2014/08/13

تشخيص الغور في وحدات الشعور عند الشاعر عبدالرحمن سالت بقلم: د.محمد حمام زهير

 تشخيص الغور في وحدات الشعور عند الشاعر عبدالرحمن سالت
بقلم: د.محمد حمام زهير
لا أجد..للمكان ولا للزمان  أي “مبرر” لكي أغوص بينهما..كباحث في “التدقيق النسائجي” لبيت القصيد، وذلك مرمى ، يستهويني  منذ كنت “أهوى الغوص على قصائد العظماء”، وابتكر وصفا مرمريا ، اوقدني عليه  ”الأديب الطاهر  يحياوي ” ومن  بعده ” سليمان  جوادي “أيام  نهضة الوحدة في  شارع ديدوش وقبلها  ألوان …..”بأني الغجري العاشق للحرف، المتيم  بالصنعة الأدبية..والحامل لمشروع طويل” ومع  تكركب الأيام والسنوات  وجدتني  أحاكي النصوص  من الداخل وأعجب  بالنص ، حينما  أشم فيه رائحة  ”الأدبية النقية”  واهجره  عندما  تترصدني ” روائح عفنة أو مهربة  من  بنطلونات غربية”، ولأني عاصرت جيلا  من المبدعين الذين لا زالوا  يشقون “رحى المعركة الإبداعية”..ولا أحد  ”فينا”  وصلا..لأنه  لازلنا في  الطريق..
     الشاعر الخفيف وصاحب السحابات الغامقة  باللون  الأرجواني”سالت عبد الرحمان  ” أتسلل  كل مرة لأنقش في  ”ملوناته السريالية” أشياءا  ولكنها ” المسافة ” كانت  تحجبني  عن التفليك فيها..لا  لشي سوى  لأني أحب  ما  يقول..ولكن  هل  فعلا  جاء  الحب عاصفا  بلغة  الشعرية أم  انه  إعجاب  بروحنة  الكلمة  في  آياتها  المتعددة ؟ ..
    ”الشاعر عبدا لرحمان  السلت”.يتوغل في  هذا العمق  من  بهرج “الواسعية  واللازمنية” بين  متاهات  كثيرة  كنت  أراها  في  ”أشعار المرحوم الزميل أحمد بن الصغير”  ..عندما كان الاستاذ  حيدش سعد  من ” الشاهدين”  دقت مسامعنا “ألفاظهما” في ندوات  الخميس..وقتها كانت  ”سماء الجلفة ” تمطر ذهبا..والان “لا” أضنها لان  أمثال ابن  الصغير ..ونورة بن  يعقوب.وخيالات الاحياء ” رفستها السنون ” . لم  يسعن البعد..ولا القرب..ولا  حتى “الصورة  الجسمانية “للشاعر لكي  اخطأ في  تناول المجسمات  العابرة في رسم ” أخر ماتبقى من غفوة  الرأس الثائرة  والغائرة في العمق الغائر والسحيق عند سلت عبدالرحمان..
تشخيص الغور في المساءات الهاربة:
   موغل..بهذا  الانزياح الصافي البرئ  المنقول  من  ذاكرة  الجسد، .يتحرك  ”السلت” بكل المرائي وكأنه  يشبه  فرس “أحمد  الخيال” وهو  يرسم رسالة “هدف “في  منقوله  البعيد،  نحو ” تحقيق هدف العظماء والتوغل”
    هذا لم  يكن  ”داخل  الظلام”  ولا في الماء ولا حتى في العتمة  وإنما  في السؤال ،  تنبؤنا هذه  الصياغة  الجادة على ” توريق المنظومة الشعرية  القوية” التي  تترك  أثرها  جامدا  كأنه  الريح،( موغل في السؤال) يشبه  هذا الغور” ضربة  الحداد” على  جسم  صلب  أعياه الفتيلة،  فيرقمه  باقرا،  لا حالما يبحث عن  منكسر أو خط متصدع في  بليون السطح، ولكنهما  يختلفان  ”فضربة  الحداد”  تشد  قبل الزوال  وضربة ” السالت”  كأنها  ضربة  الحداد  في  الزوال  ولكن  هي  في المساء..والمساء في  عبوديته  ”جميل”  وفيه  احتوى  خير  الصلوات  ( الصلاة  الوسطى )،  ونفذت  كل أحكام الإعدام  في رويات اغاتا  وهمنغواي  في  الصباح ..
   ومساء ” السالت ” فيه  نوع من  ”الرحمية”  لأنه يجره  دوما ، نحو” المغيب” وكأنه  يريد ان  يكمل انطواء تلك الزربية التي كانت ” مبثوثة “في  الصباح،(عند المساء يأخذني المغيب) لفتة سحرية جميلة بين المساء والغروب ،  يؤسس الشاعر  لميلاد “مملكة مائية سابحة “(يا آية الماء).ولما للطين  والماء من علاقة  منطقية  عكست  ”واقعية  الشاعر” من الداخل ، بالرغم من  محاولته  التنقل  باستعمال ” بهارات  الانزياح اللفظي” إلا  انه “يتمدد  ويتقلص” ويعود  صوب مكانه من جديد(هو الطين صوتك) ويختمر نحو ادوات  الطبيعة  ومن لبها  يصنع  لنا ” عناصر  تأينها ” بين الطين..والريح ..والرؤية..والجذور..والمنتهى) طبيعة موحشة وصعبة  المراس امام طينة  ”لايحويها  الريح”  إلا  صوتا..وانظروا قوله (طلقتك الأولى…ورؤاك..هي الريح إذا..تربتك…جذورك ومنتهاك)..
     في المرحلة الثانية أو في الولادة تحدث “أمثولة التذكر” وكأن الحياة بدأت  تمر على “أشتات ” في  لمح  البصر (نستقرأ هذا العمر..ذاتك الرغبة…والخطو.. محطات) هو “اسم  بوح ” من  متسلل  لما تبقى من محطات   انجذبت  من العمر بغتة ، ولا هيام أمامه، إلا وهي  تنبني كاللحظة  الصارخة  في  مطب الماء أو” مسكرة” في  ذوبان  فنجان ” قعيد ” من البارحة على صينية بلهاء بلون الصديد ، تلك  هي أحداثنا تمر لأننا لم نستقم  لها  إلا بعد  إن  صارت  محطات(كيف لا 
وأنت في متن الغيب سؤال،)  لتتحول  تلك  ”الايالات  ” إلى محطات  زاخرة  كمن  يبحث  عن  سؤال…والريح يشكل ” المثلات “لتصنع  حيرة  في  أوج  قوتها  لان  ما فات من عمر الشاعر كان  لايجب إن يكون  سوى  محطات (هذه حيرتي…) .
   وهاهو يفضح  نفسه  من  خلطة  الطين..والريح  ”يتشكل  عبد الرحمان” ..في صورة التشكل. أروع صورة منذ كان إلى مكان..(موغل في التشكل …إنسان) ابتلي بعد الخروج من الجنة بأنه سيشقى (تدبر…..تمدد…تبدد..أنت في الآخر إنسان) لأنه  جده  قبل  ألاف السنين  نزل على سرنديب الهند  فكيف لا يتدبر ويتمدد  ويتبدد  بعد  ألف عام ، ولما ينفصل  ذلك  الإنسان ب”الملكة  والتوهان” لايجد ندا  يخامره  سر السلوك إلا  إن  يكون  سؤالا  في  شكل ما نشتهي  ،ولانه  ظل يشتهي  لغة…عبر بها شعرا جميلا واضحا رسم من خلاله صورة رائعة من صور الأفذاذ..(سين: السؤال..كون اللغة المشتهاة..ثمة حرف ورطني) خرج  ذلك  الحرف الأول من  اتفاقية  كاد  إن  يمضيها  في  الماضي البعيد  وها هو لا زال  ”يوقع بحرف اسمه “  الأول  كما  كان  يفعل  الرومان  في  ”زمن الدبلوماسية” ولكنه  البوح  في اسمى  ”روائحه”، يتجنب  كل الآهات  رغم  وجودها  ..(في الآهة…في البوح) ذلك  هو الإحساس  الغائر في  رواح  القلب العليل  ( الذي أشرع نبضه…خفقه) لكون  لغته  المعبرة  ظلت هامدة  صامتة  سرعان  ما  انطقها  المعنى (كينونة اللغة..ملكوت المعنى.)  فجاءت إلى  دنيا الظلمات حيث كان  السؤال  في  الماضي مبهما عن  الإنسان  وصار  مع (.خبايا الرمل…) كأنه  قوس للمستحيل…ولكن  القلب قد تقوى واعتصر الطين  صوته  ومع  ذلك يظل  المستحيل  ”مستحيلا  ”في  الواقع  ولكنه  في  المعني يصير لونه  الجميل  على مقربة  من ” قوس “إلا  إن  يكون  للمستحيل  فذلك ضنه  وليس لنا  في  الضن  إلا وليجة  ندخل  بها  إلى  غور  هذا الشاعر  الرائع  ..فمستحيلة..يبقى السؤال…ولكنه  في  العمق  ”فجره”..ولما ندم على إظهاره أرجعه إلى عقدة المستحيل وذاك قوله (سين السؤال…قوس للمستحيل/…)..
الشاعر “سالت عبد الرحمان” يصنع  الكلمة  في  خيالها وواقعها  ويتعامل معها  باحترافية وله  غور جميل  في  الصياغة الشعرية  الحالية واشهد  له ” بحبكة  الإرواء الشعري.”.وأتمنى إن  اقرأ  له  المزيد في  الدقة  الروائية  لأنه  ”مجبول ” في  اعتقادي  على  توظيف الحورات  المهمة  بين الذات  ووصيفاتها..كما  كان يكتب زفزافي ..وجاك  لندن…


ليست هناك تعليقات: