الصفحات

2015/11/13

حوار مع الإستشارية التربوية الدكتورة ناريمان عطية حاورها: عبد القادر كعبان

حوار مع الإستشارية التربوية الدكتورة ناريمان عطية
 حاورها: عبد القادر كعبان/الجزائر

الدكتورة الأردنية ناريمان عطية  اسم لامع في مجال الاستشارة  التربوية و الأسرية، فهي الأكاديمية المتفوقة في مجالات متعددة كالتنمية البشرية و تطوير الذات و الكتابة الصحفية في شؤون الأسرة و المجتمع. وقبل كل ذلك وبعده هي الفنانة التشكيلية المبدعة والمثقفة التي تسعى جاهدة لخلق فضاء شبابي متعلم يسمو لخدمة المجتمع وتغييره إلى الأفضل. في حوار مع المدربة د. ناريمان عطية سألناها بعض الأسئلة و أجابت عنها باستفاضة كالآتي:
أولًا: ماذا تقولين عن طفولتك؟ ومن هي ناريمان عطية الإنسانة؟
      وجدت نفسي في مكان أعطاني الفرص وسمح لي بالكثير، ولدت في جبل عمان شارع الرينبو، شارع الثقافة في زمن الثمانينات، جاليري عالية الذي يقيم المعارض الفنية والندوات العلمية والثقافية التي أحضرها باستمرار، والمكتبة الخضراء للأطفال تسمح لي بالقراءة واستعارة الكتب، والمعهد البريطاني تعلمت فيه لغة وثقافة جديدة وكيفية التواصل مع شخصيات وثقافات من دول مختلفة، وسنتر أبو الذهب الذي سمح لي بممارسة الرياضة، وتأسسي في مدارس الأقصى التي ركزت على الأساس الديني والخلق. وأجمل ما يكون الجو الجميل واللمة العائلية في البيت وفي نهاية الأسبوع عند الذهاب إلى المزرعة والتعامل مع المساحة الخضراء ورائحة الزيتون وجمال المنظر والسهرات الرومانسية وروعة التعامل مع الحيوانات الأليفة التي تعطي شعور المحبة والعطف والتواضع... هنا تبلورت شخصيتي المستقلّة النشيطة المنتجة المحبة للمساعدة والعطاء والتي تبحث عن ابتسامة على شفاه من حولها وبنفس الوقت تبحث عن ذاتها... بدون مضرة للغير، والتي تمتلك أفق واسع وطموح لا حدود له، وتضع مخافة الله والخلق النبوي أساس تعاملها، وولدت الطالبة المميزة في كل شي تعد برامج للإذاعة المدرسية، وتكتب الخواطر لتلقيها بصوتها، وتمتلك مواهب متعددة بدءا بخط جميل تكتب به وسائل الإيضاح، والرسم فتمسك الريشة والألوان وترسم على جدران المدرسة، وتمارس التمثيل والرياضة، والتجارب العلمية والأنشطة المختلفة لتفوز بجوائز متعددة... وبمبدأ "أنا أفكر، أنا اعمل...إذن أنا موجود".
 ما هو دور العائلة في اختيار مسارك الأكاديمي؟
      والدي رحمه الله شخصية متعلمة منفتحة على الثقافات فهو حاصل على شهادة التوفل في الستينات متجدد سمح لي بكل شيء بضمن الدين والأخلاق وما تحتم عليه مصلحتي ومنفعتي، كان يعاملني كالصديقة ويعتبرني مستشارته في كل شيء في جو اسري أساسه الاحترام والمحبة والنظام، وكيفية التعامل بإنسانية، فكنت طفلة تعشق والدها الذي أعطاها قوة الشخصية والحرية في اختيار ما تريد فاخترت الأقرب إلى قلبي وما شعرت به بالمتعة الفنون الجميلة، ووالدتي صاحبة الشخصية الحكيمة المحبوبة والمعطاءه، تلك الأم المثالية التي أفنت حياتها لأولادها، فكنت نسخة أمي شجعتني على إختيار ما أحب وكانت تقول لي : اذا أحببتي الشي نجحت فيه وهذا ما حصل فقد حصلت على المركز الاول على دفعتي مع مرتبة الشرف.
فلنبدأ بشعارك "كن عبدا ربانيا بخلق نبوي...وضع بصمتك"، فما القصة يا ترى؟
      الرباني عبد لا يأخذ توجيهاتِه إلا من ربه، أخلص لله تعالى في عبادته وراقب أقواله وأفعاله، وجمع بين العلم النافع والعمل به، وقضى حياته في تعليم الناس وإرشادهم إلى ما ينفعهم، دائم البحث عن الخير، فهو يريد إصلاح نفسه وإصلاح المجتمع من حوله، وله دور في عملية التربية، يربي الناس بالعلم، وينفعهم في حياتهم وآخرتهم . وما أجمل أن نسعى لنكون عباد ربانيين خلفاء لله في أرضه، نحث على التخلق بمقتضى صفاته وأسمائه، كالعلم والقوة والرحمة والحلم والكرم والجود والعفو... فما أجملها من معنى، وما أروعها من فعل، عندما نحفظها في قلوبنا ونرسخها في عقولنا، ونترجمها بأفعالنا، ونسير بها نورًا نبصر به، فنعيش ونحيا ونسعد، وتطيب حياتنا، ويزداد أملنا، فلا تُحبطنا أحزان ولا تعيقنا مصاعب، وترتاح أنفسنا، ونتحصن بها. وعلينا أيضًا أن نتخذ من خلق النبي صلى الله عليه وسلم طريقًا ومنهجًا، ويكون عليه أفضل السلام أسوة لنا في ضمائرنا وواقع حياتنا نعم القدوة، واذا وهبنا أنفسنا لله وكانت حياتنا وعملنا وعطاؤنا بدون مقابل، فقط لله "إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً" الإنسان الآية {9} وبنظرة ايجابية هادفه وبتعامل راقي وإنسانية نؤثر بمن حولنا ونترك أثر طيب ونضع بصمتنا.
د. ناريمان عطية متعددة النشاطات، فهي استشارية تربوية وكاتبة صحفية ومدربة في مجال التنمية البشرية، أين تجدين نفسك ولماذا؟
      أجد نفسي فيهم جميعًا فالعامل المشترك في ما بينهم التفكير بتحقيق المنفعة للناس لأنها تزيد من الوصول الى الأهداف السامية وتجعل التفكير بطريقة "نحن" وليس "أنا" فيكون النجاح والربح للجميع، والعمل على مساعدتهم لمعرفة ذاتهم وقيمتهم وإمكانياتهم، وأن يقوموا بتنمية أنفسهم وتطويرها وحل مشاكلهم إقتداء بخطى الرسول صلى الله عليه وسلم {الدين النصيحة} رواه مسلم وقوله : {أحبّ الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحبّ الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربةً....} حسَّنه الألباني.
حدثينا بإختصار عن تجربتك في عالم الفن التشكيلي؟
      كانت البدايات الفنية منذ طفولتي حيث الشغف بكل شيء جميل ومميز، كانت السمة البارزة في شخصيتي، ملابسي، دفاتري التي تعج بالألوان، وأصوات من حولي يرددون "فنانه، مبدعة" اعطاني الدافع لتعلم الفن....زرعت الفن في قلبي وجسدته على كل خامة أجدها حولي سقيته بحبي وانتمائي وجدته يكبر ويزداد أشعرني بوجودي بالراحة والإنجاز، أعطاني الاحساس المرهف بمن حولي، والتعامل برقة، علمني الصبر وقوة التحمل، وأن الخطأ لا نقف عنده بل هو القوة التي تدفعنا لأن نعيد تجاربنا مرات عديدة، فالنجاح يأتي بعد الفشل وتكرار المحاولة مع القوة والإصرار. تفوقت في دراستي، ووظفت الفن في عملي فكنت معلمة تحب الفن وتنقله لطلبتها بكل إخلاص فوضعت بصمتي، ومازال الفن يسري بدمي، والى الآن ابحث عن نفسي وأجدها في رسمي.
ممارسة الكتابة تعني بالضرورة ممارسة المطالعة، فما هي نوعية الكتب التي تفضلينها؟
       نعم صدقت فأنا منذ صغري أحب المطالعة كثيرًا ولدي الفضول لمعرفة كل شيء، وكل ما يدور حولي فلا حدود لقراءتي، الكتب الدينية والتربوية والفنية وعلم النَّفْس والتنمية وابحث دائمًا عن كل ما هو جديد وأبدأ بالقراءة.
أنت ما دمت أكاديمية في مجال أصول التربية، كيف تنظرين الى الأسرة العربية في الوقت الحالي؟
      هناك بعض الأسر العربية مازلت متمسكة في الوقت الحالي بأحكام الدين الإسلامي وتطبيقاته واستفادت مما حدث من تطور بطريقة ذكية ووصلت الى أعلى مستوى من النجاح في التربية الحديثة، واما البعض الآخر من الأسر تشكلت بقالب جديد إمتزجت ما بين القديم والحديث وتأثرت بالغزو الثقافي الغربي بدرجة عالية نتيجة الثورة المعلوماتية والتطور التكنولوجي في وسائل الاتصال والإنفتاح على العالم وأصبحت بجو مختلف عن أصولها فلم تعد تركز على مبادئ وأساسيات هامة في التنشئة الصحيحة والتربية الأخلاقية وأصبح تركيزها على كيفية الحصول على المادة لتحسين مستوى المعيشة بعيدًا عن الترابط الأسري وأصبح الهدف في تربية الأولاد فقط الوصول إلى درجة مرتفعة من التعليم، وغابت التربية الأسرية ولم يعد هناك وقت للجلوس والحوار الأسري الهادف والتوجيه وحل المشكلات وغاب دور الأب والأم وجاء دور الغير فحلت الخادمة محل الأم، والشوفير محل الأب مما أدى إلى الجفاف العاطفي الأسري والذي يؤدي إلى التفكك، وحدوث حالات من الطلاق. وإن ما وصلت إليه هذه الأسر يدق ناقوس الخطر خوفًا من أن يؤدي إلى انهيار الأسر العربية بدون أن تشعر بذلك لذا يجب علينا جميعا أن نتدارك ما سوف يحدث من نتائج قبل حدوثها وتأثيرها على جيل قادم نعقد عليه الآمال بالإنفتاح على العالم ومتابعة التطور والتجديد بمنظور إسلامي راقي وفكر معتدل، وولادة حضارة متميزة هادفة، وواجبنا أن نوفر لهم تربية صحيحة ليرتقوا بشخصيتهم وقيمهم وعلمهم .
هل تستطيعين أن تقولي أن تخصصك في أصول التربية هو بدايتك كمدربة في التنمية البشرية؟
      نعم كان لتخصصي في أصول التربية أثر واضح في تأكيد توجهي نحو التنمية البشرية، فالتربية تعمل على تنمية الأفراد من جميع النواحي ليتمكنوا من العيش والتكيف مع المجتمع، والإرتقاء بأنفسهم وسلوكهم إذن هي تسعى إلى التنمية باعتبارها عملية شاملة مستمرة  تساعد الإنسان في كيفية تعلم تطويع ظروف المجتمع للوصول للنجاح.
ما هي جملة الصفات التي يجب أن يتحلى بها مدرب التنمية البشرية في رأيك؟
       تتمركز الصفات حول نقطة تركيز رئيسة وهي امتلاك المدرب فن التأثير فإذا استطاع أن يؤثر استطاع أن يدرب وأن يصل إلى قلوب طلبته التي تفتح عيونهم وعقولهم وتحفزهم للابداع والتعلم والسعي نحو التغير. ويرتبط كذلك بامتلاك المدرب المعرفة بمهارات التدريب وتميزه بالتواضع والبساطة.
هناك من يرى أن عالم التنمية البشرية هو بداية لدخول أبواب الدعوة الإسلامية، فما تعليقك؟    
        إن الدّعوة إلى الله عز وجل مطلوبة من كل مسلم كلٌّ بحسب ما يستطيع فهي دعوةٌ في البيت بين الأبناء والأقارب والمحيط مع الجيران والزملاء، وفي كل مكان، وفكرة الدعوة ليست فقط بالكلام والكتب أو بالإنتماء إلى مجموعات إنما هي التطبيق الشخصي؛ أنت بأفعالك وتصرفاتك وأفكارك تكن قدوة حسنة ونموذج متزن بخلقك والتزامك بدستور واضح كتاب الله وسنة رسوله فعندما يتعامل معك كل من يمكن أن يصادفك في حياتك سواء ببلدك أو بالعالم العربي والغربي يدخل عنصر التشويق عنده لمعرفة ما هذا الدين الرائع الذي أوجد هذا الشخص المميز نظيف القلب والجسد راقي بأخلاقه وأفعاله والذي أصبح قدوة حسنة وأعطي صورة رائعة عن الإسلام، وإذا كان عالم التنمية البشرية الهدف منه ما سبق ذكره ومن خلال توعية دينية وخلق جيل واعي عقلاني يمتلك فكر نير معتدل غير متطرف وزيادة عملية المعرفة والمهارات والقدرات والمساعدة على تطوير الذات معرفيًا وسلوكيًا ودينيًا والعمل على تغير السلوكيات السلبية وتعويضها بايجابية يمكنني الدخول إلى هذا المنفذ الجميل.
ماذا عن تفاعلك مع القراء عبر الفيسبوك؟
        تفاعل مميز بالمحبة في الله والإحترام والفائدة المتبادلة يشعرني بالاستمرارية في العطاء ويمدني بطاقة ودافعية ويظفي الروعة والجمال على حياتي.
هل من كلمة أخيرة للشباب العربي؟
أقول لهم: أنتم أيها الشباب مسيرة التقدم والنماء في المجتمعات والركيزة الأساسية لمسيرة التنمية، والدافع الأكبر الذي تعول عليه الدول في تجاوز التحديات والعقبات بطاقاتكم وحيويتكم وحماسكم، وتكسب من خلالكم الفرص لتكون في مكان الصدارة والتأثير، وفي مواقع ومهام وظيفية وحيوية، كونوا متفائلين اتجاه كل أمر بحياتكم وفي يومكم الذي يسير بساعات متسارعة، إبعثوا في أنفسكم الأمل، والتوكل على الله، وتحدثوا عن كل شي تريدون الحديث عنه بشكل ايجابي سواء كان بحياتكم، عملكم، صحتكم، مستقبلكم، وابتعدوا عن النظرة السلبية والتفكير بتشاؤم، وعن كل شيء يؤثر عليكم، وضعوا أمام أعينكم الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام واقتدوا به، ادفعوا أنفسكم إلى الأمام دائمًا فالوصول إلى #القمم_يحتاج_همم، وأجمل شعور شعور النجاح الذي يحرك الدافعية ويقوي الإرادة، فأنتم وحدكم من تصنعوا نجاحكم فلا تنتظروا العون من أحد وسيروا #خطوة_بقوة_وخطوة_بثقة.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق