2017/02/14

عبد الباقي يوسف يكتب عن الحب في عيده

رَنينُ الحب
عبد الباقي يوسف
أتذكرين يوم قلت لك أن نؤجل لقاءاتنا وحتى الأحاديث الهاتفية اليومية التي اعتدنا عليها, كانت دموع الحب تنهمر من قلبي وأنا أقولها لك, يومها قلت لك أن نكتفي بالحديث ليوم واحد في الأسبوع, لكنني كنت كلما سمعت رنين الهاتف قلت بفرح طائر: انها هي. وكان الرنين يملأ حواسي نشوة, إنه رنين الحب, رنين من أحب وسوف يحمل إلي نبراتها المباركة وهي تفجر أشواقها في سمعي وتسمعني كلمات شوق جديدة لم تسمعني إياها من قبل, لكن سرعان ما كان يخفت نداء ذاك الفرح مع أول نبرة صوت آخر, فيردد القلب الملتاع شوقا: ولكن هل ستستطيع أن تحتمل أسبوعا كاملا دون سماع صوتها؟ وكان الحب هو الذي يدفعك لاختراق الاتفاق بعد يومين وتنفجرين غضبا في السماعة: ليس من حقك أن تحدد مساحة شوقي إليك, أنت حر في مشاعرك وشوقك وحبك, لكنك لست حرا في تحديد وتجميد مشاعري التي أعجز عن تحديدها, كل شيء في يطير إليك دون أن أكون قادرة على أي محاولة للتحكم. ثم بخفوت , بمزيد من خفوت تتمتمين: صدقني اشتقت إليك. كان ذاك الرنين أحب رنين إلي لأنه كان رنين الاختراق, رنين التحدي, رنين انتصار الحب على كل القوانين والشروط والاتفاقات. ومجددا أبحث عن أسبوع واحد لا أراك ولا أحدثك فيه, أشعر أن قلبي بات ملغوما بحبك, وأنه لن يحتمل كل تلك الشظايا التي تصيبه حتى وهو نائم, أجل هناك شظايا للحب عشتها معك واحترقت بها, كان قلبي يترنح تحت ثقل حبك, ويصرخ بأن أفعل شيئا يخفف عنه, كان حجم الحب يغدو أكبر من أن يستوعبه هذا القلب الفائض, أجل كان يرتعش حبا ويذرف الدموع حبا, وكنت في محاولات بائسة أخرى أهرب من حبك إلى البراري, إلى الأنهار, إلى المدن البعيدة, ولكن في أول محطة أراني لائذا بأقرب هاتف لأسمع نبرات صوتك السحري وقد تملكني الإدمان عليه. كنت أريد أن أهرب منك وأن أكون معك في ذات اللحظة, الهروب لأن خوفا رهيبا كان يتملكني وأنا أتخيل انطفاء الحب في قلبينا, والبقاء حتى أكون مطمئنا عليك وأنت بالقرب, كان القرب منك يعني الأمن والدفء, وأن ثمة امرأة أحبها في هذه المدينة. كنت باردا معك في بعض مراحل الحديث واللقاءات, وكنت أحاول أن أتصنع ذاك البرود الذي كان ينفجر حبا عندما أعود إلى البيت وأستعيد كل كلمة, وكل نظرة باردة نظرتها إليك, وفي لقاءات أخرى كنت أسارع في تقديم الورود إليك, وتقديم ولو هدية رمزية تعبر عن اعتذاري, وأحيانا كنت أمضي في الطرقات وأنا أفكر بهدية يمكن لها تكون جديرة بتقديمها لامرأة سحرية مثلك, ودوما كنت أفشل في الوصول إلى تلك الهدية, وأقول: كل هدايا العالم تفشل في أن تؤدي هذه المهمة لامرأة مدهشة بحجمك, ولذلك لم أتردد تلك الظهيرة في ذاك المكان الهادئ وأمام صديقتنا أن أطبع قبلة شوق على يدك رغم الخجل الذي انفجر في وجهك, ولا أدري لماذا سحرني جمالك في ذاك اليوم, كانت ملامحك مستقرة وهادئة, ويومها اكتشفت بأنك تزدادين جمالا، وأن وردة جمالك تتفتح وأنت هادئة تجلسين في ركن هادئ, ولكن يا إلهي هل يمكن لي أن أحب امرأة أخرى, وهل سيكون بوسعي أن أكون سعيدا وأنا أحاول أن أحبها, أظن بأن الإنسان يحب مرة واحدة بكل قوته في العمر سواء أتى هذا الحب سريعا أو متأخرا, سواء أتى في بداية العمر أم في منتصفه أم في نهايته, لكنها مرة واحدة لن يكون بمقدور القلب أن ينفتح لحب آخر بكل تلك القوة, وكل ذاك العنفوان. أعترف لك لأول مرة بأنك ذاك الحب الذي يرفض بكل قوته أن يتحول إلى ذكرى، كانت القبلة على يدك المباركة محاولة مني للاعتذار عن كل لحظة ألم سببتها لك، كان الرعب يملأ كل حاسة فيّ وأنا أتخيل خسارة الحب, تلك الخسارة التي هي نهاية العالم بالنسبة لي.

ليست هناك تعليقات: