2017/04/19

الاستراتيجية الأمريكية تجاه الأزمة السورية بقلم: د . باسل مولود يوسف و د. سفانة شعبان الصافي



الاستراتيجية الأمريكية تجاه الأزمة السورية

د . باسل مولود يوسف  
 د. سفانة شعبان الصافي

المقدمة

إن النشاط الدبلوماسي والعسكري الأمريكي في الفترة الأخيرةربما قد يكون مجرد وسيلة فقط للضغط على الرئيس السوري بشار الأسد، من دون أن يتخذطريقه إلى التنفيذ على الأرض، بينما جاءالرد السوري على هذهِالأنباء والتسريباتوعلى لسان وزير الإعلام السوري عمران الزعبي، بقوله أن: (أيتدخل عسكري على أراضيها قد يكون بمثابة كتلة النار التي تحرق الشرقالأوسط)،كما قال الوزير السوري،إن (التدخل العسكري في سوريا لن يكوننزهة)، وهو أيضاً ما ذهبت إليه إيران على لسان مسعود جزائري- نائب رئيسأركان القوات المسلحة- الذي أشار إلى أن (أمريكا تعلم حد الخط الأحمرللجبهة السورية وأي تجاوز للخط الأحمر السوري ستكون له عواقب وخيمة)؛ولذلك فإن التدخل العسكري الأمريكي إذا ما حصل، فلن يمر من القنواتالدبلوماسية الأممية، وتحديداً من مجلس الأمن؛ لأن روسيا والصين ستكونان لهبالمرصاد عبر استخدام حق النقض (الفيتو).
إن التدخل العسكري الأمريكي إذا ما حصل على النحوالسالف الذكر، فهو لن يؤدي إلى (إحراق الشرق الأوسط) كما قال وزير الإعلامالسوريلسببين أحدهما: أن إسرائيل قامت من قبل بتوجيه ضربات من خلال الطائراتوالصواريخ على أهداف في دمشق واللاذقية، ولم تحرّك دمشق ساكناً حتى هذاالوقت،كذلك كان موقف حلفائها المفترضين، علماً أن تل أبيب هي الأقربجغرافياً إلى دمشق من واشنطن, والثاني: أن الولايات المتحدة تكرر حرفياً ما فعلته في العراق في 2003وفي ليبيا 2011.
فالولايات المتحدة تتحدث عن نياتها بتوجيه ضربة لسوريا قبل أن يصدر تقرير المفتشينالدوليين بشأن استخدام السلاح الكيماوي في منطقة الغوطة الشرقية في دمشق،وقد يصدر بحق النظام السوري فتستند إليه كذريعة سابقة لتبرير التدخل لتصبحالولايات المتحدة مجرد قوة تشيع الفوضى في العلاقات الدولية.وبغية الإحاطة بموضوع البحث ارتأيت مناقشته بمبحثين, تناولت في المبحث الأول: تطورات الأزمة السورية والموقف الأمريكي فيها, وتناولت في الثاني:سياسة الرئيس بشار الأسد والموقف الغربي والأمريكي من هذهِ السياسة.

المبحث الأول

تطورات الأزمة السوريةوالموقف الأمريكي فيها

المطلب الأول

خلفيات الموقف الأمريكي من الأزمة السورية

اتسمت العلاقات بين النظام السوري والولايات المتحدة بالتوتر وانعدام الثقة على مدى أكثر من ثلاثة عقود([1])؛ وزاد من تعقيدها تحالف الضرورة الذي تم عام 1981, بين دمشق وطهران, لتزايد شعور النظام السوري بالعزلة الاقليمية والدولية. واستمر هذا التحالف في عهد بشار الأسد, وأصبحت إيران في مقدمة القوى الرئيسية الداعمة والحامية للنظام السوري. وقد تمكن الطرفان, السوري والإيراني, في مرحلة حافظالأسد من إدارة حرب محدودة بالوكالة في مواجهة تحرشات إسرائيل وعدوانها المتكرر على جنوب لبنان, عبر حزب الله اللبناني.وفي مرحلة بشار الأسد تم السماح لأفراد المقاومة العراقية المقيمين بسوريا بالتسلل إلى الأراضي العراقية والانضمام لباقي فصائل المعارضة بعد الحرب الأمريكية على العراق عام 2003, والتي ألحقت خسائر بالقوات الأمريكية وتعرضت سوريا لضغوط أمريكية غير عادية لهذا السبب, لإيقاف هذا التسلل. ثم قامت ثورة الربيع العربي في سوريا (مارس 2011) ودخلت العلاقة الأمريكية السورية في متاهة جديدة([2]).
وفي أواخر صيف 2011 دعا أوباما بشار الأسد إلى التخلي عن السلطة ولكن دون أن يقوم بالضغط الكافي لدفع بشار الأسد إلى اتخاذ هذا القرار, لاعتقاد أوباما- بناءً على تحليل المخابرات الأمريكية- أن بشار سيسقط بدون تدخله على نحو ما حدث لحسني مبارك([3]). وهو ما دعا أوباما إلى السماح للمخابرات الأمريكية بالاكتفاء بتدريب وتمويل بعض فصائل المعارضة السورية. وأخذاً بنصيحة روبرتس جيتس وزير دفاعه السابق, من أن الأولويةيجب أن تُعطى لإنهاء حربين (العراق وأفغانستان) قبل فتح جبهة جديدة([4]).
وقد شغلت القضية السورية حيزاً واسعاً في حوارات ومناقشات أوباما في مجلة (ذي أتلانتيك), فقد مرت الأزمة السورية بمختلف مراحلها في عهده, وظل أوباما يعتبرها خارج الأولويات الاستراتيجية للولايات المتحدة, فضلاً عن عقيدته السياسية أنها لم ترق إلى مستوى التحدي المباشر للأمن الأمريكي([5]).
وفي اعتقاد بعض الدارسين أن الموقف الأمريكي تبنى أسلوب استمرار التقاتل الداخلي بين أطراف الصراع في سورياإلى أن يقضي أحد طرفي الصراع على الآخر, وبالنتيجة خروجسوريا ممزقة سياسياً, وعاجزة عسكرياً ومحطمة شعبياً, وهو الوضع الأمثل للسياسة الأمريكية, ويضمن في النهاية أمن إسرائيل.
كما أن الأزمة السورية تزامنت مع تركيز أوباما للتوصل إلى الاتفاق النووي مع إيران, مما جعل الحسابات من أجل إنجاز هذا الاتفاق تتداخل مع حسابات الأزمة السورية, فبدت السياسة الأمريكية إزاءها مترددة أحياناً, وسلبية أحياناً أخرى, وممانعة في كل الأحوال لأي تدخل يضطرها للدفع بقوات قتالية برية([6]), لخشية أوباما من تأثير ذلك على المفاوضات مع إيران. فبرز حرصه الشديد على عدم توريط الولايات المتحدة في حملات عسكرية طويلة على غرار ما حدث في العراق وأفغانستان, على الرغم من الانتقادات التي وجهت إليه بسبب تخليه عن دور الولايات المتحدة القيادي في المنطقة, لاسيما بعد ما نُسب للنظام السوري من استخدام غاز السارين في (الغوطة) وترتب عليه مصرع (1400) مدني. وكان الرأي القوي السائد داخل إدارة أوباما أن بشار الأسد قد تجاوز بذلك الخط الأحمر ويستحق جزاء رادعاً, فيما عدا دينس ماكدونة رئيس فريقه, الذي حذر بشكل واضح من مغبةالتدخل العسكري في سوريا([7]).
وخلال كلمة ألقاها أوباما في مؤسسة (هريتيج فاونداشن) يوم 10/9/2013 بدأ موقفه الممانع يتزايد عندما أوضح (أنه ليس لأمريكا طرف تدعمه في الحرب الأهلية السورية واعتباره الصراع في سوريا(حرباً أهلية) لأناس آخرين).
وفي حديثه مع جيفري جولندبرج في مجلة (أتلانتيك) لم يجد حرجاً في قوله إنه (فخور للغاية) بقراره بعدم ضرب سوريا, رغم تعرضه للانتقاد في إدارته بسبب رفضه الانصياع لـ(كتيب التعليمات) الذي تعده وزارة الخارجية, والذي ينصح بتدخل قوي من جانب الولايات المتحدة؛ وهو يعتقد بأنه على العكس, يستحق الإشادة لأنه امتلك الشجاعة لتجنب الوقوع في مستنقع محتمل, وكان ذلك مناقضاً لقول سابق له لوزيرخارجيته جون كيري أكد فيه أن استخدام السلاح الكيماوي (خط أحمر) لا ينبغي للأسد أن يتجاوزه.فقد ظل أوباما- رغم رؤى باقي أعضاء إدارته الآخرين- مقتنعاً بأن إرسال قوات برية للإطاحة بالأسد أمر خاطئ؛ وجاء اتفاق أوباما مع بوتين على نزع سلاح سوريا الكيمياوي مخرجاً لمأزق أوباما لم يكن يتوقعه, فقد استطاع بذلك تجنب التورط في معارك صقور إدارته, بعد أن كان قد طلب منهم إعداد قائمة بالأهداف المطلوب قصفها في سوريا. واعتبر أصدقاءالولايات المتحدة أن تراجع أوباما عن تنفيذ تهديده أفقده الكثير من مصداقية العمل السياسية, كما جرده بالتالي من أهمية الاعتماد على شراكة بلاده واحترامها مبدأ التعاون والصداقة, ووصف خصوم أوباما هذا الموقف المتخاذل بأنه لحظة إفلات الشرق الأوسطمن بين يدي أمريكا ليقع في أيدي روسيا وإيران و(داعش)([8]). فقد وعى أوباما دروس العراق وأفغانستان, وأنهبقراره عدم التدخل ضد نظام بشار الأسد, جنب سوريا المزيد من الدمار وزيادة معاناة الشعب السوري, فالساحة السورية أصبحت منطقة رماية ومختبراً لتجربة الأسلحة والمعدات الجديدة, واقتربت من أسلوب الأرض المحروقة, والتدخل الأمريكيلو كان قد وقع ما كان يزيدها إلا اشتعالاً([9]).

المطلب الثاني

الاتفاق النووي الإيراني وأثره على الاستراتيجية الأمريكية إزاء الأزمة السورية

بدأ مسلسل الغزلالسياسي مع إيران في مطلع رئاسة أوباما وانعكس ذلك بداية في رسالة التهنئة بعيد (النوروز)التي وجهها إلى الشعب الإيراني وقيادته, وكان في خلفية تفكيره السعي لتحقيق تقارب ملموس مع إيران, ثم تواصل ذلك عبر الرسائل الشخصية المتبادلة منذ 2009 بين أوباما والمرشد الأعلى علي خامنئي, والمفاوضات الثنائية السرية قبل انتخاب حسن روحاني في ربيع 2013([10]), وفي يناير 2014, تناول الرئيسباراك أوباما أوضاع الشرق الأوسط وإيران في مقابلة مع مجلة (نيويورك)ورأى (أن حظوظ إبرام اتفاق مع إيران حول ملفها النووي هي أقل من 50%, ولكنه لم يبد تشاؤماً وقال إن شاغله هو إرساء توازن جديد جغرافي- سياسي أكثر استقراراً من حال الحرب الأهلية والإرهاب والمعارك الطائفية). وبدا أن أوباما يحلم بدور جغرافي- سياسي تنعقد ثماره ويساهم في تغيير المعطيات في الشرق الأوسط, وفي تصريح آخر, قال إن (أمام الإيرانيين طريقاً يسلكونه للخروج من العزلة...) ولمح الرئيس الأمريكي إلى أن إمكان التعاون مع إيران في موضوعات أخرى غير الملف النووي([11]), وتحولت المفاوضات تدريجياً إلى شكل ثنائي بين واشنطن وطهران وتوج الأمر في النهاية بعقد الاتفاقية الشاملة للبرنامج النووي الإيراني في أكتوبر 2015, وأوضح الرئيس أوباما شخصياً فكرته عن أن الاتفاق النووي جزء من إعادة الترتيب الأمني في ساحل الخليجوسوريا ولبنانوالذي سوف يؤدي إلى تحقيق (توازن بين القوى السنية) وإيران ومعتبراً أن هذا الاتفاق هو أفضل الخيارات المتاحة.
وفي الواقع كان دوافع وتوقعات أوباما لعقد هذا الاتفاق متعددة وفي مقدمتها:
1.  إعادة إنتاج مفهوم جديد لـ(الاحتواء), باعتبار أن الرفع التدريجي للعقوبات سوف يحفز إيران للاندماج في الاقتصاد الدولي, وبمعنى آخر تشغيل إيران ضمن خطوط انتاجعربية احتوائية بأدوات ناعمة([12]), وتعليق الدارسينعلى ذلك أن التغيير المنتظر يحتاج لوقت طويل حتى تظهر ملامحه ومؤشراته.
2.  رفع العقوبات عن إيران سيحولها إلى شريك اقتصادي هام وستسعى الشركات الأمريكية والغربية للاستفادة من الكتلة المالية الكبرى لإيران والتي تقدرها بعض المصادر بحوالي (100) مليار دولار أمريكي([13]).
3.  الحاجة الأمريكية إلى الدور الإيراني في أفغانستان وباكستان وأواسط آسيا وسورياوهي حاجة روسيا أيضاً لمواجهة التطرف الديني([14]).
وقد اعتبر أوباما هذا الاتفاق (مركز القوس) لسياسته الإقليمية ومحور ارتكازها الأساسي, ففي تحركه تجاه تطورات الأزمة السورية, كان يضع في اعتباره مواقف إيران, التي تحرص على استمرار نفوذها في سوريا([15]), يضاف إلى ذلك أن هذا الاتفاق تم التوصل إليه بعد أكثر من ثلاثة عقود من المفاوضات الصعبة, وبات متغيراً يصعب القفز عليه في الحسابات الأمريكية الإقليمية, أو في مقاربة الولايات المتحدة لموازين القوى في المنطقة. لكنه لوحظ في الوقت الذي كان من المفترض أن تضع واشنطن على طاولة المفاوضات مع إيران عنوانين أساسين هما: الطموحات الإيرانية الإقليمية, ورؤى دول الجوار, وبصفة خاصة دول مجلس التعاون الخليجيوسوريا هي المحور الأساسي, إلا أن أوباما قدم تنازلات لإيران لتحقيق علاقة مختلفة معها, واعتبر الاتفاق انجازاً شخصياً, ولكنه في الوقت الذي كان يتشاور فيه مع أطراف إقليمية (إسرائيل وتركيا) أغفل رؤى دول الخليج العربيةوموقف سوريا المرتبط عقائدياً مع إيران, رغم أنها من أكثر الدول تأثراً بهاذ الاتفاق وسياسة إيران الإقليمية التوسعية.
وتجدر الإشارة هنا أن الولايات المتحدة سعت خلال العقود الماضية إلى إثارة حالة من التوتر السياسي والشحن الطائفي بين الدول العربية وإيران, وتعمدت تعميق الخلافات بين إيران ودول مجلس التعاون الخليجي والحيلولةدون إمكانية التقارب بينهماتمهيداً لتقليص الدعم الإيراني لحكومة بشار الأسد, بالتركيز على أن إيران تشكل الخطر الرئيسي لتهديد الأمن الاقليمي وخطراً على جيرانها, وأن من مصلحة الولايات المتحدة أن تعيش المنطقة باستمرار في حالة عدم الاستقرار المتحكم فيه, لأنه- في تقدير بعض المسؤولين الخليجيين- لو تحقق الاستقرار وساد السلام فيما بين شعوب المنطقة, لن تكون هناك حاجة إلى السلام الأمريكي ولن يكون هناك مبرر لطلب الحماية الأمريكية, وإن انسحابإيران سيخفف من الأزمة السورية وتقليص دور حزب الله([16]).
واستشعار من أوباما بعدم تقبلبعض حلفائه للاتفاق النووي يجده الدارسينبأنه يستدرك إلى القول: (إنه منذ 1979, ظلتإيران عدواً للولايات المتحدة, وشاركت في عمليات الإرهاب المدعوم من الدولة, وهي خطر حقيقي على إسرائيل, والعديد من حلفاء الولايات المتحدة, وشاركت في مختلف العمليات التخريبية ولم يفكر مطلقاً في التخلي عن حلفاء الولايات المتحدة- السعوديين- لصالح إيران)([17]).
وتعتقد سوزان رايس (مستشارة الأمن القومي) أن الصفقة مع إيران لم تكن تحديداً ناجمة عن رغبة في تحقيق عهد جديد للعلاقات بين الولايات المتحدة وإيران, بقدر ما كانت نتيجة عن نظرة برجماتية لتحقيق الحد الأدنى, فالهدف كان ببساطة جعل إيران (البلد الخطر), أقل خطورة, فلا أحد يتوقع أن تتحول إيران إلى فاعل خير ودورها المؤثر في الأزمة السورية محور حديثنا وبالتالي اجبار الأسد على الرضوخ للقرارات الأممية ومجلس الأمن الدولي([18]).
وفي تقدير البعض, إن إيران التقطت هذا الانحراف في السياسة الأمريكية, وتعاملت معه كفرصة نادرة تقوم من خلاله بتحقيق واقع يؤهلها لـ لعب دور القوة المقررة في النظام الإقليمي الخليجي والشرق الأوسط المتشكل([19]).
وانحياز أوباما للجانب الإيراني على هذا النحو, إضافة لانفتاحه على كوبا, يعود لتطلعه لتحقيق إنجاز لعهده على نسق ما حققه الرئيس السابق نيكسون في اتفاق مع الصين.
وليس أفضل من تعبير أوباما عما حصل بين إيران والدول الكبرى في لوزان قال الرئيس الأمريكي: جربنا كل شيء (مع طهران) وأصبحنا أمام خيارين: الحرب أو الاتفاقفاخترنا الاتفاق. هذهِ النتيجة التي توصل إليها البيت الأبيضبعد 33 عاماً من محاولة احتواء النظام الإيراني لم ترض بعض حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط وأغضبت نتانياهو والجمهوريين وإيباك وصقور الديمقراطيينالذين يفضلون الحرب, فهم يدركون أن الانفاق يتجاوز تقنيات البرنامج النووي ومنع طهران من صنع قنبلة نووية إلى تفاهمات سياسية ستؤثر حتماً في وضع هؤلاء الحمقى والخصوم خصوصاً في الشرق الأوسط([20]).
ولإحساس أوباما بشعور بعض حلفائه العرب الخليجيينوالمقاومة السورية بالأساسبأنه خذلهم دعا إلى تقاسم النفوذ بين السعودية وإيرانوتعزيز نفوذها في سوريا ولبنان([21]), وهو ما يذكر بالتفاهمات على الطريقة الأمريكية الإيرانية في العراق, ويسمح- في تقدير البعض- بأن تتسيد إيران واجهة الصراع ضد العرب على أراضيهم([22]), وهو ما دفع بعض الكتاب السعوديين إلى التساؤل عن حدود هذا التفاهم وكيف ستكون العلاقة بين التحالف الخليجي- الأمريكي من ناحية والتفاهم الإيراني الأمريكي من ناحية أخرى إذ لا يكفي محاولة الإدارة الأمريكية تقديم وعود بالمزيد من مبيعاتالأسلحة, أو وضع دول الخليج العربية بمرتبة حلفاء رئيسيين([23]).
وإجمالاً فإنه في رأي جفري جولدبرج بالمقاومةالسورية وقمعها وإنهاء وجودها:(أن الاتفاق النووي الذي أبرم مع إيران, يؤكد ضمن أمور أخرى, أن أوباما راهن بمورثاته على أن أحد أكبر الدول الراعية للإرهاب ستنضم إلى اتفاق يختزل برنامجها النووي)([24]), ومن ثم التخلي عن دورها في دعم حكومة الأسد في سوريا؛وهذا ما يعنيتحذيراً مبطناً لإيران من الإخلال به.
لكنمثل هذهِ المراهنات تحملمعها دوماً توقعات بأن يتحقق أمل المراهنين أو أن يخيب رجاؤهم, وهو ما يفسر- في تقدير بعض الباحثين- بعض أسباب القلق المبرر لدول الخليجالعربية تجاه هذا الاتفاق لاسيما وأنه لم تتم مناقشة الدور الإقليمي لإيران والذي يمثل تهديداً حقيقياً لدول الخليج العربي.

المطلب الثالث

السياسة الأمريكية في استخدام دول الخليج لتموين الحرب على الإرهابوالتدخل في سوريا

يقول الرئيس الأمريكي: (إن بعض الدول الخليج وأوروبا تنتفعبالمجان(Free Riders)لما تتحمله الولايات المتحدة من أعباء والتزامات في مواجهة القضايا المتفجرة دون أن تتحمل هذهِ الدول بنصيبها فيها, ومطالبته دول الخليج العربية ببذل مزيد من الجهد في مكافحة الإرهابوتقديم الدعم المادي للمقاومة السورية في مواجهة حكومة الأسد)([25]). أي أن أوباما يطالب هذهِ الدول باقتسام المسؤوليات والأعباء.
وقول أوباما- على هذا النحو- فيه الكثير من المبالغة أكثر من الحقائق. فدول الخليج العربية لم تكن من الراكبين مجاناً, فالعلاقات بين الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي كانت أشبه بشارع ذي اتجاه واحد أمريكا تطلب وتأخذ, ودول الخليج كانت لا تطالب بالمقابل. وقد شاركت دول مجلس التعاون بموقفها المؤيد لواشنطن في الكثير من القضايا في حسم التحولات الدولية لصالح الولايات المتحدة وخاصةًالأزمة السورية والتدخل لإيقاف المد الإيراني في اليمن.
وقد أثار هذا القول العديد من الانتقادات الخليجية من ذلك مثلاً رفض الشيخ ثامر العلي رئيس جهاز الأمن الوطني في دولة الكويت, في مقابلة مع (رويتز)بقوله:إن الكويت لا تنتفع بالمجان من الحملات التي تقودها الولايات المتحدة ضد الإرهابوالتصدي للمد الإيراني في سوريا واليمنوغيره من التهديدات, فعندما تتبادلالكويتمعلومات المخابرات وتفتحمجالاتها الجوية والبرية والبحرية وتنفق مليارات الدولاراتفي محاربة الإرهاب ومساعدة اللاجئين السوريينوتقديم الدعم اللوجستي للمقاومة السوية,فكيف يكون ذلك انتفاعاً بالمجان([26]). وفي الواقع كانت دول مجلس التعاون الخليجي تساهم في تمويل صفقات التسلح اللازمة لحماية أمن دولها بالكاملوتسليح وتجهيز المقاومة السورية وتقديم الدعم الماديوإيواء النازحين السوريين.
وتأثراً بالأقوال التي رددهاأوباما في هذا الشأن نجدأن دونالد ترامب المرشح الجمهوري للرئاسة يدلي بحديث لصحيفة (نيويورك تايمز)بتاريخ 26/3/2016 تضمن قوله: (إن على السعوديةأن تدفع مقابل حماية أمريكا لها, وأن عليها أن تنشر قواتها البرية لمقاتلة (داعش), وإلا ستتوقف أمريكا عن شراء نفطها).
ولعل ترامب, لا يعمل أو يتعامى عن حقيقة أن السعودية مثلاً كانت تتحمل خسارة ما بين دولار واحد ودولارين عن كل برميل نفط تصدره للولايات المتحدة([27]), والسبب في ذلك يرجع لاعتبارات استراتيجية أكثر منها تجارية بحتة, إضافة إلى تدفق الاستثمارات النقدية الخليجية إلى اقتصاد الولايات المتحدة, ومشتريات صفقات الأسلحة الضخمة التي كانت تقوم بها دول مجلس التعاون الخليجي بشرائها من الولايات المتحدة والتي كانت تقدر بمليارات الدولارات كان البعض يعتبرها بمثابة إعادة تدوير لعائدات النفط إلى المصارف الأمريكية, فضلاً عن ذلك تحمل نفقات كبيرة لتسليح وتجهيز المقاومة السورية والمقاومة اللبنانية, وإيواء النازحين وتقديم كل أشكال المساعدة للشعب السوري.
ومن ناحية أخرى فإن هناك فقرات في حديث أوباما لمجلة (ذي أتلانتيك) أنه يتحدث فيها عن تحول إندونيسيا تدريجياً من دولة مسلمة متسامحة إلى دولة أكثر تطرفاً. وردهذا التحول إن كان قد حصل فعلاً, إلى المملكة العربية السعودية والدول الخليجية, فزعم أنها ترسل الأموال وعدداً كبيراً من الأئمة والمدرسين إلى إندونيسيا, وادعى أوباما أن السعودية مولت إندونيسيا في 1990 المدارس الوهابية في شكل كبير وأقامت ندوات وملتقيات ودورات لتدريس الرؤية الأصولية المتطرفة للإسلام, وزاد فقال واصفاً هذهِ الرؤية المتطرفة بأنها: (المفضلة لدى العائلة المالكة) وخلص إلى القول: (أصبح الإسلام في إندونيسيا عربي التوجه غير ما كان عليه الوضع عندما كنت أعيش هناك)([28]), وقل اهتمامهم في إيقاف المد الإيراني باتجاه سوريا واليمن سواء من حيث الدعم اللوجستي أو على المستويات الأخرى وهذا يتعارض مع منهج العلاقات والاتفاقيات الدولية المبرمة مع أمريكيا.
ومثل هذا القول يعني اتهاماً للسعودية ولدول مجلس التعاون بالتورط في نشر الإرهاب من خلال إنشاء المدارس وإيفاد المدرسين وإنفاق الأموال وهو قول- في تقديربعض الكتاب السعوديين- فيه افتراء وتلفيق يخل بالحقائق([29]), وعودة لاتهامات سابقة غير مسندة على نسق ما ورد بالتقرير الصادر عن هيئة بحوث الكونجرس في شهر يوليو 2002 في هذا الشأن([30]), فضلاً عن إيقاف الدعم للمقاومة السورية أو بقاءه بصورة جزئية. وقد نفت دول مجلس التعاون الخليجي التقارير التي تتهمها بأنها تدعم التطرف وتمول الإرهاب, فعلى الصعيد الرسمي أكد العديد من القادة الخليجيين أن دول مجلس التعاون كانت ضحية الإرهاب, وتعرضت للكثير من الاعتداءات, وعلى الصعيد غير الرسمي, حاول بعض المثقفين العرب نفي هذهِ التهم, بل وذهبوا إلى أبعد من ذلك في اتهام الولايات المتحدة بأنها وراء ظهور جماعات التطرف في العالم, ومن ثم تحميلها بطريقة- غير مباشرة- مسؤولية أحداث سبتمبر, فمثلاً رفض السعوديين المحاولات الغربية لإلقاء اللائمة على الوهابية لوقوع الأحداث, لافتين إلى أن السعوديين الذي انضموا إلى (بن لادن) تعلموا تجاربهم من خلال محاربة السوفييت في أفغانستان, وأن واشنطن ولندن هما من سوق ودعم الأصولية في العالم, وأن الولايات المتحدة استخدمت التطرف لفترات طويلة وغضت الطرف عن تناميه المتسارع وتشعبه على مستوى خريطة العالم, عندما كان هذا التطرف مناسباً لها, فقد قررت في وقت ما أن تستعين بمثل هذا التطرف في حربها ضد الاتحاد السوفيتي السابق([31]).
وذهب أوباما إلى حد القول في حديث مطول سابق الذكر, أن أكبر الأخطار التي تواجهها الدول الخليجية لن تأتي من إيران, بل من عدم رضا من داخل هذهِ الدول([32]). واستمراراً في مواقف أوباما التي لا يشارك فيها دول الخليج العربي رؤيتها حول حجمالتهديدات الإيرانية, فهو يدعو السعوديين إلى أن: (يتقاسمواالشرق الأوسط مع الأعداء الإيرانيين, وأن التنافس بين السعوديين والإيرانيين الذي غذى الحروب بالوكالة والفوضى في سوريا والعراق واليمن, يتطلب منا أن نقول لأصدقائنا (يقصد السعوديين) وللإيرانيين إنهم في حاجة إلى أن يتوصلوا إلى وسيلة وطرق فعالة لتقاسم الجوار وإقامة شكل من أشكال السلام البارد, واستطرد قائلاً: أن نقول لأصدقائنا فقط إنك على حق في أن إيران مصدر كل المشكلات وأننا سندعمكم في التعامل مع إيران, فسوف يعني بالضرورة أن هذهِ الصراعات الطائفية ستستمر في التصاعد)([33]), وكذلك تحجيم دورها في المنطقة وزيادة المقاومة للثورة السورية.
وحديث أوباما على هذا النحو يعني وضع السعودية وإيران على قدم المساواة في تحمل مسؤولية تدهور الوضع في المنطقة, وذلك- في تقديرنا- يشكل انحيازاً لإيران بقدر ما فيه من اتهام باطل للسعودية, لاسيما في ما ورد بتلميحات لأوباما عما أسماه بـ (الإرهاب السني) هو مصدر التوترات والإرهاب المضاد للولايات المتحدة, كما لو أن إيران لا تمارس إرهاباً شيعياً)([34]), ألا يناقض ذلك قوله سابقاً إن إيران تعتبر من أكبر الدول الراعية للإرهاب([35]). وأنها ظلت مدرجة بشكل دائم في تقارير وزارة الخارجية الأمريكية السنوية حول الإرهاب, وقد انتقد بعض الكتاب السعوديين دعوة أوباما إلى اقتسام إيران والسعودية منطقة الشرق الأوسط, بالقول إنه ليس من حقهما (صنع يالطا جديدة)([36]) ألا يدعو ذلك إلى زعزعة الثقة في الولايات المتحدة, ويبرر وصف سياستها الخارجية بالغموض المعتمد وأنها تحولت إلى حليف مبهم النوايا والمتراجع عن التزاماته([37]).
لم تكن سياسة أوباما مشابهة لسياسة الرؤساءالسابقون, كـ هاري ترومان(احتواء الاتحاد السوفيتي), ودوايتأيزنهاور(صد الشيوعية), وريتشارد نيكسون (سياسة الاندماج والوفاق),ومبدأ كارتر(الذي تتحمل بمقتضاه الولايات المتحدة المسؤولية كاملة في الدفاع عن المصالح الحيوية الأمريكية في منطقة الخليج وأنها ستقابل أي مساس بها بكل الوسائل بما فيها القوات المسلحة), وجورج دبليو بوش الابن (الحرب ضد الإرهاب والضرب الاستباقية), فما يسمى بـ (عقيدة أوباما) هو في الواقع عبارة عن الخطوط المحددة للسياسة الخارجية ضمن منظومة العقيدة الأوباميةوالتي تشكل المرجعية التي حكمت مواقفه تجاه القضايا الإقليمية في المنطقة العربية وغيرها, وهي تقترب مما يسمى بـ (السياسة الواقعية) والتراجع المرحلي عن مفهوم القيادة والريادة الذي فرضته الولايات المتحدة بقوة السلاح على مدى ستين عاماً. وأصبحت في عهد أوباما أقل تدخلية وأقل استشعاراً بمسؤوليات أمريكا الدولية كما تمثل تراجعاً في مستوى الاهتمام بمناطق وجغرافية الشرق الأوسط ونقل خطوط الاهتمام لمناطق أخرى (آسيا) للاعتقاد بأن عائدها السياسي والاقتصادي والأمني أعلى في منظور رؤية الإدارة الأمريكية, فأوباما يعتقد أن التمدد الزائد (Overextension) للولايات المتحدةفي الشرق الأوسط سيضر في النهاية بالمصالح الأمريكية.
وفي الواقع فإن أوباما يرغب في فض الاشتباك بمناطق الصراع الملتهبة, والمكلفة في المنطقة العربية. ففي خلال حديثه مع جيفري جولدبرجكشف أوباما عن تعب من أوضاع المنطقة وربما عن إهمال لها, فيما يبدو أنه يعتبرها حالة يائسة ويقول إنه يفضل شعوب آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية التي لا تسأل كيف نقتل أمريكيين بل كيف يكون تعليمنا أفضل وكيف نخلق شيئاً له قيمة.
في الواقع أنه يُحسب لأوباما لدروس الماضي وامتثاله لحقائقه, فقد كانت تجربة احتلال الولايات المتحدة تجربة غنية بالدروس المهمة عن استخدام القوة العسكرية لإجبار قوة إقليمية على الرضوخ لهيمنتها, فالتجربة العراقية أبرزت عاملين حددا بدايات فشل المشروع الأمريكي:
1.     عدم الإدراك بقدر كاف أن هناك سقفاً وحدوداً لاستخدام القوة.
2.     سوء فهم طبيعة شعوب المنطقة العربية وروح المقاومة لديها.
فالعراق بلد هزمته الولايات المتحدة ولكنه شعبه رفض الركوع أمامها وكان لمقاومته الفضل في إجبارها على الانسحاب. وكانت نتائج التجربة العراقية من أهم العوامل المؤثرة في حسم نتائج الانتخابات الرئاسيةلصالح أوباما والذي ركز في حملته الانتخابيةعلى ضرورةالانسحاب من العراق وأفغانستان([38]). ولعلنا نتذكر قوله عام 2011 إنه: (خلالالعقد الماضي كلفتنا الحرب ألف مليار دولار, في الوقت الذي كانت فيه ديوننا تتزايد والظروف الاقتصادية تصبح أكثر صعوبة لقد حان الوقت للتركيز على بناء أمتنا)([39]). فلقد جعلت هذهِ الديون من أمريكا عملاقاً يترنح تحت وطأة أعبائه([40]). فقد أنفقت الولايات المتحدة من المال أكثر مما أنفقتهعلى إعادة بناء خطة مارشال بعد الحرب العالمية الثانية, لكنها فشلت في تثبيت أي نوع من النظام هناك, كما أن الحرب واحتلال العراق والتدخل في ليبيا لم تؤد إلى نتائج أفضل. هذهِ الاخفاقات المتتالية أقنعت أوباما أخيراً بحدود القوة الأمريكية.
ويعتقد البعض أن أوباما كان لديه اعتقاد شخصي, والتزام ايديولوجي للفكرة القائلة بأن السياسة الخارجية تستهلك جانباً كبيراً من اهتمام وموازنة الأمة, وأن القوى العالمية الكبرى تميل للتمدد الزائد, وكان أوباما مقتنعاً بأن القول بالتدخل في أي منطقة كلما حدثت مشكلة وإرسال جنودنا لضبط الأمور ليس بالفكرة الذكية([41]).
والمتابع للسياسة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط وسوريالمدة ستين عاماً يشعر بمسؤولية الولايات المتحدة عما وصل إليه النظام الإقليمي الخليجيوالأزمة الخليجيةمن حالة دائمة من الصراعات والأزمات والحروب. لقد أدخلت الولايات المتحدة هذا النظام الاقليمي الغني بنفطه وثرواته المالية من صراع إلى آخر ومن أزمة إلى أخرى ومن حرب إلى أخرى, لا ينتهي صراع إلا بصراع أكثر جدة, ولا تنتهي أزمة إلا لتخلق أزمة أكثر دماراً وعنفاً. ولم يكن النظام الاقليمي الخليجييعاني في أي وقت من الأوقات بهذا القدر من التوتر والتأزم بحيث أصبح من الممكن القول إن التوترات والصراعات هي القاعدة السائدة, في حين أن الأمن والاستقرار هما الاستثناء بالنسبة إلى هذا النظام الاقليمي([42]).
وختاماً فإنه إذا كان لأوباما من فضل فلعل ذلك يتركز في كشفه القناع عن سياسة الخداع التي اتبعتها الولايات المتحدة مع مختلف الأطراف العربية طوال العقود الماضية. وقد حان الوقت كي تدير الدول العربية علاقاتها الدولية باستقلالية وندية وبما يحقق المصالح العربية([43]), وأن استراتيجية امريكا إلى توجيه دول مجلس التعاون الخليجي لدعم المقاومة السورية, وإيقاف الدعم الايراني أو تقليصه باتجاه الأزمة السورية, عن طريقالدعم اللوجستي للمقاومة, أو الدعم المادي للنازحين السوريين وتأمين إيوائهم وتأمين المعسكرات لإسكانهم وبما يحقق المصالح الغربية.

المبحث الثاني

سياسة  الأسد والموقف الغربي والأمريكي منها

المطلب الأول

الموقف من الثورة السورية

إن الصراع الدائر بين الحكومة السورية والقوى التكفيرية والعصابات المسلّحة الإجرامية التي أتت إلى سوريا من جميع أصقاع العالم:

1.     للسيطرة على الحكم.

2.     تطبيق أجندات خارجية.

فهذهِ الأسباب الرئيسية للصراع الدائر بين الجيش الحر والنظام السوري.وإن موسكو منذ بداية الأزمةالسورية وقفت بشكل واضح وصريح مع النظام السوري الذي يمثل حليفاًاستراتيجياً لروسيا في المنطقة في مواجهة المعارضة المسلحة المتمثلة فيالجيش السوري الحر الذي قدمت له الولايات المتحدة وحلفاؤها دعماً عسكرياً عبر إعلان المسئولين الأمريكيين عن تسليح المعارضة في مواجهة قوات النظام([44])،وسياسياً من خلال إدانة النظام السوري، والمطالبة باتخاذ خطوات قمعية ضدهفيمختلف المنابر الدولية والعالمية، والمطالبة المستمرة بالرحيل الفوريلبشار الأسد.ومن أسباب مساندة الموقف الروسي الداعم لنظام بشار الأسد:

1.  خوفها من فقدانها موطئ القدم الوحيد لها في المنطقة، وهو قاعدة طرطوس المطلةعلى البحر المتوسط، وهي المنطقة التي تسيطر عليها الولايات المتحدة بشكلكامل.
2.  الحيلولة دون فقدانها سوقاً رائجة لمعدات التسليح الروسية([45])،وهو البعد الذي ركز عليه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في استعادة روسيالمكانتها الدولية.
3.  رفض موسكو الدائم للموقف الأمريكي الداعم لنموتيارات الإسلام السياسي في المنطقة، لكونها قد تمتد مخاطرها إلىأراضيها([46]).وهذا الخلاف الروسي-الأمريكي كانت أبرز تجلياته اعتراض روسيابجوار الصين على أربعة قرارات لمجلس الأمن الدولي كانت تستهدف فرض عقوباتعلى النظام السوري، وهو ما يحول دون إمكانية فرض عقوبات أممية على سوريا فيالمستقبل.
4.  التباين والاختلاف في الرؤيتين الأمريكية والروسية قد أدخل العلاقاتبينهما في مرحلة تشنج أي شد وضغط  ملفتة, ساهمت في عدم قدرتهما على التوصل لاتفاق موحدبشأن موعد مؤتمر جنيف (2) المقرر عقده للتوصل إلى حل سياسي ودبلوماسي للأزمةالسورية الطاحنة.فقد انعكس ذلك بقوة في 9 أغسطس بعد اللقاء الذي عقد بينوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره الأمريكي جون كيري في إطاراجتماعات مجموعة (2+2) التي لم تسفر عن اتفاق حول ميعاد المؤتمر، والاكتفاءفقط بالإعلان عن أنه سيًعقد في أقرب فرصة، في إشارة واضحة إلى استمرار وجودنقاط تباين جوهرية حول شكل وطبيعة التسوية المزمع طرحها على طاولةالمفاوضات في المؤتمر([47]).
5.  إن سعي روسيا إلى زيادة نفوذها في منطقة الشرق الأوسط باعتبارها منطقة حيوية للغاية، لا يخدم مصالحها هي فقط، بل يصب أيضاً في صالح الحليف الأكبر لروسيا (الصين)، التي باتت اليوم أكبر مصدّر للسلع والبضائع إلى دول مجلس التعاون الخليجي، متفوقة بذلك على الولايات المتحدة. وترى الصين أن زيادة النفوذ الروسي في منطقة الشرق الأوسط أفضل بكثير من وجود النفوذ الأمريكي المنافس، خصوصاً أن الولايات المتحدة سعت كثيراً إلى إبعاد الصين عن هذهِ المنطقة الحيوية خلال السنوات الماضية([48]).
وهناك أسباب دعت الطرفين الروسي والأمريكي إلى الاحتكام للمفاوضات, ومنها([49]):
1.  الطبيعة الاستراتيجية لمجالات التعاون بين الطرفين,فضلاً عن وجود مجالات تعاونيةلا يستطيع أي طرف الاستغناء فيها عن الآخر، خصوصاً نزع الأسلحة النووية،والحيلولة دون انتشار سباق للتسلح، ومواجهة الإرهاب([50]).
2.     التهديدات الأمنية لروسيا الناجمة عن منظومة الدرعالصاروخي.
3.  التوافق الانتقائي، الذي يتمثل في توطيد وتعزيز المصالحالمشتركة بين موسكو وواشنطن في القضايا الكبرى ذات الطابع العالمي، خاصةًمكافحة الإرهاب، وخفض التسلح, ذلك في الوقت الذي تستمر فيه المناوشات منحين لآخر في قضايا أخرى مثل حقوق الإنسان، وتوسيع مناطق النفوذ والتنافس ألاستخباراتي, ولعل هذا المسار هو الأكثر ترجيحاً وخاصةً بعد إعلان البيتالأبيض عن استعداد الرئيس الأمريكي باراك أوباما لحضور قمة مجموعة الـ(20) المزمع عقدها في سان بطرسبرج يومي (5و6) سبتمبر القادم. وهو ما يعني حرصالولايات المتحدة على التوافق مع روسيا بشأن القضايا الاستراتيجية المشتركة([51]).
في الوقت نفسه تلوح بوادر تحرك أمريكي عسكري لتوجيه ضربات محددة ومختارة إلىسوريا، حيث تعكف وزارة الدفاع الأمريكية على التحضيرات الأساسية لتوجيهضربة بصواريخ (كروز) من البحر للجيش السوري،إلى جانب إن البحرية الأمريكيةستزيد من وجودها في البحر المتوسط.
الجدير بالذكر أن استخدام السلاحالكيماوي في الغوطة الشرقية لدمشق، أعطى مبرراً قوياً لواشنطن للتدخلالعسكري، بعدما راحت إدارة أوباما تتردد علناً في الانجرار إلى مثل هذاالتدخل منذ ما يُقارب العامين وأكثر وذلك منذ اندلاع الثورة في سوريابطابعها السلمي في مرحلتها الأولى، وانتقال هذا الطابع إلى آخر أفضى إلى (عسكرة) الثورة في مرحلة تالية، بفعل عوامل محلية وإقليمية ودولية.
منالطبيعي أن العسكريين الأمريكيين، وهذا ديدنهم إن لم نقل هذهِ مهنتهم،يتبارون في إظهار الاستعدادات المطلوبة لهذا التدخل بإيحاءات خاصة وليستعمومية، بيد إن الرئيس باراك أوبامايبدو متردداً ولم يتخذ قراراً بعد بشأنتوجيه الضربة المحتملة، خصوصاً بعد اهتزاز التحالف الغربي الذي كان يسعىإليه بعد خروج بريطانيا منه, لذا، فإن احتمالات هذا التدخل الأمريكيالعسكري تظل مرهونة بركيزتين أساسيتين، هما:الأولى, سياسية, والأخرى, عسكرية، وفي كلتيهما يظل حسبان قوة رد الفعل العسكرية من سوريا أو حتى منحلفائها على أي تدخل عسكري أمريكي، مهما كان نوعه وحجمه.
أمّا إذا كانت الحكومة العراقية تتحرك أكثر باتجاهإيران، فإن هذا التحرك له أسبابه فبعيداً عن السلالة الشيعية المشتركة، من المتوقع أن تخسر الحكومة العراقيةالكثير في حال سقوط الأسد أو سقوط سوريا, ومن الأرجح أن تُمثل سورياالمحكومة من قبل السنة أو الدولة الخاضعة لسيطرة السُنة في الأجزاءالمركزية والشرقية من البلاد تحدياً خطيراً للاستقرار الإقليمي للعراقالحديث,فطالما كانت منطقة الأنبار في غرب العراق صعبة المراس وعصية علىالحكم، وهو ما أدركته قوات التحالف, ولاشك أن السُنة في الجزء الغربي منالعراق سيرتاحون أكثر في التعامل مع الحكومة السُنيّة في حلب عن التعاطي معحكومة شيعية في بغداد, وقد يدفع ذلك بالفعل الحكومة العراقية الناشئةباتجاه استرضاء كل من إيران وجمهورها الشيعي, وفي هذهِ الحالة تتلاقىالشعبية الطائفية مع السياسات الجغرافية, ومع ذلك، لم نأتِ على ذكر أغربالشركاء ألا وهما الولايات المتحدة الأمريكية وإيران, لأن واشنطن وطهرانهما شركاء الصراع, فإذا سقط نظام الأسد وحلّت محله حكومة سُنيّة، أو إذاانهارت سوريا بالكامل؛ سيتعرّض الشيعة العلوية للخطر, فكلما طال الصراع،كان من الأرجح أن يسعى الطرف المنتصر إلى الانتقام من الطرف الخاسر, وإذاسقط نظام الأسد، وهو ما تبغاه الولايات المتحدة الأمريكية منذ زمن طويل،ووصول السُنة إلى سُدة الحكم؛ فسيكون من مصلحة واشنطن وطهران حماية الطائفةالعلوية من القتل. ونادراً ما توضع البلدان في موقف يتطلب حماية مصالحمشتركة بينهما، لكن هذا الموقف السوري يمكن أن يدفعهما لذلك([52]).
حيث توحيالأحداث التي جرت على مدار الشهر الماضي في سوريا والإقليم بأسره بأن كلالمفارقات ستقدم شيئاً جديداً وتطمس قديماً, وبدلاً من توقع الأفضلوالتخطيط للأسوأ، يجب بل يتعين على صُنّاع السياسة التركيز على الانخراط فيمنطقة تحكمها بشكل متزايد الأجندات الشعبية والمصالح الطائفية، مقارنةبالأنظمة السياسية الديمقراطية أو المطلقة أو العلمانية أو الدينية([53]).

دور حزب الله ودعمه للموقف السوري

أن أخطر استقطاب طائفي على الإطلاق في سوريا حدث في 25 مايو،عندما تعهّد حسن نصر الله-زعيم حزب الله- بدعم بشار الأسد. على الرغم منأن ذلك التصريح لم يكن مفاجأة في ظل الدليل القولي على أن مقاتلين لبنانيينوآخرين من حزب الله يتسللون إلى سوريا، فقد كان أول تصريح عام بالدعملبشار الأسد([54]).
هذا التصريح أحدث موجة من الاستعراض الطائفي. ولم يتوانَ يوسفالقرضاوي ففي الثاني من يونيو 2013، دعا القرضاوي للجهاد في سوريا، مؤكداً أنه فرض عين على كل مسلم، وذلك في جمع من الناس في الدوحة. واتهمالقرضاوي إيران بإرسال مقاتلين لدعم نظام الأسد. وانقلب موقف القرضاويرأساً على عقب من حزب الله حيث دَرَجَ تاريخياً على دعمه لذلك التنظيم. وبلغ به الأمر أن أطلق على حزب الله (حزب الشيطان).وتصاعدت نبرة الحربالكلامية التي انحصرت في عدد من كبار المشايخ بقدر أكبر؛ حيث أدلى مفتيالسعودية بدلوه في6 يونيو. ولم يدعُ الشيخ عبد العزيز آل الشيخ للجهاد فيسوريا، لكنه أعلن عن دعمه للشيخ القرضاوي. وإذ أعلن عن اتفاقه الصريح معموقف القرضاوي بشأن حزب الله، فقد وصف الشيخ عبد العزيز حزب الله بـالحزب (الكريه الطائفي)، ودعا رجال الدين المسلمين إلى اتخاذ موقف مناوئ لحزبالله. ولعل موقف المؤسسة الدينية السعودية سيكون محورياً مع مرورالوقت.وبينما يُنحي حسن نصر الله باللائمة على السعودية لوجود مقاتلينأجانب من السُنة في سوريا، فهو يرى أن حزب الله يدافع عن الشيعة ضدالمتطرفين،لذلك استمر العنف الطائفي في التصاعد في المنطقة بأسرها. وقُتلأكثر من ألفي شخص في العراق منذ شهر أبريل الماضي([55]), وقتلت المليشياتالسُنيّة في مدينة صيدا اللبنانية الساحلية عشرين من أعضاء القواتاللبنانية المسلّحة في 24 يونيو. وجاء هذا الهجوم بعد أسابيع قليلة من إجازةالجهادي الكبير أبو منذر الشنقيطي الهجوم على حزب الله في لبنان، حتى ولوترتب على ذلك سقوط قتلى مدنيين. وكتب ما مفاده أن الوقت قد آن لشن حربطائفية شاملة.
كل هذا وأكثر يحدث مع تصاعد الحديث عن استخدام الرئيس السوري (بشار الأسد) للسلاح الكيماوي ضد المدنيين العزل، بدأت الدول الغربية، في مقدمتهاالولايات المتحدة، بحث خيارات التدخل العسكري في سوريا، وما يصاحب ذلك مناحتمال استهداف بشار إسرائيل، وتدخل إيران وروسيا بشكل مباشر، وهو الأمرالذي يثير جملة من التساؤلات من قبيل: هل سيدخل النظام والمعارضة السوريةفي مفاوضات في اللحظة الأخيرة؟ هل الحرب ستكون شاملة على سوريا، أم مجردضربات من على بعد وفقط؟ وهل ستشهد الجبهة مع إسرائيل صراعاً ساخناً؟
بعدقرار مجلس الوزراء المصغر في إسرائيل القاضي باستدعاء بعض وحدات الاحتياطالحيوية، وتحريك بطاريات لإسقاط الصواريخ نحو الشمال، ومرور ثلاثة أيامكاملة تشهد فيها المدن الإسرائيلية طوابير تمتد لخمس ساعات أو أكثر،وسرقات، ومشاحنات أمام مراكز توزيع معدات الوقاية من هجمات كيماويةمحتملة([56]). إن كل شيء بات معداً للحرب على سوريا، مشيراً إلى أن القواتالأمريكية انطلقت، وبشار يهدد، وأوبامايهيئ الرأي العام بنشر تقرير يؤكدحدوث هجمات كيميائية على الرغم من أن الحقيقة عكس ذلك تماماً،وهو ما يؤثر ويصدم بالفعل الرأي العام الأمريكي والعالمي.وهذا ما يبرركون الولايات المتحدة وإسرائيل تخشيان من مغبة وصول السلاح الكيماويالموجود في سوريا لأيدي منظمات إرهابية أو دول أخرى([57])

موقف حركة حماس

إن حركة حماسلعبت دوراً كبيراً على الساحة العربية والمتمثلة في مساندتها للإخوان المسلمين سواء في مصر أو سوريا وبالرغم من علاقاتها مع الحكومة السورية إلا أنها عارضت النظام السوري ودعمت الجيش الحر ضد النظام الحاكم مما انعكس سلباً على حركة حماس في سوريا, ومن الملاحظ أن هذا التأييد جاء إرضاء لأجندات خارجية تدعمها من الخارج وفكر وايدلوجية مشتركة تجمعها معهم([58]).

الأوضاع الجيوبوليتيكية في الشرق الأوسط

أما على صعيد آخر الأوضاعالجيوبوليتيكية والاستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط مريحة للغاية ومهيأةلنجاح تلك العملية الأمريكية نحو سوريا. فبشار وجيشه في حالة ضعف وإنهاك، كما أنإيران، الحليف الأكبر لسوريا، تمر بوضع اقتصادي صعب للغاية، وحزب الله فيأضعف حالاته، ووضعه آخذ في التدهور.أمّا الموقف الروسي، فيفصح عن تطلعروسيا للسيطرة على أوروبا كلها، والمعركة على سوريا جزء من الحرب الباردةبين بوتين وأوباما. ويؤكد صحة هذا الرأي التصريحات النارية التي أطلقه (الكسندر دوجين) المقرب للغاية من الرئيس بوتين، حيث قال إن: (أوروبا لاتمنحنا من التكنولوجيا المتقدمة سوى الفتات، وكأن روسيا كلب تلقى له أوروبابين الحين والآخر بـ(عظمة), وإذا قمنا باحتلال أوروبا، واستعادة روسياالقيصرية، فسنحصل على التكنولوجيا بالكامل، خاصةً أن الاتحاد الأوروبييتفكك).

المطلب الثاني

الهيمنة العسكرية لأمريكا والدور الذي تلعبه في المنطقة العربيةلتحقيق أطماعها

من الملاحظأن النشاط الدبلوماسي والعسكري الأمريكي في الأيام الأخيرةقد يكون مجرد وسيلة للضغط على الرئيس السوري بشار الأسد، من دون أن يتخذطريقه إلى التنفيذ على الأرض، بينما الرد السوري على هذهِالأنباء والتسريبات، جاء على لسان وزير الإعلام السوري عمران الزعبي، بقوله أن:(أيتدخل عسكري على أراضيها قد يكون بمثابة كتلة النار التي تحرق الشرقالأوسط)،كما قال الوزير السوري([59])،إن (التدخل العسكري في سوريا لن يكوننزهة)، وهو ذاته ما ذهبت إليه إيران على لسان مسعود جزائري، نائب رئيسأركان القوات المسلحة، الذي أشار إلى أن (أمريكا تعلم حد الخط الأحمرللجبهة السورية وأي تجاوز للخط الأحمر السوري ستكون له عواقب وخيمة)، فإن التدخل العسكري الأمريكي إذا ما حصل، فلن يمر من القنواتالدبلوماسية الأممية، وتحديداً من مجلس الأمن، لأن روسيا والصين ستكونان لهبالمرصاد عبر استخدام حق النقض (الفيتو)، خصوصاً أن وزارة الخارجيةالروسية قالت في بيان لها في هذا الصدد (نحن نحض الذين يسعون من خلال فرضنتائجهم على خبراء الأمم المتحدة، إلى شن عملية عسكرية محتملة في سوريا، أنيفكروا بشكل منطقي حتى لا يرتكبوا خطأً مأساوياً، لذلك فإن واشنطن ستعمدإلى تنفيذ خيارها هذا من خارج هذهِ القنوات إذا ما أرادت، وكما فعلت فيالسابق، وأن مثل هذا التدخل سيكون محدوداً، كونه سيطول أهدافاً منتقاة،ستتضمن المستودعات والمنصات التي تستخدم لإطلاق الأسلحة الكيماوية)([60]).
إن التدخل العسكري الأمريكي إذا ما حصل على النحوالسالف الذكر، فهو لن يؤدي إلى (إحراق الشرق الأوسط) كما قال وزير الإعلامالسوري لعدة أسباب:
1.  إن (إسرائيل) قامت من قبل بتوجيه ضربات من خلال الطائراتوالصواريخ على أهداف في دمشق واللاذقية، ولم تحرّك دمشق ساكناً حتى هذاالوقت،وكذلك كان موقف حلفائها المفترضين، علماً أن تل أبيب هي الأقربجغرافياً إلى دمشق من واشنطن([61]).
2.     لا يختلف اثنان أن الولايات المتحدة تكرر حرفياً ما فعلته في العراق في 2003وفي ليبيا 2011.
فإن الولاياتالمتحدة تتحدث عن نياتها بتوجيه ضربة لسوريا قبل أن يصدر تقرير المفتشين الدوليين بشأن استخدام السلاح الكيماوي في منطقة الغوطة الشرقية في دمشق،وقد يصدر بحق النظام السوري فتستند إليه كذريعة سابقة لتبرير التدخل لتصبحالولايات المتحدة مجرد قوة تشيع الفوضى في العلاقات الدولية.
وثمة وجهآخر للشبه بين الحالات الثلاث وهو أن النظام العربي يبدو في حالة المفعولبه، ولذلك فإن الديمقراطية التي تجعل الشعوب العربية تلتف حول نظمها ولايصل بها الأمر إلى تأييد غزو أو تدخل خارجي، وإصلاح النظام العربي، هماسبيل الخلاص من هذا التدخل المتكرر في الشؤون العربية.

العواقب المترتبة على احتفاظ الأسد بالحكمأو سقوطه

1.     عواقب احتفاظه بالحكم
‌أ.       سقوط منظومة حكم الإخوان في العالم العربي.
‌ب.  الاستقرار في المنطقة لكنهاستقرار سيحصد في طريقه ضحايا كثر, وسيسدد أيضاً ضربة قوية لسمعة الغرب.
2.     أما إذا سقط النظام السوري
‌أ.       تحل محله سلطة علمانية، ولو أن ذلكالسيناريو تقل أرجحيته تدريجياً.
‌ب. الطبيعة الطائفية للصراع تخدمالمتطرفين الدينيين الذين يقومون بمهمة خبيثة من حيث تقديم الخدماتالاجتماعية خلال الصراع المحتدموصعودهم إلى سُدة الحكم من الأرجح أنتنحرف بالأحداث إلى منعطف خطير بالنسبة للعلويين، وربما يقدم ملاذاً آمناًللسلفيين الجهاديين للتدريب وشن الهجمات([62]).
3.  انهيار سوريا، وتنقسم بين العرقيات المختلفةوبذلك يحتفظ العلويين بمنطقتهم الشيعيةعلى طول الساحل، والتي سيؤمّنها لهم إما ترسانة الأسلحة غير التقليديةالخاصة بنظام الأسد أو شريك دولي كإيران([63]).
أما الأكراد فسيسعون إلى تأسيسمنطقة شمال شرق البلاد، بينما سينصب تركيز الدروز على الجنوب الغربي وسيبسط السُنة سيطرتهم على المنطقة المركزية.
وبغض النظر عنالتبعات المرتقبة، فإن الحرب في سوريا بدأت بالفعل في إحداث شقجغرافي-سياسي شديد في المنطقة، وتقف إيران، القوة الشيعيةالعظمى في المنطقة، موقف المتفرج، بينما تنهار سوريا حليفها الصنديد منخارطة التأثير في المنطقة وبينما ينذوي نجم التحالف الثلاثي المكون من إيران وسورياوحزب الله، ستبحث إيران بطبيعة الحال عن شركاء جدد ليحلوا محل سوريا, ومنقبيل المصادفة أن ثمة حكومة شيعية إلى جوار إيران, فالتأثير الإيراني فيالحكومة العراقية الناشئة موثّق بالفعل، ويوحي الدليل القولي بأن شيعةالعراق يقاتلون بالفعل في سوريا, وربما أن الحكومة العراقية تعمل عن كثبمع الإيرانيين بالفعل([64]).

المطلب الثالث

موقف الرأي العام من الاستراتيجية الأمريكية

المعركة ضد سوريا ساعدت على اهتزاز الصورة الأمريكية بشدة أمام الرأي العامالعالمي، بعد فضح معاييرها المزدوجة، وانحيازها للمصالح وليس للقيموالأخلاق بشكل فج لا يمكن تفسيره([65]).
1.  تساند الولاياتالمتحدة الإخوان المسلمين في كل أرجاء العالم، على الرغم من ارتباطهمبأعمال القتل وثقافتهم التي تنتمي للعصر الحجري, علاوة على أن الولاياتالمتحدة انتفضت لنصر الديمقراطية في مصر، وعارضت العنف ضد المتظاهرين.
2.  وقوفها ساكنة أمام سحق إيران للمتظاهرين المنادين بالديمقراطية فيإيران منذ عامين فقط، ولم تحتج أمريكا على قمع الصحافة في تركيا([66]).
لذلكيجب على الإدارة الأمريكية الوقوف في محطات رئيسة مستقبلياً ومراعاتها فيخططها المستقبلية، حيث يجب قبل شن أي هجوم عسكري أن يُحدد أولاً ما هوالإنجاز المطلوب؟ ويجب بعد ذلك التحقق من أن الجيش يملك معلومات كاملة عنمكان الأهداف وتحصينها، واستعدادات (الجيش السوري)، مع مراعاة احتمالاتالنجاح مقابل الأخطار، كما أن الإنجاز المطلوب هو الأهم([67]).
لذلك إذا استقررأي أوباما على أن يهاجم سوريا، فسيضطر إلى أن يحسم الاختيار بين خياراترئيسة وهي:
1.     القضاء على نظام الأسد.
2.  التوصل إلى هزيمته المطلقة، أو توجيهضربة قوية لمخزونات السلاح الكيميائي لعقاب الأسد وردعه، وردع نظم حكم أخرىأيضاً، حتى لا تستخدم هي أيضاً سلاح الإبادة الجماعية، أو الاكتفاء بردمحدود لإرضاء الساسة والرأي العام، أي عملية للاستهلاك المحلي؛ لأن القضاءعلى نظام الأسد يوجب وجوداً عسكرياً على الأرض، إلى أن تنشأ حكومةجديدة.
3.  هناك احتمال كبير لانتقال المواجهة العسكرية إلى داخل إسرائيل،وإلى داخل دول مجاورة أخرى، وأن تزداد حدة المواجهة مع روسيا، والصين،وإيران وهى دول لها وزنها وثقلها في المنطقة([68]).
4.  إن كل صناعة النفط في الخليج تقع في مرمى الصواريخ الإيرانية، ناهيك عن تهديد طهران، وتدربها على إغلاق مضيق هرمز، لكن إيرانليست دولة انتحارية، وحكامها يعرفون أنهم إذا بدأوا بأعمال عدائية فيالخليج، فقد يتحملون كل إحباطات الولايات المتحدة لفشلها في منع برنامجهمالنووي العسكري، ولهذا فثمة احتمال منخفض في أن يقوموا بأعمال عسكرية فيمنطقة الخليج([69]).
5.  لاشك أن حسابات الولايات المتحدة ستكون مجدداً خاطئة، وستغرق في مستنقع جديدمن الخسائر والجرائم والكراهيةلأن هناك اتجاه في إسرائيل للتقليل مناحتمالية وقوع حرب عالمية ثالثة بسبب الموقف الأمريكي من سوريا، بجانباستبعاد توجيه بشار الأسد لصواريخه لقلب إسرائيل، علاوة على استبعاد تدخلإيران لصالح سوريا بشكل مباشر، سواء في الخليج، أو ضد إسرائيل.كما يمكنبالمتابعة المباشرة لأطراف الصراع في سوريا إدراك أنه لا توجد معارضة وطنيةأو شخصيات داخل النظام يمكن أن تبادر في اللحظة الأخيرة لإحباط العدوانالغربي، واستبداله بمفاوضات جادة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من أرضية مشتركة،وتقليل للخسائر([70]).

المطلب الرابع

تطورات الموقف الأميركي من الثورة السوريّة

وحدة تحليل السياسات

هي الوحدة المكلفة في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بدراسة القضايا الراهنة في المنطقة العربية وتحليلها. تقوم الوحدة بإصدار منشورات تلتزم معايير علميةً رصينةً ضمن ثلاث سلسلات هي؛ تقدير موقف، وتحليل سياسات، وتقييم حالة. تهدف الوحدة إلى إنجاز تحليلات تلبي حاجة القراء من أكاديميين، وصنّاع قرار، ومن الجمهور العامّ في البلاد العربية وغيرها. يساهم في رفد الإنتاج العلمي لهذهِ الوحدة باحثون متخصصون من داخل المركز العربي وخارجه، وفقاً للقضية المطروحة للنقاش([71]).
مع تعيين عضو مجلس الشيوخ الأميركي جون كيري وزيراً للخارجيّة خلفاً لهيلاري كلينتون، تحاول إدارة الرئيس باراك أوباما إعطاء الانطباع بأنّ لديها مقاربة جديدة لحلّ (الأزمة السوريّة)، وذلك بعد اقتراب عمر الثورة في سوريا من السنتين. فما هي هذهِ المقاربة؟ وهل هناك جديد في الموقف الأميركي الذي يبدو أنّه توقف زمنياً عند نقطة مطالبة الرئيس السوري بشار الأسد بالتنحي عن السلطة في آب/أغسطس 2011، وتحذيره من استخدام السلاح الكيماوي؟ وهل يحمل كيري في زيارته إلى المنطقة أفكاراً جديدة؟ وهل تدخل مهمّته ضمن سياسة التظاهر بأنّ الإدارة الأميركية تفعل شيئاً أو تريد أن تفعل شيئاً لوقف نزيف الدم السوري من دون أن تسعفها الظروف والأدوات وتعقيدات المشهد المحلي والإقليمي والدولي؟ وإذا كانت هناك أفكار جديدة بالفعل، كما يزعم كيري عندما صرح مراراً بأنّه يريد أن يدفع بشار الأسد إلى تغيير حساباته، فهل تدخل هذهِ الأفكار ضمن اتجاه أميركي للتصعيد مع النظام أم هي ارتكاسة نحو تبني الموقف الروسي في التعامل مع الأزمة؟
في أول شهرين من عمر الثورة السوريّة؛ أي في الفترة الممتدة بين 15 آذار/ مارس ومنتصف أيار/ مايو 2011، راهنت الولايات المتحدة الأميركية على قيام النظام بإجراء إصلاحات تلبي مطالب المحتجين؛ لذلك ظلت التصريحات الأميركية مقتصرة- آنذاك- على الدعوة إلى وقف العنف وتلبية مطالبهم. وبعد ذلك، انتقلت إدارة الرئيس أوباما إلى ممارسة ضغوط على النظام السوري، تمثلت بفرض حزمة من العقوبات المالية والاقتصادية في 18 أيار/ مايو 2011 شملت الرئيس بشار الأسد وعدداً من المسؤولين السياسيين والأمنيين في نظامه([72])؛ وهي عقوبات فردية ذات قيمة معنوية، ولكنّها لم تعن الكثير بالنسبة إلى النظام. لقد فرضت هذهِ العقوبات بعد أن قام النظام بزج الجيش مباشرة في عمليات عسكرية ضد الحركة الاحتجاجية واقتحامه المدن والبلدات والقرى المنتفضة.
بيد أنّ التمسّك بموقف يقتضي عدم الذهاب أبعد من فرض العقوبات في التعاطي مع الأزمة السوريّة، ومع محدودية فاعليّة أدوات الضغط المتاحة على النظام السوري، فقد دفع ذلك الولايات المتحدة إلى الاعتماد على تركيا التي تمتلك أدوات من شأنها التأثير في النظام والمعارضة في آن معاً. وعلى الرغم من أنّ الرئيس الأميركي اعتبر- خلال مقابلة تلفزيونية مع شبكة سي بي إس في 12 تموز/ يوليو 2011- أنّ بشار الأسد (فقد شرعيته لعجزه عن إنجاز التحول الديمقراطي)، فإنّه لم يدعه إلى التنحي عن الحكم([73]). ولم يقدم أوباما على ذلك الموقف إلا في 18 آب/ أغسطس 2011([74])عندما تبيّن فشل مساعي وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو في إقناع الرئيس الأسد بإيقاف الحل الأمني خلال زيارة قام بها إلى دمشق في 9 آب/ أغسطس 2011([75])لكنّ الولايات المتحدة عادت وتبنّت موقفاً أكثر تحفّظاً من الثورة.
لقد كان موقف الولايات المتحدة من النظام السوري أقل حسماً حتى من موقفها من نظام حليف مثل نظام الرئيس المصري السابق حسني مبارك الذي دعاه أوباما إلى التنحي بعد عشرة أيام من اندلاع الثورة في مصر.
تبنّى الرئيس باراك أوباما منذ انتخابه في تشرين الثاني/ نوفمبر 2008 سياسة الانكفاء نحو الداخل، في قطيعة مع سياسة سلفه المرتكزة على التدخل العسكري المباشر؛ وذلك نتيجة لسياسة المحافظين الجدد الكارثية في العراق، وصعود شعبية مقاومة هذهِ السياسة عربياً، وعدم رضى المؤسسة الأميركية عن فشل هذهِ السياسات، وغضب الشعب الأميركي عليها. وقد أدت سياسة أوباما إلى تجديد الاعتماد على حلفاء إقليميين في مناطق مختلفة حول العالم للتعامل مع قضايا يمكن أن تشكل تهديداً للمصالح الأميركية أو لحلفائها([76]).
من جهة ثانية، أخذت إدارة أوباما تولي اهتماماً متزايداً بتصاعد النفوذ الصيني أمنياً وسياسياً واقتصادياً، مما وضع منطقة آسيا والمحيط الهادئ على رأس جدول أعمالها الخارجي. كما دفع التوجه نحو خفض الإنفاق العسكري إلى بعض الظواهر، مثل التركيز على تخطيط إنهاء الوجود العسكري في أفغانستان([77]). وقد مال حلفاء أميركا إلى تفسير سحب إحدى حاملتي طائراتها من الخليج العربي في شباط/ فبراير 2013 وكأنّه مؤشّر على تقلّص نسبي في أهمية منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط في الاستراتيجية الأميركية، وبخاصة مع الاكتشافات الهائلة من الغاز والنفط الحجري في الولايات المتحدة، إذ من المتوقع أن تصبح الولايات المتحدة أكبر منتج للغاز في العالم بحلول عام 2015، وأكبر منتج للنفط بحلول عام 2017. لكننا نميل إلى الاعتقاد بأنّ ما يظهر وكأنّه تناقص في اهتمام واشنطن بالمنطقة، ينحصر في أنّها لم تعد ترغب في خوض مواجهات عسكرية مباشرة فيها ما دامت مصالحها غير مهددة على نحو شامل([78]).
جاءت الثّورات العربية لتبين بوضوح حال الانكفاء الأميركي عن التدخل المباشر كنهج واستراتيجية، لكنّها، من جهة أخرى، فرضت على واشنطن إعادة النظر في سياستها الخارجيّة في الشرق الأوسط، والتي بدأت في عهد أوباما تتجه نحو الحفاظ على الوضع القائم Status Quo في الأنظمة العربية. فمنذ وصوله إلى البيت الأبيض، اتجه الرئيس أوباما إلى إعادة الاعتبار لتحالفات بلاده مع نظم الاستبداد العربية، بعد أن أدت محاولات سلفه في فرض التغيير إلى توريط الولايات المتحدة في مغامرات عسكرية عالية التكلفة من ناحية، وإلى خلق أجواء توتر مع بعض الأطراف العربية الحليفة من ناحية أخرى. لكنّ الثورات العربية التي فاجأت الأميركيين وغيرهم، قلبت الوضع القائم، ودفعت نحو إعادة النظر في هذهِ السياسة للتأقلم مع التغيرات الحتمية وليس تشجيعاً لحصولها. وفي الوقت الذي تخلت فيه الولايات المتحدة عن تبرير سياساتها التدخلية بتصدير الديمقراطية، أضحى لزاماً عليها أن تبرر موقفها من ثورات وطنية تقوم بها شعوب تواقة إلى الديمقراطية. وحالما حاولت أميركا التأقلم مع الوضع الجديد، تعرضت سياستها لنقد حلفاء خليجيين يحذّرون من تساهلها مع صعود الإسلاميين، ومن عواقب تخلّيها بسهولة عن حليفها مبارك، بسبب انعكاسات ذلك على حلفائها الآخرين. ومن أولئك من جعل مهمته إفشال التجارب الديمقراطية([79])
لم يخرج موقف الولايات المتحدة الأميركية من الثورة السوريّة عن هذا الإطار، فهي لم تكن راغبة في التغيير، لكنّها لم تعمد أيضاً إلى منعه، بل حاولت التأقلم معه في سياق استراتيجية لا تؤدي إلى جر واشنطن إلى تدخل عسكري مباشر، لكنّها، في الوقت نفسه، تمكنّها عبر أدوات مختلفة من التحكم بمسارات التغيير ونتائجه.
ومن هنا، تلاحظ وجود فجوة كبيرة بين نشاط وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون والاتصالات الحثيثة لسفيرها السابق في سوريا روبرت فورد مع المعارضة من جهة، ورفض البيت الأبيض تقديم أي شيء جدي لهذهِ المعارضة أو القيام برفع الحظر عن تزويدها بالسلاح من جهة أخرى. لقد حاولت واشنطن اختراق المعارضة السوريّة ووضع شروط سياسية عليها من دون أن تقدم أي شيء فعلي في المقابل، فهي لم تتحرر من نزعتها للبحث عن عملاء بدل التعامل بندّية مع الأطراف العربية.

الجمود الدبلوماسي الأميركي منذ اتفاق جنيف

توصلت مجموعة العمل حول سوريا في 30 حزيران/ يونيو 2012 إلى اتفاق جنيف، والذي يتألف من ست نقاط لحل الأزمة السوريّة، لكن تنفيذ الاتفاق تعثر بسبب اختلاف التفسيرات حول مستقبل الرئيس الأسد في المرحلة الانتقالية؛ ففي حين أصرت روسيا على أنّ الاتفاق لا يشير إلى رحيل الأسد كنقطة انطلاق للتنفيذ، تمسكت واشنطن بموقفها الداعي إلى أنّ الأسد لا يمكن أن يكون جزءاً من أي مرحلة انتقالية. منذ ذلك الوقت، طرأت تغييرات على الموقف الأمريكي، فهو لم يعد يشير إلى وضع بشار الأسد، حتى إنّ الرئيس أوباما في خطاب (حال الاتحاد) في 12 شباط/ فبراير 2013 لم يتطرق إلى هذهِ المسألة مطلقاً، بل اكتفى بالقول إنّه (سيواصل ضغوطه على النظام السوري وسيدعم قادة المعارضة)([80]).
ونحن لا نعتقد أنّ الطرفين الروسي والأميركي اكتشفا سوء الفهم بعد موافقتهما على نقاط جنيف، بل كانا يعلمان أنهما يوقّعان على نقاط عامّة، لا اتفاق على أيّ تفسير لها.
وكان رفض البيت الأبيض توصيات وزاراتي الخارجية والدفاع وكذلك الاستخبارات بتسليح مقاتلي المعارضة السوريّة وتدريبهم، دليل آخر على رفض أوباما ترجيح كفة المعارضة السوريّة بما يؤدي إلى حسم الصراع عسكرياً([81]).

المطلب الخامس

تراجع الموقف الأمريكي تجاه الأزمة السورية

ويمكن تحديد جملة عوامل ساهمت في تراجع الموقف الأميركي وزادت من تحفظه عن دعم الثورة السورية، وهي تشكّل في مجملها مؤشّرات على السياسة التي سوف تعتمدها الإدارة الأمريكية:
1.  تخوّف واشنطن من التوجهات السياسية والأيديولوجية لجزء من المجموعات المسلحة المعارضة للنظام السوري؛ إذ لا ترغب إدارة أوباما بدعم هذهِ المجموعات بالسلاح بما يؤدي إلى حسم المعركة لصالحها. وغالباً ما يعمد المسؤولون الأميركيون إلى استذكار تجربتهم في أفغانستان عندما سلّحوا جماعات المجاهدين لطرد القوات السوفيتية، ثم اتخذوا بعد ذلك أميركا نفسها هدفاً لهجماتهم. وقد تعمّقت هذهِ المخاوف بعد مقتل السفير الأميركي في بنغازي، وسيطرة حركات جهادية على شمال مالي. ولذلك قامت الولايات المتحدة بإدراج جبهة النصرة في قائمة المنظمات الإرهابية في 5 كانون الأول/ ديسمبر 2012.
2.  أمن المنطقة: تنظر الولايات المتحدة بريبة إلى واقع الثورة السوريّة ومسارها المسلّح، وما قد يخلفه الحسم العسكريّ لقوات المعارضة من نتائج محتملة، أبرزها فوضى السلاح، وانتشار الجماعات المتشددة، وغياب سلطة مركزيّة قويّة. وتنذر مثل هذهِ النتائج بتداعيات سلبية على أمن المنطقة وبخاصة على إسرائيل.
3.  نظراً لتشرذم المعارضة السوريّة، وبخاصة العسكريّة منها، وغياب بديل ذي توجهات معقولة بالنسبة إلى الأميركيين ليحل محل النظام الحالي، وبسبب تأثير التجربة الأميركية في العراق أيضاً والنتائج الكارثيّة لانهيار الدولة هناك، نجد أنّ واشنطن تقترب أكثر من الموقف الروسي الهادف إلى إيجاد حل سياسي يضمن الحفاظ على النظام وفق بنيته الحالية ومؤسساته، ولاسيما الأمن والجيش. وقد عبّر وزير الخارجية الأميركي الجديد جون كيري بوضوح عن ذلك في شهادة أدلى بها أمام الكونغرس في 24 كانون الثاني/يناير 2013، إذ قال إنّ (التنسيق مع روسيا في الأزمة السوريّة هو أقل الشرور)([82]). وكانت وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون أكثر وضوحاً عندما صرحت عقب لقائها وزيرة خارجية جنوب أفريقيا في بريتوريا في 7 آب/أغسطس 2012 (أنّ على من يحاولون استغلال معاناة الشعب السوري سواء بإرسال أتباعهم أو بإرسال مقاتلين إرهابيين، أن يعلموا أنّ أيّ طرف، خاصة الشعب السوري، لن يسمح لهم بذلك). ولذلك يجب (علينا أن نضمن بقاء مؤسسات الدولة سليمة)([83]). ومن هنا يتضح سبب مسارعة الولايات المتحدة إلى الترحيب بمبادرة معاذ الخطيب رئيس (الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة) السوريّة في 5 شباط/فبراير 2013 للحوار مع أطراف من النظام([84])[9]. فكما تدعم واشنطن مهمات المبعوثين الدوليين إلى سوريا، فإنّها تحاول أن تتبنى كل ما يُظهر أنّ ثمة عملاً وخطوات، ولو كان ذلك مجرداً من أي فاعلية أو نتائج.
تعدّ هذهِ أهم العوامل التي تحكم الموقف الأميركي من الثورة السوريّة، وهي العوامل ذاتها التي تؤثر أيضاً في قدرة الاتحاد الأوروبي على اتخاذ قرارات. فقد عارضت الإدارة الأميركية التدخل العسكري في ليبيا، لكنّ التدخل الفرنسي البريطاني جرّها إلى اتخاذ موقف داعم عبر حلف شمال الأطلسي (الناتو). أمّا في سوريا، فإنّ الذي سيؤثر في صنع المواقف الدولية في النهاية تجاهها، هو تطور الوضع على الأرض المتمثل بـ:
1.  الكارثة والعدد الكبير من الضحايا بسبب تمتع النظام بقدر غير مسبوق من حرية استخدام أنواع السلاح المختلفة وعدم وجود سقف يحدّ من استخدامه للعنف ضد شعبه.
2.  تقدّم الثوار على الأرض على الرغم من عنف النظام وحظر تسليحهم، ما يجعلهم يعتمدون فقط على تمويل بعض المصادر الإقليمية.
ومؤخراً، حين قرر الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة مقاطعة اجتماع مجموعة أصدقاء سوريا في روما المزمع عقده في 28 شباط/ فبراير؛ لأنّ الاجتماعات أصبحت طقوساً شكليّة تساعد دول المجموعة على الظهور بمظهر من يفعل شيئاً، لكن من دون يسفر ذلك عن أي فعل حقيقي، أدى ذلك إلى حملة أميركية للضغط على الائتلاف لحضور الاجتماع، ومنها اتصال هاتفي من وزير الخارجية الأميركي الجديد مع رئيس الائتلاف يعده فيها بأنّه يحمل جديداً من أوباما إلى الاجتماع. وسوف تظهر الأحداث صحة هذا الوعد أو كذبه. ولكن من الواضح أنّ الولايات المتحدة باتت أكثر وعياً بموقفها الحرج.

الخاتمة

اتسمت العلاقات بين النظام السوري والولايات المتحدة بالتوتر وانعدام الثقة على مدى أكثر من ثلاثة عقود؛ وزاد من تعقيدها تحالف الضرورة الذي تم عام 1981, بين دمشق وطهران, لتزايد شعور النظام السوري بالعزلة الاقليمية والدولية. واستمر هذا التحالف في عهد بشار الأسد, وأصبحت إيران في مقدمة القوى الرئيسية الداعمة والحامية للنظام السوري. وقد تمكن الطرفان, السوري والإيراني, في مرحلة حافظ الأسد من إدارة حرب محدودة بالوكالة في مواجهة تحرشات إسرائيل وعدوانها المتكرر على جنوب لبنان, عبر حزب الله اللبناني.
شغلت القضية السورية حيزاً واسعاً في حوارات ومناقشات أوباما, فقد مرت الأزمة السورية بمختلف مراحلها في عهده, وظل أوباما يعتبرها خارج الأولويات الاستراتيجية للولايات المتحدة, فضلاً عن عقيدته السياسية أنها لم ترق إلى مستوى التحدي المباشر للأمن الأمريكي.
إن أوباما يحلم بدور جغرافي- سياسي تنعقد ثماره ويساهم في تغيير المعطيات في الشرق الأوسط, وفي تصريح آخر, قال إن (أمام الإيرانيين طريقاً يسلكونه للخروج من العزلة...) ولمح الرئيس الأمريكي إلى أن إمكان التعاون مع إيران في موضوعات أخرى غير الملف النووي.
وضع السعودية وإيران على قدم المساواة في تحمل مسؤولية تدهور الوضع في المنطقة, وذلكيشكل انحيازاً لإيران بقدر ما فيه من اتهام باطل للسعودية, لاسيما في ما ورد بتلميحات لأوباما عما أسماه بـ (الإرهاب السني) هو مصدر التوترات والإرهاب المضاد للولايات المتحدة, كما لو أن إيران لا تمارس إرهاباً شيعياً.
لمدة ستين عاماً, فإن المتابع للسياسة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط وسوريا يشعر بمسؤولية الولايات المتحدة عما وصل إليه النظام الإقليمي الخليجي والأزمة الخليجية من حالة دائمة من الصراعات والأزمات والحروب. فلقد أدخلت الولايات المتحدة هذا النظام الاقليمي الغني بنفطه وثرواته المالية من صراع إلى آخر ومن أزمة إلى أخرى ومن حرب إلى أخرى, لا ينتهي صراع إلا بصراع أكثر جدة, ولا تنتهي أزمة إلا لتخلق أزمة أكثر دماراً وعنفاً. ولم يكن النظام الاقليمي الخليجي يعاني في أي وقت من الأوقات بهذا القدر من التوتر والتأزم بحيث أصبح من الممكن القول إن التوترات والصراعات هي القاعدة السائدة, في حين أن الأمن والاستقرار هما الاستثناء بالنسبة إلى هذا النظام الاقليمي.
إن سعي روسيا إلى زيادة نفوذها في منطقة الشرق الأوسط باعتبارها منطقة حيوية للغاية، لا يخدم مصالحها هي فقط، بل يصب أيضاً في صالح الحليف الأكبر لروسيا (الصين)، التي باتت اليوم أكبر مصدّر للسلع والبضائع إلى دول مجلس التعاون الخليجي، متفوقة بذلك على الولايات المتحدة. وترى الصين أن زيادة النفوذ الروسي في منطقة الشرق الأوسط أفضل بكثير من وجود النفوذ الأمريكي المنافس، خصوصاً أن الولايات المتحدة سعت كثيراً إلى إبعاد الصين عن هذهِ المنطقة الحيوية خلال السنوات الماضية.
إن الحرب في سوريا بدأت بالفعل في إحداث شقجغرافي-سياسي شديد في المنطقة، وتقف إيران، القوة الشيعيةالعظمى في المنطقة، موقف المتفرج، بينما تنهار سوريا حليفها الصنديد منخارطة التأثير في المنطقة وبينما ينذوي نجم التحالف الثلاثي المكون من إيران وسورياوحزب الله، ستبحث إيران بطبيعة الحال عن شركاء جدد ليحلوا محل سوريا, ومنقبيل المصادفة أن ثمة حكومة شيعية إلى جوار إيران, فالتأثير الإيراني فيالحكومة العراقية الناشئة موثّق بالفعل، ويوحي الدليل القولي بأن شيعةالعراق يقاتلون بالفعل في سوريا, وربما أن الحكومة العراقية تعمل عن كثبمع الإيرانيين بالفعل.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

الباحث

قائمة المصادر والمراجع

1.     احمد شوقي حنفي: قراءات في الأزمة السورية, مركز الدراسات الاستراتيجية, الأهرام, مصر, ع346, 2016. 
2.  احمد منسي: هل بدأت أمريكا باستهداف ايران؟, مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية, على الموقع www.ahram.org.eg..
3.  أشرف سعد العيسوي: السياسة الأمريكية تجاه النظام الإقليمي الخليجي بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر (2000- 2007), أطروحة دكتوراه غير منشورة مقدمة إلى مجلس كلية العلوم السياسية, معهد البحوث والدراسات العربية, سبتمبر 2007.
4.  أكرم الجميلي: أزمة العلاقات بين إيران وحركة طالبان والتفاعلات الإقليمية والدولية, نشرة أوراق آسيوية, مركز الدراسات الدولية, ع260, جامعة بغداد, 2015.
5.     الحفل السنوي لمجلس العلاقات العامة الإسلامي, الحياة, 13/5/2016, ص3.
6.     أمين هويدي: كسيمنر وأداة الصراع الدولي, دار الطليعة للنشر, ط2, بيروت, 2010.
7.     إيان بريمر: القرى العظمى- ثلاث خيارات لدور أمريكا في العالم, بنحوين 2015.
8.  بينوا بريفيل: السياسة الخارجية الأمريكية, نحو مزيد من الانعزالية           LemonadeDiplomatic, مقال, ملحق جريدة الأهرام, بتاريخ 7/5/2016. 
9.  جريجوري جوز: السياسة الأمريكية في الخليج في التقرير الاستراتيجي الخليجي 2001- 2002, الشارقة, دار الخليج للصحافة والطباعة والنشر, وحدة الدراسات, بلا ت.
10.     جورج شولتز: اضطراب ونصر, ج2, الخيوط الأولى, الأهلية للنشر والتوزيع, عمان, 1994.
11.  جون أس, وولف: الولايات المتحدة تواجه تحديات, مجلة إلكترونية تصدرها وزارة الخارجية الأمريكية, تموز, 2015.
12.     جيفري جولدبرج: ذي أتلانتيك.
13.     خالد الدخيل: المشكلة في واشنطن وليس طهران, الحياة, 10/5/2015.
14.  خالد بن سلطان: أمن الخليج من منظور وطني, مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية, سلسلة محاضرات الإمارات.
15.     خالد حمزة المعيني: المتغير التكنلوجي وأثره على القوة على العلاقات الدولية, دار الكتب العلمية, بيروت, 2014.
16.     سامح راشد: إيران وسوريا- التحالف حول لبنان, السياسة الدولية, ع166, القاهرة, أكتوبر 2006.
17.     صحيفة السياسة الكويتية في تاريخ 19/3/2016.
18.     صحيفة نيويورك تايمز.
19.  عبد الخالق عبدالله: الولايات المتحدة ومعضلة الأمن في الخليج العربي, مجلة المستقبل العربي, بيروت, ع1, يناير 2004.
20.     عبد العزيز الدخيل: عقيدة أوباما الفاسدة, الحياة, 18/3/2016.
21.     عبد العزيز السويد: الأقاليم العربية ورؤية أوباما, الحياة, 10/5/2016.
22.     عبد الكريم عبد الرزاق عبد القادر: المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط, دار الحامد, الأردن, 2015.
23.     عثمان ميرغني: عقيدة أوباما ومعاناة سوريا, صحيفة الشرق الأوسط بتاريخ 5/2/2016.
24.     علي حسين عطا الله: الأزمة السورية- التداعيات والنتائج, دار الكتب العلمية, بيروت, 2016.
25.     غازي دحمان: احتواء إيران بأدوات أمريكية ناعمة, الحياة, 8/4/2016.
26.     غسان العزي: سياسة القوة, مركز الدراسات الاستراتيجية والبحوث والتوثيق, بيروت, 2000.
27.     لور ماندفيل: رهان أوباما على النووي الإيراني.
28.  مازن إسماعيل الرمضاني: السياسة الخارجية- دراسة نظرية, جامعة بغداد, كلية العلوم السياسية, دار الشؤون الثقافية, بت.
29.     محمد محمود ربيع وإسماعيل صبري مقلد: موسوعة العلوم السياسية, جامعة الكويت, بسط.
30.  نيفين عبد المنعم مسعد: صنع القرار في إيران والعلاقات العربية- الإيرانية, بيروت, مركز دراسات الوحدة العربية, 2001. 
31.     وليد خدوري: الأبعاد النفطية في العلاقات الخليجية الأمريكية, مجلة حوار العرب, بيروت, فبراير 2005.
32.     ياسين العيوطي: الأمن الامبريالي الأمريكي, المجلس المصري للشؤون الخارجية.
33.     يوسف الحسن: لا أحد سيخوض حروبنا سوانا, الشروق, القاهرة, 14/3/2016.
34.  Backstage Glimpses of Clinton as Dogged Diplomat, Win or Lose, Michael R. Gordon and Mark Landler, New York Times, 2/2/2013; http://www.nytimes.html
38.  http://www.bbc.co.uk/arabic/middleeast/2013/02/130205_syria_dialogue_us_welcome.shtml.
43.  Saudi Arabia: Current Issues and U.S. Relations, Congressio-nal Research of Congress, Order Code IB93113, July 8, 2002.



([1])سامح راشد: إيران وسوريا- التحالف حول لبنان, مجلةالسياسةالدولية, ع166, أكتوبر, القاهرة, 2006, ص93.
([2])جيفريجولدبرج: ذي أتلانتيك, عقيدة أوباما, ص4, وينظر عبد الكريم عبد الرزاق عبد القادر: المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط, دار الحامد, الأردن, 2015, ص73.
([3])جيفريجولدبرج: المصدر نفسه, ص5, وينظر جورج شولتز: اضطراب ونصر, الخيوط الأولى,جـ2, الأهلية للنشر والتوزيع, عمان, 1994, ص19.
([4])جيفريجولدبرج: المصدر السابق, ص6.
([5])المصدر نفسه, ص7, وينظرعبد الكريم عبد الرزاق عبد القادر: المصدر السابق, ص73.
([6])عثمان ميرغني: عقيدة أوباماومعاناة سوريا, صحيفة الشرق الأوسط بتاريخ 5/2/2016.
([7])جيفريجولدبرج: ذي أتلانتيك, المصدر السابق, ص3.
([8]) غسان العزي: سياسة القوة, مركز الدراسات الاستراتيجية والبحوث والتوثيق, بيروت, 2000, ص118.
([9])المصدر نفسه, ص121.
([10])لور ماندفيل: رهان أوباماعلى النووي الإيراني, صحيفة الحياة, 4/3/2015 نقلاً عن صحيفة (لوفيجارو) الفرنسية بتاريخ 21-22/5/2015.
([11])المصدر نفسه, وينظر: غسان العزي: سياسة القوة, المصدر السابق, ص91.
([12])يوسف الحسن: لا أحد سيخوض حروبنا سوانا, الشروق, القاهرة, 14/3/2016.
([13])غازي دحمان: احتواء إيران بأدوات أمريكية ناعمة, صحيفة الحياة, 8/4/2016.
([14])يوسف الحسن: المصدر السابق,ص10.
([15])عبر عن هذا المعنى بن رودس نائب المستشار الأمن القومي الأمريكي, والمقرب من الرئيس أوباما, خلال الحفل السنوي لمجلس العلاقات العامة الإسلامي, صحيفة الحياة, 13/5/2016, ص3.
([16])خالد بن سلطان: أمن الخليج من منظور وطني, مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية, سلسلة محاضرات الإمارات, ص18.
([17])جيفريجولدبرج: ذي أتلانتيك, المصدر السابق, ص44-45.
([18]) جيفري جولدبرج: ذي أتلانتيك, المصدر نفسه, ص28, وينظر عبد الكريم عبد الرزاق عبد القادر: المصدر السابق, ص83.
([19])غازي دحمان: المصدر السابق, ص45-46.
([20])الحياة: 10/5/2015.
([21])جيفريجولدبرج: ذي أتلانتيك, المصدر السابق, ص44-45.
([22])عبد العزيز السويد: الأقاليم العربية ورؤية أوباما, الحياة, 10/5/2016.
([23])خالد الدخيل: المشكلة في واشنطن وليس طهران, الحياة, 10/5/2015.
([24])جيفريجولدبرج: ذي أتلانتيك, المصدر السابق, ص27.
([25])المصدر نفسه, ص33, وينظر عبد الكريم عبد الرزاق عبد القادر: المصدر السابق, ص118.
([26])صحيفة السياسة الكويتية في تاريخ 19/3/2016.
([27]) وليد خدوري: الأبعاد النفطية في العلاقات الخليجية الأمريكية, مجلة حوار العرب, بيروت, فبراير 2005, ص5.
([28])انظر ما نشرته صحيفة ذي أتلانتيك: المصدر السابق, ص43-44.
([29])عبد العزيز الدخيل: عقيدة أوباما الفاسدة, الحياة, 18/3/2016.
([30]) Saudi Arabia: Current Issues and U.S.Relations, Congressional Researchof Congress, OrderCodeIB93113, July 8, 2002.
([31])لمزيد من التفاصيل انظر د. أشرف سعد العيسوي: السياسة الأمريكية تجاه النظام الإقليمي الخليجي بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر (2000-2007), أطروحة دكتوراهغير منشورة مقدمة إلى مجلس كلية العلوم السياسية,معهد البحوث والدراسات العربية, سبتمبر 2007, ص172 وما بعدها.
([32])حديث للرئيس أوباما لصحيفة نيويورك تايمز, بتاريخ 1/5/2015.
([33])مجلة ذي أتلانتيك: المصدر السابق, ص44-45.
([34]) جيفري جولدبرج: ذي أتلانتيك, المصدر السابق, ص27.
([35])المصدر نفسه, ص27.
([36])نقلاً عن جمال خاشقجي: الحياة, 22/3/2016.
([37])حاولت الولايات المتحدة تحقيق الأمن الاقليمي الخليجي في عقد السبعينات عبر سياسة (العمودين المتوازيين) التي قامت على فكرة اعتماد إيران والمملكة العربية السعودية كحليفين استراتيجيين يقومان بالنيابة وبالوكالة بالحفاظ على المصالح الأمريكية ومصالح حلفائها, لقد انهارت هذهِ السياسة مع سقوط نظام الشاهفي عام 1979 وقيام الجمهورية الإسلامية التي أخذت بسياسة خارجية راديكاليةومعادية لواشنطن, وفشل سياسة العمودين المتوازيين دفع واشنطن إلى زيادة حضورها العسكري المباشر في المنطقة. لمزيد من التفاصيل انظر نيفينعبد المنعم مسعد: صنع القرار في إيران والعلاقات العربية- الإيرانية, بيروت, مركز دراسات الوحدة العربية, 2001.
([38])وبطبيعة الحال فإن هذهِ التجربة ليست الأولى من نوعها التي تسحب فيها الولايات المتحدة قواتها من منطقة ما من دون أن تحقق أهدافها, فقد انسحبت من فيتنام بعد حرب طويلة خسرت فيها (58) ألف جندي, وكان الانسحاب سريعاً وعلى هيئة هروب غير منظم, الأمر الذي أدى إلى خسائر هائلة في المعدات وخلق حالة من الذعر والفوضى في المنطقة الآسيوية, وكما انسحبت في منتصف تسعينيات القرن الماضي من الصومال بعد أن تعرضت قواتها هناك لخسائر كبيرة.
([39])د. ياسين العيوطي: الأمن الامبريالي الأمريكي, المجلس المصري للشؤون الخارجية, ص164.
([40])راجع: إيان بريمر: القرى العظمى-ثلاث خيارات لدور أمريكا في العالم, بنحوين 2015, فضلاً عن مقال بينوا بريفيل: السياسة الخارجية الأمريكية, نحو مزيد من الانعزاليةLemonadeDiplomatic, ملحقجريدة الأهرام, بتاريخ 7/5/2016.
([41]) جيفري جولدبرج: ذي أتلانتيك, المصدر السابق, ص25.
([42])جريجوري جوز: السياسة الأمريكية في الخليج في التقرير الاستراتيجي الخليجي2001- 2002, الشارقة, دار الخليج للصحافة والطباعة والنشر, وحدة الدراسات, بلات, ص177-190.
([43])انظر: عبد الخالق عبدالله: الولايات المتحدة ومعضلة الأمن في الخليج العربي, مجلة المستقبل العربي, بيروت, ع1, يناير 2004, ص13.
([44])أكرم الجميلي: أزمة العلاقات بين إيران وحركة طالبان والتفاعلات الإقليمية والدولية, نشرة أوراق آسيوية,مركز الدراسات الدولية,ع260,جامعة بغداد, 2015, ص15.
([45])المصدر نفسه, ص15.
([46])جولد شلذر: المصدر السابق, ص16.
([47])احمد منسي: هل بدأت أمريكا باستهداف ايران؟, مركز الأهرام للدراساتالسياسية والاستراتيجية, على الموقعwww.ahram.org.eg. آخر زيارة في 13/6/2016.
([48])احمد شوقي حنفي: قراءات في الأزمة السورية,مركز الدراسات الاستراتيجية, الأهرام, مصر, ع346, 2016, ص88.
([49]) المصدر نفسه, ص91.
([50])يوسف الحسن: المصدر السابق, ص133, وينظرعبد العزيز سويد: المصدر السابق, ص91.
([51])عبد العزيز سويد: المصدر نفسه, ص118.
([52]) علي حسين عطا الله: الأزمة السورية- التداعيات والنتائج, دار الكتب العلمية, بيروت, 2016, ص81.
([53]) احمد شوقي: المصدر السابق, ص89.
([54]) خالد حمزة المعيني: المتغير التكنلوجي وأثره على القوة على العلاقات الدولية, دار الكتب العلمية, بيروت, 2014, ص83, أصلها رسالة ماجستير.
([55]) محمد محمود ربيع وإسماعيل صبري مقلد: موسوعة العلوم السياسية, جامعة الكويت, بسط, ص214.
([56]) علي حسين عطا الله: المصدر السابق, ص61, وينظر يوسف الحسن: المصدر السابق, ص71, جفري جولدبرج: المصدر السابق, ص4.
([57]) علي حسين عطا الله: المصدر السابق, ص73.
([58])محمد محمود: المصدر السابق, ص53.
([59]) عبد العزيز سويد: المصدر السابق, ص121, وينظر عبد الكريم عبد الرزاق عبد القادر: المصدر السابق, ص123.
([60])أمين هويدي: كسيمنر وأداة الصراع الدولي, دار الطليعة للنشر, ط2, بيروت, 2010, ص55.
([61])جون أس, وولف: الولايات المتحدة تواجه تحديات, مجلة إلكترونيةتصدرهاوزارة الخارجية الأمريكية, تموز, 2015, ص73.
([62])مازن إسماعيل الرمضاني: السياسة الخارجية- دراسة نظرية, جامعة بغداد, كلية العلوم السياسية, دار الشؤون الثقافية, بت, ص11.
([63]) احمد شوقي: المصدر السابق, ص91.
([64]) علي حسين عطا الله: المصدر السابق, ص26, وينظر أكرم الجميلي: المصدر السابق, ص73.
([65])أحمد منسي: المصدر السابق, ص73.
([66])غازي رحمن: المصدر السابق, ص13, وينظر علي حسين عطا الله: المصدر نفسه, ص89.
([67]) علي حسين عطا الله: المصدر السابق, ص93.
([68])احمد شوقي: المصدر السابق, ص89.
([69])ينظرمحمد محمود ربيع وإسماعيل صبري مقلد: المصدر السابق, ص65.
([70]) علي حسين عطا الله: المصدر السابق, ص91.
([71])ينظر محمود ربيع وإسماعيل صبري: المصدر السابق, ص70.
([72]) واشنطن تفرض عقوبات على الرئيس السوري وأركان نظامه، بي بي سي، 18/5/2011، انظر:
http://www.bbc.co.uk/arabic/middleeast/2011/05/110518_usa_assad_sanctions.shtml
([73])أوباما: الأسد فقد شرعيته، الجزيرة نت، 13/7/2011، انظر:
http://aljazeera.net/NR/exeres/3E7B5A97-CB9C-458B-8998-C337B0DED27B.htm.
([74])أوباما يدعو الأسد للتنحي، رويترز، 18/8/2011، انظر:
http://ara.reuters.com/article/topNews/idARACAE77H0UZ20110818.
([75])داود أوغلو في دمشق ويعقد اجتماعاً مع الأسد، دي برس، 9/8/2011، انظر:
http://www.dp-news.com/pages/detail.aspx?articleid=92563.
([76])خالد حمزة المعيني: المصدر السابق, ص117, وينظرعلي حسين عطا الله: المصدر السابق, ص93.
([77])محمود ربيع وإسماعيل صبري: المصدر السابق, ص181.
([78])محمد محمود وربيع إسماعيل صبري: المصدر السابق, ص91.
([79])خالد حمزة المعيني: المصدر السابق, ص119, وينظر عبد العزيز السويد: المصدر السابق, ص93.
([80])http://www.whitehouse.gov/state-of-the-union-2013
([81])انظر:
Backstage Glimpses of Clinton as Dogged Diplomat, Win or Lose, Michael R. Gordon and Mark Landler, New York Times, 2/2/2013; http://www.nytimes.html.آخر زيارة للموقع في3/2/2013
([82])جون كيري: نحتاج إلى التعاون مع روسيا في الشأن السوري، دي برس، 24/1/2013، انظر:
http://www.dp-news.com/pages/detail.aspx?articleid=138760.
([83])كلينتون تُحذر من إرسال إرهابيين إلى سوريا، جريدة الوسط، 8/8/2012، انظر:  
http://www.alwasatnews.com/3623/news/read/693128/1.html
([84])أمريكا ترحب بدعوة الخطيب للحوار وصحيفة سوريا تصفها بأنّها (مناورة سياسية)، بي بي سي، 5/2/2013، انظر:
http://www.bbc.co.uk/arabic/middleeast/2013/02/130205_syria_dialogue_us_welcome.shtml.

ليست هناك تعليقات: