الصفحات

2015/03/25

"ما تبوحُ به الأشياءُ ! " قصة بقلم: ياسر محمود محمد



ما تبوحُ به الأشياءُ !
بقلم: ياسر محمود محمد
أكتبُ عنك قصّة لم تكتملْ أبدًا ، بعينيك المنهكتين و لحيتك القصيرة المهذبة و خطوتك الرشيقة و قلبك المتعب من ذكريات الآخرين .
أحيانًا .. أحسُّ أنّني أنت ، نتبادل الأدوار في لعبة الحياة ، أجلسُ أنا صامتًا أحدِّقُ فيك ، أستحثُّك بكلمةٍ ( إمه ) بينما تحكي أنت عن مشاكلك .. تعبك .. صراعاتك الداخلية التي أرقتك لهذه الدرجة !
      عيادتك بها شهادات تقديرٍ و لوحات شرف ، لكن لماذا لا أصدّقُها ؟! لماذا أحسُّ بأنها ندف ثلجٍ تذوب بعد مرور وقتٍ قصيرٍ .. قصيرٍ للغاية .
أنت عملك هو تعبي .. و تعب الآخرين .. صراعهم مع هذا الكائن المتوحش البريّ المخيف الذي يُدْعي الحياة و أعوانه ممن يطلقون عليهم اسم الناس !
_ الناس / كل الناس / تلعنني و تنفرُ منّي !
هذا ما أخبرتُك به فحدثتني بنصيحةٍ واحدةٍ :
_ لا تراقب نفسك كثيرًا !
نظرتُ إليك مدهوشًا من بلاغتك غير العادية في كلماتك الشحيحة دائمًا .. من قدرتك على فَهْمِ كلّ خلجات النفس البشرية التي أشعر بها متلاطمة كأمواجِ أعتى البحور ، تسبرُ أنت أغوارها بقدرتك على النفاذ في أعماق نفسي .
_ نفسي ثم الطوفان / الأعداء في كل مكان !
حدثتك بهذا فأشرتُ بسبابتك في وجهي .
_ احذر الوحدة ! حَسِّنْ من علاقاتك الإجتماعية !
كل نصائحك تذهبُ سدًى يا طبيبي النفسي ، كل ما تسديني إياه أرمي به في سلة مهملاتٍ واسعةٍ في جانب إحدى زوايا عيادتك الفاخرة التي تجددها كل حينٍ و آخر ، ألقي بها مباشرةَ إثر خروجي من الحجرة الضيقة التي فشلت إحدى اللوحات الممتدة بمساحة حائط في مواجهتك تمثل أزهارًا حمراء تمتدُّ و كأنّها بعمق مخادعٍ في داخل الحائط .. فشلت في أن توسعها أمام عينين بائستين تلتحمان غصبًا بما تبوحُ به الأشياء .
_ لست زهرة برية حمراء / أنا إنسان فقط .
أهفو أن تتعاطف فقط .. تتعاطف مع مرضاك ، لكنّ أوَّلَ درسٍ سمعتُ و قرأتُ أنكم تتعلمونه في كلية الطب و أكاديمية الحياة :
( لا تشغل نفسك كثيرًا بالغوص في مشاكل مرضاك إلاّ بقدر أن تفهمها لا أن تعيشها ! ) ،و قد  قلتَ لي كاذبًا : ( أنك تحيا فيها ) !!
إنّك تنبهني دائمًا – وصديقٌ لي – أنّنا الذين نُمْرِض أنفسنَا ، بالتفكير في أدقِّ مشاكلنا ( كل يوم .. قبل أن ننام .. و في الصباح .. الخوف من كل مشكلة صغيرة و كبيرة باختصار التفكير في كل الأشياء التي حولك تراها عادية ) و التفكير في نقصنا هو عشقنا ( هوايتنا الأولى و الأخيرة بالإضافة للكتابة طبعًا ) .. تريدنا ألاّ نفكر في كل ذلك .. و كيف يتأتّى ذلك يا صديقي الطبيب النفسي ؟! و مهنتي في الوجود هي عشق الذكريات الحميمة لكل لحظة فانية ، و هذا ما أدعوه بحقٍّ :
الحيااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااة !!!
*** ملحق ***
لقد أقسمتَ لي مطلقًا بأنَّك لن تبوح ، حسنَا ..
قد أعفيتُك من سرِّي فقد بحتُ أنا !!
الأربعين – السويس
0129720299
 Yasser34m@gmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق