الصفحات

2014/07/11

إنها تمطر جثثا وتمطر لجوءا بقلم : عبد القادر صيد

 إنها تمطر جثثا وتمطر لجوءا
بقلم : عبد القادر صيد
حينما ترقص حوافر الحقد المسعورة على أنغام الرعد فإن خريطة البطريق الراقص  تعتصر ألما، و تتقطر دموعا حتى الثمالة ،ثم تلوى ، لتُعصر كإسفنجة تمطر جثثا، و تمطر لجوءا ..
   قطرة  أنا من الإسفنجة ،لم أتبخر بعد ..لاجئ أنا ..مسافر عبر عيون الناس.. مسافر عبر العيون التي صارت قبورا لا تضم ضمة حنان و إنما تضم ضمة تعزير، و لا تسأل سؤال اشتياق و إنما سؤال محاسبة.
   كسرت سلاسلي الثقيلة من على رجلي ، و حملتها على رقبتي عساني أن أبيعها لمن يضعها في متحف البطولات العربية لكي أقتات بثمنها و لو ليوم واحد .ضاق ظهري بجثث أحبابي فدفنت معهم أحلامي ، و تخففت في طريقي كسفينة يونس تضحّي ببعض ركابها، و من حسن حظنا أننا لم نقترع ،بل كان الاختيار لأشباح الفتك.. ثلاثة فقط كانت قدرا خارج الاختيارات :الخوف و الجوع          و الشرف ..كل أنواع الفتك كانت تخطئها ،و حملت على ظهري أيضا بعض الشظايا لأقصها قطعا و أجعلها بطاقات زيارة تعرّف بي، و أترك بعضها لأتخذ من تقطيعاتها  خريطة جديدة لي ، و أبعث بها إلى أرشيف الضمير العربي ، حيث تتجمد القضايا في خزانة البلاغة و الشعارات ..
   ينفجر صحني في يدي قنابلَ تقرع أذني و تقتل فيّ ما لم يتمكن الفتك من الوصول إليه..فلامبالاة ذوي القربى أشد مضاضة! لولا كلمة سبقت لامتطيت صحني و طرت به راجعا إلى بلاد النسور .
  وحده جواز سفري ينبض ، لأن قلبي استقال من النبضان منذ أن افتقد من يشاطره ارتشاف الفاجعة .. لا تعامل اليوم إلا مع جواز سفري ، فهو قلبي و هو وجهي ..أنا مجرد جواز سفر ، إذن أنا غير موجود ! لذلك لا أبكي على وضعي ، فلا يبكي العدم!فكل أرض وطئتها قدماي تبكيني،..سأصبر قليلا فلعله حلما ما أعيشه، لعل الغشاوة تنجلي عن طريقي ،و أعود إلى الواقع..لأجد باب الحارة الذي هو سفينة سيدنا الخضر ، من حرصهم  عليه أرادوا أن  يعيبوه  حتى لا يحلو في عيون الأعداء،فدمروه .. ومن الحرص ما قتل!
   يا ليت العدو تفنن في قصفي بقنابل على هيئة كرات القدم و أمتع المتفرجين.. لكنت أحظى حينها باهتمام الجميع.. أعطوني فقط حقي الماديّ في تحطيم الرقم القياسي في تلقي القذائف ، و امتصاص الصعقات نيابة عن البطريق  الراقص ، و سأعيش كريما لا كوباء يخافون منه ، يجمعونه في سياج.. الضيف في يد المضيف.. و أنا للأسف في ضيافتهم ..في ضيافة  البطاريق الراقصة ..فمتى ينتهون من إعداد فطوري؟!
  سامحوني يا سادتي إذا عكرت عليكم صفوكم ، و اختلطت دمائي بمائدة فطوركم ،فلم أفعل ذلك عمدا، و إنما هو محض الصدفة  التي أرجو أن لا تتكرر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق