2013/03/16

قصتان لعلاء سعد حسن الدمرانى



قصتان
علاء سعد حسن الدمرانى
الجميلة فى باريس

منذ صغرها ، كانت تخلب لب الجميع بقامتها الفارعة وسحر عينيها الواسعتين . انتقلت من الجنوب ثم مكثت ما يزيد عن العام في مدينة الخرطوم . وركبت النيل حتى وصلت للإسكندرية لتكون في ضيافة والى مصر "محمد على" شخصيا قبل مواصلة طريقها إلى فرنسا . وكان "محمد على" كريما معها فعين لها حاشية ورعاة  . وبدأت الجميلة رحلتها البحرية كسفير فوق العادة . ورفعت السفينة العلمين المصري والفرنسي . وودعتها المراسم العسكرية والكثير من عبارات التوديع . ووصلت ميناء مارسيليا حيث كان حاكمها بانتظارها . ومرت عبر شوارع المدينة في وسط الحشود المنتظرة حتى ساحة القصر . ثم حلت كضيفة عند حاكم مارسيليا . والذي لم يستطع إخفاء إعجابه بها .وأبدى كل من شاهدها اندهاشه من جمالها ، وأضاف لها ودها سحرا على سحر كما بدد من مرارة غربتها . ولم تكن تسمح لأحد بالاقتراب منها كما أنها كانت توجل من الضوضاء . وبالرغم من كل ذلك ، كانت تتوق لتطلق العنان لنفسها لتمرح وتتجول في المدينة بحريتها .وحين تحسن الطقس بدأ التفكير في ذهابها لباريس حيث كان ملك فرنسا ينتظر رؤيتها بفارغ الصبر . واتخذت السلطات التدابير الأمنية اللازمة لحراسة موكب الجميلة عند مروره عبر كل منطقة . وكانت تختال في معطفها الأنيق ، والذي أرسله الملك لها ، حيث كان قد أمر بتفصيل معطف واق من المطر من المشمع المطرز بشريط أسود على كل الأطراف . وواصلت الجميلة رحلتها مخترقة غابات الصنوبر وبساتين الكرز بينما تدفق الكثير من الأشخاص على طول الطريق لمشاهدتها . وانتهت الرحلة وكان الملك في قصر يبعد عن باريس بعدة أميال  .لكن زوجة الملك القاسية أصرت أن يظل في قصره . وصدر القرار باصطحاب الجميلة فورا حتى مقر الملك المتلهف لرؤيتها . ثم عادت الجميلة بسلام لباريس يتبعها الكثير من الفضوليين . وأطلق اسمها على الشوارع والميادين وتحولت كمادة للأغاني والاستعراضات . واستشرى الولع بها في كل شيء وأصبحت موضة العصر بالرغم من كونها ..... (زرافة).
"هذه القصة القصيرة مستوحاة من حادثة تاريخية حين أصدر والى مصر "محمد على" مرسوما بأسر زرافة لإهدائها لملك فرنسا وذلك تحقيقا لطموح سياسي من وراء تلك الهدية  ."

رسالة
خرج من بيته .. همومه تثقله .. لا يجد مهرب من مشاكله .. يحس أن الحياة لا تفتح له ذراعيها مثلما تفعل مع آخرين . هل هذا لعيب فيه أم ماذا ؟؟! لا يدرى .. ما الذى جاء به هنا ؟! إنه فى طريق فرعى قلما كان يمر منه .. لماذا هو هناك ؟؟! لايعلم لسؤاله جواب .. تسارعت خطاه ليعبر الطريق .. فجأة بدون مقدمات يفيق من إستغراقه فى التفكير على صوت خفيض : ( إدخل صلى ) .. نظر بإتجاه الصوت ليفاجىء بطفل صغير يمر من أمامه بجوار مسجد . لم يكن قد إنتبه للأذان وأن الصلاة تقام الآن . تسمرت قدماه بالأرض ، أحس أن نداء الطفل له .. رسالة .. لو قرأها ووعاها لتغيرت حياته للأفضل ولزالت همومه ومشاكله . نفسه الأمارة تحدثه بأن هذه الرسالة مثل الكثير غيرها وعليه أن يتجاهلها . لم يلتفت لها . إنه يسمع هذه الرسالة اليوم بمعنى جديد . شعر بالإنشراح والفرحة . حسم أمره ودخل ليصلى .. وفى نهاية الصلاة أحس أنها البداية ....

* الإسماعيلية

  

ليست هناك تعليقات: