الصفحات

2016/11/20

صبر البطريق بقلم: نور الكنج

صبر البطريق
 بقلم: نور الكنج 
هل قلبت التلفاز يوما في محاولة يائسة للهروب من الاعلانات, وتوقف بك المقام عند قناة ناشونال جيوغرافيك, وهناك استوقفك منظر البطاريق اللطيف وهم يتزحلقون على الجليد فابتسمت؟؟ ربما هناك نظرية عامة بين الناس على استظراف هذا المخلوق الجميل. لكن دعنا نضع ظرفه وقربه إلى القلب على جنب, وتعال لتفكر معي بعمق أكثر في هذا المخلوق العجيب! إن البطريق مصنف علميا على أنه طائر, أليس كذلك؟ .... فهل رأيته يشبه الطيور التي نعرفها؟ إنه لا يطير ولا يغرد ولا يكاكي. وهو أيضا يعيش على عكس الطيور الأخرى في أجواء من الصقيع والثلج لا تتوفر فيها سبل الحياة الكريمة السلسة. وفوق كل هذا وذاك ليس لديه مينيو للطعام كالعصافير مثلا, التي تأكل الديدان أو الفواكه أو الحبوب. إنه مجبر على أكل السمك يوميا ولا شيء سواه. ومع ذلك تراه يسبح سعيدا كل يوم باحثا عن طعامه دون ملل. أما نحن لو أكلنا طبخة العدس مثلا لثلاثة أيام متتالية , ترى البيت كله في حالة من الغضب المخزون القابل للاشتعال في أي ثانية. نحن البشر الضعفاء لا نحتمل التكرار, وخاصة عندما يتعلق الموضوع بالطبخ! إذا لاحظتم أيضا فإن البطريق ليس لديه وسائل للدفاع عن نفسه. فلا هو يستطيع الطيران ولا الجري ولا حتى المشي بطريقة عادية سواء على أربع قوائم أو اثنتين. يستطيع أي حيوان أكبر منه حجما أن يفترسه, فهو فريسة سهلة للدببة القطبية والفقمات والأسماك المفترسة. ومع هذا فهو يمشي بثقة كبيرة غير مكترث بكثرة أعدائه وفي عينيه الطيبة هناك نظرة تحد مبنية على أساس باطل! نأتي الآن لذكور البطريق. إنها ذكور سهلة المعشر لينة الطبع, لا تحب أن تتنازع على السلطة فيما بينها. حتى أن ذكر البطريق المسالم يخشى الأنثى, فترى المسكين يرقد على البيض لأسابيع بانتظار عودتها من الصيد حتى تطعمه. ولطالما سألت نفسي لم لا يذهب هو للصيد, أليست هذه المهمة العسيرة منوطة بالذكور؟ لم يرضى بالبقاء مع الطفل في سلام تاركا أنثاه تتصدى للمخاطر لجلب القوت! هناك شيء مماثل في عالم الثدييات, فالأسد يرسل اللبؤات لصيد الفرائس بينما يجلس هو باسترخاء ليعمل تان خفيف تحت شمس السافانا القوية. لكن لحظة,,,, الأسد لا يرضى أبدا بأن يكون بيبي سيتر لأشباله. وهنا رأيتُ عظمة البطريق الذكر, إنه حنون بطبعه يحب عائلته, سهل الانقياد لأنثاه. إنه كما يقول الغربيون ..Stay home Dad. في البطريق شيء جميل آخر... إنه لا يستطيع العيش خارج المجموعة... فالبطاريق يصيدون السمك على شكل مجموعات .. يتمشون على الثلج بطريقتهم المتمايلة المعروفة وعددهم لا يقل عن أربعة. لديهم روح الألفة والتقارب والحميمية التي كانت لدينا نحن البشر في عهد الثمانينات والتسعينات. لا أعرف ما يجب أن أقول أيضا في حق هذا الكائن الصبور الجميل السهل البسيط الواثق الشجاع الاجتماعي. صفات البطريق الحميدة كثيرة جدا, وتدفعني لأن أفكر فيه كلما ضاقت عليّ الحياة واحتجت لجرعة أكبر من الصبر..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق