الشاعر محمد حبيب مهدي يحاور كاتب الأطفال طلال حسن
طلال حسن:
أنا لا أحب طفولتي ..
ويؤسفني أنني لا أكتب الشعر



التقيته وأجريت معه هذا اللقاء بمودة كبيرة .
في البدء سألته :
كتبت الحكاية للأطفال بشكل جميل ، وفي غاية اللطف ، برأيك ، ما الفرق بين كتابة الحكاية وكتابة القصة ؟
ـ الحكاية ، كما هو معروف ، سابقة على القصة بأساليبها المختلفة المتطورة ، وقليلة جداً هي الحكايات التي كتبتها ، رغم أنني ألاحظ أن الأطفال ، والصغار منهم بالذات ، يحبون الحكايات ، وخاصة التي ترويها لهم أمهاتهم أو جداتهم .
ـ في لقاء قصير معي ، للصفحة الأخيرة في صحيفة ( طريق الشعب ) ، قلت إنني للأسف لا أحب طفولتي ، فهي لم تكن طفولة سعيدة ، وأنا أذكرها جيداً ، وهي موجودة بشكل أو بآخر في العديد من كتاباتي ، وخاصة في مسرحيتي التي كتبتها للفتيان ، ونشرت ثلاث مرات وهي (هيلا يا رمانة ) .
ـ لكل لون من هذه الألوان الكتابية للأطفال جمالياتها وعوالمها وآلياتها ، وأنا أكتب هذه الألوان إضافة إلى كتابة القصة المصورة والرواية ، ويؤسفني أنني لا أكتب الشعر ، وهو من الألوان الرائعة التي كنت أتمنى لو أستطيع كتابتها .
ماذا يستحضر أديبنا طلال حسن عند الكتابة للأطفال ؟
ـ أستحضر العالم كله ، الماضي والحاضر والمستقبل ، ومهما كانت الصورة التي يعيشها الطفل معتمة ، ونعيشها نحن معه ، فإنني أوصل له الأضواء الموجودة والممكنة ، الحياة حق وفرح ، هذا بعض ما يحضرني ، وأقدمه للأطفال .
الموهبة كالوردة ، كيف نمت هذه الوردة في حياتك ؟
ـ هذه الوردة تبرعمت في داخلي في وقت مبكر ، ونمت وترعرعت بالإصغاء إلى الحكايات الأولى من الأم وزوجة عمي ، التي جاءت من الريف ، ورغم أنني لا أذكر أن أحداً قد رعاني ، بل
واجهت في حياتي الكتابية الكثير من الصعوبات والعنت ، إلا أنني واصلت الكتابة ، حتى حققتُ ما حققته في مجال الكتابة للأطفال .
كتبت القصص التاريخية للأطفال ، ما مدى تأثير الكاتب على الطفل في كتابة التاريخ؟
ـ أحببت التاريخ ، وبالذات تاريخ العراق القديم ، أحببت حكاياته ، وما قدمه العراقي القديم للإنسانية ، وما قدمته للأطفال ـ الفتيان من مسرحيات ، لم تكن في الحقيقة مسرحيات تاريخية ، وما كان التاريخ فيها إلا إطاراً أقدم فيه العصر والأفكار المعاصرة ، التي يعيشها الطفل في الوقت الراهن .
تاريخك الجميل يشهد بمسيرتك الطويلة في ثقافة الطفل ، ما هي أهم انجازاتك في هذه الرحلة الجميلة ؟

ماذا تبقى من أدب الأطفال في العراق بعد أن مرّ بظروف قاهرة حاولت أن تهدم كلّ ما هو رائع وجميل ؟
ـ من المؤسف أن البعض يهدم ما يبنيه المبدعون ، فقد انبثق أدب الأطفال وفنهم الرائد والواعد منذ أواخر الستينيات وبداية السبعينيات ، على أيدي مجموعة مبدعة من الأدباء والفنانين الشباب ، لكن الحروب والحصار والقوى الظلامية كبحت تلك الموجة وشتتت مبدعيها وصدت تطلعاتهم المشروعة والرائدة ، لكن مثل هذه القوى والمنجزات المضيئة لا تموت ، وهي دائماً تنتظر الفرصة لتعاود الإزهار والإثمار على أيدي فنانين ينتمون إلى نهر الحياة ، الذي لا يتوقف عن التدفق والجريان ، مهما كانت العقبات التي تواجهه .
كتبت للأطفال العديد من المسرحيات التي نالت استحسان ودهشة الأطفال ، كيف حال مسرح الأطفال الآن في العراق ؟
ـ نعم ، كتبت ونشرت الكثير من مسرحيات الأطفال ، فقد نشرت أكثر من " 260 " مسرحية للأطفال ، من بينها أكثر من " 60 " مسرحية للفتيان ، وقد فازت أربع من مسرحياتي بجوائز عراقية وعربية ، وكتبت عن هذه المسرحيات الكثير من البحوث والدراسات " ماجستير ودكتوراه " ، كما عرض بعضها ولاقى إقبالاً جيداً ، وعلى سبيل المثال ، فمسرحية " ريم " التي عرضتها فرقة النجاح عام " 1992 " شاهدها " 70 " ألف مشاهد ، وقد دام عرضها عدة أشهر ، أما حال مسرح الأطفال في العراق الآن ، فهو لا يختلف كثيراً عن حاله في العقود السابقة ، مسرح في المناسبات وبشكل عارض ، هناك كتاب مسرح للأطفال في العراق ، ولكن لا يوجد مسرح ثابت وممنهج ومتطور ، وهذا خلل كبير لن يتيح الفرصة لوجود مسرح متطور للأطفال في العراق في المدى المنظور .
لو سألتك عن أفضل كاتب قصة في العراق ، من هو ؟
ـ في العراق ، كان ومازال ، كتاب مبدعون ، أسسوا وأضافوا إلى أدب الأطفال الكثير والكثير ، رغم أن الظروف لم تكن دائماً مواتية للإبداع ، وأنا لا أستطيع أن أقول ، ولن أقول ، أن فلاناً هو الأفضل ، ولكن في العراق كتاب كان ومازال لهم حضورهم من بينهم شفيق مهدي وجعفر صادق محمد وفاروق يوسف وعبد الإله رؤوف وحسن موسى وزهير رسام ، وأستطيع أن أضيف اسمي إليهم ، عربياً هناك كتاب مبدعون من بينهم زكريا تامر وليلى صايا وعبد التواب يوسف ومحمد المنسي قنديل ، وعالمياً أعجبت بالكتاب السوفييت ، والكاتب الروسي كريلوف والكاتبة البلغارية ليدا ملفيا .
كم كتاباً صدر لك للأطفال ، وما هي مشاريعك القادمة ؟
ـ أصدرت حتى الآن " 35 " كتاباً للأطفال في سوريا والأردن وأبو ظبي والعراق ، ولي تحت الطبع أكثر من عشر كتب ، أما مشاريعي القادمة ، فهي كثيرة ، من بينها إصدار مجلة للأطفال ، وإنشاء موقع على الانترنيت يهتم بأدب الأطفال ، والاستمرار في كتابة مسرحيات وروايات للفتيان
هل تقترح سؤالا يخطر ببالك لم أسألك به ؟
ـــ نعم ، لو سألتني ماذا تتمنى ، لقلت لك أتمنى أن تصدر مجلة متخصصة تعنى بأدب الأطفال ، تهتم بنشر الشعر والقصة والمسرح والرواية ، إنها أمنية ستتحقق في يوم من الأيام ، وستكون خطوة كبيرة ، كبيرة جداً ، على طريق .. أدب الأطفال متقدم في العراق .
2 / 8 / 2013
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق