخة منه ولهذا فلن يلتقيا أبداً .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق