الصفحات

2015/01/29

هل الطب والأدب وجهان لعملة واحدة بقلم: د.أسماء الطناني

هل الطب والأدب وجهان لعملة واحدة
 د.أسماء الطناني
 الطب والأدب وجهان لعملة واحدة !!ربما يتعجب القاريء من العنوان للوهلة الأولي ويقول ما العلاقة السرية التي قد تربط الطب بالأدب والعكس أي الأدب بالطب؟وكم من أطباء صاروا أدباء فكيف أن الطب والأدب وجهان لعملة واحدة؟الطبيب هو رجل يعمل في تطبيب الناس ورعايتهم الصحية وهو في ذات الوقت أديب فهو مبدع يبدع في عمله دون أن يدري، وكمثال لذلك فطبيب الجراحة يقوم بتأليف قصة هي قصة العملية الجراحية فلكل جراح مهارته الخاصة مهما كان يقلد الكتب وما درسه في الكلية فليد كل طبيب مهارة خاصة وقصة تحكيها مباضع الجراحين، طبيب الأطفال يبدع عندما يتعامل مع الطفل ليعلم شكواه الخفية، طبيب الباطنة يبدع عندما يكتشف المرض الذي أمامه، الطبيب الشرعي يبدع عندما يكتشف سر الجريمة، الطبيب النفسي يقرأ ما وراء النفس ويبدع في اكتشاف المرض النفسي أو العقلي.. إلخ.الأديب هو رجل يؤلف القصص والروايات والشعر والكتابة للمسرح والنقد، عنده مهارة الحكي والسرد ووحي الشعر الذي لا يأتي بسهولة إلا لأصحاب الموهبة والنقد بمدارسه المختلفة، أيضاً كتابة الرواية تحتاج لمهارة خاصة ولكل أديب بصمته في روايته أو قصيدته الشعرية أو النثرية أو حتي قصصه القصيرة أو الطويلة.وهذا هو أول رابط بين الطب والأدب أن كل منهما يبتكر ويبدع قصة الأولي قصة في جسد البشر والثانية قصة عن البشر.الطبيب أديب بطبعه أيضاً لسبب آخر هو أنه يشاهد قطبي الحياة وهما يحدثان أمام عينه ويتكرر ذلك المشهد أمامه كثيراً فيري القطب الأول وهو الميلاد وصرخة الطفل عندما يخرج للحياة و القطب الثاني هو الموت والصمت الرهيب عند حدوثه فيصبح لديه ابداع وأدب انساني من نوع خاص، أيضا الطبيب يشاهد البشر في أدني مستويات حالتهم الصحية، أي أنه يري الغني عندما يبحث عن الصحة ويدفع كل ما يملك من أجلها ويري الفقير وهو يشتكي من الفقر بجانب المرض وقلة الحيلة.بل ان هناك أطباء قد وهبوا الكثير من أعمالهم للفقراء ولوجه الله تعالي، في تأدب وليس أدب، تأدب مهني وتأدب أخلاقي وربما كان هذا نوع من أنواع الأدب الإنساني الذي يؤلف فيه الطبيب قصة انسانية مع فقير ما أو انسان يحتاجه في تطبيبه ولا يقوي علي دفع المال.الأدباء يكتبون عن كل شيء في الحياة، الفقر والغني و الحالات الإجتماعية المختلفة، النجاح والفشل، الطموح، الاجتهاد، الصواب ، الخطأ، الدنيا، الآخرة ، الليل، النهار ، الشمس، القمر، حالات القوة الانسانية وحالات الضعف الانساني، المعاناة، والحياة الرغدة، أي ان كل شيء يتناوله الأديب، وهناك مدارس مختلفة للأدب العربي مثل المدرسة الرومانسية ومدرسة الإحياء والبعث، المدرسة الكلاسيكية، مدرسة أبولو للشعر، وغيرها من المدارس الحديثة.كما أن هناك أطباء أدباء مثل الدكتور مصطفي محمود، وكاتب القصة القصيرة الشهير الدكتور يوسف إدريس، والدكتور نبيل فاروق، والدكتور أحمد خالد توفيق والدكتور محمد المنسي قنديل والكاتب الدكتور محمد المخزنجي، والدكتور عبد السلام العجيلي، والدكتور عبد الله مناع، ومن الأطباء الأدباء الأجانب، الدكتور مايكل كريشتون وهو كاتب قصة حديقة الديناصورات التي تحولت لفيلم شهير، الدكتور أنطون تشيخوف الشهير وغيرهم .الأديب يسرد قصة أو ينظم قصيدة، الطبيب يبدع في اكتشاف المرض وفي العمليات الجراحية، الأديب له زاوية رؤية تختلف عن الإنسان العادي، الطبيب أيضاً له رؤيته الخاصة في مريضه، الأديب يسمع القصص الواقعية ويدشنها بطريقته الخاصة، الطبيب يعمل في الواقع أيضاً، الأديب يستخدم خياله في كتاباته، الطبيب يستخدم خياله في اختيار أي الأمراض متناسب مع الأعراض التي أمامه، الأديب طبيب في الكتابة، والطبيب أديب في الطب.ولو لم يكن الطب والأدب وجهان لعملة واحدة لما وجدنا هذا الكم الكبير من الأطباء الذين تركوا مهنة الطب ومنهم من لم يتركها وأصبحوا أدباء، فالإبداع يسكن في شرايين الطبيب مثلما يسكن في شرايين الأديب. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق