2013/03/22

دفء أنفاسها..!! قصة بقلم : محمود أحمد على



دفء أنفاسها..!!
بقلم : محمود أحمد على
مهداة إلى أمي ، وكل أمهات الوطن العربي الأموات والأحياء

رحت أسرع الخطى ، هرباً من تساقط الأمطار بغزارة ، تلك الأمطار التي ظلت تطاردني وحدي ..
الصقيع الشديد ، جعل أسناني تصطك ببعضها البعض في تناغم مستمر ، مما دفعني أن أسرع الخطى ..
بيد مرتعشة رحت أخرج المفاتيح ..
أدخل الفاتح في عين الباب ..
أدخل ..
حيطان البيت الغارقة في نوم عميق تخرج أنفاساً شديدة البرودة ..
أسرع إلى حجرتها ..
أفتحها .. بعد أن نقرت عليها نقرتين ، إيذاناً بالدخول ..
أجدها في انتظاري ..
ابتسامتها تضئ الحجرة كأفضل قنديل ..
أنفاسها الخارجة في بطء منتظم ، جعلت من الحجرة مدفأة ..
سريعاً رحت أستنشق زفير أنفاسها ليتغلغل داخلي ..
سريعاً تعود إلى قوتي التي هربت ، ويستقيم عودي ..
أنظر إلى ملابسي المبتلة ، أجدها قد جفت تماماً ..
أرمى برأسي _ المثقلة بهمومي اليومية _ فوق ركبتها ..
تتحرك أصابعها الملائكية فوق رأسي ، وما استطاعت أن تطولها أصابعها من جسدي ، وهى تهمس بآيات الذكر الحكيم
رويداً ..رويداً ..تزول آلامي ..
- 2 –
أدخل الفاتح في عين الباب ..
أدخل ..
ماء المطر الذي تشربته ملابسي ، راح يتساقط من ورائي
أسرع إلى حجرتها ..
أفتحها ..
عجباً .. أين هي ..؟!
رحت أفتح أبواب البيت المغلقة ، ولم أجدها ..
قلت لنفسي وأنا أرتدي ملابسي غير المبتلة :
ربما في زيارة أحد جاراتها ..
قفزت كالقطة فوق السرير ، في انتظارها ، وبجواري تجلس
هديتها في عيدها السنوي ..
ورغم أنني قد تلحفت بـ ثلاث بطاطين ، ولحاف واحد إلا أن صوت اصطكاك أسناني الذي يكاد أن يسمعه الجيران لم يتوقف لحظة واحدة ، رحت أنفخ في كفى ، نفخات دافئة ، كثيرة متتالية ، كما كنا نفعلها في طابور الصباح ونحن أطفال ، أنفاسي الخارجة في سرعة متناهية ، جاءت نتيجتها صفراً ..غياب أمي الطويل قد أقلقني بشدة ..وجدتني أرفع رأسي عالياً ..
رحت أحدق في ابتسامات ( أمي ) الدافئة .. المعلقة على جدار الحجرة ، حبيسة بروازها الخشبي ، ذي الإطار الأسود الجانبي شديد السواد ..ينتفض جسدي ، انتفاضة تذكرني بموتها ..تسقط من عيني دمعتان دافئتان لتغرقا المكان .

ليست هناك تعليقات: