الصفحات

2018/04/13

الحي الإنجليزي.. تمازُج الإنسان والمكان بقلم: أميرة قنديل

الحي الإنجليزي.. تمازُج الإنسان والمكان
بقلم: أميرة قنديل
 لا أعرف من أين أبدأ حديثي عن رواية الحي الإنجليزي للروائي حماد عليوة؛فكل أحداثها مهمة، فليس هناك أحداث أساسية وأخرىفرعية؛فكل حدث صغيرًا كان أو كبيرًا له دور مؤثر في الرواية، وكذلك الشخصيات؛ فليس هناك شخصيات محورية وأخرى ثانوية؛
بل إنك تشعر أثناء قراءتك أن كل شخصية هي أهم شخصية في الرواية.
ولكن لأنه لا بد من بداية نلج منها إلى الحي الإنجليزي، فستكون تلك الجزئية التي تصف فيها «سِريا» - إحدى شخصيات الرواية - ذكرياتها في ذلك الحي.. تقول «سِريا»:
«وانطلق بالسيارة سالكًا طريقًا تحده الأراضي الزراعية، كان شيئًا أشبه بالحلم؛ وجه الأرض مغطى باللون الأبيض... إنه موسم حصاد القطن... وكان النيل على يسارنا بمياهه الزرقاء الشفافة، تهب من ناحيته النسمات المشبعة بالرائحة الرطبة المنعشة».
وتستطرد فيما بعد:
«وعُدنا إلى الحي.. وفي الحي كل شيء أخضر، كانت الأشجار على ضفاف النيل ضخمة وثقيلة؛ لذا خُيل لي ضفاف النيل منحنيًا، وكانت أشجار النخيل العالية صامدة كعادتها أمام الرياح العاتية.. تتمايل في راحة، وتتعانق عراجينها، وكأنهم أُناس يقبِّلون بعضهم بعضًا من الشرفات.. وما أروع حقول القطن المبتهجة تداعبها النسمات الرطبة الآتية من الشمال».
هكذا تُدخلنا «سِريا» إلى أجواء الحي الإنجليزي، أو ما كان عليه قبل أن تزحف عليه البنايات الشاهقة، وإن ظل يحتفظ بسحره وجاذبيته.
إنه حي المعادي «الحي الإنجليزي» الذي تدور على أرضه وفي أروقته أحداث هذه الرواية.
تقوم «سِريا» بتأسيس رابطة للمغتربين الأجانب، تجمع من خلالها التبرعات لدعم الفقراء، وفي الوقت نفسه تكون ناديًا يقدم كل وسائل الترفيه للأوربيين.
وهذه الرابطة تعد مركز الرواية؛ حيث ينطلق منها العديد من الشخصيات سواء كانوا أجانب أو مصريين، أو يكون مآلهم إليها، أو يدورون في فلكها.
ويطوف بنا الكاتب في أرجاء الحي الإنجليزي وشوارعه ومبانيه، ويطرق أبوابه كاشفًا عن ساكنيه وتشابُك علاقاتهم وتطلعاتهم وما يختلج في نفوسهم من مشاعر مختلفة.
ويعرج الكاتب في طريقه على بعض الأحداث التاريخية المهمة التي وقعت في الحي الإنجليزي، مثل إنشاء أول محطة للطاقة الشمسية على يد المهندس «فرانك شومان» عام 1911.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق