ابتسام التريسى : من مرشحات بوكر العربية :
حين يُعامل الكاتب العربى كإنسان ، ستتوقف حُمّى الجوائز .
إبراهيم محمد حمزة
ابتسام إبراهيم تريسى ، وجه أدبى ناصع ، قدمت أعمالا قليلة ، لكنها تركت علامة تميزها ، منذ مجموعتها الأولى "جذور ميتة " التى فازت بجائزة سعاد الصباح الأولى ، ثم روايتها "جبل السماق " فى جزئين منفصلين (سوق الحدادين ، الخروج من التيه ) وروايتها ذاكرة الرماد ومجموعة "نساء بلا هديل " لم تقدم الكاتبة عملا أنثويا ذاتيا ، لكنها اختارت التعبير عن وطنها العربى بشكل عام ، خاصة فى روايتها الفاتنة "المعراج " التى طرحت فيها بشكل غير مباشر القضية الفلسطينية من خلال "يوسف الفلسطينى الرحال بحثا عن هوية ووطن .. ابتسام نالت جوائز متعددة ، لكن الجائزة الأبقى تظل فى قيمة ما تكتبه :
- يلاحظ القارئ لرواياتك إصرارك على تقديم الأفكار الكبرى والكونية ، وعلى توقفك المتأمل أمام التاريخ (تاريخ سوريا في "جبل المساق بجزئيها ، وتاريخ فلسطين في المعراج " وعودة لسوريا الثمانينات في عين الشمس " هل الرواية لديك ترتبط بالأفكار الكبرى ؟
ـ عفوية الرواية :
- المكان بطل فاعل في رواياتك ، ولذا نجد في كل رواية رحلة ، هل هذا التخطيط العام لإبداعاتك ، تأكيد لسلطة المكان وتأثيره على أبطالك ، أم أن الرواية تكتب نفسها بعفوية ما ؟
الرواية عمل شاق وصعب بالنسبة لي ، لا تتسم بالعفوية ، فهي تحتاج إلى تخطيط مسبق، وجمع معلومات ترفدها بالمصداقية والقوة، وقراءة مستفيضة حول الموضوع ، ثمّ تبدأ عملية كساء الهيكل الذي وضعته على الورق... قد تأتي بعض الجمل عفوية، بعض المشاهد غير المخطط لها ، لكن الرواية كعمل كلي تبدأ من المكان والزمان ، منطلقة لتحوي الشخصيات ، فالأحداث. اهتمامي بالمكان تحديداً ، مرتبط باهتمامي بالتاريخ وحبي له، مرتبط بمحبتي للأصالة ، فأنا لا أؤرخ لكتل إسمنتية ، ولا لمدن حديثة ، بل لأماكن حميمة ترتبط بعادات وتقاليد جميلة، وبأناس بنوها بسواعد المحبة، والألفة والترابط . المكان هو بؤرة الرواية، الإناء الذي يحتوي الشخصيات والأحداث. ولأنّي عاطفية بطبعي أحمل في روحي ذكرى الأمكنة التي عاشت فيّ قبل أن أعيش فيها... أكتبها كي تراها الأجيال القادمة كما أحببتها .
ـ جلباب أبى :
- تخلصت أعمالك من السقوط في بئر "النسوية " ، بل جعلت أبطالك دوما ذكورا ، فى ظني أن الأب المثقف المحامي المعلم وراء ذلك .. هل أطمئن لهذا الظن ؟
تستطيع أن تطمئن لاستنتاجك، لأنّ الرّوح المستقلة التي رعاها أبي كنبتة غالية داخلي، جعلتني أرى نفسي إنسانة قبل أن أكون أنثى، ولفترة طويلة في طفولتي لم أنتبه أنّ هناك فرقاً بيني وبين الذكور في الأسرة ، بل كنت أشعر بالتفوق عليهم، لأنّ أبي ربّى فيّ نزعة التعلم ، القراءة، فكنت أرى تفوقي عليهم في هذا المجال هو الأساس.
- شكلت الجوائز محطات في حياتك ، بداية من سعاد الصباح ، ثم جائزة المزرعة ، ثم لها أونلاين .. ثم بوكر العربية .. هل الجوائز مسألة تتعلق بـ " أكل العيش " أم بالقيمة الأدبية ؟ أم بالدافعية للكتابة ؟
- الناقد مرآة الأديب : كيف حالك مع المرايا : هل يتجنبك النقد أم تتجنبيه ؟
لم يحدث أن تجنبته ، ربّما يتجنبني ، لهذا مرآتي مشروخة غالباً !
ـ زوجة أديب :
- زوجك – الأديب عبد الرحمن حلاق – مبدع معروف : هل هناك دافعية للإبداع مع الزوج المبدع أكثر من الزوج العادي ؟
بالتأكيد ، عدا عن كون زوجي ناقداً ، يقيّم أعمالي ، ويبدي رأيه بصراحة بما أكتبه . في الحياة أيضاً نتبادل الآراء والأفكار ، ونشكّل كلاً منسجماً ، ومتناغماً .
- لم أر للأم ظلالا في إبداعك كثيرة ، بينما هيمن الأب على الإهداءت والبطولة والفضاء الروائي .. هل من تفسير ؟
يرجع ذلك لسببين ، أولهما أنّ أبي أورثني موهبة الكتابة ، وقام بتعليمي وإرشادي في طفولتي وصباي ، وكان موته صاعقاً لي ، فعملت على إثبات ذاتي كما أرادها ، وأهديته ما هو من صنيع يديه وجيناته. حين أهديته ما كتبت. واحتفظت به، باعتقال تلك التفاصيل التي عاشها في كتاب.
ثانيهما أنّي أخشى الفقد وأخافه جداً، وأودّ المحافظة على وجود أمّي قريباً ، ملء البيت والحياة . أخشى تحويلها إلى ذكرى في كتاب قبل الأوان . عاتبتني مرّة بلطف لأنّي لم أكتب عنها، خشيت وقتها أن أقول لها : لا أحبّ الكتابة عن الأحياء ، لأنّي لا أستطيع التعامل معهم على أنّهم قد أصبحوا تاريخاً يجب أن يدوّن كي لا ننساه. أمّا أمر الإهداء فقد خضعت أخيراً لرغبة خفية من إظهار شيء من الوفاء ، فأهديتها مجموعتي القصصية الثالثة التي لم تطبع بعد .
- كيف استقبلت ترشيح روايتك "عين الشمس " لقائمة بوكر القصيرة ؟
باستغراب ، وفرح . الأوّل لعلمي بمقاييس الجائزة التي شاعت عنها الأقاويل في السنوات الماضية . الثانية ، لأنّي ضمن قائمة من كبار الوطن العربي . أسماء لها قيمتها الأدبية وشهرتها .
- "ديسمبر " كانون الأول القادم : هل تنتظرين بأمل أم بقلق إعلان القائمة القصيرة ؟
بأمل ... لست قلقة ... يكفيني الترشيح والتأهل للمنافسة ، ذلك بحدّ ذاته إنجاز كبير بالنسبة لي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق