2011/09/16

سارق السعادة .. إطلالة على أدب الطفل


سارق السعادة .. إطلالة على أدب الطفل
مهند التكريتي

ضمن التجارب الواعدة في مجال أدب الطفل  ، صدر عن هيئة قصور الثقافة العامة وضمن سلسلة قطر الندى - التي تم اصدارها حديثا - المجموعة القصصية الموسومة بـ(( سارق السعادة )) للقاصة والإعلامية نانيس خطاب .
وتقع المجموعة في 31 صفحة من الحجم المتوسط ، ضمت 4 نصوص متوسطة أعدت لتخاطب عقول من هم بين الـ(( 6 – 12 )) عاما ً  ، وتواكب مايجري في مصر حاليا ً من أحداث انتقالية ووفق نظرة حداثوية اتخذت من آليات البناء الحكائي أسلوبا ً لبنائها السردي الموظف ، مما يكشف عن انفعالات نصية استوطنت بواطن شخصياتها لتفصح عن عرض وظيفي مبسط ؛ مواز ٍ لأنتقالات محتقنة تراهن على أسطرة ماكان مسكوتا ً عنه في الماضي القريب إلى سخرية تبلور أبجدية النص الخطابي الجديد .
ضمت المجموعة النصوص التالية :-
1 – حائكة الأماني :- والتي  تم نسجها بأسلوب إطاري متطور ، تجسدت فيه شخصية حفيدة الحائكة المتوفاة(  سارة ) ، والتي كانت تغدق على أهالي بلدتها بأمنيات تزرعها في أصيص طيبتها لتبعثها مادة لخلق أبجديات جديدة تؤثث لحياة جديدة ، كان من شأنها أن توانى أهل قريتها عن العمل ليستلقوا على فراش الأماني الوثير المبعثر بلغة الكسل والخمول إلى أن استطاعت ( سحر ) الحفيدة المنتخبة وعبر تشرذمات حلمية أن تعيد أهل قريتها إلى نصابهم عبر زرع أمنياتهم المنسوجة على نولها الذكي بخيوط النواتج العرضية التي قد تصيب المتمنين الجدد ، مشيرة إلى تغير زمن الركود والاتكال على الأماني إلى زمن الجد والعمل لتشكل معادلاً موضوعيا ً يقتنص أبجديات اللعبة .
2 – الكلب الدمية :- وفيها تم طرح معاناة مدينة الطيور ، التي تم السيطرة عليها من قبل جيش من قراصنة الثعالب ، الذين يشترطون على أهالي المدينة المغلوب على أمرها أن يتنازلوا عن مساكنهم وممتلكاتهم الثمينة ، لحكامهم الجدد ، وأن يهموا بالتخطيط لمرحلة جديدة تتضمن رسم خارطة لحلم جديد نازف على أكتاف نزوح قادم ، وأمنيات العثور على أرض تستحق أن تكون بلدا ً ومسكنا ً جديدا ً ، إلا أن فطنة ثلاثة من كتاكيتها (( جهاد وحكيم و حرية )) ، استطاعت أن تقلب الطاولة على خطة الثعالب الماكرة ، من خلال التفكير بسحب دمية لكلب قديمة ، وضعها رجل عجوز أمام منزله ، ليقوم بافزاع الضيوف المتطفلين وغير المرغوب فيهم ، الأمر الذي وظفوه لإفزاع الثعالب المحتلة ، وهنا تباغتنا القاصة بانهاض بنية لتشكيل سردو – مؤنسن مجبول بتجسيدات استعارية تستخدمها كاسقاطات مدروسة لتبيين أمام القارئ ، عظم الهوة التي قد تسقط الشعوب النائمة في آبار العصر الاستعماري المتربص بمناطقنا المنتهكة ، وبوجوب شحن الجيل المقبل بآليات تمكنه من التخطيط للحفاظ على رمزية  الإرث الثوري الذي أوصلته إليه الأجيال السابقة .
3 – عيون الجمل :- وفيها رؤية فنتازية انتهجتها القاصة مبتدئة ً من جملة الاستهلال الأولى وحتى بلوغها خط منتهى السرد ، حيث نلاحظ ذعر الملك الأسد الذي كان يعامل أفراد غابته بالحديد والنار ،من فقدانه لبصره وأمره أحد أفراد حاشيته بجلب طبيب الغابة ، الذي يدبر مع أفراد الحاشية الملكية مخططا ً لردع مقدار الظلم والقهر الذي سقاه هذا المستبد لجميع من يخضع تحت حكمه ، فما كان من طبيب المملكة إلا أن يعالج عيون حاكمه الظالم بزرع عيني  جمل نافق ليحقق مفارقة مدروسة وظفتها القاصة عبر منح كنايات الخطاب الشعاري لبعض الأمثال الشعبية سطوة الضربة التي حققتها والمتمثلة بخوف الملك من الجميع واختبائه خلف ستارته ، نتيجة لرؤيته الموجودين ضخاما ً وتقزم الحلقات التي كان يحيط بها نفسه ليعزلها عن براثن من كان يظن أنهم سيأتون يوما ً ليقتلعوا منه عرشه .
4 – انتحار قلم :- وفيها تتعرض القاصة الى مشكلة مايمكن أن تمثله الكلمات التي يمكن أن تنجزها الأقلام ، فهي المرشد الأول للتعلم والتدوين وهي التي يًخط فيها   وتتخذ القرارات ، وهي التي تتغنى بكتاباتنا عن مشاعل الحلم في انتهاج مسارات لحلم وردي ، مبني على غيوم أمالنا بوطن حر ، مزدهر ، وهو الذي تناط اليه مهمات الاقصاء والتدمير الذي قد يمارسه بعض المتنفذون على سلطة الخطاب اللغوي أو السياسي ، حيث تشعرنا وعبر انتقالاتها البسيطة إلى وصول أحد الأقلام إلى حالة من التيقظ ، تجبره على الوقوف فوق جبل الحرية ، ليعلن أمام كل الأقلام التي نسيت أدوارها ، من خلال مزاولة مايمليه عليها ماسكوها ، وعبر اشتقاقات لأحالات مؤنسنة ، أسقطتنا فيها لتعبر عن ارهاصات طالما حلمنا في التعبير عنها كمثقفين واعين ومؤمنين بأصالة الدور الذي ننتهجه للنهوض بواقع مجتمعاتنا الموبوءة بعقد من يحكمونا ويفرضون علينا أساليب وصاياتهم الفكرية ، والتي لن تجر على بلداننا ومجتمعاتنا إلا الخراب ما لم ننهض من غيبوبتنا هذه ، لنعيد الأمور إلى نصابها ، ولنثقب هذا الواقع المر ، ليمر النور للأجيال القادمة .
كما وقدم للمجموعة الأديب محمد عبد الرحمن شحاتة تقديما ً جاء فيه { يعد كتاب سارق السعادة للكاتبة / نانيس خطاب . والصادر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة . إضافة جديدة في أدب الطفل . ففكرة الكتاب تقدم نظرة مختلفة غير التي اعتدنا عليها . الفكرة معبرة عن الواقع جداً . وبخاصة تفاصيل بعض الأحداث التي رأيناها في السنين السابقة . كما أن القصص تعرض الكثير من المواقف المشجعة . والتي بلا شك معرفتها تلعب دوراً هاماً في حياة الطفل .

الكتاب يتكون من أربعة قصص " حائكة الأماني – عيون الجمل – انتحار قلم – الكلب الدمية " .
بالنسبة للأولى " حائكة الأماني " . فهي ترسخ في ذهن الطفل ضرورة العمل والسعي له . وتنمي لديه الحافز للتقدم والانتاج . وتعرفه بأن الصحة لابد وأن تستثمر في عمل مفيد .
أما بالنسبة للثانية " عيون الجمل ". فهي تعلم الأطفال عدم الاستسلام للظلم وإن كان حاكماً ويمتلك السلطة . وأعتقد أن هذه الفكرة لابد وأن نرسخها جيداً في عقول أطفالنا حتى لانبني أجيالاً تقبل الظلم والاستبداد . وهاهي الكاتبة نانيس خطاب تقدمها لهم على طبق من فضة .
أما بالنسبة للثالثة " انتحار قلم " . فهي تجربة من نوع خاص . تسعى لتعليم الطفل أهمية القلم . وأهمية حريته . وأن يصوب كلماته في هدم الباطل . وأن يكون محايداً لاينحاز إلى أحد . وأن يكون في إنصاف الحق دائماً .

أما الرابعة " الكلب الدمية " . فرغم أنها نوع من المشاكسة . إلا أنها عميقة المعنى . تعلم الطفل أن لاداعي للاستسلام وإن استسلم الكبار . وأن يستخدموا ذكائهم الفطري لدفع الشر بأبسط الوسائل . بمجرد استخدام الشيء الذي يخشاه العدو .

الكتاب يعطي للطفل خطوطا عريضة مفيدة في الحياة . بينما هو يستنتج منها ما يجب أن يفعله . وما يجب أن يتصرف به في مواقف عديدة . كما أن الرسوم الذي استطاع الفنان / إبراهيم البريدي أن يوظفها مطابقة لأحداث الكتاب . تلعب دوراً كبيراً في توصيل مضمون الفكرة إلى الطفل . وتجعله وكأنه يعيش الحدث . وكأنه هو الذي يتصرف وقرر ويستنتج . وهكذا نريد دائماً الإبداع . أن يضيف ماهو جديد .ومفيد }

ليست هناك تعليقات: